يا رئيس قول للحوثين يكفي
وليد البكس
وليد البكس

حرب الجيش مع الحوثة تستعر بالأبرياء واقل ما يمكن أن نصفها الآن كمتفرجين بالمجنونة؛ لكن لماذا لم تكن الجحيم مثلا أو القيامة بالنسبة لمن تطحنهم رحاها هناك؟ فكل حرب تبدأ أصلا بقصد سوء النية ومن ثم الشرر؛والمواجهة على أن تتسع حد سقوط قتلا وسلب ونهب؛وهذا ما تسير عليه الحياة في صعده؛ بأن يتمتع المتقاتلون وبينهم الأبرياء بكل هذه الأوصاف ؛ لأنهم ببساطة يولدون داخل مناجم البارود؛ تخصب أمنياتهم العبوات الناسفة كما تنبت أجسادهم على أحزمة محشوة بطلاقات جاهزة؛ولو صوبوا نظرتهم؛لايرونك سوى من أفواه البنادق ؛لكأن عين واحدة لا تكفي للقنص.مع أن عيون الأخوة المتحابين ماتزال منذ خمس سنوات تتمرس التقتيل؛لتثقب قلوبنا المآتم وعند كل موسم طازج للموت.

نستعيد سرادق العزاء لنحتفل بالأحزان النشطة المقيمة في دار الجيران.في محافظة صعده أو محافظة تعز أو اب أو أبين أو ألحديده أو ذمار منذ خمسة سنوات والعناوين السوداء تأخذ أوصافها المبكية :المحزنة بالاستدامة؛تنتظر شقيقتي الكبرى ابنها الاكبرمنذ 3 أشهر؛الذي في الحقيقة لم تنقطع أخباره قالت.لكن قلبها منقبض على الدوام ؛ولم يعد في الأيام القادمة من رحلة خوفه خشية السقوط هناك؛المس ذلك كلما أصغي لصوتها المتحشرج المشروخ يأتيني من الشق الآخر للهاتف،ونحن نتبادل مايشبه النعي المؤجل بكلمات مخادعة عن( بسام 24عاما) الصبي المجند والمقاتل بالنيابه،ومنذ مطلع شهر رمضان تراوح قصة الجندي الذي عاد بالكفن الي امه بعد سنين عجاف أنقضت بالمرابطة في سهول صعده وجبالها؛ليسقط محمد حميد 30 عاما في المواجهات رقم 6 ضمن صفوف الجيش ولا تزال حكاية الشاب تتصدر ليالي الناس واسمارهم الرمضانية عن عودت بن حميد المسوري ميتاً.

وفي الاصل هذا مايقض مضجع ام بسام واخوته الصغار،وغيرهم من الاطفال ممن فقدوا ابائهم واخوانهم منذ أنقضى العام 2005 وقبله النصف الأخير من العام 2004 الذي شهد انفجار أزمة الصراع بين جماعة الحوثي والنظام في صعده ؛ الأزمة التي ظلت محتقنة لسنوات مالبثة ان تحولت الي حرب سادت فيها لغة المدافع والبنادق ،لقد مرت 5 سنوات ودخلت المعركة سنتها السادسة ومدينة السلام ؛ صعده تعيش تحت الاقامة الجبرية في كل مايمكن ان يكون حياة آمنه بدون مجنزرات ولا ثكنات عسكرية للمجندين و مليشيات الحوثة حيث يمارس المتقاتلين البلطجة ليل نهار لإرهاب الساكنين من يصورا الآن على انهم نازحين من جراء ذلك؛والسبب كما يرى البعض هو ان النظام العسكري الذي يرغب بان يغلق الباب الذي خرج منه ذات يوما صوت قال لا؛ لم يكن امامه خيار سوى إبقاء الابرياء والعزل في مرمى الحرب القذرة ؛وهو المسؤال الاول الان عن كل مايلحق بالناس وإخواننا من ابناء الجيش كما انه المدان الاول بالتمادي مع زعماء الحرب خارج النظام وداخله ويجب ان يبدأ بهم ؛الم يكونوا السبب في وقوع العشرات بل والمئات من الضحايا منذ منتصف 2004 يقتل البعض ويزج بالبعض الاخر الي معتقلات وسجون الامن السياسي والاستخبارات العسكرية؛ اذ اصبحت صعده تذكر الان في مختلف وسائل الاعلام الرسمية النظامية والحوثية والعالمية على انها خارجة عن الدستور والقانون ؛ويشار الي ابنائها على انهم تجار سلاح وقتلة؛ليس لشئ إلا من اجل رسمنة الحرب على ارض هذه المحافظة المحروقه ؛وبذريعة دفع المزيد نحو الموت والي السجون مع شرعنة فرض رقابة صارمة ضد المدينة وتهيئتها الي اقصى حد كحلبة ملائمة لمعارك ضارية وهو ما آلت اليه فعلا؛وبوصفي صحافي بوسعي ان اتقمص مشاعر صديقي الفار من مدينة الحرب –إزاء القصور في قدرة الصحافة على عكس صورة حقيقية لجرح مدينتنا الحالي؛فالصحافة تقدم قطعا من التغطية الاخبارية الوافده وتكتب الاعمده والمقالات والتعليقات التي لا حد لها،ولكن الشئ الذي لا يصل الي الناس ؛لسبب ماهي الاثر الوحشية لهذا الصراع :الحرب على الآلف الأهالي :المقيمين تحت قصف المروحيات والجيش وتهديد المليشيات التابعة للحوثي؛ويتعرض النسيج الاجتماعي في صعده للتمزيق،وكل ما يفعله الصحافيين:هو تغطية أخباره وكأنه ضحية جريمة مع ان الكثير من الاشياء :الاحداث لا تتناسب مع الاخبار و- لتفسير ذلك- ان كثيرا ما تكون الحقائق مشحونة بدراما اكثر من الخيال في المجتمعات المحفوفة بالصراعات المعقدة وفي صعدة كل خبر حول طلقة كلاشنكوف يقتل طفل او مجندين يختطفون عند نقطة عبور ويختفون في سفوح الجبال؛ماهي الا ماساة عائلية تقطع القلوب ويجب ان يسمعها كل العالم على حقيقتها وبدلا من ذلك فهي احيانا ما تنقل في اخبار الصحافه بطريقة تحول الضحايا من هذا القبيل الي ارقام : احصاءات لامعنى لها،ونادرا ما نسمع اونشعر بالآلم او احاسيس الفقدان الشخصي للمحرومين من ابناءهم واحبائهم؛الذين يقتلون او يحاصرون بين اوزار الحرب التي يقودها زعيم الحوثة الصغير عبد الملك والجنرال الاحمر ( محسن ) ؛كون هذا الاخيرالحاكم الفعلي كما يتردد منذ زمن في مدينة صعده من قادوها واهلها الي المقبرة الواسعة؛ولم يعد لدى الجنرال وقت يضيعه إذ يقيم في النصف الثاني من العقد السادس،وفي هذه السنه لا يبقى غير تسديد ضربة كبرى من قماشة الضربات التي تعزز مقعده في سرادق عزاء تأريخ القاتل العسكري داخل النظام؛الذي يعد احد أركانه ،ويبدو تورطه في صعده لا يعدو؛كونه متسماً بقدر اكبر من الفوضى مع مرور كل يوم ،فالحالة هي بقدر ما كانت علية من فعالية على الدوام ؛ والقوات الحكومية واتباع الحوثي وبينهما المدنيون يموتون بمعدل اعلى مما كان علية بداية الصراع ،والجهود الرامية الي تسوية سوء التفاهم بين الرئيس صالح وبدر الدين الحوثي قد فشلت اكثر من مره والتقدم في غسل ادمغة مناصري فكر الحوثي من كانوا يرزحون في بعض السجون بطئ على نحو مؤلم لقاصدين المهمة ويصنف بالفشل؛لقد حلت سلسلة ممايفترض انها بوادر إيجابية شرعنا معها ابواب للامل ؛بدت اول الامر حاسمة لكنها تلاشت ؛بصورة مفاجئة – بمافي ذلك لقاء الرئيس ببدر الدين الحوثي عقب إنتهاء المواجهات الاولى ،وتصريحات تقديم تعويضات الحرب للمتضررين ،واعلان الرئيس نهاية سبتمبر2005 العفو عن من قاتلوا في صفوف حسين الحوثي ،رغم كل ذلك ؛ لكن صعده لم تقترب قيد انملة من الاستقرار وتجدد المواجهات المسلحة مع ان كلمة الشارع اليمني مازالت لا لكل هذا الاقتتال الذي يدفع الأبرياء حياتهم ثمنا له ،لان المعدلات الحالية للممتلكات والأرواح لايمكن الحفاظ عليها من التوقف عن الهجمات التي من شأنها توقع المزيد : المزيد من الضحايا ؛ فيما قطبي الصراع يشتد إمعانهم في الحديث عن المستحيل الذي هو النصر،وإغالهم في تجاهل الممكن الذي هو التوقف عن الاحتراب؛والمضي في معادلة حب الحرب ،والانباء عن صعده تعيد مرة بعد مرة صفعنا بما يجري ،إنها مما يندي له الجبين والوصف ليس إنشائيا بالمطلق :حيث الجميع قد قاتل ويقاتل بتفانٍ وشجاعة فإن هذه الحرب ستكلفنا خاتمة المطاف وعلى لسان( مجور او احد نوابه ) ؛ملايين الملايين من الدولارات .إذا ماضربنا صفحا عن ذكر المئات من الارواح وما الذي سيكون المقاتلين الاغبياء قد حققوه مما هو لا فت للنظر؛ على الارجح ان حقدا تجاة زعماء الحرب تجار السلاح زرع في نفوس اطفالاُ يتامى ونساء ثكالى بات وضعهم اسوء في واقع حرب فيه "النصر له 100 اب لكن الهزيمة يتيمه"كم تبدو هذه العبارة التي سطرت منذ وقت طويل ؛ذات صدى الآن مع تحليق نسور الجو بازيز الطائرات وهدير المدافع حيث صعده يكره المتحاربين مرارة الهزيمة:الخسارة دون ان يسألوا انفسهم مسبقا لماذا الحرب اصلاً؟ ومع تراجع فرص العود الي جادة الصواب – بالنسبة لزعماء الحرب –فان الاشخاص الذين خططوا ،ايدوا والذين قادوا الي هذا الصراع الذي إنعقدت نطفته من حرام ؛هم بالفعل عاكفون على استنباط مبررات منطقية لشرح اسباب حالة الحرب ونفي ابوتهم لها ،وبينما يحتدم النقاش في شأن من وراء كل هذه الاشلاء والدماء والمشردون –يجب على الناس ان لا ينخدعو بالاعذار والتبريرات المقدمة بعد وقوع الحدث ،يجب ان يحملوا عصابة الحوثي وعناصرها المسؤولية لرفع السلاح في وجه الدولة كما ان لا يبرؤا مهندسو القتل داخل النظام العسكري من فعلتهم القبيحة ،الحرب دوما فكرة الاغبياء كماهي اول حلولهم واخرها؛وجميعهم سادت هذه الحرب فكرتهم ولدى اليمنين من اقصى البلاد الي اقصاها:لديهم من اللوم مايكفي لكي يدور في الارجاء ولايمكن لمتزعمين القتال ان يفروا من هذا اللوم عندما تصبح الامور قبيحة الي هذا الحد؛في قبضت الحرب والتشرد والشتات ومطاردة الخوف ؛إن هذه حرب الحوثة الاوغاد حرب هذا النظام البليد:ستكون تركتهم ؛إذ يلوح في الافق مايعمق سوء التفهم صوب الحلول بجريرة سوء النية الذي سيؤدي بدوره الي توسيع جرح المدينة التي كانت تسمى بمدينة السلام ولم تعد كذلك. 

alboox@gmail.com 


في الثلاثاء 08 سبتمبر-أيلول 2009 09:28:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=5789