الهدف من إجهاض الديمقراطية في مصر
بقلم/ صادق الفائشي
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 13 يوماً
الخميس 11 يوليو-تموز 2013 06:18 م

يستغرب الكثير سر هذا العداء من كثير من الدول لـ الرئيس محمد مرسي وجماعته ، ويزيد هذا الاستغراب عندما يأتي هذا العداء الغير مبرر من دول عربية إسلامية ، كان يؤمل عليها أن تكون بجانب الإخوان ، كون الإخوان تيار إسلامي سني معتدل وان تكون سندا لهم ، لكن ما لا يعرفه الكثير أن اغلب تلك الدول لم تتوقع فوز الإخوان في مصر بعد ثورة يناير التي أطاحت بنظام مبارك لأسباب عدة منها

؛إن هذه الجماعة كانت محظورة طوال حكم مبارك وما سبقه من أنظمة ؛ ما تعرضت له هذه الجماعة من أنواع التشويه والاعتقالات والإقصاء ، كل هذا كفيل بأن يجعل من هذه الجماعة قمة بلا قاعدة ، قيادات من غير إفراد ، وهذا ما يقوض أي جماعة وينهيها تماما

لان إدخال أفراد جدد هو السبيل الوحيد البقاء أي جماعة عامرة مستمرة ؛ أي فرد سيدخل هذه الجماعة المشوهة من قبل الإعلام ؟!! والتي يتعرض أفرادها للاعتقالات والإقصاء من اغلب المناصب !! هذا الحسابات والتدابير ولأوهام كان يرسمها نظام مبارك ومن سبقه ويسوقه إلى أعوانه من أعداء التيار الإسلامي ، حتى رسخ عندهم وعند كثير من هذه الدول ، أن جماعة الإخوان جماعة منبوذة ليس لها قاعدة وليس لها رصيد في الساحة السياسية ، وسوف يسهل إنهاؤها عبر الانتخابات ، والتخلص من قياداتها في ولوقت المناسب إذا تعارضت مع مصالحنا .

لقد كسر الإخوان كل توقع ؛ واكتسحوا الساحة بكل جدارة واقتدار ، ابهر العالم اجمع وجعله في حالة ذهول ، أي جماعة هذه التي لم يؤثر عليها صروف الزمن ؟؟!! وقد وحوربت من الداخل والخارج ، أي جماعة هذه التي اكتسبت حب كل الأطياف في الشارع المصري وخاصة المنصفين والمخلصين لأوطانهم والمثقفين رغم الاختلاف الفكري بينهم ؟؟!! وبرغم ما تعرضت له من تشويه واعتقالات وإقصاء إلا أنها ضلت الأقوى والأجدر بالقيادة .

فاز الإخوان في مصر وضربوا بكل الحسابات عرض الحائط ، وبعد الفوز حاولت أمريكا وغيرها من دول ألعمالة إن تساير الواقع عاقدة الأمل بأن يكون الإخوان كمن سبقهم من الأنظمة تستطيع تروضهم بالمال فيكون قطيع تسوقهم على حسب رغبتها ، فجاءت إليهم مرة ترغيبا ومرة ترهيبا ولكن دون جدوى ، فقد قالها وكررها الرئيس مرسي في خطاباته مصر دولة مستقلة ولا ترضخ للضغوط والاستفزازات فحورب بكل القوى وبكل الاتجاهات

لقد كانت أمريكا تتعشم أن يكون تنظيم الإخوان هو أداتها البديلة لأنظمة انتهت صلاحيتها ، فتستخدمه في تنفيذ أهدافها في الهيمنة علي مناطق كثيرة في العالم . ورسمت في مخيلتها أن يكون التنظيم هو البديل الممكن و النسخة المنقحة والمعتدلة والمرغوبة التي تستطيع به الوصول إلى الشعوب، وخاصة بعد أن أذهلها قوة تواجدهم وروعة تنظيمهم في مصر وتونس واليمن رغم ما عاشوه في ظروف القمع والحصار والتشويه وقلة الإمكانيات مقارنتا مع خصومهم .

كانت الولايات المتحدة تتمنى السيطرة علي الشعوب عن طريقهم ، وليس على الدول بحكامها فكلنا يعلم أن حكام الدول تكاد تكون تحت سيطرتها فلا يوجد مكان إلا ولها قاعدة وعملاء يتبوؤن أعلا المناصب ، فتخيلت أن هذا التنظيم الإسلامي هو وسيلتها لتنويم الشعوب تنويماً سياسياً حتى تبث في شرايينه ما تشاء وخاصة بعد أن فشلت بعرقلتهم بالانتخابات ، فقد كانت لها تجربة وتعاون مع تنظيم القاعدة في أفغانستان والشيعة في العراق نال رضاها

.لقد فوجئت بفساد خطتها و هزيمة أملها بعد أن رأت إخلاص الإخوان لشعوبهم وأوطانهم وحفاظهم على استقلال بلدانهم ، وان لديهم مشروع تنويري و تنموي عصي على التطويع

فقررت ومع عملائها التخلص من حكم هذا التنظيم الغير مفيد لها في المنطقة والذي يشكل خطرا على سياستها وعلى سياسة بعض الدول لتي لن يخدمها تواجد نموذجا إسلاميا ديمقراطيا ناجحا، يسقط قناعها الديني الكسيح مثل السعودية. دولا عربية تخشى من المنافسة الاقتصادية مع مصر، خاصة مع تميز موقعها الجغرافي، مثل الإمارات

فقد تبنت أمريكا وأياديها الداخلية والخارجية مهمة القضاء علي الرئيس مرسي ممثل تنظيم الإخوان ، وليست هذه هي المرة الأولى لأمريكا التي تتخلص فيها ممن لا يخدم أهدفها أو خدم وانتهت صلاحيته عندها ، فقد قضت على تنظيم القاعدة الذي أنشأته بعد أن انتهى من تقديم الخدمات التي كانت موكلة إليه ، لهذا تبنت بنفسها وساعدها عملائها في الداخل والخارج مهمة الإجهاز علي حكم الإخوان في مصر ممثلا برئيسها المنتخب محمد مرسي عبر انقلاب عسكري مدروس ومخطط له

فبداية لقد عورض وبشدة ووحشية منقطعة النظير من قبل الفلول وإعلامهم ، ومن القضاء أيضا ، والجميع يعلم انه لا تزال اغلب مفاصل الدولة بيدهم فتم تلاعب بكل شيء كي يثور الشعب يحصل احتجاجات حنقا من الوضع القائم ، وقد لعب النائب العام الذي لم يقله المجلس العسكري السابق دورا بارزا في تستر على الكثير من القضايا الجوهرية ، هذا الرجل من مخلفات نظام حسني مبارك الحاقد على ثورة يناير وكان من أهم مطالب ثوار 25 ينار عزل النائب العام.

ثم افتعال أزمة السولار والبنزين والكهرباء، وهذا بحد ذاته كفيل بأن يشل العديد من جوانب الحياة ، وتؤدي إلى نتائج سلبية متراكمة ، وقد رأينا أن الأزمة تلاشت بعد الانقلاب مباشرة فقد تم اختلاق الأزمة لتكون جسر عبور فقط لخروج الناس غاضبتا من الوضع. أكمل مسلسل الضغط والمؤامرة السيسي بانقلابه على الديمقراطية والشرعية .

ما حدث في مصر لن يقف عندها فقط بل سينتقل وباؤه إلى جميع دول الربيع العربي وبنفس الأيادي ، وبوسائل مختلفة ، ويقضي على نورا خلصنا من نظام عميل فاسد عاث في البلاد سنينا عديدة ، وهذا هو الهدف الرئيسي من الانقلاب على الربيع العربي في مصر ، لقد حققت الثورة المضادة انتصارا مبدئيا على ثور يناير المصرية وإذا لم يتدارك الأحرار كل الأحرار في مصر الوضع سوف يعود النظام السابق على أكتاف المغفلين والحاقدين ، بهذا يصبح الربيع العربي كله حلم صحونا منه مبكرا ، إذا لم يتنبه الأحرار لما يخطط لهم كل في بلده فان الثورات والانتصارات الذي سعدنا بها وقدم في سبيلها اطهر الشباب أرواحهم من اجل مستقبل مشرق سوف يروح هباء منثور .

فالانقلاب العسكري في مصر أعاد النظام السابق للحكم، وسيكون هناك خطط أخرى في غيرها من البلدان التي حل فيها الربيع الإعادة نفس المشهد المصري ، ما يجب على المخلصين هو الانتباه والتعاون فيما بينهم وردم الخلافات الجانبية فحلم الشهيد في خطر..