الجنرال مجور والدبلوماسية المفقودة
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 26 يوماً
الأحد 29 إبريل-نيسان 2007 12:28 م

مأرب برس ـ خاص

كمراقبين للوضع كنا ننتظر بكل تلهف وجه نظر رئيس الوزراء الجديد مجور تجاه الحرب الحامي وطيسها في محافظة صعدة وكنا نُأمل في إحداث تصورات جديدة للوضع بصفته شخصية تهتم بالبناء والعمل كما سمعنا عنة بعد تعييه عبر ألإعلام الرسمي .

رئيس الوزراء القادم على اليمن كانت الآمال تحلق عاليا في منجزاته السحرية مع حكومته , لكن العكس هو ما حل حيث أصبح ممقوتا من أول أيام تعيينه فقد ارتفعت ألأسعار في ألأسواق اليمنية كبشرى سارة تسوقها الحكومة لليمنيين أو هدية من التجار للشعب المغلوب على أمرة وفي رسالة خاصة بتوقيت خاص بهم .

مجور وحسب نكات وتكهنات أهل اليمن التي يطلقونها في لقاءاتهم الخاصة والعامة يعتبرون الرجل رجل شؤم وذالك نسبة إلى أسمة " المشتق من الجور " . وأن كنت لا أمن بالتشاؤم.

وقد وضع الرجل نفسه محل النقد في أول يوم من أيامه تحت قبة البرلمان وذالك عند استعراضه لبرنامجه الحكومي فد لوحظ تجاهل البرنامج كليا لما يجري في صعدة وهو ما كان محل تعليق ساخن على مجور في ذالك اليوم .

ولقد ظل الرجل هادئا وصامتا عن الحديث عن اسخن بقاع اليمن دموية وعنفا ولقد عُد ذالك العزوف انشغال الرجل بالبرنامج والحكومة التكنقراطية وظل الهدوء محل احترام الكثير لعقلية الرجل التي تبحث عن حلول لهذا اليمن من دوامة الفقر والتخلف التي يعيشها .

لكن كانت المفاجأة كما يقال بالعامية اليمنية أن مجور كان " من باجمال وداخل " حيث كشف رئيس الوزراء للرأي العالمي قبل المحلي عن عقلية عسكرية مخيفة حول موضوع صعدة معتقدا أن الحل العسكري هو الحل الوحيد وليس هناك أي حل سوى الحل العسكري." .

نحن لا ننسى ان التوجه الرسمي للدولة في حل قضية صعدة هو استخدام قوة السلاح وهي طريقة كانت محل رفض واسع من الأحزاب وكثير من الشخصيات الواعية في البلد بل هناك معلومات تتردد نقلا عن شخصيات عسكرية رفيعة تؤكد فشل استخدام الحل العسكري .

مهما اختلافنا في وجهات النظر فأنة وعلى مدار التاريخ لم نسمع أن العقيدة والفكر حوربت بهدف القضاء عليها باستخدام السلاح والعنف والقوة وإنما الفكر يحارب بالفكر والعقيدة تحارب بالعقيدة.

وهو نفس التوجه الذي سارت علية الحكومة أيام دعمها رسميا لحسين بدر الحوثي ضد المد الإصلاحي في البلد حسب تصنيفاتهم أو بعبارة أخرى بالعامية اليمنية " ما يكسر الحجر إلا أختها " أي ما للمطاوعة إلا مطاوعة .

وحتى لا نذهب بعيدا عن موضوعنا فإن المتأمل لما يجري اليوم في محافظة صعدة من وضع مألم يؤكد حتما أن التاريخ سيتحدث ويكشف في قادم الأيام مدى فظاعة الخطأ الذي تسير فية إدارة الحرب اليوم .

لم نكن نتوقع أن رئيس الحكومة التكنقراطية ينظر بهذه العقلية العسكرية الصارمة , بل نجد أنه يردد نفس الأسطوانة التي نسمعها ليل ونهار في الإعلام الرسمي , ويتابع مجور في حديثة لوكالة فرانس برس ان الحوثي لا يفهم إلا اللغة العسكرية مردفا لقد انتهى وقت المفاوضات".

إسرائيل وفلسطين لهم أكثر من خمسة عشر عاما في طريق المفاوضات بحثا عن السلام والحل الودي بين الطرفين , كما أننا نعلم أن القضية الفلسطينية معروفة للجميع ومع هذا لم نسمع من كلا الطرفين من يتحدث عن إغلاق باب الحوار حتى حماس التي لها مواقفها التاريخية من العداء مع إسرائيل لها شروطها الخاصة في الحوار مع إسرائيل لكنها لم ترفض مبدأ الحوار .

للحوثيين أخطائهم التاريخية التي لن ينساها الزمن ولن تعفر لهم ذاكرة الأيام أخطائهم التي ارتكبوها ضد أنفسهم أولا وتجاه الوطن ثانيا .

كنا ننتظر من مجور تقديم رؤية جديدة لإدارة الصراع برؤية عصرية وحديثة كون الرجل عاش ردحا من الزمن في بلاد الغرب وبالتحديد فرنسا وهو أحد الناطقين بالفرنسية طبعا وله نظرة في التعامل مع الحياة بروح عصرية راقية .

لكن تصريحات مجور كشفت عن عقلية عسكرية بحتة يمكننا على ضوء تلك الرؤية العسكرية أن نمنح الرجل رتبة " جنرال " بل العجيب أن مجور يكشف عن قناعاته في تأجيج الصراع كونه يرى أن تشجيع المتطوعين من أبناء القبائل للزج بهم في حرب صعدة أمر صحيح .

ألا تعلم السلطة أن لهذا التوجه في الزج بأبناء القبائل يعمل على تعميق الشرخ الاجتماعي في هذا الوطن ضمن تحريك حرب قبلية وإن لم يكن معلن عنها , ماذا يعني أن تأتي قبائل حاشد وبكيل وتدخل ضمن هذه الصراعات .

هناك مؤشران خطيران يمكن أن تٌفسر به هذه التحركات فإما أن نفهم أن القوات المسلحة قد أعلنت فشلها واستعانت بغيرها في تحيق ما عجزت عنة .

وإما نفهم أن هناك توجهات خطيرة تعمل على توسيع الهوة والخلاف ضمن اللحمة الداخلية للوطن .

مجور كشف في حديثة لوكالة فرانس برس أخطاء خطيرة جدا تكشف العقلية لتي يقود بها الرجل اليمن ففي تلك المقابلة وجه اتهامات خطيرة لكل من " ليبيا وإيران " ويؤكد في سياق تصريحاته على الدعم الخارجي للحوثين وخص الأخيرة بقولة " وربما من إيران" . هذه التصريحات تفتقد الكثير من الدبلوماسية والحس الدبلوماسي , ولا ننسى أن وفود رفيعة المستوى في حكومة باجمال خاصة من إيران وليبيا قد زارت اليمن وكان على رأس تلك الزيارات التباحث حول تلك الاتهامات .

نحن نعلم أنة في الأعراف الدبلوماسية لا يتم توزيع التهم بكل هذه البساطة حتى وإن امتلكت أي دولة أدلة ضد أخرى فإن طرق أخرى تسبق توزيع الاتهامات .

مجور أضاف ما لم يضفه باجمال ولا الرئيس ولا حكومة الحزب الحاكم حيث أوضح أن أحد مبررات الحرب وسبب من أسبابها هو الفقر والبطالة.

وهي لفتة لم يسترسل الرجل في توضيحها بعمق في حديثة لتلك الوكالة .

ونحن نعلم أن اليمن وبعد مرور السنوات العابرة من عمر الثورة مازلنا حسب التصنيفات الدولية والواقعية تؤكد أن اليمن يعد من فقر بلدان العالم.

أمر أخر لفت انتباهي بقوة في حديث مجور للوكالة وهو تأكيد مجور " إن الحل العسكري يسير بشكل جيد، مؤكدًا أن الانتصار مسألة بضعة أسابيع فقط.

لا ادري على ماذا يستند الرجل هل على دراسته وثقافته الفرنسية أم على سماعة تقارير خاصة .

سمعنا كثيرا في الحروب السابقة أن موضوع حسم الصراع مع الحوثيين هو مسألة وقت ومازلنا من أيام الحرب ألأولى والثانية والثالثة ننتظر ذالك الوقت الذي لم ينتهي بعد .

هل يتصور مجور أن القوات العسكرية ذهبت في نزهه قصير وستعمل على تمشيط رقعة معينة من البلد أم ان القوات الحكومية تقاتل أبناء وطن لهم أرضهم الخاصة بهم وهم أعلم بتضاريسها وقديما قيل " أهل مكة أدرى بشعابها " وهذا ما تؤكده ألأيام تباعا عن صعوبة الوضع وفشل القوة والسلاح في الحرب ضد أهل ألأرض وأصحاب مسقط الرأس .

سننتظر أسابيع مجور لنرى هل أدرك الرجل بفراسته ما عجز عنة الآخرون أم أن الوضع سيسير بنا كما تعودنا نحن أهل اليمن دائما وابدأ من سيئ إلى أسوء ....وأجارنا الله وإياكم من كل سوء ومكروه ودمتم

Mareb2009@hotmail.com