اطبخوا لنا بعض الحيتان كي نثق بكم..!
همدان العليي
همدان العليي

حول الحكم الرشيد ومُكافحة الفساد، أقامت الهيئة الوطنية العُليا لمُكافحة الفساد بمُشاركة من منظمة  JTZ الألمانية، ورشة عمل تم خلالها شرح مُختصر للمراحل التي مرّت بها الهيئة العليا وانجازاتها منذ بداية مزاولتها لأعمالها، كما تم تقديم شرح مُختصر عن الإستراتيجية الوطنية لمُكافحة الفساد..

لاشك أن هناك جهوداً تبذلها الهيئة الوطنية لمُكافحة الفساد، ويجب أن تجد منّا الإشادة والثناء، لكن في نفس الوقت يجب القول بأن هذه الجهود المبذولة ناقصة وغير مُكتملة، فقد انحصرت-غالباً- في الجانب النظري، أو التي لا تؤثر في الواقع إلا على المدى البعيد، ويكمن النقص في أن المواطن البسيط لا يلمس مُخرجاتها وبالتالي من الطبيعي أن لا يعترف بها..! حتى أن المراقبين الدوليين لا يعترفون بمثل هذه الإجراءات ما دامت لم تقلل نسبة عرض الفساد والطلب عليه في الواقع.. فبالرغم من إنشاء الهيئة الوطنية العُليا لمُكافحة الفساد، وتبني كثير من مُنظمات المجتمع المدني مهمة توعية الناس والضغط على الحكومة فيما يخص مكافحة الفساد، إضافةً إلى إنشاء العديد من التحالفات الهادفة إلى مُكافحة الفساد؛ أشار التقرير السنوي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية حول مؤشر مدركات الفساد في اليمن لعام2009م، إلى أن نقاط مؤشر مُدركات الفساد في اليمن قد تراجع إلى (2.1) بدلا من (2.3) في 2008 أي تراجعت اليمن في الترتيب من 141 إلى 154 وهذا يعني أن الفساد لازال يستشري وينتشر بالرغم من الإجراءات التي تم اتخاذها لمكافحته.. وبالرغم أن هناك من يطعن في واقعية نتائج التقرير مرجعاً معايير التقييم إلى حيثيات واعتبارات سياسية وليس على أساس مدى تمدد الفساد وانكماشه في الواقع، لكن التقرير سيظل مرجعاً للمتابعين في الخارج والداخل كون منظمة الشفافية جهة مُستقلة مُعترف بها دولياً.

الملاحظ اليوم أن هناك جهات عديدة تستثمر حالة الفساد في اليمن، حيث يسهل لهم ابتزازه.. وهذا الاستثمار والابتزاز يعتمد في الأساس على جهل المجتمع وعدم ثقته بالجهات الرسمية المناط بها مهمة مكافحة الفساد في اليمن. هؤلاء المُستثمرون لأوجاع الناس يُسخّرون طاقات فئات من المُجتمع اليمني للضغط-المشروع والغير مشروع- على الوطن للوصول لمآرب تنضوي تحت إطار الدولة الواحدة، أو تحقيقاً لمساعي التشطير.

وبما إن المُجتمع هو الوسيلة التي يستطيع من خلالها مستثمر الفساد الوصول إلى مآربه، يجب على الهيئة العُليا أن تُركّز في إستراتيجيتها على مُخاطبة المُجتمع اليمني لكي يثق الناس بها ولا ينكر و يستسهل فعلها.

أشار البروفسور "فوهير" (رئيس قسم السياسات الدولية في جامعة بوتسدام الألمانية) في الورشة، إلى أن عملية مُكافحة الفساد في العادة تجني ثمارها بعد 15 عاماً وأكثر، ولكنه في ذات الوقت شدد على وجوبيه وجود ثقة في نفوس الناس بإرادة وقدرة الهيئة على اجتثاث الفساد في اليمن، مُلفتاَ النظر إلى أن المُجتمع لن يثق بالجهات المتخصصة في مُكافحة الفساد، دون أن تقوم هذه الجهات بعملية تُسمى( قلي السمك الكبير) على حد تعبيره أي مُحاسبة فاسدين كُبار ومُعاقبتهم..

الهيئة من جهتها تقول بأنها أحالت بعض المُفسدين إلى النيابة العامة بتهمة قضايا فساد في الدولة، ونحن لا نُكذب ذلك ونُثمّن هذه الإجراءات، لكن يجب الإشارة إلى أهمية تقديم جهد أوسع في إظهار هذه القضايا إلى الرأي العام بكل شفافية ووضوح.. فيجب عرض هذه القضايا بتفاصيلها على الناس وتُحاسبهم وتحكم عليهم علنياً أمام المُجتمع ليكونوا عبرة، وهكذا الحال مع كل قضايا الفساد الكثيرة التي يجب أن تبت فيها الهيئة بأقصى سرعة لكي تكسب ثقة الشعب اليمني.. أما بهذا الشكل فستظل الهيئة الوطنية العُليا لمُكافحة الفساد في أنظار اليمنيين عبارة عن تمثيلية لإرضاء البنك الدولي وجهات أخرى داخلية وخارجية.

Hamdan_alaly@hotmail.com

   

________________________________

 

Windows Live: Keep your friends up to date with what you do online. <http://www.microsoft.com/middleeast/windows/windowslive/see-it-in-action/social-network-basics.aspx?ocid=PID23461::T:WLMTAGL:ON:WL:en-xm:SI_SB_1:092010 >


في الثلاثاء 29 ديسمبر-كانون الأول 2009 06:11:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=6257