ايران والغرب: ضغط ام حرب؟
متابعات
متابعات

أحمد مصطفى- بي بي سي

من غير الواضح بعد ان كان ما اعلنه الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عن استعداد بلاده لارسال اليورانيوم قليل التخصيب للخارج مقابل الحصول على وقود نووي قبولا بالمقترحات الغربية ام مجرد مناورة.

لكن توقيت التصريحات مهم جدا، ليس فقط لانه مرت فترة طويلة على المهلة التي حددتها واشنطن لتقبل ايران بمقترحات تخصيب اليورانيوم وانتهت بنهاية العام الماضي.

ولا حتى لان الدول الغربية تنشط الان لتامين اتفاق دولي على فرض عقوبات اكثر تشددا على طهران.

ولكن لان الحديث عن العقوبات يسير جنبا الى جنب مع تلويح واضح بالقوة وتصريحات من واشنطن ولندن وتل ابيب تشبه تلك التي شاعت قبل غزو العراق واحتلاله.

لم تكن مجرد مصادفة يوم الجمعة الماضي، ان يحرض رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير على ايران وهو بتحدث للجنة تقصي بشأن العراق.

ولم يكن بحاجة لحرف الانظار عما يسأل عنه بالاشارة الى ان ايران الان اخطر من عراق 2003.

ولم يمر اسبوع، الا وكان خلفه في الحكم، رئيس الوزراء البريطاني الحالي جوردون براون، يقول لنواب مجلس العموم ان ايران تطور اسلحة نووية وبرنامجها النووي ليس سلميا.

عقوبات ام اكثر

صحيح ان قادة ايران غالبا ما يناورون عند كل جولة عقوبات على وشك ان تطرح، في محاولة لتخفيفها او توفير مبرر لجدل الصين وروسيا بان طهران مستعدة للتجاوب.

محمود احمدي نجاد

من غير الواضح ان كان تصريح ارسال اليورانيوم للخارج تراجعا ايرانيا

لكن الامر هذه المرة لا يقتصر على عقوبات مشددة فحسب، اذ يبدو ان طهران ـ كما يقول زعماؤها دوما ـ لا تابه كثيرا للعقوبات.

فالولايات المتحدة نشرت صواريخ دفاعية في اربع دول خليجية لحماية ثروتها النفطية، وكثفت من مبيعات الاسلحة للمنطقة.

وهناك تقارير صحفية تتحدث عن احتمال اجراء مناورات عسكرية موسعة في الخليج، لا يوجد ادنى شك انها استعراض قوة امام ايران.

وزادت حركة عبور السفن الحربية لقناة السويس في الاسابيع الاخيرة بوتيرة كبيرة.

وسرب الاسرائيليون للاعلام ان من قاموا باغتيال احد قادة حماس في دبي صوروا وثائق كانت معه ـ ربما تتعلق بتوريد السلاح من ايران للفلسطينيين في غزة.

وزادت حدة التصريحات الاسرائيلية المهددة للبنان وسوريا في الايام الاخيرة بشكل ملحوظ، ولم تعد قاصرة على رئيس الوزراء اليميني بل انضم اليه وزير دفاعه اليساري.

وازدحم طريق خبراء الامن والاستخبارات بين واشنطن وتل ابيب، وغيرها من عواصم المنطقة، بمرور مدير المخابرات الامريكية ومستشار اوباما لشؤون الامن القومي.

ضغط ام حرب

قد تكون كل تلك التحركات العسكرية والزيارات الاستخباراتية والتصريحات التهديدية مجرد اجراءات ضغط تصاحب الاستعداد لفرض عقوبات واضطرار ايران للتجاوب مع مقترحات اتفاق.

وربما يسعى الامريكيون ـ كما يقول محللون كثيرون ـ لتهدئة الاسرائيليين كي لا يقوموا بعمل عسكري منفرد ضد ايران.

ويمكن حتى تصور ان القوى الغربية تراقب ما يجري داخل ايران وتخشى ان يقوم النظام الذي يعاني من مشاكل داخلية متصاعدة بمغامرة خارجية.

وبما ان احدا في واشنطن او غيرها لم يستبعد الخيار العسكري في التعامل مع الجمهورية الاسلامية، يبقى ايضا احتمال الحرب.وبالطبع لا يمكن التكهن بشيء، فرسميا يسعى الجميع الى حل سلمي لوقف طموحات ايران النووية.

ويعتمد الغرب الطرق الدبلوماسية للتوصل الى اتفاق لضمان الا تصل قدرات ايران في تخصيب اليورانيوم الى حد انتاج قنبلة نووية.

وتحتاج الدبلوماسية احيانا لقوة عسكرية تدعمها، يكفي التلويح بها للردع والضغط.

لكن سلوك ايران حتى الان، وعدم تنازلها بما يكفي من وجهة نظر الاسرة الدولية ـ وحتى من يعارضون التوجه الامريكي/البريطاني مثل الصين وروسيا ـ ليس مشجعا.

ولا تستطيع ادارة الرئيس اوباما ان تبقى هكذا في وضع ربما يراه صقور في امريكا وخارجها ضعفا اكثر منه حكمة وروية.

ولا شك ان الاسرائيليين ـ كما كانوا في وقت الاستعداد للحرب على العراق ـ لا يرتاحون لاستمرار هذا الوضع، اذ ان ذلك يفيد اعداءهم من حماس في غزة الى حزب الله في لبنان.

احتمالات وتحليلات

ربما يرى البعض ان احتمالات الحرب اقل بكثير من احتمالات الضغط، لكن ذلك كان راي اغلبية المحللين والمعلقين والمنظرين حتى قامت حرب غزو العراق.

وقد يحاجج اخرون بان ايران غير العراق، وان هناك خطر من مواجهة عسكرية مع طهران قد تعني تعريض مصادر النفط في الخليج لاحتمالات الحرق ـ وكان تلك حجة ايضا لدى من يستبعدون غزو العراق حتى مارس/اذار 2003.

يبقى وجه خلاف، وهو ان العالم الان يمر بازمة اقتصادية لم يتعاف منها تماما، وان الحرب مكلفة.

ولكن ربما تكون الحرب محركا للاقتصاد بشكل جيد وخروجا من الركود، حتى لو اخذ في الحسبان عامل تضرر مصادر النفط.


في الإثنين 08 فبراير-شباط 2010 07:30:51 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=6483