إثنان من الحاكم و إثنان من الشعب
بشير بن علي
بشير بن علي

أين كنا؟ومن السبب في وصولنا لهذا الحال؟ومن صنع قوى الفساد؟ومن فتح الباب لتيارات كل همها الهدم؟ومن دعم وساند في لعبة التوازنات قوى ضد قوى قد تواجهة النظام مستقبلا؟ وهل هذه الأسئلة ستقودنا للحل وللخروج من الأزمة الحالية؟ أم أن الأجابات ستجعلنا نغوص أكثر في المشكلة ومسبباتها ونظل ندور في حلقة رمي الأتهامات وتوزيعها على الجميع.

اعتقد أنه من الأفضل لنا ولمستقبلنا أن نوجهة أسئلتنا بإتجاه الغد.وإلى أين ستقودنا خطوات اليوم؟وما هو المستقبل الذي نريده ؟وهل ثورة الشباب المنادية بيمن أفضل سترفعنا لمصاف النجوم؟وهل سنقنع حينها بكيلو طماط لنعود للأرض؟ أم أن التغيير القادم مجرد تبديل وجوة بالية بأخرى جديدة تحمل نفس العقلية المريضة في إدارة البلاد والعباد؟وهل ستقتلع الثورة كل رموز الفساد ومنظومته الراسخة في قلب المجتمع؟أم ستكتفي بعائلة الرئيس وأقاربه؟ وهل ستختزل الفساد في شخصه فقط؟

إن ما يجري الآن من نزال بين قوى التغيير وبين المحافظين على النظام الفاسد ورموزه، يدور في خمسة أطوار متتالية هدفها النهائي صناعة يمن أفضل مما هو عليه الآن.هدفها تحقيق التغيير المنشود بعيدا عن أي ثورة مضادة قد تحدث لاحقا.وأولى تلك الأطوار هو طور الظلم فهو البداية وهو الخطوة الأولى نحو التغيير، وإذا كان الحاكم قد ظلم نفسه بتوليه مقاليد كل شيء بعيدا عن مستشاريه إبتداء من منتصف 94م.والتفرد بالحكم والقرار.وظلمه بمحاربه أركان نظامه ومحاولة التخلص منهم وإضعافهم والسعي لتوريث نجله مستقبلا.فإنه قد ظلم أُمة كاملة وشعباً أحبه ووثق به،عندما رسخ قدم المفسدين والعابثين بالمال العام،وعندما سمح بإنتهاك سيادة اليمن للطائرات الأمريكية،وعندما هدم مقومات الوحدة الوطنية والإلتحام الشعبي على ثوابت الأمة.فالظلم هو اللبنة الأولى في عملية التغيير والتحرك بإتجاة المستقبل وبدونة تستقر الأوضاع وترتاح النفوس وتستكين للراحة والدعة.

ثم يأتي الغضب بمشاعرة المتأججة وروحة المندفعة كنهر هادر،وقد يكون في بداياته عبارة عن سخط وشعور بالضيم والقهر،تظهر من خلال كلمات تقال هنا أو تكتب هناك،وما يلبث الوقت أن يُظهر الغضب سلوكياته وينظم مواردة وينطلق في كوكبه ساخطه على كل شيء بدون استثناء وتتحول الحياة حينها إلى أتون من نار، ينوي إحراق كل ما يقف أمامه،بدون خطة واضحة أو محددات لعملية إيقافة أو توسعه.وهنا لا بد من التدخل لإخمادة والقضاء عليه حتى لا ينتشر في الهشيم فيحرق الأخضر واليابس ويدمر المنجزات.فيقوم الحاكم مجددا بالقمع لنكون بذلك في الطور الثالث للتغيير.

والقمع وسيلة سهله بيد الحاكم ومن يزينون له الأمر.فقمع للحريات وقمع لوسائل الاعلام وقمع للصحفيين.وإطلاق يد الأمن في كل شيء، وإعلان حالة الطوارىء،والبدء في إزهاق الأرواح،ومحاصرة المدن والأحياء والشوارع.ظنا منه أن الأنتصار على الأرادة الشعبية سهل وميسور بتخويفهم وأرهابهم.لم يعلم أن الغضب والغليان قد بلغ ذروته.وأن كل ما يقوم به يوصلنا للطور الرابع من رحلة التغيير وهو الإنفجار.

والإنفجار هو الحلقة قبل الأخيرة في عملية التغير القادم.يبدأ من كسر حاجز الخوف.الإنفجار على مشاعر الضعف والهوان والذل،والإستكانه للحاكم الفاسد وزمرته العابثة.إنفجار يُشعر الثُوار بقوتهم لتحريك الجماهير وتوجيه الشارع وإثارة المشاعر الساكنة وإذكائها.الإنفجار والإطاحة بالأحلام اليومية التي تدور حول رغيف الخبز إلى الأحلام الكبيرة بِكُبر الأمة واتساع المستقبل القادم.

وما يحدث في تعز والحديدة وسيئون من مواجهات بين الشباب وقوات الأمن يدور بين طوري القمع والإنفجار.لذا فرحيل النظام أوشك قريبا.وعملية التغيير القادم أصبحت أقرب مما كانت عليه عند بدء ثورة الشباب السلمية. إذن طوري الظلم والقمع يُقدمها الحاكم مقابل طوري الغضب والإنفجارمن الشعب، وعليه نصل للنتيجة النهائية التغيير. وهو مرهون بفعل الثُوار وقدراتهم ورؤيتهم والأساليب التي يستخدمونها لهدم أركان النظام الفاسد،والمعايير التي يضعونها لبناء اليمن الجديد،وفق قيم وشروط تتناسب مع طموحاتهم وآمالهم للوطن الذي يتمنونه لأبنائهم.

وعلى كل السائرين في درب التغيير السلمي أن يدرك بأن ثورة مضادة بإنتظارهم، فالمستفيدين من النظام السابق لن يتنازلوا بسرعة عن مكاسبهم وامتيازاتهم.وأصحاب الأهداف الفرعية سيعملون على تسريع الأحداث وخلط الأوراق لتحقيق مأربهم.والعملاء لأجهزة خارجية سيدفعون التغيير بإتجاه مصالحهم.وحينها سنفقد العنصر الثاني في بناء الأمم.فإذا كنا نتمتع بأمن في درجاته الدُنيا ونفتقد للغذاء.فإننا أثناء عملية التغيير،قد نخسر الأمن مع خسارتنا للغذاء،ولا يمكن لنا حينها أن نتحرك بإتجاه المستقبل المنشود،بل سنتوه في دوامات الأحداث المتسارعة للخروج من النفق المظلم.

لذا لا تراجع عن وضع خطة ومسودة واضحة لما ينبغي أن يكون عليه الأمر بعد نجاح الثورة،وعلى الشباب في الساحات أن يذوبوا في كيان واحد كبير، يمثلهم ويتحدث بلسانهم ويطالب بحقوق السواد الأكبر من المظلومين والمقهورين.ويسعى لبناء يمن أفضل بكل المعايير.أو عليهم الذوبان في أي تيار سياسي قائم يرتضونه بناء على اعتقاداتهم وافكارهم.فالحياة السياسية تديرها الاحزاب والاقتصاد يديره رجال الاعمال والثورة يشعلها ويحركها الشباب.وكل ميسر لما خلق له.


في الثلاثاء 05 إبريل-نيسان 2011 05:27:03 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=9756