المعارضة اليمنية أمام أجندة ورهانات جديدة
صادق ناشر
صادق ناشر

  فرضت الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن في العشرين من الشهر الماضي أجندة جديدة على المعارضة التي خرجت من المعركة بخسائر كبيرة، قياساً بتوقعات أطلقها مراقبون، خصوصاً وأن المعارضة لأول مرة تخوض مثل هذا الاستحقاق تحت مظلة اللقاء المشترك الذي يضم خمسة أحزاب، أهمها التجمع اليمني للإصلاح والاشتراكي اليمني.

فرضت الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن في العشرين من الشهر الماضي أجندة جديدة على المعارضة التي خرجت من المعركة بخسائر كبيرة، قياساً بتوقعات أطلقها مراقبون، خصوصاً وأن المعارضة لأول مرة تخوض مثل هذا الاستحقاق تحت مظلة اللقاء المشترك الذي يضم خمسة أحزاب، أهمها التجمع اليمني للإصلاح والاشتراكي اليمني.

  فرضت الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن في العشرين من الشهر الماضي أجندة جديدة على المعارضة التي خرجت من المعركة بخسائر كبيرة، قياساً بتوقعات أطلقها مراقبون، خصوصاً وأن المعارضة لأول مرة تخوض مثل هذا الاستحقاق تحت مظلة اللقاء المشترك الذي يضم خمسة أحزاب، أهمها التجمع اليمني للإصلاح والاشتراكي اليمني.

وبعد صدمة نتائج المعارضة التي نافست بمرشح للرئاسة عبر المستقل المهندس فيصل بن شملان أمام الرئيس علي عبدالله صالح، مرشح حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) وحصول مرشحها على نحو 22%، بدأت المعارضة بإعادة ترتيب أوضاعها وتقييم أدائها خلال الانتخابات، وبحث أسباب هذه النتيجة، والبحث عن وسائل جديدة تعيد بها ثقة الناس بها لتخوض معركة لا تقل أهمية بعد عامين، وهي الانتخابات البرلمانية، حيث ما زال الحزب الحاكم يهيمن على مجلس النواب بغالبية مطلقة.

وللخروج من الواقع الذي وجدت المعارضة نفسها فيه بعد الانتخابات الرئاسية، والمحلية التي خسرتها هي الأخرى بعد أن حقق الحزب الحاكم غالبية مطلقة في مقاعد المجالس المحلية للمديريات والمحافظات، عقد قادة أحزاب “اللقاء المشترك” الخمسة وهي التجمع اليمني للإصلاح، والاشتراكي اليمني، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، حزب الحق واتحاد القوى الشعبية اجتماعات لتقييم التجربة ومعالجة الأخطاء التي وقعت فيها الأحزاب في أثناء سير الانتخابات وما رافق العملية كلها من خروق تعتبرها المعارضة ضارة بالديمقراطية وبالتجربة الانتخابية.

ويرى مراقبون أن أحزاب المعارضة وجدت نفسها بعد الانتخابات أمام ظرف جديد يحتم عليها إعادة النظر في كل سياساتها واخطاء أثناء الحملات الانتخابية، وما رافق ذلك من هجوم عليها من الحزب الحاكم، الذي وظف الورقة الأمنية لصالحه، وخصوصاً ورقة التفجيرات التي استهدفت منشآت النفط في حضرموت ومأرب، وما تلا ذلك من ضبط خلية لتنظيم القاعدة من أربعة أشخاص، وأعقب ذلك إعلان الرئيس علي عبدالله صالح اعتقال عضو في القاعدة كان ضمن الحرس الشخصي لمرشح المعارضة فيصل بن شملان. والأكثر من ذلك أن إعلام الحزب الحاكم والدولة ربط بين هذه الأحداث التي شهدها اليمن في الأيام الأخيرة من موعد يوم الاقتراع، حتى أن اليمني بدأ يربط فعلاً بين ما حدث وبعض أحزاب المعارضة.

يضاف أن إعلام السلطة ركز هجومه على عجز المعارضة عن تقديم إحدى قياداتها لمنافسة صالح، واضطرارها للاستعانة بشخص من خارجها، على الرغم من أنه لا ينتمي إلى أي من أحزابها الخمسة، وهاجم فيصل بن شملان ووصفه بالمرشح المستأجر الذي قبل أن يخوض الانتخابات باسم أحزاب المعارضة وهو ليس من قيادييها، وأثر ذلك على حظوظ الرجل، الذي على الرغم من كل ذلك تحول إلى أمل لمئات الآلاف الذين خرجوا في مهرجاناته الخطابية رغبة في التغيير الذي كان يدعو إليه.

ومن أسباب خسارة المعارضة المعركة الانتخابية تلك التوليفة السياسية التي خرج بها ب “اللقاء المشترك”، الذي يضم خمسة أحزاب متنافرة السياسات والأهداف والرؤى، وقد ركز إعلام السلطة على العلاقة غير الطبيعية التي نشأت بين الحزبين اللدودين في التكتل، وهما التجمع اليمني للإصلاح ذو الاتجاه الإسلامي والحزب الاشتراكي ذو الاتجاه اليساري، واللذان كانا قد خاضا حرباً شرسة ضد بعضهما قبل قيام دولة الوحدة في 1990 وبعدها حيث اصطف “الإصلاح” إلى جانب الرئيس صالح ضد الحزب الاشتراكي، ما أدى إلى إخراجه من السلطة وتحوله إلى المعارضة في وضع ضعيف.

ويعتقد مراقبون أن هذا التحالف الغريب، والجديد على اليمنيين، ألقى بظلاله على خيارات الناخبين يوم الاقتراع، خصوصاً وأن السلطة وظفت هذه القضية بشكل جيد، حيث أكدت في مهرجانات مرشحها الرئيس علي عبدالله صالح أن البلاد ستتحول إلى نموذج طالباني في حال فاز مرشح المعارضة المسنود أكثر من حزب الإصلاح الإسلامي، وستعود إلى أيام الحزب الاشتراكي الدموية عندما كان يحكم جنوبي البلاد.

ووجه حزب المؤتمر الشعبي العام خطابه إلى اليمنيين بضرورة اختيار الحزب الذي يمثل الاعتدال، مذكراً بالإنجازات التي حققها صالح في سنوات حكمه ال 28

وباختصار، وضعت السلطة اليمنيين أمام خيارين لا ثالث لهما إما اختيار صالح وبالتالي ضمان الاستقرار والأمن في البلاد، أو اختيار مرشح المعارضة ومعه اختيار الفوضى واللا استقرار، ويتذكر الجميع تحذيرات صالح من “عرقنة” و”صوملة” اليمن في حال فازت المعارضة.

ولم يتردد الحزب الحاكم من استخدام ما لديه من أوراق سياسية وأمنية، حيث تمكن الرئيس من تحييد قيادات كبيرة فيها، مثل رئيس مجلس الشورى في حزب الإصلاح الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي لم يظهر في أية فعالية لمرشح المعارضة وأعلن تأييده للرئيس صالح، وتساءل أنه طالما أن الرئيس جيد فلماذا يتم البحث عن رئيس بديل.

وتمثلت الورقة الثانية التي استخدمها صالح في كسب موقف رئيس البرلمان، رئيس حزب الإصلاح المعارض الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي أعلن أنه يؤيد انتخاب الرئيس صالح، معارضاً بذلك موقف حزبه، وما أثر كثيراً على قواعد حزب الإصلاح في الميدان.

وكسب صالح مواقف شخصيات سياسية أخرى، منها قيادات في أحزاب أخرى.

ولم يدخر الرئيس اليمني جهداً في توظيف ورقة المعارضة في الخارج، فرتب لعودة رئيس رابطة أبناء اليمن ( رأي ) عبدالرحمن الجفري، الذي كان يترأس ب “حركة موج”، وهي تكتل لأبناء الجنوب في الخارج، وكان الجفري قد حكم عليه بالسجن عشرة أعوام بتهمة إشعال الحرب وإعلان الانفصال في ،1994 وكان قد عين في هذه الفترة نائباً لرئيس الدولة الانفصالية التي رأسها الأمين العام للحزب الاشتراكي علي سالم البيض.

لهذا كله، كان على المعارضة أن تعيد حساباتها وفقاً للظروف الجديدة التي أفرزتها اللعبة الانتخابية الأخيرة، ويبدو أن مرحلة جديدة من تحالفاتها ستبدأ قريباً لمواجهة فصل جديد في معركتها لإسقاط الحزب الحاكم، مراهنة على غياب الرئيس صالح في المشهد الانتخابي المقبل في 2013 حيث يكون قد أنهى آخر ولاية رئاسية له تمتد لسبع سنوات.


في السبت 21 أكتوبر-تشرين الأول 2006 02:17:37 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=644