ماذا لو فاز بالرئاسة مرشح المعارضة-
شاكر احمد خالد

يطرح كثير من المتابعين والمراقبين وحتى في الاوساط الشعبية للانتخابات الرئاسية القادمة تصورات واشكالاً مختلفة لحال اليمن بعد هذه الانتخابات في حال جاءت النتائج لصالح مرشح احزاب المعارضة وخلافا للتوقعات وهي عموما تصورات متشائمة وسوداوية اكثر مثال حي لها هو حال العراق والمجازر اليومية التي ترتكب على اراضيه وهناك الصومال وافغانستان كنموذج للدول الفاشلة بعد انهيار انظمتها الحاكمة لسبباً واخر..

النتيجة اكثر من مفاجأة اذا جاءت على هذا النحو " مرشح احزاب المعارضة يفوز في الانتخابات الرئاسية اليمنية." .. حينها يمكن ان تبرز مخاوف وهواجس ليست مرتبطة بتعقيدات الواقع اليمني فحسب بل اجراءات وترتيبات دستورية يفترض ان تكون على درجة كبيرة من الوضوح.

رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن اشار الى تلك الاجراءات، وقال في سياق تصريح تضمنته جريدة " الوسط" الاهلية انها ملفات رئاسية مسكوت عنها من قبل كل الاطراف المشاركة في العملية الانتخابية، فلا الدستور نظمها ولا القوانين رتبتها ولا الاعراف السياسية السابقة اصلت لها، وحددها بالاجراءات الدستورية والقانونية للمرحلة القادمة منذ انتهاء الاقتراع وحتى تنصيب الرئيس القادم.

ومن ذلك خلو الدستور من تحديد واضح لاجراء إعادة الانتخابات في حالة عدم فوز احد المرشحين بأغلبية الـ50% .. ولا نجد هناك متسعاً من الوقت والمرجعية لاجراءات تسليم السلطة من رئيس حالي إلى رئيس منتخب.. ما هو موجود هو الحديث عن أسبوع من اعلان النتيجة وحتى أداء اليمين الدستورية " فهل يعقل أن هذه الفترة كافية لتسليم ملفات دولة بين رئيسين وطواقمهما المساعدة."

لكن عند طرحنا لسؤال حول لماذا سكتت المعارضة من جهة والسلطة من جهة اخرى على هذا الامر اجاب علي سيف حسن - رئيس منتدى التنمية السياسية - بالقول " لااستطيع ان اجزم ان المعارضة سكتت عن هذا الموضوع في المناقشات الداخلية ولكن هم ركزوا اهتمامهم حول القضايا المتعلقة بالتنافس الانتخابي ولم يتجاوزوا تلك المرحلة " موضحا انه لايعرف الاسباب لذلك .

اما من جهة السلطة، فهو يرى انها مسؤولة اصلا عن توفير مثل هذه الضمانات الدستورية بحكم مسؤوليتها عن صياغة هذه الوثائق.

ويخلص في هذه النقطة الى ان افراد المنظومة السياسية - بغض النظر عن رأي السلطة والمعارضة - تتحدث عن تنافس انتخابي ولكنها لم تبلغ مرحلة الغاية من هذا التنافس وهو موضوع التداول السلمي للسلطة، وبالتالي مازالت هذه الجزئية الخاصة بمبدأ تداول السلطة في حالة ضبابية وغير واضحة من ناحية النصوص ومن حيث معطيات الواقع.

مضيفا في تصريحه ل "الناس" " كنت اتمنى لو ان المعارضة اثارت هذا الموضوع في اتفاق المبادئ الذي سيكون اكثر تعبيرا عن جدية الطرفين - حكم ومعارضة - وتفكيرهم الحاضر من اجل التداول السلمي للسلطة في اليمن."

وبرغم تقليل البعض من اهمية النصوص الدستورية والقانونية في حياة اليمنيين عموما قياسا الى حجم الممارسة وتعقيدات الواقع، الا ان رئيس منتدى التنمية السياسية يرى ان هذه النصوص الافتراضية هي من تأتي في البداية ثم يتم تأهيل الواقع لاستيعاب معطيات هذه النصوص "وهو ما اعتقد اننا اليوم بحاجة اليه" وبخصوص الصورة التي يرسمها بعض المتابعين والمحللين لحال اليمن فيما اذا جاءت نتائج الانتخابات خلافا لما يشتهيه الحاكم، اشار علي سيف حسن الى أن هذه الانتخابات هي اول انتخابات رئاسية ليس في اليمن فحسب بل في المنطقة العربية تحمل معها كل احتمالات الفوز والخسارة لكلٍ من الطرفين، كما انها انتخابات غير معروف نتائجها مسبقا " وهي ميزة تحسب لليمن." وتابع يقول " اما ما يترتب عليه فوز مرشح المعارضة فاعتقادي ان الموضوع ابسط مما يحاول ان يهوله او يصوره بعض المرجفين.. المنطق يقول انه اذا ما فاز مرشح احزاب اللقاء المشترك فسوف يتبنى حزب المؤتمر النظام البرلماني وهو يمتلك الاغلبية البرلمانية التي تؤهله لاجراء تعديل دستوري للنظام، وبهذا المؤتمر يستطيع ان يحتفظ بحقه في تشكيل الحكومة ما لم يحدث تخلخل غير محسوب في بنية المؤتمر، أو أن يبادر الرئيس الجديد للدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة تعكس نتائجها المتغير السياسي الاستراتيجي الناتج عن فوز مرشح المعارضة." موضحا ان النظام الديمقراطي بذاته يحمل في بنيته بدائل واساليب كافية للتعامل مع كل النتائج المتوقعة ولهذا " انا لست قلقا او متشائما من أي نتيجة تحملها هذه الانتخابات."

الدكتور محمد السقاف - استاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء - لخص الاختلالات الدستورية والقانونية الخاصة بالمرحلة الفاصلة بين انتهاء عملية الاقتراع وحتى تنصيب الرئيس الجديد لليمن، بعبارة " الدستور اصلا مفصل لرئيس الجمهورية الحالي" وتحدث عن المدة التي تتطلبها اجراءات نقل السلطة للرئيس الجديد، فبينما تعطي بعض دساتير العالم مدة شهر كي يؤدي المرشح الفائز اليمين الدستورية كرئيس للبلاد ويتم اعطاؤه الفرصة من اجل اجراءات ترتيب انتقال السلطة، لايوجد في اليمن نص دستوري او قانوني واضح يحدد هذه الاشكالية. ومع ذلك لا يرى السقاف ان مثل هذه المدة الزمنية هي العلاج الامثل للواقع اليمني. وبحسبة قانونية اخرى يرى ان العملية الانتخابية القادمة مطبوخة للحسم من الآن لكي تكون دورة انتخابية واحدة دون الالتفات الى مسألة اغلبية ال 50 % التي سيتحصل عليها اي المرشحين من عدمها.

وحول عدم التفات المعارضة الى مثل هذه الاجراءات، اشار الى امور كثيرة لم تطالب بها المعارضة وتتعلق بحقوق انتخابية مثبتة نصا وقانونا منها على سبيل المثال حق المغتربين اليمنيين في الانتخابات. معتبرا ان موضوع المغتربين كان يمكن ان يشكل عامل حسم في صالح مرشح احزاب المعارضة لاعتبارات كثيرة لاتخفى على ذي بال بحكم اصوله الحضرمية وبالتالي تواجد قاعدة معتبرة من المغتربين الحضارمة في الخارج، كما هو الحال كذلك في وجود معارضين كثر للنظام متواجدون في الخارج بسبب صراعات سياسية سابقة في اليمن. وبرغم العيوب العديدة التي اشار اليها في الدستور، الا انه يأخذ على المعارضة تجاهلها للدستور وعدم العمل لتثبيت شرعيته ويقول " كمعارضة المفروض ان تقدم البديل القائم.. التمسك بالدستور بعيوبه من اجل تثبيت الشرعية الدستورية." كما يرجع اسباب تجاهل المعارضة للاجراءات السابقة والمتعلقة بالعملية الانتخابية الى جانبين: الاول نقص في الثقافة القانونية وفي الجانب القانوني، وفي الجانب الاخر " لا أقول انهم طرف في مسرحية انتخابية كبيرة ولكن مافائدة دخول المعارضة الانتخابات دون ان يكون لها تصور واضح او برنامج واضح للحكم."

السقاف شبه في الاخير من يرددون مقولة " الزمن الذي يمكن ان تحكم فيه المعارضة لم يأت بعد" بأنهم يتحدثون بنفس نظرية الدول المستعمرة للشعوب، حيث تكثر من ترديد عبارات ان تلك الشعوب لم تنضج بعد وغير مهيأة لحكم نفسها او انها تحتاج لمرحلة انتقالية وغير ذلك من التبريرات الزائفة. وتساءل عن الشخص الذي يحدد مثل هذه الأمور، وبموجب اي معايير تكون هذه الاحكام؟ قائلا " انه لو كان في اوساط قياديي المعارضة من يفكر بالمقولة السابقة فالأفضل ان يبحثوا عن عمل اخر غير السياسة." مرشح احزاب اللقاء المشترك للانتخابات الرئاسية القادمة بعث بدوره رسائل تطمين للخائفين من التغيير القادم، واعتبر موضوع الجيش والامن وغيره مؤسسات قائمة بموجب الدستور والقوانين النافذة وانه في حال ما إذا حدث التغيير فستستمر في عملها الطبيعي بموجب تلك القوانين.

ووجه للمرشح فيصل بن شملان رسالة انتخابية عبر صحيفة "الناس" الى كل الناخبين مفادها " أن يفهموا جيداً أن الوضع الذي يعيشون فيه وضع خطير من الناحية الاقتصادية والاجتماعية أساساً ثم السياسية .. ولكن مفتاح تغيير الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي إلى الأفضل لن يتأتى إلا بالتغيير السياسي، بمعنى أنه يجب أن يكون هنالك فصل تام بين السلطات، يجب أن توزع السلطة لا تكون السلطة بيد الرئيس أبداً، تكون السلطة بيد أجهزة حتى تكون هذه الأجهزة قادرة على أن تتحمل مسئوليتها وتكون قابلة للمساءلة." واردف بالقول " عندنا منصب الرئيس لديه كل الصلاحيات وليس قابلاً للمساءلة، والأجهزة كلها التابعة تتحمل عملاً ولكن ليست لديها أي سلطة حقيقية، هذا الوضع يجب أن يفهمه الناس ويتغير، إذا لم يتغير سيكون مستقبل حياتهم الاقتصادية والاجتماعية في خطر حقيقي." مؤكدا ان تسلمه للسلطة في اليمن إن حدث فسيكون بموجب دستور وقوانين نافذة، وان أي اجهزة امنية سواء كانت في الأمن العام أو الدفاع أو أي مؤسسات يمنية قائمة ايضا وفقاً للدستور والقانون ستستمر في عملها بموجب القانون والدستور مهما كان الرئيس. كما اوضح أن وضعنا القائم هذا إذا استمر سيقودنا أيضاً إلى تدخل أجنبي كما حدث في العراق وفي الصومال. مؤكدا في ذات الوقت ان تجنب مصير الصومال والعراق يكمن في التغيير الآن بطريق سلمي وديمقراطي.  


في الجمعة 11 أغسطس-آب 2006 08:39:29 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=413