الحوار الوطني .. من هم المتحاورون
بقلم/ م. عبدالرحمن العوذلي
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 8 أيام
الأربعاء 13 يونيو-حزيران 2012 06:00 م

اليمن مزيج وخليط من المتناقضات في ظاهرها بل وفي العمق أيضا فما إن تستحضر كلمة الحوار الوطني حتى تنهال عليك الأفكار الغريبة والمتمثلة في التكوين القبلي المعقد جدا لليمن من جهة والمزيج السياسي المتنوع من جهة أخرى بالإضافة إلى التكوين العقدي والأيدلوجي المختلف ويضاف لذلك كله الوضع الإقتصادي الخطير الذي يحيط باليمن واليمنيين كل هذا في ظل انقسام عسكري مخيف وسأتناول ذلك بشئ من التفصيل حيث نستطيع قراءة أهم مكونات الحوار الوطني كالتالي :-

القبائل: القبيلة تعد المكون الرئيس في اليمن ولا بد أن تأخذ حقها في التمثيل بشكل متوازن وفعلي فالقبيلة متواجدة على امتداد الجمهورية اليمنية بسهولها وجبالها وتمثل أغلبية واضحة في التركيبة السكانية والديموغرافية في الجمهورية اليمنية هذا التنوع القبلي الحالي في اليمن يعد مكسبا لإيجاد التوازن المطلوب وعدم السيطرة من جهة أو فصيل فإبراز قبيلة بإهمال وتجاهل أخرى سيوسع من دائرة الخلاف والمشاكل مما قد يؤدي إلى إفشال الحوار الوطني في الحاضر أو المستقبل والمسئولية الكبرى فعلا تقع على عاتق المنظمين لهذا الحوار

الأحزاب السياسية : وتمثل لاعب أساسي ومهم في حياة اليمنيين فالثورة قامت لتأسيس مبدأ الديموقراطية والتداول السلمي للسلطة والعدل والمساواة وإعادة الحقوق ومحاربة الفساد وغيرها من الأهداف ولن يتم ذلك الا عن طريق الأحزاب السياسية والتعددية لتحقيق الدولة المدنية المرتقبة ومن هنا لا بد من امتلاك الأحزاب للديناميكية اللازمة لاستيعاب القبائل وإقناعهم بالتحول النوعي لليمن وحثهم على المشاركة الفعلية والإنخراط في الأحزاب السياسية .

الإسلاميين : ويتملثوا في اتجاهات مختلفة فهناك السلفيين والصوفيين وغيرهم من التيارات الدينية والتي تتباين آرائها تجاه ما يحدث في اليمن فالسلفييين على سبيل المثال أصبحوا جماعات مختلفة وكل جماعة لها إتجاها الخاص وفكرها الخاص وشعبيتها وقواعدها الجماهيرية بينما الصوفيون لديهم توجه آخر ايدلوجي ...وبين هذا وذاك هناك الإخوان المتمثلين بحزب سياسي والزيدية وغيرهم من الجماعات الإسلامية كل هذه التباينات في الأيدلوجية ربما يقود إلى تصدع في الحوار الوطني مالم يكن هناك الوعي الكافي وإدراك الجميع أن التوافق أصبح ضرورة لا مفر منها في ظل الصالح العام ولا بد للجميع أن يقتنع من البداية بأنه لا بد من تقديم تنازلات حقيقية ولا للتمترس وراء الأراء الشخصية والمصالح الحزبية .

الحوثيون : وهم مزيج من القبيلة والأيدلوجية ولهم إعتبار خاص ووضع خاص كما هو مشاهد ،فالحوثي أصبح لاعب قوي في الساحة اليمنية ويملك من الإمكانيات المادية والعسكرية والقبلية ما يمكنه أن يفسد الحوار الوطني وهنا لا بد للجنة الحوار الوطني ألا تخضع لأي استفزاز ولا بد للحوثي كغيره من الفصائل ان يدرك بأن التوافق هو الحل الوحيد وأن محاولة اللعب على ذلك وإفساده سيؤدي إلى عزله الزاوية ضد اليمن ككل .. لا بد ان تفرض الدولة سيطرتها على صعدة كأي محافظة أخرى ولا بد للحوثي أن يرضخ لأي قرار يصدره رئيس الدولة ولا بد للنزاعات أن تتوقف والأسلحة أن ترفع ويعود الناس إلى قراهم وأراضيهم في ظل حماية القانون والدولة ولا بد للحوثي أن يدرك بأن حكم صعدة ليس عن طريق السلاح والقوة وإنما عن طريق الانتخابات الداخلية لصعدة واذا لم يتحقق ذلك فهو فشل محتوم للحوار الوطني برأيي .

الحراك الجنوبي : الحراك فصيل بارز في المحافظات الجنوبية وبداخله العديد من المكونات والإتجاهات فالبعض يؤمن بأن الفدرالية هي الحل الأمثل الآن في ظل وجود حكومة وحدة مركزية والبعض الآخر ينادي بالإنفصال ويرى فيه الطريق الوحيد للإستقرار ومن ينادون بالإنفصال أيضا منقسمون في آلية تحقيق الهدف فالبعض ينتهج النهج السلمي ويؤمن به بينما هناك آخرون يؤمنون بالكفاح المسلح والإعتداءات وهذا ما شاهدناه مؤخرا في عدن وتريم وغيرها من المناطق وهو في اعتقادي المكون الأصعب من مكونات الحوار الوطني الذي سيرهق لجنة الحوار وإذا لم تتخذ الخطوات الكافية لتطمين هذا المكون وإقناعه بالعدول عن مواقفه وأساليبه فربما سيقود إلى فشل الحوار الوطني ، فالقضية الجنوبية هي القضية الأولى والمركزية في الحوار الوطني ولا بد من إيجاد حل عادل يرضي الجميع.

الشباب : الشباب هم من قام بالثورة و وهم من صنعها وهم من قدم التضحيات الكبيرة وهم من رابط في الساحات لشهور طويلة والكل يدرك بأن الشباب أصبح لاعبا مهما في الحياة السياسية اليمنية ،بل إن الشباب فقط هو من يستطيع قلب الموازين بنزوله الى الساحات في كل محافظات الجمهورية ، الشباب لا بد أن يمثل التمثيل الصحيح ومن كل الساحات في الجمهورية ، تهميش الشباب بكل تنوعه سيقود لكارثة حقيقية في أي حوار وطني ، التمثيل الصحيح والمتوازن لكل ساحات الجمهورية على الصعيد الميداني وعلى الصعيد الشبكي والمعلوماتي فهناك الكثير من المجموعات الثورية النشيطة والتي في معظمها مزيج من شباب الداخل والشباب اليمني خارج البلد والمواكب للثورة منذ يومها الأول ولا يجب إغفالهم أو التغاضي عن هذا المكون ويجب أن يمثل التمثيل الصحيح والواضح .

المرأة : برزت المرأة وبقوة خلال الثورة اليمنية بل كانت حضورها لافت جدا للكل مما يدلل على أن المرأة اليمنية تملك من الوعي المجتمعي والسياسي الكثير ولا يمكن تجاوزها وعدم إعطائها دور بارز في الحوار الوطني وممارسة ما كان يفعله النظام البائد من تلميع للمرأة على الإعلام وإقصاء لها على الواقع فالشعب قد تجاوز هذه المرحلة والمرأة اليمنية فرضت نفسها في الواقع السياسي من خلال ظهورها وحضورها ومشاركتها الفاعلة في كل الاتجاهات .

أخيرا لا بد أن يدرك المسئولون عن الحوار الوطني أنهم أمام مهمة صعبة بالفعل فالمتحاورون فيما يظهر أنهم مختلفون في كثير من الأشياء ونقاط الإتفاق بينهم قليلة جدا وأسباب هذا الخلاف والهوة الكبيرة بين مكونات الحوار الوطني يعرفها معظم اليمنيين ولا داعي لذكرها هنا ومن هنا فالحوار المنتظر يمثل الفرصة الأخيرة والحقيقية فعلا في إنقاذ اليمن والخطأ في هذه المرحلة غير مسموح إطلاقا ولا بد أن تكون ملامح الحوار الوطني واضحة ومتسقة مع الواقع اليمني المعاش وإذا لا قدر الله وفشل الحوار الوطني لأي سبب من الأسباب فالنتائج ستكون كارثية بالفعل .