فَهِمْتُكم....
عبد الرحمن العشماوي
عبد الرحمن العشماوي

فهمْـتُكمْ بعدَ أعـوامٍ وأعْـوامِ الآنَ أدْركتُ ،تفـريـطِي وإِجْـرامي

الآنَ أدْركتُ معـنى أنَّكـم بشرٌ لكمْ حقـوقٌ ، ولسـتُم محـضَ أنعامِ

فهمـتكم يا بَني شعـبي وقـدْ لعِبتْ بكُمْ جنـودي وقـوَّاتي وأَزْلامـي

نعم ، ملأْتُ سجـوني من أكَارِمـكمْ وكَانَ تعـذيبُـهم رمْـزاً لإقْـدامي

حكمتُ بالسِّجـنِ تأبيـداً لطائـفةٍ أَصْلَيْـتُها في سجـوني نـارَ آلامِ

ولَمْ تَـدَعْ سَـعْيَـها للدِّيـنِ طائـفةٌ أُخـرى ، فأصْـدَرْتُ فيها حُكمَ إعْدامِ

جَعَـلْتُ أرضكُم الخضـراءَ مُعْـتَـقَلاً حقَّـقتُ فـيهِ بسيفِ الظُّلْمِ أحلامي

أطْـلَقْتُ فيـكم على ظُـلْمٍ جَلاَوِزَتي ما بـينَ لصٍّ وكـذَّابٍ ونـمَّامِ

نعمْ ، جَعَلْـتُ بيـوتَ اللهِ خـاوِيةً مِـنْ كُـلِّ داعٍ وصـوَّامٍ وقـوَّامِ

حتى الأذانُ تـوارى عـن مآذِنِـكم وعن وسـائل إعـلاني وإعـلامي

أمَّا حجابُ العذارى فهـو مُعْـضِلةٌ حَاربْتُـها بإهـانـاتي وإرْغـامي

نَعَـم ، جعلتُ منَ الطُّغـيانِ لافِـتةً فـيها معَـالِمُ مِنْ قَـسْـري وإلْزامي

لكِنَّني الآنَ يا شعـبي وقـد سَلَـفَتْ أيَّامـكم بمآسـيها وأيَّـامي

أقولُـها ، ونجـومُ الليـلِ تَشْهَدُ لي : فهِـمْتُكم ، وإليكم فـضْلُ إفْـهامِي

فهِـمْتُـكم ، فلـقدْ صرْتم عَـمَالِقـةً وكُنتُ أبـصرُ فيكم شـكلَ أقْـزامِ

فهـمتها الآنَ ، إنِّي قـدْ ظَـلَمْتُ ، ولـمْ أرْحـم فـقيراً ، ولمْ أَلْطُفْ بأيْـتامِ

ولمْ أقـدِّمْ طـعاماً للجـياعِ ، ولم أقـدِّمْ المـاءَ للمُسْـتَنجدِ الظَّامي

ولمْ أقـدِّمْ ثيـاباً للعُـراةِ ، ولم أمنح تلاميـذكم حِـبراً لأقـلامِ

فهِمْتُكمْ ، فافْهَـموني ، وافْهموا لُغـتي وقابـلوا لُؤمَ أخـلاقي بإكـرامِ

إنّي سأفتَـحُ أبـوابَ العـطاءِ لكـم وسـوفَ أُصـدِرُ للإصلاحِ أحكامي

هـيَّا ، ضعوا في يدَيْ أيـديْ تعاونُكـم يـا أخـوتي وبني عـمِّي وأرْحامي

إنِّي صحوتُ على نورِ الصَّباحِ ، وقـدْ طـوَيتُ عِقْـدَينِ في ظُلْمٍ وإظـلامِ

فهمتكم ، أيُّـها الشعـبُ الذي دعَسَـتْ أحلامَه في طـريقِ الجَـوْرِ أقـدامي

الآن أدْركـتُ أنِّي كـنتُ في نفـقٍ منْ غفْـلَـتي وضـلالاتي وآثـامي

*** *** **

أَنْهى الحـديثَ ، ولمْ يفـطن لخطبـتهِ إلاَّ الصَّـدى و الّلَظى في قَـلْبِه الدَّامي

وجَلْجَـلَتْ صرْخةُ المستـهزئينَ بهِ : فـاتَ الأوانُ ، فلا تركن لأوهـامِ

نسـيْتَ أنَّ لنـا ربًّـا نلـوذُ بـهِ إذا تَـطَاوَلَ فـينا جَـورُ حُـكَّامِ


في الأربعاء 09 فبراير-شباط 2011 05:42:23 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=9059