إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة .. ولي نعجة واحدة
محمد راوح الشيباني
محمد راوح الشيباني

في هذا الوطن خصمان بغى بعضهما على بعض ولا يوجد من يحكم بينهما ويهديهما سواء الصراط .. احدهما لها تسع وتسعون نعجة والآخر له نعجة واحدة ربما يفقدها في أي انتخابات أحادية قد يغامر بها الطرف المستأثر .. في هذا الوطن لا تدري أين تسلك ولا كيف تهتدي لتخرج من ظلمات الفتن ، فالذين أوسد إليهم الأمر صاروا هم المشكلة بعد أن كانوا الحل والفنار الذي تشرئب إليه أعناق الحائرين في بحار الأزمات .. أصحاب الحل والعقد وأولي الأمر والنهي هم اليوم من يحتاجون إلى النهي والزجر ، وهم اليوم من ينكثون غزل الوطن والوحدة من بعد قوة .. ومعهم الأعراب الأشد كفرا ونفاقا بالوطن من الذين يتربصون بالناقة ليعقروها .. والمرجفين في المدينة من أصحاب الطابور الخامس الذين سودوا حياتنا بنظرياتهم الشوهاء ، وأصحاب الجنة الذين اقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون .. الذين يمتصون خيرات الوطن وتهريبها إلى حسابات سرية في عواصم أوربا واسيا ، وهناك الذين امنوا بالوحدة أول النهار وكفرو بها آخره .. وهناك النطيحة والمتردية وما أكل السبع من الذين لا قيمة ولهم ولا وزن في هذه الحياة يلهثون خلف كل ناعق ويصدقون كل أفاك زنيم .. مناع للخير معتد أثيم .. وهناك الذين قالوا آمنا بالوحدة ولم تؤمن قلوبهم .. وهناك الأمم الخارجية تتداعى على الوطن اليوم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ، يحيكون الدسائس ويخلقون الذرائع ويتحينون الفرص لينقضوا على الوطن باسم قرارات الاستعمار الجديد ( مكافحة الإرهاب ).. إن سياسة الاستـئـثار والاستحواذ التي يمارسها الحزب الحاكم دون إشراك إخوانه في تحمل المسئولية الوطنية معه للوصول بالسفينة إلى بر الأمان قادت البلاد والعباد إلى مهاوي الردى والهلاك ، فقد شبعنا من سياسة ( ما أوريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرشاد ) وهي الطريقة الوحيدة المؤدية إلى قاعدة ( فاستخـف قومه فأطاعوه ).. لكنها دائما وأبد تنتهي بإحدى المصائر والنماذج غير السوية ، إما النموذج السوداني ( النميري ) في منتصف الثمانينات أو الاندونيسي ( سوهارتو ) أواخر التسعينات أو القرغيزي ( باكييف )في ابريل الماضي 2010 م .. وهو ما يسعى المخلصون والشرفاء في هذا البلد لتفاديه وتجنبه وعدم التفكير به أو جعله أحد الخيارات التي لا مناص منها عندما يكون الكيّ ( آخر العلاج ) .. لذلك فإننا نكرر النصيحة مخلصين أن على الحزب الحاكم اليوم تقع المسئولية الكبرى في أي شيء قد يحدث للوطن لا قدر الله ، كونه الممسك الأول والأخير بكل مقدرات الوطن وخيراته بلا منافس ، حزبا وحكومة وثروات .. وهو ما قادنا إلى هذا النفق المظلم حسب تعبير الشيخ / عبد الله بن حسين الأحمر يرحمه الله .. وأدى إلى كل هذا الشلل التام الذي نعيشه اليوم في حالنا وواقعنا الذي لا يسر صديق ولا حتى عدو .. وبإمكان الحزب الحاكم المسيطر بقليل من التنازل عن العناد والغرور والكبر وعدم المسئولية ، إنقاذ الوطن أولا ومعه إنقاذ نفسه ومحاولة التكفير عن تاريخه وآثامه غير القليلة خلال مسيرته الطويلة في الانفراد بالحكم والعبث بالمقدرات .. قليلا من التنازلات ببعض الغنائم الحزبية التي حصدها بالطرق غير السوية يمكن لهذا الحزب إيصال سفينة الحوار إلى بر الأمان .. إن ما نحن فيه اليوم من مؤامرات خارجية ليست هي الأولى ولن تكون الأخيرة

طالما بقي من يتربص بنا الدوائر من خلف الحدود ويدفع المليارات للتخريب.. لكن ما لم يعترف هذا الحزب المسيطر على كل مقاليد البلاد والعباد انه المتسبب الوحيد في كل ما نحن فيه ويحاول في فرصته الأخيرة إنقاذ ما يمكن إنقاذه وعدم السماح بالوصول بالوضع إلى حالة الفراغ الدستوري والانفجار فانه سيكون المتهم الأول والأخير عن ضياع الثورة ومبادئها والجمهورية وأهدافها والوحدة وثمارها وسيدفع كل أعضاءه ، قواعد وكوادر وقيادات بمختلف مستوياتهم أثمانا باهظة عن كل ما ارتكبوه في حق الوطن وشعبه كما يدفع اليوم ( البعثيون ) في العراق وربما في العراق وجدنا لهم العزاء والعذر أنهم تحت الاحتلال الأجنبي المزدوج ( الفارسي والأمريكي ) .. انه لأمر محزن يدعو للرثاء أن نصبح نتسول التصريحات من الدول الغربية والعربية على السواء التي يقول أصحابها زورا في العلن أنهم يدعمون وحدتنا واستقرار الأوضاع في بلادنا وهم من يمول تخريب الأوضاع السياسية ويدعم العناصر الانفصالية والمتمردة من تحت الطاولة ومن فوقها .. نسينا إننا يوم كنا مؤمنين بوحدتنا إيمانا راسخا ويقينا لم يـفجعنا وقوف العالم كله ضدنا وكنا يومها في أسوأ الظروف المحيطة بنا إقليميا ودوليا ، معنويا وماديا ومع ذلك انتصر الوطن وحافظ على وحدته واليوم وبعد أكثر من عشرين سنة على تحقيق الوحدة نتسول التصريحات المؤيدة لتقول إنها مع وحدة اليمن وسلامة أراضيه .. اشعر بالغـثـيان والقيّ ، عيب وعار وخزي هذا الذي نفعله بأنفسنا ووطننا اليوم .. هل نسينا ذلك التصريح الشهير من احدهم حين قال يومها ( هل هي وحدة بالعافية ) ونعم كانت بالإرادة اليمنية الضاربة غصبا عنه لأنها مصير وقدر وشرف هذا الشعب دون سواه .. تزعجني جدا تلك الرسائل البلهاء التي تصلني عبر (الموبايل ) في كل ساعة ناقلة تصريحات بائسة مفبركة يفجعني بها أحد المواقع الرسمية للدولة أن رئيس هذا البلد أو تلك يؤيد وحدة اليمن وأمنه واستقراره .. لماذا هذا الرخص والتشويش وكأننا نستفتي الآخرين على الوحدة من عدمها ؟؟ طيب وإذا لم يؤيد هذا الطرف أو ذاك أو حتى العالم كله وحدتنا وسلامة أراضينا واستقرارنا هل علينا الانفصال والعودة إلى نقطة الصفر !! وما مصير كل تلك الدماء الشريفة التي أزهقت منذ الستينات وحتى التسعينات من اجل هذه الوحدة أو يوم الدفاع عنها وتـثـبيتها في العام 94 م .. هل تذهب هدرا ونعتبرها دماء ولحوم ( أضاحي ) !! سواء رضي العالم اجمع أم أبى لا يجب أن نخضع مجرد الحديث عن الوحدة للتداول على السنة الناس .. إن وحدتنا مثل ديننا تماما لن نبدلها ، أما أن نحافظ عليها أو نهلك دونها ، ولو يهلك هذا الشعب عن بكرة أبيه اشرف له تريليون مرة من أن يرضخ لضغوط الإنس والجن كلهم أو يفكر مجرد التفكير بالعودة إلى ما قبل الثاني والعشرين من مايو الأغر أو السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر المجيدتين .. ومهما تكن العواصف والأزمات السياسية والاقتصادية فإننا سنحملها الطرف الذي يرفض التنازل من اجل الوطن .. تشكيل حكومة وحدة وطنية في هذه الظروف هو الحل الأسلم وهذه حكومة الوحدة الوطنية تتولى تهيئة الأجواء للانتخابات النيابية القادمة والبدء بعملية القيد والتسجيل وتصحيح جداول الناخبين وكذا مناقشة قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العلياء للانتخابات بنسب عادلة ومتوازية واعتماد القائمة النسبية كمخرج وطني يـتيح للجميع المشاركة المتوازنة .. بدون هذا فان المسؤولية كاملة يتحملها الطرف الرافض والمتسبب فيها وسيحاكمه شعبيا على ما اقترفت يداه وستمضي سفينة الوطن عابرة إلى بر الأمان بقيادة ربان ماهر جديد من أبنائها لأن هذه الأرض لم تجدب من الشرفاء والخيرين ولن يعقم رحمها عن إنجاب القادة الأفذاذ في كل زمان وحين.. وصدق شاعرنا الكبير ( البردوني ) حيث قال :

لكنها رغم بخل الغيث ما برحت

حبلى وفي بطنها ( قحطان ) أو ( كرب )

وفي أسى مقلتيها يغتلي ( يمن )

ثان كحلم الصبا ينأى ويقترب.


في الأحد 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 07:01:28 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=8314