محرقة غزة.. والقطة السوداء في البيت الأبيض
د. محمد معافى المهدلي
د. محمد معافى المهدلي


محرقة غزة.. والقطة السوداء في البيت الأبيض

مأرب برس – خاص

بدا واضحاً أنّ الصمود الغزاوي الأسطوري، يعد بداية مرحلة جديدة في مسار القضية الفلسطينية، نحو النصر والتمكين، بعد عقود من زمن الخذلان والتقهقر واليأس العربي.

لقد أعاد هذا الصمود الأمل إلى الجماهير العربية والإسلامية، ولذا رأيناها تحتشد كل يوم، بالملايين من جاكرتا إلى الرباط، ومن أنقرا واسطنبول إلى أدغال أفريقيا، كلها تهتف بحياة حماس غزة.

لقد ضربت الصواريخ الصهيونية صميم الضمير العالمي وصميم الضمير العربي والإسلامي المتخاذل، لينفض عنه غبار الخداع والزيف الأميركي والغربي، الذي ظل يخيم على ساحاته الفكرية والثقافية، عقودا من الزمن، أن أميركا والغرب أمة السلام والحرية والديمقراطية!!.

ألا ما أعجب وأغرب هذه الحضارة الزائفة، ففي الوقت الذي ينعى فيه البيت الأبيض في بيان له، وفاة القطة\"إنديا\" الخاصة بابنتي الرئيس الأمريكي جورج بوش، والتي رحلت الأحد الماضي، عن عمر يناهز 18 عاماً، بمقر إقامتها في البيت الأبيض، والتي كانت تعيش بالطبع على تخوم اللحوم وما لذّ وطاب من الأطعمة والأشربة والأكسية، وألوان من الكرم الأميركي، كما نشرته السي إن إن، لم يلتفت البيت الأسود، بعين الرأفة والرحمة، لأنهار الدماء التي تسيل في شوارع غزة، من النساء والأطفال والشيوخ، وتضرب آلاف المدنيين في كل مكان، حتى من كان في حماية الأمم المتحدة، فأي أكذوبة وخديعة كبرى تمارسها أميركا وحليفتها إسرائيل، التي تخادع العالم ومنذ عقود من الزمن، أنهما أمة الحرية والديمقراطية والسلام العالمي!!!.

كيف تقوم قيامة البيت الأسود، على قدم وساق، لأجل قطة سوداء، أو بيضاء، ولا تحرك شعرة لما يجري من محارق ومجازر وأشلاء ورؤوسا لا أصحاب لها على أرض غزة وفلسطين، ليس فقط منذ أيام، بل منذ أكثر من 70 عاماً.

أيا حضارة الغرب هل القطة السوداء في البيت الأبيض أولى بالبيان والنعي، من شعب بل من شعوب، بأسرها تذبح وتحرق وتدمر، منذ عشرات السنين!!!.

ألا أيتها الدماء الطاهرة التي روت بجهادها وعزتها وشموخها، أرض فلسطين وغزة، وأيتها الأشلاء الممزقة، شكرا لك، لقد كشفت كل قواميس الزيف والخداع والدموية الغربية.

ويا أيتها المقابر العربية المسماة زوراً وبهتانا بالديبلوماسية العربية، هلا وقفتم بين يدي الرئيس تشافيز، وأردوغان، لتأخذوا عنهما دروساً متواضعة في الكرامة والإنسانية والشرف والإباء.

ألا كيف تجرأ تشافيز ودولته فنزويلا أن تطرد سفير إسرائيل، من بلدها، احتجاجاً على مجازر غزة، فيما أنتم تفرشون السجاد الأحمر، على بساط من ذهب، وتقدمون القهوة العربية الأصيلة، لمجرمي الحرب، وترفعون بلا حياء ولا استحياء، أعلام إسرائيل المدنسة بدماء الشهداء على عواصم بلدانكم، ألا يا للخزي ويا للعار العربي.

لقد كشفت غزة الإباء والمجد والشموخ والعزة، عن الوجوه الكالحة للأنظمة العربية، التي لا تحسن سوى قمع شعوبها، ومصادرة حريات وكرامات أوطانها.

بقي القول: إنّ الصمود الغزاوي أثبت أنّ الحل القسامي المبارك هو مفتاح حل القضية الفلسطينية، وأن جميع الحلول المطروحة بين يدي العدو الصهيوني، مجرد سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وأن لا حل سوى الحل القسّامي المبارك والسديد.

الـسيف أصـدق أنـباء من الكتب

فـي حـده الـحد بين الجد واللعبِ

بيض الصفائح لا سود الصحائف في

مـتونهن جـلاء الـشك والـريبِ

ترى لو أنّ ما يجري في غزة وقع في أي بلد أو أمة، من أمم الأرض، ما الذي سيقع ويحدث، أليس أقل القليل هو إعلان التعبئة العامة، وفتح معسكرات التدريب، واستدعاء الجيوش الاحتياطية، وإعلان النفير العام، والجاهزية القصوى.

ترى لو وقع هذا، أعني فتح معسكرات التدريب، هل ستواصل إسرائيل عربدتها في اختراق الأجواء العربية في لبنان، وهل ستجوب طائراتها الحربية، ذرة رمل عربية، واحدة؟!!.

إلى متى ستظل شعوبنا تتفرج على دبلوماسيتها تتسول على أبواب الأمم المتحدة بيان إدانة لإسرائيل، ثم تعود المرة تلو المرة بالخيبة والحسرة .

إن الحل الذي يجب أن ترتفع به الأصوات وتنادي به الشعوب، ويتحدث عنه العلماء والمثقفون والساسة والزعامات، في هذه المحنة العصيبة، وهذا المنعطف الخطر من تاريخ أمتنا، هو فتح معسكرات التدريب، والإعداد للجهــــاد، لقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ{39} الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ{40}.

وتلك هي فتوى علماء الأمة الأحرار، في مصر والخليج واليمن والمغرب، وغيرها من بلاد الإسلام.

صحيح قد يكون الأمر لا يتطلب فتح معسكرات للتدريب، حيث أن بعض الدول الإسلامية لديها ثمة اكتفاءاً، واحتياطاً كافياً، لربما، لكن هذا لا يعفيها من الإعداد والجاهزية العالية، على المستوى الشعبي والوطني، فهذا هو ما تفعله الدول الحريصة على أمنها وسلامة أراضيها، ودوام استقلالها وسيادتها.

كما أن على دول مصر والأردن، التأسي بالرئيس تشافيز في طرد سفراء إسرائيل من بلدانهم، وهذا أقل القليل، الذي تنتظره الشعوب العربية والإسلامية التي تغلي لما يجري على أرض الإسراء والمعراج.

كما أنّ على العلماء والحركات والدعوات الإسلامية في أصقاع المعمورة، التي كانت ولا تزال – بفضل الله- تنادي بنصرة الأقصى الشريف، أن تبذل الغالي والنفيس لدعم القضية، وأن تفرض على جميع أعضائها قدرا مالياً، لا يقل عن 1-2% من رواتبهم الشهرية، كأضعف وأقل واجب، نصرة لغزة والقضية الفلسطينية، وأن تبذل كل المساعي والجهود لإيصال الأموال إلى أرض الرباط، وأن تري الله هذه الحركات من نفسها خيراً، فهذا هو وقت الحاجة ووقت النصرة والدعم والمساندة، وإن لم يكن هو هذا الوقت، فمتى؟!!.

{وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }آل عمران147.

والحمد لله رب العالمين،،،


في الأربعاء 07 يناير-كانون الثاني 2009 11:11:22 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=4679