الدرس الجلي ... من هُروب بن علي ؟
محمد بن ناصر الحزمي
محمد بن ناصر الحزمي

هل يتعلم الحكام العرب والمسلمين الدرس الجلي من سقوط بن علي ؟ أم يعتبرونه جملة اعتراضية لا تستحق التامل ، صحيح أن النظام ما زال يتهاوى ،لكن رأسه قد سقط والحمد لله ، لقد سقط طاغية من طواغيت العرب ، بهبة شعبية عارمة ، قام بها شعب تونس، الذي اعلن يوم الجمعة الماضية تحرير نفسه من قيود كبلته عشرات السنين ، كبله نظام قمعي بل هو استاذ القمع العربي ، اليس هو من يستظيف كل مؤتمرات وزراء القمع العرب ( الداخلية) ، سقط برغم العصابات المسلحة التي انشأها حوله وحول عائلته ، سقط برغم وقوف الصهيونية العالمية بجواره ، سقط برغم أنه الرجل الامريكي الاول في افريقيا ،بل هي من عينته ، وهذا دليل واضح أنه ليس كل ما يريده الغرب يكون ، فمن ركن الى قوة غير قوة الله أذله الله ، والعجيب أن بقية الحكام صرحوابعد سقوطه بأنهم يحترمون اردة الشعب التونسي ، والسؤال ،لماذا لا يحترموا ارادة شعوبهم هم؟ بالتاكيد ما عدا القذافي الذي كان شجاعا فأعلن تألمه لسقوط زميله في الديكتاتورية ، هرب بن علي ، فضاقت عليه الكرة الارضية بما رحبت ، لأنه ضيق على شعبه ،بالكبت والحرمان والترهيب، والسجون والتعذيب، هرب الى اسياده فرفضوه ،لأن مدة صلاحيته انتهت ، مع أنه ظل يمثلهم بكل اخلاص على حساب شعب بدينه، وثقافته، واخلاقه، وتراثه ، هذا الحاكم العلماني الذي سقط رأسه ، هو سليل الاستعمار الفرنسي ، وهو الذي وعد شعب تونس أن يجعل تونس قطعة من اوربا بعيدا عن الاسلام الذي يعتبره رمز التخلف ، (كبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً ) ،وفعلا عزل شعب تونس عن دينه اجباريا ،وصارت تونس قطعة من اوربا ، حتى اللغة العربية تنطق بصعوبة ، وكانت الحرية المعلنة لهذا النظام هي التحرر من الاسلام ، من العفة ،من القيم ، من الاخلاق، وتمثل ذلك بسن قوانين مماثلة للغرب حتى قوانين الاحوال الشخصية ،التي لم يحرؤ أحد في بقية الانظمة القمعية ان يقترب منها ،وبناء اقتصاد يقوم على ضحايا الدعارة ، والفجور والخمور ، تحت ما يسمى بالاستثمار السياحي ،باشراف اقاربائه من اخوة وابنائهم ،وكذالك اصهاره، فاتضح من خلال الانتفاضة الشعبية أن اقتصاد تونس هيكل من ورق برغم الكذب الذي مورس والتضليل الذي حدث من قبل الاعلام المنافق ، بان تونس تحتل المرتبة 29في دول العالم والاولى افريقيا والرابعة عربيا ، ان اقتصادها قائم على الزنا والربا والخمور والفجور أنى له أن يكون ناجحا ؟ وزاد النظام التونسي على اوربا ، انه منع حرية التدين ، وحرية الكلمة ، ومنع الحجاب حتى العرائس (العاب الاطفال) التي تظهر الحجاب . شن حملة عليها في سبتمبر من العام الماضي ، الى هذا الحد وصل الظلم؟ بل واكثر ،عندما صارت الصلاة في حكم القانون تهمة ،الا اذا كان مع المصلي رخصة للصلاة في المسجد ، وصارت الدعارة مقننة ينظمها قانون تنظيم الدعارة ، وملاحقة للدعاة وهتك ومطاردة حرائرهم ،هذاهو السبب الذي سلط الله على رأس هذا النظام الذلة ،على يد شريحة الفقراء ،هزوا عرشه فوقف يخطب خائفاً كالمذعور ، مع أنه قبل يومين من هذا الخطاب وصف المتظاهرين بانهم ارهابيون، وهدد وتوعد ،ولكن الغضب استمر ليخرج مرة ثالثة ويقول أنا فهمت ، نعم فهم بعد ما خربت ما لطا كما يقال ،واشتعلت النار وسالت الدماء وتعالت صرخات الجرحى ، واهات المعتقلين، ودموع النساء والايتام ، 23سنة لم تكن كافية ليفهم ، هل يحتاج الحكام هذه السنوات حتى يفهموا شعوبهم ؟لماذا لم يفهموا قبل صعودهم الكراسي ؟ لماذا لم يتعظوا بغيرهم ؟ لماذا لم يقرؤا التاريخ؟ وهذا الفهم المتأخر في الوقت الضائع كما يقال لم يتعلمه الحكام من القران لان أغلبهم لا يعرفونه ،والا فقد ضرب الله لنا مثلا في قصة فرعون حين قال :(يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ(هذه قصة يقصها الله لنا للعبرة ،فمؤمن آل فرعون يعظ قومه ،وعلى رأسهم فرعون بان الملك اليوم ظاهر لهم خاضع لقمعهم ، وبطشهم ،ولكن النتيجة (فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا ) فرد فرعون بتبجح رافضا لنصح الناصحين ،وانذار المنذرين قائلا : (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) اذن هو المعبود من دون الله ،وفساده هو الرشاد ،هذا منطق الطواغيت ،ولم يفهم فرعون الا في آخر لحظة ، عند الغرق أعلن ايمانه ،ولكن دون فائدة ،كان الوقت قد فات ،فلم يقبل الله ذلك الايمان، وبن علي لم يقبل الشعب التونسي منه ذلك الفهم المتأخر ، ثم قال بن علي أن المسؤلين غالطوه ، عجبا كيف يُغالط الحاكم ؟ونحن نعرف أن أكبر المغالطين ، هم الحكام ، الا ما رحم ربك ،واذا كان ما قاله حقيقة ،من الذي عين هؤلاء المغالطين ؟ ومن قربهم ؟ لقد كُسر حاجز الخوف عند الشعب التونسي ، فيكفي أن احدى النساء قالت لقد قتل ابن لي ولدي اربعة اخرين ،مستعدون للموت، ومن الايجابيات ، أن المتظاهرين ، شنوا حملة على الاندية الليلية وأوكار الدعارة ، ومن أهمها منتجعات الحمامات السياحية والتي تشكل أكبر وكر لتسويق الرذيلة ويعود ملكها لشقيق رئيس الدولة ، وكذلك متاجر الخمور التي يعود ملكيتها لأبن شقيقه ،نعم هناك اقرباء للرئيس لم يكتفوا بنهب الثروة ،والاستيلاء على المناصب العليا ،بل ذهبوا يتاجرون باعراض الناس ، وما يغضب رب الناس ، وهذه تكاد تكون ظاهرة في أغلب البدان العربية ، واتمنى أن يعي الدرس كل الحكام في بلاد المسلمين، وكل تجار الرذيلة ،أن الله اذا غضب عليهم سيسلط عليهم جندا من عنده ولو كانوا فقراء. وان الشعوب لن تغفر لمن يقمعها ويتاجربدينها وبحريتها وعفتها .


في الأحد 16 يناير-كانون الثاني 2011 07:54:11 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=8791