آخر الاخبار

الصراع على الخلافة في القبيلة والبرلمان... تقاسم تركة رجل قوي في أيامه الأخيرة ... صراع الكبار " بيت الأحمر والشايف " " تقرير "

السبت 08 سبتمبر-أيلول 2007 الساعة 08 صباحاً / مارب برس - عزت مصطفى – إيلاف ديجتل
عدد القراءات 11660

منذ الاثنين الفائت، لم تصدر أي ردة فعل حول المؤتمر الصحفي الذي عقده الشيخ الشاب حسين الأحمر على هامش دورة اعتيادية سريعة لمجلس التضامن الذي أسسه، وفيما يبدو أنه كسب إيصال الرسالة الأخيرة ضد مناوئه.

الشيخ المتأهب لمكانة سياسية ظل يحشد القبائل في مناهضة سياسة الرئيس علي عبدالله صالح بعدما أقصي من رئاسة فرع الحزب الحاكم بمحافظة "عمران" خلال انتخابات تنظيمية أجريت نهاية 2005م، وحين تردد أن إقصائه لم تكن سوى رغبة الرئيس صالح، كان الشيخ الشاب يبدأ اتصالاته الخارجية لتأسيس حزب سياسي جديد في مواجهة حزب الرئيس.

 حكاية الشيخ الشاب المتأهب لم تبدأ من هنا، فقد استهلت كما بدا قبل ذلك بعام ونصف، إذ أن علاقته برئيس البلاد مرتبطة بعلاقة والده الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشايخ حاشد ورئيس البرلمان، فقد لوحظ تراجع التحالف الوطيد بين الرئيس والشيخ عقب تعرض الأخير لحادث مروري أثناء ترأسه وفد برلماني رسمي إلى السنغال، لم ير بعده العافية.

 بعد الحادث توارى الشيخ المسن، فيما تأهب ثلاثة من أبنائه، إذ كانت البداية عند حسين الذي أقصي عن ترأس فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة عمران، في جولة استعراض عضلات من الرئيس علي عبدالله صالح بوجه شيخ مشايخ حاشد وأبنائه.

 هو استعراض عضلات لا سواه، إذ تعتبر "عمران" المحافظة التاسعة عشرة معقل آل الأحمر، فهي تضم معظم "حاشد" القبيلة التي توارثو مشيختها، وبسطوا أذرعهم عليها بما في ذلك دوائرها الانتخابية للبرلمان ورئاسة فروع الأحزاب السياسية فيها، إن أي اعتداء على سلطات الأحمر وأبنائه فيها هو في الأساس دخول للعب في منطقتهم المحظورة، فهم يستحوذون –الأب وأربعة أبنائه- على خمسة مقاعد برلمانية عن منطقة نفوذهم، وهي كما تبدو المقاعد المتاحة كلها مقارنة بمساحة مشيختهم، كما أن حسين –قبل إقصائه- كان رئيساً للحزب الحاكم في تلك المحافظة، فيما يترأس شقيقه حميد فرع التجمع اليمني للإصلاح –أكبر أحزاب المعارضة-.

 الشيخ الشاب والثري جداً حميد تأهب تالياً، إذ وجد في الانتخابات الرئاسية التي أجريت قبل عام فرصة للرد على رسالة الرئيس صالح، حين وقف بشدة في صفوف منافس الرئيس، ولوقوف حميد هذا عوامل قوة جعلت أحزاب المعارضة تحتفي بوقوفه في صف مرشحها بمواجهة الرئيس صالح بكل الإمكانات التي يملكها وحزبه، لقد وجدت المعارضة التي تعاني شحة موارد مالية في حميد ممولاً جيداً لمواصلة دعايتها الانتخابية وحشودها، ورغم أنه لم يعلن رسمياً أن حميد الأحمر قدم تمويلاً لحملة المهندس فيصل بن شملان ضد الرئيس صالح، إلا أن حضوره معظم المهرجانات الانتخابية إلى جوار بن شملان أشعر الناس أن الحملة تنفق من أموال حميد الذي يعد أحد أثرياء البلد بامتلاكه أكبر شركة هاتف محمول، وعدد من الاستثمارات الضخمة في مجال الغاز والاسمنت إضافة إلى عشرات الوكالات لشركات عالمية، كان حميد حينها يؤدي دوراً في الرد على الرئيس صالح فيما توارى حسين الذي كان قد تأهب أولاً.

 عاد دور حميد للخفوت بعدما لوَّحت السلطة بإمكان استهداف استثماراته، وهو ما دفعه كما يبدو لبيع عشرين بالمئة من شركته العملاقة "سبأفون" لصالح "بتلكو" البحرينية، مكتفياً بما يقارب ثمانين بالمائة من الشركة التي ما زال يرأس إداراتها.

حسين الأحمر ظهر مجدداً كلاعب سياسي في مواجهة الرئيس، وقد وجد في ليبيا إمكان ضغط على النظام هنا عبر احتمال تمويل مشروعه السياسي البديل.

 استمالة العقيد الليبي لمشايخ اليمن قديمة منذ الصراع السياسي بين شطري البلاد قبل وحدة 1990م، إلا أن آخر محاولات جذب المشايخ نحو طرابلس كان في نيسان /أبريل العام الفائت حين دعا العقيد القذافي تسعين منهم لمشاركته الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

طار حسين الأحمر إلى ليبيا، فيما تواترت الأنباء عن تحضيره إنشاء حزب سياسي مدعوماً من الجماهيرية الاشتراكية العظمى، وظل حسين يروج لمشروعه في الصحافة هنا ما جعل المؤتمر الشعبي العام –الحاكم- في استنفار منتظراً خطوة لايستطيع منعها قد تؤثر على تواجده في مناطق القبائل، خاصة في حاشد التي ينتمي إليها الرئيس قبلياً.

 دأب الرئيس علي عبدالله صالح إلى اللجوء لقبيلة بكيل كلما تأزم تحالفه التقليدي بالشيخ عبدالله كبير حاشد، والقبيلتان حاشد وبكيل هما بطنا قبلية "همدان الكبرى"، إلا أن الصراع على زعامة مشايخ اليمن بادياً بينهما، فحين أعلن حسين الأحمر تشكيل "مجلس التضامن الوطني" انبرى له الشيخ ناجي الشايف شيخ مشايخ بكيل الذي عقد مؤتمراً صحفياً مدعوماً من السلطة حضره مئات المشايخ، أعلن خلاله براءته من "مجلس التضامن الوطني" الذي قال أنه مدعوم من دولة جارة.

 الإشارة الأخيرة أومأت نحو المملكة العربية السعودية التي عرفت برعايتها لمشايخ يمنيين خاصة في المناطق القريبة من حدودها، ويظل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس البرلمان وشيخ مشايخ اليمن الحليف الاستراتيجي والقوي للسعودية هنا، وهو مهندس اتفاق الحدود بين البلدين في جدة 2000م.

السعودية دخلت متأخرة في قصة الأحمر الابن، إذ يشاع أنها دعمته لقطع الطريق أمام ليبيا التي كانت مستعدة لتمويل حزب حسين، فيما انتهى الأخير من تأسيس "مجلس التضامن" بعد أن كان المشروع المناوئ للرئيس حزب سياسي في مواجهة المؤتمر الشعبي العام، وسواء كان تمويل المجلس الذي دعا إليه ويرأسه حسين الأحمر من السعودية أو ليبيا، يظل لحسين أهدافه الخاصة التي يسعى لتحقيقها أياً يكن الدعم، وهو بذلك يبرز كرجل علاقات خارجية قوية، وهي صفة ظلت ملازمة لوالده بحكم مركزه القبلي المؤثر.

 حسين يقول أن "مجلس التضامن الوطني" ليس حزباً سياسياً ولا جمعية أهلية، وفيما يبدو من اجتماعاته أنه تجمع قبلي استنفرت في مواجهته قبائل أخرى يقودها الشيخ ناجي الشايف الذي سمى نفسه في بيان وزعه على الصحافيين (شيخ مشايخ اليمن).

 لقد قُرِّب الشايف من الرئيس صالح أكثر من السابق، وبدأ أنه يخلف الشيخ عبدالله الأحمر كشيخ مشايخ اليمن، فيما ظل الشيخ عبدالله غائباً عن المشهد برمته بسبب وضعه الصحي الحرج.

 ويبدو جلياً أن أطرافاً عدة تتصارع على اقتسام تركة الرجل الذي صمد قوياً لنصف قرن، وظل بؤرة التوتر والحل في البلاد عندما يريد ومتى يقرر، وكان عماد استقرار نظام الرئيس صالح، ومثار إشكالات له بحسب متانة وضعف تحالف الرجلين.

 محمد بن ناجي الشايف، وهو نجل شيخ بكيل وعضو برلماني بارز عن الحزب الحاكم، أثار موضوع خلافة الشيخ عبدالله الأحمر في المشيخة، إذ قال في تصريح صحفي رداً على حسين الأحمر أن خليفة الشيخ عبدالله في مشيخة حاشد هو نجله الأكبر صادق، وهو ما بدأ أن الشايف يريد إثارة القضية داخل أسوار منزل الشيخ الأحمر لا خارجه، مبعداً عن ذلك الجدل حول مسمى "شيخ مشايخ اليمن" الذي يبدو أنه اختص به والده شيخ بكيل.

 صادق الأحمر هو الابن الأقل حظاً في الظهور الاجتماعي من بين أخوته، ويرى كثيرون أنه سيضعف دور حاشد إذا ما تبوءا مشيختها، خاصة بعد حادثة اعتدائه على محافظ محافظة عمران إبان الانتخابات البرلمانية 2003م، وهو ما دفع الرئيس صالح إلى إصراره سحب صادق الأحمر لترشيحه خوض الانتخابات في الدائرة 281 التي خلفه فيها شقيقه حسين بطريقة مخالفة للقانون على اعتبار أنها من حصة آل الأحمر في منطقة نفوذهم.

 ويلفت النظر أن صادق أخذ مكان والده في الجلوس بصدر ديوان منزل الشيخ عبدالله وقت استقبال الضيوف في جلسات مقيل القات التي تحضرها النخبة الاجتماعية في البلد، وهو بذلك يصر على أخذ مكان والده في مشيخة حاشد –بحسب العرف القبلي-، وبذلك يبدو أن "شيخ مشايخ اليمن" بكل ما فيه من مركز اجتماعي وثقل سياسي قد ذهب من حاشد إلى بكيل بغياب الشيخ المؤثر عبدالله الأحمر.

 برلمانياً يبدو أن موقع الشيخ عبدالله كرئيس لمجلس النواب سيذهب هو الآخر لحليف الرئيس صالح الجديد، نجل الشيخ ناجي الشايف، محمد، بحكم أن محاصصة رئاسة السلطات في البلد بدت عقب خروج الحزب الاشتراكي من السلطة مقسمة على التوالي: رئاسة الجمهورية للرئيس علي عبدالله صالح، نائبه من المحافظات الجنوبية، رئيس الحكومة من المحافظات الجنوبية أيضاً، رئاسة البرلمان للقبيلة.

 وبينما تسري الاتهامات حول سعي الرئيس علي عبدالله صالح توريث الحكم لنجله أحمد، يحاول أبناء الشيخ عبدالله وراثة ما تبقى من امتيازات والدهم التي ذهبت جلها لبكيل، في حين أصبح جلياً أن حسين خلفه في بعض علاقاته الخارجية وحضوره السياسي الداخلي، وحميد في قوته الاقتصادية وثرائه المتنامي، فيما يبقى صادق الخليفة في المشيخة إنما في إطار حاشد وحسب

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن