الإخوان المسلمون، التَّنْظيم الأكبر على مستوى العالَمَيْنِ العربي والإسلامي.. موجودون في كل بيتٍ بعزّ عزيزٍ أو بذلّ ذليل.. موجودون داخل الأحزاب الإسلامية الأخرى، وداخل الأحزاب القومية والليبرالية، وداخل الأحزاب اليسارية والاشتراكية، وداخل الأنظمة، وداخل بقايا الأنظمة، وداخل المنظَّمات النسوية، وداخل برلمانات الأطفال، وداخل كل درجٍ في مكتب.. إنه شغل ستين إلى سبعين عامًا ياجماعة الخير.. لماذا نضيق ذرعًا من الإخوان؟!.. ليست مشكلتهم أنهم منظّمون وأن الآخرين غير منظّمين.. ليس أمامنا إلاَّ الاعتراف بقدرتهم التنظيمية والاعتراف بجماهيريتهم الواسعة، بدلاً من التَّجنّي الزائد على أفرادهم وكوادرهم..
نعم هنالك إخوان مسلمون مجانين يعتبرون أنفسهم مسلمين وبقية العالم كفرة فجرة، لكن ـ والحقّ يقال ـ لنتذكَّر أن معظم رجالات الإخوان المسلمين هم من التأهيل العلمي والمعرفي والأخلاقي بمكان.. ولاننسينَّ أيضًا أن الإخوان المسلمين هم الأحسن حالاً من بين الجماعات الإسلامية قاطبةً؛ فإنّا إذا ما قارنَّاهم بالسلفيين مثلاً لقلنا: ألف سلام الله عليهم مقارنةً بالسلفيين الذين وصفهم القصيمي أدقَّ وصفٍ يوم أنْ قال عنهم: السلفيون، العقيدة الصحيحة والتديُّن الزّنديق، وإذا ما قارنَّاهم بالشِّيعة لقلنا: رجال الله ولا أنصار الله؛ إذْ يفتح أنصار الله لك أبواب جهنم السبعة إن لم تكن عارفًا باثني عشر إمامًا مهديًّا ومجنون سامراء..
فما من شكٍّ أنَّ "إخواننا في الله ـ المسلمين" أرحم.. ثُمّ إننا إذا ما قارنَّاهُم بجماعات الحداثيين مثلاً أو بجماعات الأحزاب المناهضة للأشكال الدّينيَّة فسنجدهم أقلّ تطرُّفًا من كثيرٍ من القوميين والشيوعيين حتى.. إن الإخوان المسلمين يحشرون الأقران والنُّظراء والمنافسين والغرماء إلى زوايا حرجة جدًّا، ويدحرونهم إلى خارج منطقة الأضواء، شَاءَ مَنْ شَاءَ، وأبى مَنْ أبى.. لذلك نعتقد أنَّ من الحكمة أن تتعايش معهم منذ الآن مجاميع العمل الجماهيري ويتصالح معهم في الوقت نفسه مجانين العمل السياسي!!