ما الذي جمع فكري بالنظام؟
محمد الحميري
محمد الحميري

أقرأ للأستاذ فكري قاسم باستمرار واستمتع بلغته السهلة، وأنا كغيري نتفق معه في كثير من الأفكار.. لكن أحيانا يخرج الشخص عن طبيعته ويكتب بعيدا عن قناعاته. وما لفت انتباهي هو مقاله حول الشيخ حميد. وفي هذا السياق أود التأكيد على أن فكري قدم خدمة جليلة لهذا النظام .

فالحديث عن شركات الشيخ حميد والعمل النقابي ينسجم مع الحملة التي تقودها وسائل إعلام المؤتمر والتابعة لها سواء كانت رسمية أو غير ذلك، وخلال الفترة الماضية تحول الشيخ إلى هدف لوسائل إعلام النظام التي حاولت النهش في شلاكاته من خلال تحريض العاملين فيها من باب الحقوق والعمل والنقابي .

ومثلما يعطي النظام لنفسه الحق في مصادرة الآخر وإلغائه يتورط بعض المثقفين في منح أنفسهم هذا الحق فيصدرون أحكاما نهائية بحق القبيلة وكل ما يرتبط بها وهم بهذا يتناقضون بشكل فاضح مع ما يروجون له في تناولاتهم حول الدولة المدنية التي تستوعب الكل. على سبيل المثال تجد البعض يتحدث بحساسية مفرطة عن القبيلة التي أثبتت اليوم أكثر من أي وقت مضى أنها شريك أساسي في صنع التحول الذي ينشده اليمنييون بانحيازها إلى صفوف الثورة وكانت خير سند .

إن القبيلة التي يستعديها بعض مثقفينا تعكس الصورة الحقيقية لمنظمات المجتمع المدني التي تحمي الحقوق والحريات وتناصر المظلوم وتغيث الملهوف، وعلى الرغم من محاولات النظام خلال 33 سنة تدمير القبيلة مثلما دمر كل شيء جميل في حياتنا إلا أنه فشل، وهاهم اليوم أبناء القبائل اليمنية يقدمون صورة مشرفة وناصعة للوطني الغيور الذي تخلى عن سلاحه ورابط بصدر عار في ساحات التغيير وما كان لهذا أن يحدث لولا تناغم المواقف بين مكونات القبيلة .

ما الذي دفع فكري لكتابة هذا المقال وفي هذا التوقيت بالذات، لعله تذكر ما قاله الشيخ في حوار سابق عنه وفيما يريد أن ينفي التهمة أكدها من حيث لا يدري، فلو كنا صادقين ويجمعنا هدف إسقاط النظام على الأقل نؤجل خلافاتنا حتى تتحقق أهدافنا. فمواقف الشيخ حميد لا يمكن المزايدة عليها ويكفيه أن النظام حوله إلى الخصم رقم واحد، وقد كان بإمكان حميد أن يمد يده للنظام ليحظى بما يريد من الامتيازات لكنه فضل الانحياز لقناعاته التي تلتقي مع قناعات السواد الأعظم من الشعب اليمني .

ولم يكن موقف حميد الثوري وليد اللحظة أو ردة فعل أو خصومة شخصية فمنذ بزوغ نجمه السياسي وهو المعارض المعروف وقد كانت له صولة وجولة في انتخابات 2006 الرئاسية، ويحسب له أنه من أوائل من كسروا حاجز الخوف والهالة التي كانت تحيط بمنصب رئيس الجمهورية، تلك المواقف الشجاعة ساهمت في مراكمة العمل السياسي الثوري الذي قاد إلى هذه اللحظة التاريخية .

إن الثورة اليوم ليست وليدة اللحظة أو صدفة محضة بل هي نتاج طبيعي لتراكمات سياسية ساهمت فيها الأحزاب والشخصيات والصحفيين كل بحسب قدره وموقعه .

لقد كان مثقفونا يعيبون على المشائخ اصطفافهم إلى جانب النظام، وفيما اليوم نجدهم بين صفوفنا ويحملون أهدافنا ويتحملون جزء كبير من ضريبة ثورتنا، نجد بعض هؤلاء المثقفين يمارسون ذات الأداء السيء بإصدار الأحكام الجاهزة بعيدا عن لغة العقل والمنطق وحالهم كالذي يقول \"لا تشلوني ولا تطرحوني \".

إن التشكيك في المواقف الوطنية ومحاكمة النوايا غير مقبول في هذا التوقيت. ففي الوقت الذي يضحي فيه حميد بماله وأمنه نجد البعض يخسر مداد قلمه للإساءة، وبدلا من توفير جهده لدعم الثورة وإسناد هذا الحدث التاريخي نجده يصنع معارك وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع .

إذن ما الفرق بين النظام وبين هؤلاء؟


في الأربعاء 06 إبريل-نيسان 2011 10:24:54 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=9781