نيرون ليبيا ونابليون صنعاء .. إلى متى ؟!
ابو الحسنين محسن معيض
ابو الحسنين محسن معيض

ظهر على الشاشة السيد معمر القذافي مبديا عنجهية وغرورا وكبرا أصابتنا بإحباط وأسى .. فمن منا لم يستهجن خطابة ولم يتقزز من كلامه ولم يضق ذرعا بتهديداته ولم يبد استغرابا من عقليته كزعيم وطني .. وقد خالف بظهوره كل من سبقه من الزعماء فلم يبد أسفا ولا حزنا ولا ندما على ما حصل في البلاد ولم يقم بأي بادرة إصلاح أو تنازل أو وعود بمستقبل أفضل وإنما جسد بكل معنى الكلمة النفسيات الدنيئة والحقيرة التي يعيشها حكامنا .. جسد الحقيقة الشنيعة لشخصيات من تولى أمرنا .. جسد الصورة الصادقة المرعبة لمن يدعون أنهم حماة أرواحنا .. سقط القناع المزيف المرسوم عليه ابتسامات كاذبة وعبارات معسولة حينما يظهرون ويخطبون علينا.. وبان تحته وجه أخر قبيح مشوه يرعب الأمة ويخوفهم وظهر لسان أخر يهدد ويتوعد .. خطب القذافي وليته ما خطب .. من اجل أن تبقى ولو قليلا صورة فيها مسحة جمال لحكامنا الذين يوما ما حسبناهم قادة للنضال ورمزا للأبطال وأنهم يقارعون أمريكا وإسرائيل في مواطن النزال .. ولكن للأسف لقد تحطمت بقايا الصورة المشققة المشروخة وتحطم معها أدنى احترام أو تقدير لتاريخ لهم قد مضى .. وحل محله بقوة ورسوخ السخط عليهم والبغضاء ويلاحقهم منا أبشع دعاء

-حمَّل القذافي جهات عدة مسئولية ما يجري في ليبيا من أمريكا إلى أوربا إلى دول أخرى شقيقة إلى القاعدة وغيرها من الترهات ونسي تماما السبب الرئيس .. نسي نفسه وأبناءه وبطانته .. تناسى أنه هو من يدير شئون البلاد .. والشعب قال كلمته فيك (( وداعا .. فارقنا )) وأبت نفسك المريضة إلا أن تجعلهم في كفه وأنت في أخرى فأيهما سترجح على الأخرى .. أيامك معدودة فأنت أشد خطرا من ألف قاعدة !! 

-القذافي استخدم كلمات المأجورين والمخدرين المحببين وأنهم مأجورون تدفع ثمنهم المخابرات الأجنبية ونسي من يؤجرهم هو من قوات المرتزقة وما يسمى بالأفارقة .. رباهم على عدم احترام القيم ومكارم الأخلاق .. ودربهم على إزهاق الأرواح وسفك الدماء دون أدنى تأثير ورحمة .. فلله درك من زعيم عظيم

-القذافي حاول في خطابه كثيرا بث نوازع الفتنة بين القبائل الليبية معددا أمجاد بعضها ومشوها البعض الأخر .. ضاربا عرض الحائط حجم الخسائر التي ستحدث من جراء دعوته تلك .. وأكد انه يتخوف من انفصال ليبيا وتحولها إلى قاعدة إرهابية ستتعرض للضرب و الدمار كأفغانستان والعراق ! لقد تخبط كثيرا في خطابه وظن أن كل داء وشر سيصيب ليبيا إن تركها ورحل .. ولولاه لما قامت حياة ولا أمطرت السماء ولا عم في الأرض رخاء .. فهذه هي النتيجة الحتمية حينما يظل فرد واحد يحكمنا لأكثر من بضعة عقود

-القذافي عدد نضاله الوهمي وتحريره ليبيا من الطليان والأمريكان وأشاد بمكانته الكبيرة في أفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية !! مرددا أين كانوا هؤلاء لجرذان حينها !! وهذه والله جنون العظمة هذه نابليونية جديدة اختلطت جيناتها مع نيرونية مدمرة فخاتمة نضاله يريدها مأساوية درامية ويقنن لها بما حصل في روسيا والصين وأن العالم صفق لهم وأجاز فعلهم .. هل رأيتم سفاهة حكامنا !! فيلطف الله بليبيا الكريمة

-القذافي وصف الشباب الثائر بأنهم الحقوا العار بأهلهم وقبائلهم ! وأي مجد سيلحق بك وأنت تضربهم بالطائرات وتطلق عليهم كلابك المسعورة ووحوشك الأفريقية المفترسة تنهش في لحومهم الطرية وتنتهك أعراض العفيفات من حرائر ليبيا الأبية .. لقد لحقك العار وستتبعك اللعنات في كل كتب التاريخ وأسفاره

-القذافي طلب الحوار مع الشباب وتعهد بإقناعهم وعلاجهم .. ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين فلو أتوك لعالجت عقولهم بالمسخ والكذب ومن عارض منهم لعالجت رؤوسهم بالقطع وأفئدتهم بالقلع .. فلا حاجة للجلوس معك .. وما أجمل ظهور وزير داخليته الذي تغنى في خطابه به وان الشباب قبض عليه ليعلن انضمامه للثورة وملخصا مصير القذافي بأمرين انتحار أو قتل .. فليعتبر غيره من الحكام من هذا المصير ـ وما اشد التشابه بينهم جميعا وأنا أركز دائما على هذه النقاط لما فيها من عبرة وعظة لكل من يسير على طريق إزالة النظام الفاسد المتعفن .. فحينما تتشابه وسائلهم وأفعالهم وأقوالهم فلابد أن تتشابه معه نهاياتهم وسقوطهم .. فالقذافي استعمل في خطابه كثيرا مما يفكر به زعيمنا ويستخدمه حاكمنا فارجع للقراءة ثانية وقارن .. ولقد أغمضت عيني وتخيلته بدلا من معمر وبنفس الطرح ونفس التوجه وللحق لم أجد فرقا كبيرا .. فالخطاب واحد والوسائل واحدة .. وبعد خطاب معمر انطلقت بلطجية نظام صنعاء ملبية أوامر القذافي في الزحف المقدس لتقتل وتجرح أبناء الثورة عند جامعة صنعاء .. فالشعب هو الملوم لأنه تجرأ متمردا ومنتفضا على سيده ومولاه .. وكأن حكامنا جهاز واحد .. مبرمجون على تردد متماثل ..

ولكن يد من التي تمسك بالريموت الموجه لهم ؟! ذلك سؤال يحتاج بحثا وإجابة !!.


في الأربعاء 23 فبراير-شباط 2011 04:36:48 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=9223