|
عندما رأيت قوات الأمن تحمي ساحة الحرية في الأسبوع الثاني للإعتصام، كدت أتصل بيحيى صالح منوها ومشجعا!. لكنني ترددت ولم أفعل، ربما بسبب عدم وجود تعارف أو تواصل بيننا من قبل، وربما خشية أن يخيب يحيى وغيره الظن من بعد، كما خاب في مناسبات سابقة.. أما لماذا فكرت في التواصل بيحيى ؟ فلأنه مسؤول الأمن الأول الفعلي في البلد أو هكذا أقدر، لكن السبب الأهم هو ما أشيع عنه مؤخرا من أفكار قريبة إلى التفكير العقلاني، حتى أن هناك من ربط بينه وبين ما سبق وطرحه وزير الثقافة المستقيل نبيل الفقيه.. ونسب إلى يحيى بعض جلسائه، بعد سقوط بن علي، أنه قال يجب أن يترك عمه السلطة آخر عام 2011 .. ولما استغرب أحد الجلساء، الذي وصم بأعمال البلطجة بعد ذلك، قائلا : واليمن لمن تترك ؟ رد عليه يحيى – والعهدة على الراوي - اليمن لن يصيبها شيء!. وعقب يحيى : أنتم تريدون أن نتمسك بكل شيء إلى الأخير، حتى ينتهي كل شيء، ويظل الناس بعد ذلك يسبوننا ويشتموننا.. وأعرف أنه يشاع ويقال عن يحيى العكس تماما، لكن هذا ما سمعته عنه أيضا.. بعد استخدام قنابل الغاز التي استشهد فيه شخص واحد وأصيب العشرات رأيت يحيى يتكلم في الجزيرة ويقول : إن المشكلة حدثت بين مواطنين ومعتصمين بسبب المضايقة التي يتعرض لها سكان الحي بسبب الإعتصام.. ودائما يتسأل كثيرون وهم محقون، لماذا يتضايق السكان من إعتصام الجامعة المسالم المتحضر، ولا يحصل الشيء نفسه مع اعتصام التحرير؟! حتى الضيق والمضايقة من الإعتصامات فيها تمييز وانتقاء وظلم، الإعتصام الذي يعارض استمرار الحاكم أكثر من ثلاثة عقود في جمهورية قامت على دحض الـتأبيد ورفض الإستحواذ والتوريث، يتعرض للمضايقة المستمرة ويضرب بقنابل الغاز ثم يقتل الشبان المعتصمون بدم بارد، والإعتصام الذي يقول لا باس بالبقاء في الحكم حتى إلى الأبد يقدم له الغذاء والدواء والمصاريف والتشجيع وتغطية الإعلام الرسمي.
بعد المذبحة الجماعية التي لم تعرفها اليمن في تاريخها ولم تعرفها بطبيعتها وكيفيتها، تونس ومصر في ثورة الشباب هناك، ولا حتى ليبيا ( هناك حرب بين طرفين ) وراح فيها العشرات بين قتيل وجريح أطل علينا الرئيس مـتأسفا وقائلا لا دخل للأمن..! المواطنون هم السبب!. وقرر الرئيس إضافة ضحايا المذبحة إلى كشوفات الشهداء..
بموجب الدستور والقانون، رئيس الجمهورية مسئول عن حماية دماء المواطنين وأظنه يدرك ذلك .. " إن حفظ دماء المصريين هي مسئوليتي الأولى" هذا ما قاله حسني مبارك عندما سقط عدد من القتلى الأقباط في كنيسة الاسكندرية قبل الثورة على نظامه بأسابيع.. ويحزنني أنني لم أسمع رئيسنا يقول مثل هذا الكلام قط ، ودائما ما يبرر القتل في بلادنا فقط، ومن قادتنا فقط، مرات بسبب الثارات والان بسبب المضايقات!.
الأخ الرئيس، دعني أقول لك أن لا حاجة لإدراج ضحايا المجزرة في كشوفات الشهداء ولا حاجة للحداد الرسمي، ولا حاجة أو مشروعية لإعلان حالة الطوارئ.. لقد نزل الشباب إلى الساحات توقا إلى العدل والمساواة والعيش الكريم ومطالبين بالتغيير سلميا، ولا يجوز أن يقتلهم أحد بسبب ذلك .. ويستحيل قبول تبرير القتل أو تسبيبه على النحو الذي تقولون.. أما سجلات الشهداء في اليمن فهي مكتظة ولا تتسع للمزيد، وقد سأم اليمنيون من تبرير أشكال وأنواع القتل والحديث عن الإستشهاد والشهداء.. الشعب يريد الحياة.. وهذا يجعلنا نناشدك أن تبحث لنا ولك عن حل عاجل..
لقد اقترحت عليك من قبل أجندة إلى 2013 ولكن دون استجابة ، وبعد تفاقم الأحداث اقترحت سنة تزيد أو تنقص قليلا، أما بعد المذبحة الرهيبة فأرجو أن نسمع ونرى منك ما يوقف التدهور في الوطن الذي أظنك لاتزال تحبه ولا تكرهه، ويضع حدا لتزايد الأيتام والأرامل والثكالى، والجرحى والشهداء في اليمن .. هل فهمتني فخامة الرئيس؟. أرجو ذلك!..
هذه المرة لن أحدد ما يجب عليك أن تفعله. غير أن حبك لليمن الذي حكمته 33 عاما على المحك في هذه اللحظة التار يخية الإستثنائية.. أرنا وأثبت للتاريخ ما يبرهن على ذلك..
في الإثنين 21 مارس - آذار 2011 12:02:46 م