فتاوى ابن عثيمين والقرضاوي في منع زواج الصغيرات واضحة، ولا مجال للتلبيس
بقلم/ مجيب الحميدي
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر و يومين
الأربعاء 21 إبريل-نيسان 2010 08:21 م

سألني بعض الزملاء ألا تستغرب من إصرار الحزمي على إنكار فتوى ابن عثيمين في المنع المطلق لتزويج الصغيرة، بعد إثباتك له وجود هذه الفتوى العام الماضي، ووضعك رابطاً صوتياً للفتوى بصوت ابن عثيمين من مكتبة ابن عثيمين الصوتية، وإشارتك إلى وجود هذه الفتوى في كتب ابن عثيمين، وفي مواقع أهل الحديث، وإشارتك إلى وجود رسالة علمية نوقشت في المعهد العالي للقضاء في السعودية أشارت إلى هذه الفتوى عنوانها \"اختيارات الشيخ ابن عثيمين في كتاب النكاح\" للباحث جبران حسن، سجلت في عام 1425هـ . فهل ينتظر الحزمي أن تدعوه إلى المباهلة ليعترف بفتوى ابن عثيمين.

وأنا في الحقيقة لا استغرب ذلك، ولا أزال أدافع عن الحزمي وأرفض اعتباره من دعاة الغلو والتشدد، لا لأن التشدد لا يبيح لأصحابه تكذيب الآخرين والكذب على المخالفين وهو ما تحرمه جميع المذاهب الإسلامية باستثناء ما ذهب إليه بعض الخوارج من الأباضية، ولكن لأني اعتبر الحزمي ضحية من ضحايا الصدمة الحضارية و الهيمنة الغربية الأمريكية على العالم العربي والإسلامي،هذه الهيمنة التي أفرزت لنا ظاهرة مرضية في الدول المتخلفة، يختلط فيها التدين، بالعصبوية العربية العنصرية، مع الانكفائية الاجتماعية والخوف من الذوبان والعقدة من الآخر، ومرض فوبيا المنظمات الخارجية، ومن مظاهر هذه الظاهرة المرضية ،افتقاد القدرة على التمييز والتفاعل الواعي مع الحضارة الغربية،والوقوع إما ضحية الانسلاخ عن الذات والذوبان مع الأخر،أو الانكفاء على الذات ورفض الانجازات العملاقة التي حققتها الحضارة الغربية على الصعيد الإنساني والعلمي والحقوقي، وسبق لي تشبيه حال بعض هؤلاء، بمن لسعته النحلة، فاتخذ موقفاً من العسل، وكلما كان المجتمع أكثر تخلفاً كانت هذه الظاهرة أكثر بروزاً ، من حق الحزمي أن يعلن عدم قناعته بالفتاوى، وأن أصحابها جانبوا الصواب، ولكن العجيب أن يتهرب الحزمي من الاعتراف بهذه الفتاوى عندما تأتي عن مشايخ السلفية،ويلجأ إلى حيلة التكذيب لمن ينقل هذه الفتاوى مؤكداً أنها لم تثبت عن قائلها ويرى أن كاتب هذا المقال كاذب يفتري على العلماء و يجزم أنها نقلها عن شحرور أو غيره،هذه طريقة الحزمي في مواجهة مخالفيه ورميهم بالكذب في النقل و المشكلة أنه يصر على هذا الإنكار مهما أتيته بالأدلة المقروءة و المسموعة والمرئية ، و منذ أكثر من عام ونحن نحاول إقناعه بوجود فتوى لابن عثيمين بجواز منع الأب من تزويج ابنته الصغيرة التي لم تصل إلى سن البلوغ الذي تكون فيه أهلاً لمعرفة مصالح الزواج، ولو لم يحدد سناً معينة، وهو يصر على إنكار هذا الفتوى والأغرب أن نجده في العدد الماضي من \"أفكار\" يتحدى من يستطيع إثبات فتوى ابن عثيمين في منع تزويج الصغيرات، وقد نقلنا له قبل عام ، فتوى ابن عثيمين من موقع أهل الحديث ومن الشريطين السادس والسابع من المكتبة الصوتية لابن عثيمين ومن كتاب \"الشرح الممتع\"، ووضعنا له رابطاً صوتيا لفتوى ابن عثيمين بصوته الشخصي في أحد الموقع، ويبدو أن هذا التسجيل الصوتي لفتوى ابن عثيمين غير مجدي للذين \" فِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} وأرشدناه في إحدى الصحف إلى وجود رسالة علمية في السعودية تثبت هذه الفتوى وكان يسعه ما وسع بعض علماء السعودية الذين اعترفوا بوجود فتوى لإبن عثيمين، واعتبروها غير ملزمة،ومشكلة الحزمي تحويله للنقاش العلمي إلى معارك إعلامية، ولهذا يخشى أن يعرف الناس أن هناك علماء متهمون بالتشدد والوهابية يعارضون رأيه ويلجأ إلى ارتكاب كبيرة الكذب ويصر على إنكار الفتوى ولا يستحي أن ينكر هذه الفتوى على الفضائيات مع إدراكه أن بعض طلاب ابن عثيمين في السعودية قد يسمعونه ويعجبون من تعصبه و طريقة تعسفه للحقائق، وسأضع أمام القارئ فتوى ابن عثيمين بالمنع المطلق لتزويج الصغيرة و تفنيده لأدلة المجيزين، وأنا هنا لا أوجه الخطاب للحزمي لأنه لا يجهل ذلك، ولكنه يصر على الإنكار على طريقة \" وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا \" وأنا أرفض اقتراح البعض دعوته للمباهلة و لا يحرص على المباهلة إلا من يرغب بإلحاق الضرر بالإخر، ونحن نرجو للحزمي الخير والهداية ونسأل الله أن يشفينا وإياه من داء التعصب وأمراض المكابرة وأن يرشدنا إلى سبيل المتواضعين للحق.

مجرد اقتراح

بدلاً من الدعوة إلى المباهلة أقترح أن تتولى أي جهة تجارية معتبرة الدعوة إلى مسابقة وتوجيه الدعوة لمن يتبرع لإقناع الحزمي بوجود فتوى ابن عثيمين، وأنا أتكفل بتزويد المتسابقين بكافة الأثباتات الصوتية والمقروءة للفتوى من كتب ابن عثيمين ومكتبته الصوتية وموقعه في الأنترنت ومواقع أهل الحديث، وأنا أراهن أن الحزمي لن يعترف، وللتوضيح نؤكد أن الحزمي ينكر وجود فتوى لإبن عثيمين في منع تزويج الصغيرة منعاً مطلقاً وخلافنا معه ليس حول تحديد السن بثمانية عشر عاماً أو أقل و أنا لم أنقل عن ابن عثيمين رأياً في تحديد السن ولكني نقلت رأيه في مخالفة دعوى الإجماع على جواز تزويج الصغيرة وتأكيده على شرعية منع الأباء من تزويج بناتهم الصغيرات منعاً مطلقاً و تأكيد ابن عثيمين أن الأحكام تتغير بتغير الزمان والمكان و أن لكل وقت حكمه المتجدد،وأنه يجوز تقييد المباح إذا افترضنا أن زواج الصغيرة مباح، ونقلنا تفنيد ابن عثيمين لأدلة القائلين بشرعية زواج الصغيرة، وهذا هو مدار الخلاف الفقهي، ولأن الحزمي لا علاقة له بالفقه الشرعي فهو يجهل أو يتجاهل أن مدار الخلاف هو حول شرعية منع تزويج صغيرات السن، فإذا ثبتت شرعية المنع يكون التحديد تحصيل حاصل،باعتباره من اللوازم التبعية، ولهذا لم يثبت أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو الأئمة الأربعة قال أنه لا يجوز لولي الأمر منع الناس من تزويج بناتهم غير البالغات لمصلحة يراها، وذهب الكثير من الأئمة الذين أجازوا زواج الصغيرة إلى كراهته، والأصل بناء ذلك، أن يكون السؤال هل يجوز للحاكم تقييد المكروه،لا تقييد المباح، فضلاً عن المحرم حسب رأي ابن عثيمين وابن شبرمة وغيرهم.

وهذه هي فتاوى ابن عثيمين التي لا يجهلها الحزمي فقد أطلع عليها ولكنه يصر على إنكارها والتلبيس على الناس، هذه فتاوى ابن عثيمين ننقلها {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ }.

فتاوى ابن عثيمين

الفتوى الأولى

فتوى ابن عثيمين في أن منع تزوج الصغيرة متعين ولكل وقت حكمه:-

يقول ابن عثيمين رحمه الله\" الذي يظهر لي أنه من الناحية الانضباطية في الوقت الحاضر ، أن يُمنع الأبُ من تزويج ابنته مطلقا ، حتى تبلغ وتُستأذن ، وكم من امرأة زوّجها أبوها بغير رضاها ، فلما عرفت وأتعبها زوجها قالت لأهلها : إما أن تفكوني من هذا الرجل ، وإلا أحرقت نفسي ، وهذا كثير ما يقع ، لأنهم لا يراعون مصلحة البنت ، وإنما يراعون مصلحة أنفسهم فقط ، فمنع هذا عندي في الوقت الحاضر متعين ، ولكل وقت حكمه\" انتهى كلام ابن عثيمين

المرجع موقع الشيخ ابن عثيمين المكتبة الصوتية((شرح صحيح البخاري أخر الشريط السادس) وأنا أدعو القراء إلى تنزيل الشريط من الموقع والسماع بأنفسهم إلى الشيخ ابن عثيمين

الفتوى الثانية

فتوى ابن عثيمين في شرعية منع تزويج الصغيرة تقييداً للمباح

يقول ابن عثيمين رحمه الله \"ولا مانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا ، فها هو عمر – رضي الله عنه – منع من رجوع الرجل إلى امرأته إذا طلّقها ثلاثا في مجلس واحد ، مع أن الرجوع لمن طلّق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزا في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأبي بكر..\" انتهى كلام ابن عثيمين

المرجع موقع الشيخ ابن عثيمين المكتبة الصوتية((شرح صحيح البخاري بداية الشريط السابع) http://www.ibnothaimeen.com/publish/cat_index_92.shtml

الفتوى الثالثة

فتوى ابن عثيمين في الرد على من يرى شرعية العقد في زواج الصغيرة يقول رحمه الله\" نقول: الأصل عدم الجواز؛ لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «لا تنكح البكر حتى تستأذن» (1) ، وهذه بكر فلا نزوجها حتى تبلغ السن الذي تكون فيه أهلاً للاستئذان، ثم تستأذن.لكن ذكر بعض العلماء الإجماع على أن له أن يزوجها، مستدلين بحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ، وقد ذكرنا الفرق، وقال ابن شبرمة من الفقهاء المعروفين: لا يجوز أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبداً؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى، وهذا القول هو الصواب، أن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى.

المرجع،كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع المؤلف : محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى : 1421هـ) دار النشر : دار ابن الجوزي الطبعة : الأولى سنة الطبع : 1422 - 1428 هـ عدد الأجزاء 15، والعبارة في الصفحة (57).

الفتوى الرابعة

يقول ابن عثيمين \"من يكره ابنته الصغيرة على الزواج برجل كبير من أجل المال فهذا حرام والصحيح أن النكاح لا يصح وأن هذا الرجل يطأها وهي حرام عليه والعياذ بالله لأن النكاح غير صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح البكر حتى تستأذن وهذا عام للأب وغير الأب وفي صحيح مسلم أنه قال \"البكر يستأذنها أبوها\" وهذا نص في البكر ونص في الأب فإذا كان الأب لا يملك أن يبيع أدنى شئ من مالها إلا برضاها فكيف يملك أن يبيع نفسها بغير رضاها كيف يجوز لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجبر إمرأة على الزواج وهي تقول لا أريده و تفر منه فرارها من الأسد ويرغمها على الزواج به من أجل أنه أعطاه شئ من المال\"

المرجع :شرح صحيح البخاري لابن عثيمين المصدر الشريط رقم 2 موقع طريق الإسلام

وختمنا بهذه الفتوى لأن من يجهل فقه ابن عثيمين يعتقد أنه لا علاقة لها بزواج الصغيرة وأنها متعلقة بالاكراه، مع أن ابن عثيمين يرى أن زواج الصغيرة هو إكراه في جميع الأحوال فالصغيرة ليس لها إذن معتبر.

 

تفنيد ابن عثيمين لأدلة القائلين بشرعية زواج الصغيرة

1- تنفيده لاحتجاجهم بالقرآن الكريم

يستدل أنصار زواج الصغيرة بقوله تعالى { وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } على جواز تزويج الصغيرات اللاتي دون سن البلوغ ويعتبرون دلالة الآية قطعية وقد فند ابن عثيمين دلالة الآية في شرحه لصحيح البخاري بقوله : \"الحاصل أن الاستدلال بالآية ليس بظاهر\" وأضاف\" إن البلوغ ليس علامته الحيض فقط ، فقد تبلغ بخمس عشرة سنة وتُزوَّج ، ولا يأتيها الحيض ، فهذه عدتها ثلاثة أشهر ، فلهذا استدلال البخاري –رحمه الله تعالى- فيه نظر ، لأنه ما يظهر لنا أنها تختص بمن لا تحيض\"

(شرح صحيح البخاري أخر الشريط السادس)

2- تفنيد ابن عثيمين لما يستدلون به من السنة النبوية يستدل أنصار زواج الصغيرة برواية زواج النبي عليه الصلاة والسلام بعائشة رضي الله عنها وقد فند ابن عثيمين هذه الدلالة في شرحه لصحيح البخاري وقال \"\" والاستدلال بقصة عائشة فيه نظر ، ووجه النظر أن عائشة زُوِّجت بأفضل الخلق –صلى الله عليه وسلم- وأن عائشة ليست كغيرها من النساء ، إذ أنها بالتأكيد سوف ترضى وليس عندها معارضة ، ولهذا لمّا خُيرت –رضي الله عنها- حين قال لها النبي – صلى لله عليه وسلم - : (لا عليك أن تستأمري أبويك) ؛ فقالت : إني أريد الله ورسوله ، ولم ترد الدنيا ولا زينتها \" وأشار ابن عثيمين إلى قول ابن حزم وابن شبرمة بخصوصية زواج النبي عليه الصلاة والسلام وقال\" يُرَشِّحُ هذا القول أن الرسول –صلى الله عليه وسلم – خُصَّ بأشياء كثيرة في باب النكاح اهـ.

المرجع:موقع الشيخ ابن عثيمين المكتبة الصوتية (شرح صحيح البخاري، الشريطان السادس و السابع).

وفند ابن عثيمين حجية هذا الدليل في كتابه الشرح الممتع مؤكداً أنه ليس بدليل بقوله\"\" نحن نوافقكم إذا جئتم بمثل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومثل عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهل يمكن أن يأتوا بذلك؟! لا يمكن، إذن نقول: سبحان الله العظيم، كيف نأخذ بهذا الدليل الذي ليس بدليل\"\"( انظر الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد الثاني عشر ص الطبعة : الأولى سنة الطبع : 1422 - 1428 ه ص 57 ـ58 )

تفنيد ابن عثيمين لدليل الإجماع

وقد فند ابن عثيمين صحة هذه الدعوى بقوله:\"وبعضهم حكى الإجماع على أن للأب أن يزوج ابنته الصغيرة بدون رضاها ، لأنه ليس لها إذن معتبر ، وهو أعلم بمصالحها ، ولكن نقل الإجماع ليس بصحيح ، فإنه قد حكى ابن حزم عن ابن شبرمة أنه لا يصح أن يزوج ابنته الصغيرة حتى تبلغ ، وتأذن ؛ وهذا عندي هو الأرجح\" المرجع \" شرح صحيح البخاري الشريط السابع في كتاب النكاح\"

وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع \"\"لكن ذكر بعض العلماء الإجماع على أن له أن يزوجها، مستدلين بحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ، وقد ذكرنا الفرق، وقال ابن شبرمة من الفقهاء المعروفين: لا يجوز أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبداً؛ لأننا إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر، ولا نقول بالإجبار في البالغة فهذه من باب أولى، وهذا القول هو الصواب، أن الأب لا يزوج بنته حتى تبلغ، وإذا بلغت فلا يزوجها حتى ترضى.\"\"

تنفيد ابن عثيمين لشرعية مقترح لجنة التقنين

أجاز مقترح لجنة التقنين تزويج الأب أو الجد لطفلته الصغيرة دون الإشارة إلى رضاها لإنها لم تبلغ السن الذي يكون لها فيه إذن معتبر وقيد صلاحية الدخول بالصلاحية للوطء و لم يراعي إذن الصغيرة ومارس قدراً من التمييز بين الصغير والصغيرة فأكد عدم صحة تزويج الصغير إلا لمصلحة وأكد صحة تزويج الصغيرة مطلقاً.

والملاحظ أن المقترح تركيبة رديئة من الموروث الفقهي العتيق والذي كان ينسجم مع فقه الفرد في عصور الاستبداد ولكنه لا ينسجم مطلقاً مع فقه الدولة المعاصرة والملاحظ أيضاً أن هذه الصيغة اعتمدت على شرعية ولاية الحتم و الاستبداد الموجودة في تراثنا الفقهي ولم اخترع تسميتها بولاية الاستبداد فهذا اسمها في تراثنا الفقهي تأمل هذه العبارة التي وردت في أحد أهم مراجع الفقه الحنفي\"\"وَأَمَّا وِلَايَةُ الْحَتْمِ وَالْإِيجَابِ وَالِاسْتِبْدَادِ فَشَرْطُ ثُبُوتِهَا عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا كَوْنُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونًا كَبِيرًا أَوْ مَجْنُونَةً كَبِيرَةً سَوَاءً كَانَتْ الصَّغِيرَةُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَلَا عَلَى الْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ وَعَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ : شَرْطُ ثُبُوتِ وِلَايَةِ الِاسْتِبْدَادِ فِي الْغُلَامِ هُوَ الصِّغَرُ وَفِي الْجَارِيَةِ الْبَكَارَةُ ، سَوَاءً كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً\"\"( بدائع الصنائع ج5 ص357( وقد انتصر ابن عثيمين رحمه الله لفقه الحرية في هذه المسألة مفنداً شرعية ولاية الاستبداد التي أقرتها وللأسف لجنة التقنين في مجلسنا الموقر في القرن الواحد والعشرين فيؤكد في الشرح الممتع أن الصغيرة ليس لها إذن معتبر لأنها كما يقول\"\" ما تعرف عن النكاح شيئاً، وقد تأذن وهي تدري، أو لا تأذن؛ لأنها لا تدري، فليس لها إذن معتبر، ولكن هل يجوز لأبيها أن يزوجها في هذه الحال؟- يجيب ابن عثيمين- نقول: الأصل عدم الجواز؛ لقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «لا تنكح البكر حتى تستأذن» ، وهذه بكر فلا نزوجها حتى تبلغ السن الذي تكون فيه أهلاً للاستئذان، ثم تستأذن\"\" انتهى كلام ابن عثيمين.

إثبات ابن عثيمين لأدلة منع تزويج الصغيرة من القرآن والسنة والعقل

بعد تفنيده لأدلة شرعية تزويج الصغيرة أورد ابن عثيمن أدلة منع تزويج الصغيرة من القرآن والسنة والعقل يقول ابن عثيمين في الشرح الممتع \" وعندنا دليل من القرآن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] وكانوا في الجاهلية إذا مات الرجل عن امرأة، تزوجها ابن عمه غصباً عليها \"\"كما أخرج ذلك البخاري في تفسير الأية ودليل صريح صحيح من السنة، وهو عموم قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «لا تنكح البكر حتى تستأذن» وخصوص قوله: «والبكر يستأذنها أبوها» ، فإذا قلنا: لأبيها أن يجبرها صار الاستئذان لا فائدة منه، فأي فائدة في أن نقول: هل ترغبين أن نزوجك بهذا، وتقول: لا أرضى، هذا رجل فاسق، أو رجل كفء لكن لا أريده، فيقال: تجبر؟! هذا خلاف النص. وأما النظر فإذا كان الأب لا يملك أن يبيع خاتماً من حديد لابنته بغير رضاها، فكيف يجبرها أن تبيع خاتم نفسها؟! هذا من باب أولى، بل أضرب مثلاً أقرب من هذا، لو أن رجلاً طلب من هذه المرأة أن تؤجر نفسها لمدة يومين لخياطة ثياب، وهي عند أهلها ولم تقبل، فهل يملك أبوها أن يجبرها على ذلك، مع أن هذه الإجارة سوف تستغرق من وقتها يومين فقط وهي ـ أيضاً ـ عند أهلها؟ الجواب: لا، فكيف يجبرها على أن تتزوج من ستكون معه في نكد من العقد إلى الفراق؟! فإجبار المرأة على النكاح مخالف للنص المأثور، وللعقل المنظور. فإذا قال قائل: قوله: «يستأذنها» يدل على أن المرأة لها رأي، فلا نجعل الحكم خاصاً بالصغيرة، ونقول: المكلفة لا تجبر، لكن الصغيرة تجبر. قلنا: أي فائدة للصغيرة في النكاح؟! وهل هذا إلا تصرف في بضعها على وجه لا تدري ما معناه؟! لننتظر حتى تعرف مصالح النكاح، وتعرف المراد بالنكاح ثم بعد ذلك نزوجها، فالمصلحة مصلحتها. ( الشرح الممتع لزاد المستقنع ج 12 ص/57،58 ).

بعد هذا السرد لفتاوى ابن عثيمين لا تستغربوا أن يصر محمد الحزمي على تكذيب هذه الفتاوى،لأن لديه وثيقة تؤكد أن ابن عثيمين وقع على رفض الشذوذ الجنسي ولله في خلقه شؤون.أو يعتمد في تكذيبه للفتاوى على نصف عبارة نقلها من كتاب الشرح الممتع على طريقة من يقرأ قوله تعالى {ولا تقربوا الصلاة...} دون إكمال بقية الآية..إذ نقل عبارة تقول أن الصواب عدم تحديد سن تسليم المرأة لزوجها بتسع سنوات وحذف بقية العبارة التي تتضمن أن سبب رفضه للتحديد بتسع، احتمال عدم صلاحية المرأة للزواج في هذا السن، وتجاهل الحزمي العبارات الأخرى التي أكد فيها ابن عثيمين أنه مع تحديد السن حسب الغالب الذي يتوافق عليه الناس، وأنه لا عبرة بالشواذ من الناس، ويؤكد ابن عثيمين أن الناس إذا اتفقوا على السن الغالب للبلوغ والتمييز فليكن هذا السن هو المقيد لأنه الأقرب إلى ضبط الناس وعدم النزاع.

فتوى القرضاوى وفضح محاولة أنصار زواج الصغيرة إنكارها والتعسف في تفسيرها

ومن غرائب الحزمي أنه يصر أن القرضاوي لا يقر تحديد سن الزواج، وقد سمع الملايين من مختلف أنحاء العالم فتوى القرضاوي في قناة الجزيرة، وقال أنه بفضل تحديد السن في اليمن بستة عشر عامأً لمراعاة لتخلف المجتمع اليمني، وسبق لوسائل الأنباء أن تناقلت مطالبة القرضاوي قبل ثلاثة أعوام في حلقة نقاشية نظمها المجلس الأعلى لشئون الأسرة في الدوحة قبل عامين برفع سن زواج الفتاة إلى 16 عاما، ووصف فضيلته مشروع القانون القطري بتحديد سن الزواج بأنه حيوي وضروري ومهم للمجتمع القطري.

وأكد القرضاوي أن المشرعين الذين يتولون وضع مشروعات قوانين معاصرة ليسوا ملزمين باتباع مذهب واحد ولا هم ملزمون بالوقوف عند حدود المذاهب الفقهية الأربعة: المالكية والشافعية والحنابلة والأحناف، ولديهم متسع للاستعانة بآراء باقي الفقهاء والأئمة موضع ثقة الأمة وعلمائها.

واستعرض فضيلته تطبيقات قوانين الأحوال الشخصية في القرون الماضية فأشار إلى أن القانون الذي ساد طويلا خلال حكم الدولة العثمانية لديار الإسلام كان مستمدا من المذهب الحنفي وكان جميع الفقهاء والقضاة في الدول الإسلامية يلتزمون به، ثم جاء وقت رأى بعض العلماء الخروج من المذهب الحنفي إلى المذهب المالكي ثم توسعوا فأخذوا بما جاء في المذاهب الأربعة وبين أن السعة في الاختلافات الفقهية بين العلماء تفيد المشرعين عندما يعكفون على سن قانون يتم تطبيقه على الناس جميعا وقال أن هناك مسائل تتعدد فيها أقوال الفقهاء لتصل إلى حوالي عشرة آراء داخل المذهب الواحد وكلها آراء لها وجاهتها ولا يصح تجاهل أبصرها وأكثرها نفعا للناس، وأقربها للدليل الشرعي الراجح، حسب مقاصد الشريعة ومصالح الناس التي تتغير من زمان الى آخر ومن مكان الى مكان.

وأكد أن تقنين المسائل الشرعية بات ضرورة لتسهيل الأمر على القضاة الذين يحكمون في عشرات القضايا في وقت واحد، وقال لابد من وضع المسائل الفقهية في قوانين توضح للقضاة كيف يحكمون.

ومع هذا الوضوح،لا يزال الحزمي يصر على تأويل فتوى القرضاوي بأنها لا تعني موافقته على تحديد السن، ولكنه مجرد تفضيل، والسؤال الآن إذا كان الحزمي لا يفهم مضمون الفتوى السابقة للقرضاوي، لماذا لا يعود إلى أهل الذكر، وهم أساتذة كليات الشريعة والقانون في جامعاتنا اليمنية، ولماذا لا يتبرع بقية المشايخ الذين يوافقونه في موقفه من زواج الصغيرة، بأن يشرحوا له حققيقة هذه الفتاوى، وجريمة تكذيب الفتاوى الثابتة لابن عثيمين والقرضاوي ومعظم علماء الأزهر وجميع علماء المغرب العربي وكثير من علماء السعودية واليمن، وسائر أنحاء العالم الإسلامي.

الحزمي مطالب أخلاقياً ومهنياً بالاعتذار لمن سمعه في خطب الجمعة وفي القنوات الفضائية، وقرأ تكذيبه للفتاوى في الصحف والمواقع الإلكترونية، يجب أن يعترف صراحة أن التعصب الأعمى يدفعه للوقوع في هذا التلبيس على وأن يتوب إلى الله حتى يكون من الذين {تابوا وأصلحوا وبينوا}.

مشكلة الحزمي أنه يرى أن رأيه \"حكم الله لا قول زفر\" ويريد أن يمارس الكهانة على المجتمع ويشعر أن الاعتراف بوجود فتاوى أخرى مخالفة لرأئه يسلبه هذه السلطة الكهنوتية، ومن أهم الفوارق بين الكهنوتي البدعي والعالم الشرعي، أن العالم الشرعي إذا اجتهد رأيه قال: هذا رأي والله أعلم، والكهنوتي يقول هذا حكم الله وجزم، فالكهنوتيين يكتبون الفتاوى والبيانات بأيديهم ويقولون للناس هي من عند الله، لممارسة الوصاية على الناس، ويحولون النقاش الشرعي إلى ساحة مصارعة للمغالبة والمجاذبة، ولا يقبلون مقارعة الحجة بالحجة وحسبنا الله ونعم الوكيل.

لمن يرى أن فتاوى العلماء حكم الله.. هل هذه الفتوى حكم الله أم كهنوتية ومصادرة للرأي الأخر؟؟؟

أكد بيان المجلس العلمي الأعلى لعلماء المغرب (أعلى هيئة علمية بالمغرب) أن الفتوى التي صدرت من أحد خطباء المغرب بخصوص جواز تزويج البنت الصغيرة ذات التسعة أعوام، لا تصدر إلا من\" فتّان ضال مضل؛ ومن ثم لا يلتفت إليه ولا يتنبه إلى رأيه\". وأكد المجلس العلمي الأعلى في بيانه الصادر يوم 20-9-2008 على أن الفتوى لا تصدر إلا من المجلس ولا تصدر عن الأشخاص علماء كانوا أو دعاة أو وعاظا، واسترسل بيان المجلس العلمي الأعلى في توضيح ما استند إليه أحد خطباء المغرب في فتواه التي أباح فيها زواج الفتاة الصغيرة، بالقول إن الأحاديث المستند إليها في حالة زواج النبي صلى الله عليه وسلم \"لم يجز أحد من علماء السلف القياس عليها واعتبروها مما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم\".و قال المجلس العلمي الأعلى لعلماء المغرب أن \"النظام المعمول به في المملكة المغربية فيما يتعلق بالسن الشرعي بالزواج حاليا يستند إلى قانون صادقت عليه الأمة بجميع مكوناتها وشارك العلماء في صياغته\"، مضيفا أنه لا يصدر التشويش عليه إلا من فتان ضال مضل، ومن ثم لا يلتفت إليه ولا يتنبه إلى رأيه.