أتنم على موعد مع تحرير ثانٍ وثورة ثانية
د. حسن شمسان
د. حسن شمسان

ظن بلاطجة النظام أو نظام البلاطجة (سيان) بأن الأبطال سوف تروعهم قنابلهم، وقد خاب ظنهم وما بقي عليهم إلا أن ينزلوا بكل ما أوتوا من قوة؛ بدباباتهم ومدرعاتهم وقاذفات صواريخهم بل ليقرعوا طبول حربهم إذا أرادوا، فإن ذلك لم يروع ولن يروع المعتصمين في ساحة الحرية ولن يجعلهم يتزحزحون من أماكنهم قيد أنملة، إن هذا ما يجب أن يعيه النظام جيدا - وهذا الأخير- من فضل الله ومنته على الشعب اليمني– لا يعي ولا يفهم أنه يهد عرشه بما كسبت أيدي بلاطجته، نعم لقد ظن البلاطجة أنهم بفعلتهم الرخيصة - التي لن يغفرها لهم الشعب – أنهم سوف ينهون الاعتصام في ساعة من نهار، وبهذا يطفئون لهيب ثورة ما زالت في بدايتها، إذ أطلق عليها الثوار [جمعة البداية] لا جمعة الرحيل، وعلى الرغم من ذلك فقد بدأ هؤلاء البلاطجة بما لم ينته به بلاطجة تونس ومصر؛ ليقرروا في ساعة من نهار بأنهم أغبى من سبقهم من البلاطجة إذ هم تعاملوا بمنتهى الغباء وغايته؛ فهذه بدايتهم كانت مخزية بكل المقاييس وفي الوقت نفسه مؤذنة بسرعة نهايتهم، وإذا كانت البداية في جمعة البداية بالقنابل فكيف سيلطخون النهاية(!) وهذا يجعل الشعب يتساءل: ماذا بعد القنابل (؟) هل المصفحات والدبابات وقاذفات الكاتيوشا (!!!). أم أنهم سيصنعون ميدانا ثانيا للتحرير تنتج عنه ثورة ثانية.

إن ما يجب أن يعلمه نظام البلاطجة ويعيه جيدا أن التواقين إلى الشهادة في ميدان الحرية لن تثنيهم عن مطلبهم وهو [إسقاط النظام، ورحيل الرئيس] أصوات القنابل وإن دوت وأزبدت وأرعدت، ولا رصاصات بندقياتهم الطائشة، ولا حتى حرب يقرع نظام البلاطجة طبولها ليحصدوا أوزارها ثورة مشعة تحقق كل المطالب الحقة للشعب المسحوق، وسوف يرون عما قريب إنما صنعوا كيد بلطجي سرعان ما ينتهي ويتماهى، لكنه في المقابل يزيد من شرارة الثورة ولا يطفئه ويجعل الناس يتحفزون ولا يتراجعون، وقد عودتنا ثورتي تونس ومصر بأنه يحصل عكس ما يتمنون وما يخططون؛ إذ بعد صوت القنبلة المدوي تداعى الناس مهرولين إلى ميدان الحرية أفواجا نساء ورجال كبارا وصغارا كلهم وجه وجهه إلى الله ثم ساحة الحرية بالآلاف، وساعة ذلك التداعي كثرته قرر شباب ساحة الحرية تغيير الاسم من [ساحة الحرية] إلى [ميدان الحرية] جراء كثرة تداعي الناس إليه دون توقف أو انقطاع عصر ومساء أمسٍ السبت، وما زال الناس يتوافدون وإلى نصرة الوطن سائرون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

لقد كان الفضل في تداعي الناس إلى ساحة الحرية لتصبح بعد ذلك ميدانا للحرية – بعد تسخير الله - هو غباء بلاطجة النظام، إذ لولا فعلهم المشين والقبيح - بجانب عزيمة الشباب التي لا تقهر – وهو فعل لم يسبقهم ولن يسبقهم إليه أحد من قبل ولا من بعد – ولولا ذلك الفعل لما كان ذلك التداعي وذلك التسارع إلى ساحة الحرية لتصبح بعده ميدانا. إن دوي القنبلة زرع شرارة الثورة بموت الشهداء، وإني على يقين بأن ميدا الحرية بعد ذلك اليوم قد تحقق فيه ميلاد التحرر؛ ليصبح بعده ذلك ميدان التحرير عما قريب - إن شاء الله - لأن من رمى القنبلة قد منح بعض المعتصمين شرف الشهادة؛ إذ أسفر عن ذلك شهداء وقد أسفر بذلك صبح الثورة؛ فما دام في الأمر شهداء فلا تراجع عن العهد الذي قطعه الشعب اليمني على نفسه وسيظل وفيا للشهداء بالسير على دربهم ومن تراجع عن ذلك الدرب فإنَّهُ سيكون خائنا لذلك الدم الزكي والطاهر.

هكذا علمتنا الثورات علمتنا أن دم الشهداء دائما يحسم النصر لصالح الثورات؛ فلا تنتهي ثورة فيها شهداء إلى سراب؛ بل ينتهي بها المطاف إلى خلع الطاغية وقهره، وقد وعت الشعوب ذلك - ومن حسن الحظ - لم تعه الأنظمة أو بلاطجتها، فما علموا - وأنا لهم أن يعلموا - أنه بكل قطرة من دم شهيد قضى نحبه تنكت هذه القطرة نكتة بيضاء في قلب من ينتظر ويزداد بها قلبه بياضا بكثرة نقاط دم الشهداء فلا يرى ذلك القلب الأبيض إلا بياض الثورة في دم الشهيد وأن القيام بها يمثل ذروة الوفاء للشهيد وللوطن فما يزال القلب يسبح بحمد الله ثم بحمد الثورة، لا يمكنه بعد ذلك التراجع عن ذلك السقف يسقط النظام ويحي الشهيد ويحي الوطن والثورة .

نحن - إذا - على موعد مع التحرير، فاليمنيون اليوم أصبحوا بحاجة إلى ميدان تحرير ثانٍ، تنطلق منه ثورة ثانية، بعد أن خطفت مكتسبات ثورتهم الأولى واحتل البلاطجة ميدانها، وهم ظنوا باحتلالهم ميدان التحرير ونصب خيامهم فيه أن تلك الخيام مانعتهم من الله ومن غضبة الشعب وهبته وطوفانه، فأتاهم الله ثم الشعب من حيث لم يحتسبوا، فإذا بالشعب اليمني الحر مع موعد في ميدان ثانٍ للتحرير لكن مقره هذه المرة كان في تعز التي كانت تسمى بالحالمة أما الآن قد آن أوان تحقق حلمها ليصبح حقيقة ساطعة مشعة تنير للجميع في بقية المدن اليمنية طريقهم، ويصل بريقها وغذاؤها الثوري إلى كل ربوع اليمن ليضيء لهم عهد ثورة ثانية تنتزع مكتسبات الثورة الأولى من أيدي اللصوص وترجعها إلى مستحقيها من ضعفاء الشعب والفقراء فيه.

فإلى كل المحبين لوطنهم اليمن والمحبين لوحدتهم، في الداخل والخارج أقول اتجهوا إلى ميدان الحرية الذي سيكون قريبا إن شاء الله ميدان التحرير، وأقول لكم إن النظام البلطجي قد وفر لكل التواقين مشاريع شهادة ينال بها المعتصمون الفردوس الأعلى من الجنة، إن إخوانكم هناك – وأنا واحد منهم – نناديكم إلى مشاركتنا، وإن الذي جعلني أتجه إلى ساحة / ميدان الحرية هي تلك القنبلة التي ألقتها الأيدي القاتلة، فهم أرادوا من خلالها ترويع الناس، فإذا بالنتيجة – كما سلف - كانت عكسية؛ إذ دخل الناس ميدان الحرية أفواجا ولم يخرج منه، وإنني عندما وصلت إلى هناك ورأيت النساء اللاتي يلبسن العباءات ويسترن وجوههن وجدت نفسي صغيرا، عندما سبقنني نسوة إلى ميدان الحرية، وكم من صغار هم الآن في بيوتهم في حين النساء لا يفارقن ميدان الحرية إلا في العاشرة ليلا بل بعضهن مكثن إلى الواحدة بعد منتصف الليل، فعار وألف عار لذكور ينامون في الفرش والنساء يجاهدن في ميدان الحرية، ومع أن الشريعة السمحة خاطبتهن (وقرن في بيوتكن) إلا أنهن لما وجدن بعض الذكور فضلوا البيوت خرجن ليؤدين دورهم فهلا لبس من جلس في البيت ذلكم اللباس الساتر وهم عندما يستترون من الناس هل سيستترون من رب الناس. إنكم معاشر السادة عندما تحضرون إلى ميدان الحرية ستشعرون – فعلا لا قوالا – بالفخر والاعتزاز وتشعرون بأن الحياة بدأت تدب فيكم من جديد من بعد ما كان اللصوص قد اختطفوها، وتشعرون بأنكم تمثلون شيئا سويا فاعلا، ثم بعدها تشعرون بأن النصر قريب، ويخرج من قلوبكم بقية من خوف إن كانت هناك باقية بعد أحداث ثورتي تونس ومصر، إنكم إذا ما وصلتم إلى ميدان الحرية فإن صوت أدوات القمع - مهما تعددت - لن تعني لكم شيئا يذكر، إنكم عندما تتجهون لمناصرة إخوانكم ستندمون على الوقت الذي قضيتموه في بيوتاتكم بين أطفالكم ونسائكم.


في الثلاثاء 22 فبراير-شباط 2011 10:18:52 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=9204