الفاكهة والنساء
إسلام أونلاين
إسلام أونلاين

مسكين أيها الرجل! هذه المصيدة الكيمائية التي جعلتك – أيها المفتون – تقع في الحب، تحترق كالفراشة في لهيب الأنوثة فتتساءل لماذا أحببت هذه المرأة بالذات ؟ وتحاول أن تنظم الأشعار الساذجة عن تلك الأشياء الصغيرة التي جعلتك تحبها؛ وداعتها، جبهتها النبيلة ،وذلك القمر يشرق في وجهها في الأمسيات الجميلة، لكن الحقيقة غير هذا بكل تأكيد، إنها يا عزيزي" هرمونات الحب !

الياقوتة الحمراء

قالوا أن "الأدرينالين" يستثير الجهاز العصبي فيحدث ذلك الخفقان في القلب، و"الاكسوتوسين" يمثل مع "الدوبامين" ثنائي اللذة، أما "الفازوبريسين" فهرمون الإخلاص اللعين الذي يجعلك لا تعبأ بامرأة سواها!

تتدفق الهرمونات في دمك طاغية مستبدة تلهمك طلب نصفك الآخر، تحاول أن تهرب من ذلك الحب المتعب الذي سيكلفك أشياء أسطورية تعرفها أنت جيدا: التودد لحبيبتك ولحظات الحب القلقة، وذلك السؤال الخالد: هل تحبني حقا مثلما أحبها ؟، ثم محاولة ترويض تلك العاصفة المتنكرة في ثوب أنثى حينما تتساءل في غضب لماذا نسيت يوم ميلادها رغم أنها أهدتك ساعة جيدة في يوم ميلادك ؟، محاولتك الزوغان بكل طريقة ممكنة من تلك الزيارة المرعبة لمنزلها لتطلب يدها حاملا علبة الشيكولاتة إياها وتحتمل نظرات النساء الفضولية اللاتي سيجرين لك أصعب كشف هيئة في حياتك، وقطرات العرق التي سوف تنصبب من جبينك بغزارة في ذلك الموقف المرعب.

لكنك في محاولاتك الخرقاء للفرار من الحب تنسى أن هناك طابورا خامسا يعمل في دأب وصمت، هذه الياقوتة الحمراء الخائنة التي لا تكف عن الخفقان في صدرك، وكل هذه الجالونات من هرمونات الحب تتدفق في دمك طيلة الوقت، هناك أيضا الفيرمونات الغادرة، هذه الجزيئات الدقيقة التي لا رائحة لها تفرزها الحبيبة فيلتقطها الجزء العلوي من تجويف الأنف والمتصل بمركز الإحساس في المخ فيستنفر ويحدث الحب .

لكنك تعلم أنك -بمجرد زواجك منها- سوف تلعن الحب وسنينه، وربما تلعن نفسك أيضا حينما تختفي النظرة الرومانسية الباسمة من عينيها وتظهر نظرة صارمة تشبه نظرة رئيسك في العمل، ستتساءل وقتها أين ذهبت هذه الفيرمونات اللعينة ولماذا لم تعد تؤدي عملها بكفاءة ؟

أسطورة المجتمع الذكوري

أسوأ ما في الحب أنه يروضك من أجل كائن آخر، صحيح أنه طويل الشعر ويجيد ارتداء الكعوب العالية دون أن يتعثر-هذه براعة تستحق الإعجاب طبعا- ولكن ليس لدرجة تكريس حياتك من أجلها.

والحقيقة أن التهم الجاهزة لدى ناشطات حقوق المرأة تضحكني؛ أسطورة المجتمع الذكوري وقهر المرأة، ولا أدري من يقهر من؟ المرأة تقوم بتسخير الرجل منذ بدء الخليقة لأنها ببساطة أذكى وأمكر وأعلى رتبة منه في سلم المخلوقات كما يسخر الإنسان سائر المخلوقات الأخرى لخدمته: الدجاج والبقر والنحل من أجل الكثير من البيض واللبن والعسل.

دلني على امرأة واحدة لا تنتظر من الرجل أن يدللها وينفق عليها ويقوم أيضا بتسليتها والترفيه عنها، وإذا ضايقها أحد وجب عليه أن يصرخ صيحة مرعبة ويشهر سيفه كعنترة ويقطع الرقاب ويسيل الدماء للركب، فإذا لم يفعل كان ناقصا و"دون ".

تسلل إلى عقل أي فتاة عادية، دعك من ضجيج الأفكار النسائية الصاخبة، تجاهل سبابها للفتيات الأخريات، لا يتضرج وجهك خجلا من حقيقة رغباتها المكتومة، وعليك بتلك الذاكرة الجمعية المتوارثة عن الجدات، ستكتشف أنها تفكر بنفس الطريقة حتى لو كانت حاصلة على الدكتوراه في علوم الفضاء: خلق الله الرجل لكي يكرس حياته من أجلها ويهبها ثمرة نشاطه وجهده، فإذا لم يفعل فاللعنة عليه!

فاكهة أنثوية

لدي نظرية - قد تبدو غريبة لأول وهلة - تدعو إلى استبدال الفاكهة بالنساء، وذلك على اعتبار أن الفاكهة كائن مسالم ويستطيع القيام بنفس الدور الذي تلعبه المرأة، فكما تلاحظون هناك فاكهة رجولية مثل البطيخ والبرتقال، وهناك فاكهة أنثوية بامتياز؛ المشمش مثلا كالنساء سواء بسواء، موسمه قصير، مفضوح الزهو، مبهرج اللون، لذيذ المذاق، مرالنواة.

وكذلك الموز أيضا، سهل التقشير، ممشوق القوام، ناعم البشرة، طري الملمس، لذيذ الطعم، يمكن ببعض الجهد تحويل كليهما إلى عصير إلا إذا كنت كسولا بشكل لا يطاق!

أما أقرب الفاكهة للنساء فالمانجو بلا منازع، بعض الثمار وقورة خضراء والأخرى صفراء متبرجة، مكتنزة بدينة القوام أحيانا، رشيقة القوام ناعمة أحيانا أخرى.

ليس من قبيل الصدفة أن المانجو لها ثلاث طبقات؛ بشرة ناعمة وقوام لين وقلب صلد، هذا القلب لا سبيل للوصول إليه إلا بكسره، وهو في كل الأحوال مر المذاق بعكس المتعة الفائقة للقوام اللين، من أجل ذلك فإن أغلبية عشاقها يتلذذون بنعومة القوام اللين ولا يعبئون بالقلب.

على أنه يوجد للمانجو مزايا كثيرة يصعب وجودها في المرأة، النساء متقلبات جدا ويتغيرن بسهولة ولكن هل رأيت من قبل ثمرة مانجو خائنة؟

بدانة المرأة كارثة ولكن ماذا عن اكتناز المانجو؟، النساء يعشقن النكد ويحترفن العكننة ولا أظنك - مهما كنت متحاملا - قابلت ثمرة مانجو نكدية أبدا.

لن تطالبك أبدا ثمرة المانجو بتكريس حياتك من أجلها، وإذا أردت أن تخلو بنفسك قليلا فلا مشكلة مع المانجو!

التنوع سهل جدا في المانجو لكنه مستحيل مع النساء، عليك أن تتصور مفاوضاتك المضنية مع أهل المرأة واضطرارك لتحمل حديث الأب الذي لا ينتهي عن نفسه ومباهاة الأم بابنتها وسخافات إخوتها في الوقت الذي لا توجد مفاوضات من أي نوع مع بائع المانجو. ثم أنها لن تشتري بمالك الذي جمعته بدم قلبك أدوات تجميل لتتزين لغيرك، شخصيا لم أصادف أبدا ثمرة مانجو متبرجة !

وفي شهور الشتاء، حينما ينتهي موسم المانجو، فعليك – عزيزي الرجل – باليوسفي ، صغير الحجم معطر الرائحة سهل التقشير!، وأهرب بجلدك من وجع الدماغ.

* د.أيمن محمد الجندي

 
في الأحد 26 يوليو-تموز 2009 06:25:47 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=5625