باكستان بعد حرب الصناديق .. المشهد السياسي ونتيجة الانتخاب

السبت 28 يوليو-تموز 2018 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - وكالات
عدد القراءات 2732

 

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات الباكستانية، اليوم السبت، أن حزب نجم الكريكيت السابق، عمران خان، حقق فوزا ساحقا في الانتخابات، لكن لم يسكت ذلك الدعوات لاجراء انتخابات جديدة، بسبب مزاعم بشأن تزوير الاصوات.

وذكرت لجنة الانتخابات الباكستانية أن حزب حركة الإنصاف الباكستانية بقيادة خان، حصل على 116 مقعدا في الجمعية الوطنية و86ر16 مليون صوت.

ويعني ذلك أن الحزب افتقر إلى الاصوات الـ137 المطلوبة للفوز بأغلبية صريحة في الجمعية الوطنية، المكونة من 272 عضوا ويجب البحث عن شركاء في الائتلاف.

وقال المتحدث باسم الحزب، افتخار دوراني، لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) “لقد انجزنا مهمتنا وسنشكل الحكومة”.

وأعرب دوراني عن ثقته بأن الحزب يمكن أن يحقق ذلك ، قائلا إن الاحزاب المتحالفة مع حزبه لديها 11 مقعدا وأن 13 مرشحا مستقلا سيعملون مع الحزب.

وكانت مطالب قد تصاعدت بإجراء انتخابات جديدة فى باكستان اليوم السبت بعد اثارة تساؤلات حول مصداقية الانتخابات التى جرت الاسبوع الماضى .

وقال مشاهدالله خان، متحدث باسم حزب الرابطة الاسلامية- جناح نواز لوكالة الانباء الالمانية (دب ا) اليوم:” اننا نرفض العملية الانتخابية برمتها، ونناقش مع احزاب اخرى مسألة اجراء انتخابات جديدة”.

وأثار مراقبون محليون ودوليون أمس الجمعة تساؤلات حول مصداقية الانتخابات العامة الباكستانية، التي عمتها مزاعم بعمليات تلاعب من قبل الجيش.

وقبل إعلان النتائج النهائية، أصدر فريق المراقبة التابع للاتحاد الأوروبي تقريره بشأن انتخابات الأربعاء.

وقالت البعثة إن القيود المفروضة على حرية التعبير وعدم المساواة في الفرص الانتخابية شوهت حملة ما قبل الاقتراع.

وقال مايكل جالر ، كبير المراقبين في بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في باكستان لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن فريقه وجد سببا “لانتقاد البيئة العامة للحملة الانتخابية”.

ويُنظر إلى الجيش على نطاق واسع على أنه يؤيد خان، وثارت مزاعم حول إجبار الناخبين على التحول من حزب الرابطة الإسلامية إلى حزب خان.

ومع ذلك، لم يشر تقرير الاتحاد الأوروبي إلى إجراءات محددة من قبل الجيش.

وكان الجيش قد نشر أكثر من 370 ألف جندي لتوفير الامن خلال الانتخابات، بعد أن أسفرت تفجيرات انتحارية دامية شنها متشددون إسلاميون قبل الانتخابات عن مقتل حوالي 180 شخصا.

ودعت شبكة الانتخابات الحرة والنزيهة (فافين) وهي شبكة من منظمات المجتمع المدني في باكستان، السلطات إلى التحقيق في “مخالفات” بعملية الاقتراع.

ورفضت مجموعة من الاحزاب السياسية الجمعة النتائج التي اعطت الصدارة لحزب بطل الكريكت السابق عمران خان في الانتخابات التشريعية التي جرت الاربعاء في باكستان، وأعلنت تنظيم تظاهرات مطالبة باقتراع جديد.

وصرح أحد ممثلي هذه الاحزاب السياسي مولانا فضل الرحمن “برأينا حصلت عملية سرقة”، وذلك في أعقاب اجتماع لنحو 12 حزبا في اسلام اباد بينما شهد الاقتراع اتهامات بحصول تزوير.

من بين هذه حزب الرابطة الاسلامية-نواز بقيادة شهباز شريف الذي ندد منذ الاربعاء ب”عمليات تزوير فاضحة” تعيد باكستان “30 عاما الى الوراء”، كما اعتبر انه ضحية مؤامرة بين الجيش والقضاء لابعاد الحزب عن السلطة.

وكان القضاء حكم على رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي أقيل في تموز/يوليو 2017 في قضية فساد مثيرة للجدل بالسجن عشر سنوات وتم توقيفه قبل أقل من اسبوعين على موعد الانتخابات.

واعتبر عدد من المراقبين ان الانتخابات كانت من “الأقذر” في تاريخ البلاد بسبب عمليات التلاعب المفترضة الكثيرة لمصلحة خان.

وتابع مولانا فضل الرحمن “أشخاص يقولون ان لديهم الغالبية لكننا لا نعترف بذلك ولا نريد ان نعطيهم الحق في تولي الحكم بعد هذه الانتخابات. لقد اتفقنا على المطالبة باقتراع جديد”.

وأضاف “سنعترض الطريق امام هؤلاء اللصوص اذا توجهوا الى البرلمان”، مشددا على ان “بقاء الديموقراطية في البلاد على المحك”.

اما زعيم حزب الشعب الباكستاني بيلاوال بوتو زرداري الذي حل ثالثا في الاقتراع وغاب عن اللقاء فقال بعدها بقليل خلال مؤتمر صحافي انه يرفض ايضا نتائج الانتخابات.

إلا ان نجل رئيسة الوزراء بنازير بوتو التي اغتيلت في العام 2007 قال انه سيسعى الى اقناع التشكيلات السياسية الاخرى بالمشاركة في البرلمان.

– حرية التعبير –

وتأتي التصريحات في الوقت الذي فاز حزب حركة الانصاف بزعامة خان الفوز 114 مقعدا في البرلمان متصدرا منافسيه، بحسب نتائج جزئية أعلنتها اللجنة الانتخابية في باكستان الجمعة.

إلا أن مراقبي للاتحاد الاوروبي أعربوا عن القلق من “قيود على حرية التعبير”، وان الاقتراع “لم يكن بنفس مستوى” انتخابات 2013.

وتابع المراقبون ان “غالبية الذين تحدثنا اليهم أقروا بجهود منهجية من اجل الاضرار بحزب الرابطة الاسلامية الباكستانية-نواز من خلال قضايا الفساد واهانة القضاء او اتهامات بالارهاب”.

من جهتها أعربت الولايات المتحدة الجمعة عن قلقها من “العيوب” التي شابت عملية التحضير للانتخابات الباكستانية، لكنها مع ذلك أبدت استعدادها للعمل مع الحكومة الجديدة.

وقالت الناطقة باسم الخارجية هيذر ناورت ان واشنطن توافق على ملاحظات مراقبي الاتحاد الأوروبي بأن “التغييرات الايجابية التي طالت اطار العمل القانوني للانتخابات الباكستانية” قد طغت عليها “القيود على حرية التعبير والفرص غير المتكافئة خلال الحملات الانتخابية”.

ويرى المحللون ان الظروف التي جرت فيها الحملة الانتخابية والاقتراع نفسه يحملان بذور اضطرابات بسبب التشكيك في شرعية الانتخابات.

وقال الدبلوماسي السابق حسين حقاني “لا احد يستطيع ان يحكم عندما يعتقد نصف البلد انه تم تنصيبه بتلاعب من الجيش والقضاء بدلا من تصويت الشعب”.

وصرحت المحللة عظيمة شيما، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ان “المشكلة هي ان الجيش قام بدور اساسي في يوم التصويت وان اتهامات الاحزاب تشمل طرد ممثلين انتخابيين من مراكز الاقتراع”.

واضافت “انها اسئلة يصعب على الجيش الرد عليها ولن يكون هناك اجوبة على كل ذلك”.

وقاد الجيش باكستان الدولة النووية طيلة نصف سنوات وجودها ال71.

وتشكل انتخابات باكستان الاربعاء حالة نادرة من انتقال ديموقراطي للسلطة من حكومة مدنية الى اخرى في هذا البلد الفتي الذي شهد انقلابات عديدة وتعد مؤسساته هشة.

– “باكستان جديدة” –

وكان خان أعلن فوزه منذ مساء الخميس في هذه الانتخابات التي شهدت تبادل اتهامات عدة بالتزوير، وانتقادات للجنة الانتخابية بسبب بطئها في عملية الفرز.

وبالنظر الى النتائج المعلنة حتى الان لم يعد بوسع حزب خان كسب الغالبية المطلقة (137 مقعدا) الضرورية لتشكيل حكومة بمفرده، مع انه حقق نتيجة أفضل من المتوقع. وسيتعين عليه البحث عن حلفاء بين النواب المستقلين أو تشكيل تحالف مع أحزاب أخرى.

وقال خان “نجحنا ومنحونا تفويضا”. ويشتبه منذ فترة طويلة بان خان الذي بدأ العمل السياسي في 1996 ويعد ب”باكستان جديدة” و”بدولة رفاه اسلامية”، استفاد من دعم خفي للجيش الذي يتمتع بنفوذ كبير، في مسيرته الى السلطة. لكن العسكريين ينفون قيامهم باي دور في هذا الاتجاه.

إلا أن الحكومة المستقبلية ستجد نفسها أمام مشاكل ملحة خصوصا تردي الاقتصاد والتحديات البيئية الضخمة.

وأعلنت اللجنة لانتخابية ان الرابطة الاسلامية-نواز حصلت على 63 مقعدا بينما حصل حزب الشعب الباكستاني على 43 مقعدا.