شكرا لجندي الحرية القرني
كاتبة صحفية/سامية الأغبري
كاتبة صحفية/سامية الأغبري

من الحالمة أتى إلى صنعاء مناصرا للحريات، وملبيا دعوة عدد من المنظمات الحقوقية للمشاركة في مهرجان تضامني مع الزميلين عبد الإله حيدر وكمال شرف، طلبنا منه أن يكون مشاركا، رحب بالفكرة دون تردد، وفي الوقت اللي كنا نتحدث عن تأجيل الفعالية كان قد وصل إلى صنعاء وحين علم بتأجيلها عاد إلى تعز قائلا "أنا جندي من جنود الحرية" عرفته تقريبا قبل عامين دمث الأخلاق، مناصرا ومدافعا عن الحقوق والحريات حتى في وقت كانت حريته قد انتهكت. لم نسمعه يوما إلا ويتحدث عن وطن لكل اليمنيين.. لم يكن مناطقياً ولا مذهبيا، أعماله الفنية وتصريحاته كلها لأجل الناس بغض النظر عن مذهبه ودينه وانتماءه.

 الفنان فهد سعيد إبراهيم القرني من مواليد محافظة تعز في العام 1976-متزوج وله ثلاثة أبناء (أويس انس والياس). تخريج من المعهد العالي للسينما في كلية الإعلام بجامعة القاهرة- بجمهورية مصر- قسم الإخراج السينمائي وحصل على الترتيب الثاني على الدفعة في العام 2007م. كانت مسرحية "أخطبوط الفساد" أول عمل فني له في العام 93م.

 فنان الشعب القرني جسد معاناة هذا الشعب في أعماله الفنية كان لسان شعب ظل يئن ويتألم لكن صوته وأنينه لم يكن مسموعا للنظام الذي لطالما صم أذنيه عن هذا الصوت والأنين.. فكانت ولازالت أعماله الفنية سواء (لاغاني أو المسلسلات أو الاسكتشات والمسرحيات) صوتاً للشعب ومعبرة عن آماله وآلامه.

 عبر عن همومنا، وهكذا هو الفن الذي يؤدي رسالة نبيلة وسامية للنهوض بالمجتمع وتوعيته بحقوقه المكفولة شرعا ودستوريا.

 ولطالما شجع الشعب ليتحرر من خوفه وعبوديته، في انتخابات 2006م الرئاسية كان فنه يحفز ويشجع الناس ويدفع بهم نحو التغيير.. وترسيخ الديمقراطية وبالطرق السلمية دون خوف - وبناء اليمن الحديث الذي يتسع لكل أبناءه، أيضاً البومات غنائية ناقدة للفساد ولمن دمر اليمن وكان "غريم الشعب" سبب آخر لتتحرك السلطات من أجل اعتقاله ومحاكمته. اعتقل يوم 2-4-2008م ولم يكن هذا هو الاعتقال الأول وحوكم في محكمتين بنفس الوقت وبنفس التهم (محاكمة في تعز وأخرى في صنعاء) وكعادتها ترمي سلطات القمع الأحرار خلف القضبان وتترك الفاسدين والعابثين بالوطن أحرارا!

 من سجنه في محافظة تعز وجه رسالة وجه يوم 18-5-2008م رسالة إلى رئيس الجمهورية قال في جزء منها"لقد كان باب الوحدة هو الذي أدخلك التاريخ، والآن الاعتقالات السياسية وحل الديمقراطية وعسكرة الحياة المدنية والثقافية والقمع هي النافذة التي ستخرجك منه إذا لم تُوقف كل هذا، وتعيد العمل بالدستور وتسمع للعقلاء -الأمن السياسي والاختطاف وربط الأعين أثناء التحقيق والقيد ليس مقدمة نزيهة للاحتكام للقضاء ولذلك أبلغك بصفتك المسئول عني كمواطن وأبلغ الرأي العام أنني سجين رأي اختطفت من جوار منزلي تحت تهديد السلاح وحبس حريتي بعيداً عن القانون في مخالفة صريحة للمادة (48) من دستور البلاد لأجد نفسي أسير حرب بسبب رأيي على ذمة المعركة الانتخابية السابقة".

 بغض النظر عن الأخطاء التي قد رافقت العمل وفي كل عمل فني مهما كانت أهميته وضخامته لابد من أخطاء- لكن في مسلسل همي همك كشف القرني عن معاناة أبناء تهامة، تهامة محافظة الحديدة بشكل عام من أكثر المحافظات معاناة من الفقر والاضطهاد -لم تكن يوما هموما ومعاناتها وبؤس أبناءها ضمن اهتمامات أو أجندات الأحزاب والسلطة والمنظمات اهتم لها الفنان فهد القرني، ولفت الأنظار إلى أن هناك مواطنين يعانون يتعذبون ويئنون تحت وطأة الفقر وظلم وتسلط وجبروت المشائخ والنافذين.. طفاح نموذج لطفاحين كثر في كل محافظات الجمهورية كان المالك لكل شيء في تهامة .. الأرض والزرع والإنسان.. وفي كل اليمن ألف وألف طفاح يحتاجون لثورة شعبية سلمية لا لخضوع واستسلام "شوتر".

 المسلسل اغضب من على رأسه "بطحة "من النافذين والمشائخ الفاسدين بل وصل الحال بأحد قيادات الحزب الحاكم بتحريض مشائخ تهامة لرفع دعوى قضائية ضد فهد القرني محرضهم بأنه أساء لأبناء تهامة،بدلا من معالجة المشاكل التي كشفها المسلسل الذي تحدث عن واقع مر يعيشه أبناء تهامة. بهكذا تصرف يثبت ويؤكد لنا الحزب الحاكم انه الراعي والداعم الأساسي والرسمي للفساد. والمسلسل هنا أساء للفساد والفاسدين ولم يسئ لأبناء المدينة بل كشف عن تلك المعاناة.

وأبناء تهامة يعلمون أن المعاناة والبؤس والتجبر والتغطرس من ذلك الشيخ هو واقع لابد من الثورة ضده، والانتصار لحقوقهم التي كفلها لهم الدستور والقانون ليثور كل "شوتر" في كل محافظات ومدن اليمن ضد الظلم والطغيان وانتزاع حقوقهم .

 شكرا فهد القرني كانت تهامة بعيدة عن اهتماماتنا.. بعيدة عن الإعلام وعن المنظمات، رأينا وجه أخر من المعاناة في مدينة أخرى مسالمة يتسم أبناءها بالطيبة وبالمدنية. وشكرا لكل فنان حر حين يجسد بأعماله معاناة المواطنين.. ويقوم بتوعيتهم لانتزاع حقوقهم لأنهم ليسو عبيد لأحد والله خلقهم أحرار فلما يستعبدون وهم أصحاب حق؟!.


في الأحد 05 سبتمبر-أيلول 2010 12:53:02 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=7856