الأهداف الخفية من إفشال مهرجان المشترك بالضالع
عادل امين
عادل امين

" لدي إثبات أن أفراداً وجماعات محسوبة ومنسوبة إلى السلطة دفعت بالبعض واستغلت الخلافات في الرأي وعبأت بعض الشباب لذلك الفعل، وما كان الشباب إلا ضحية جهلهم وعدم معرفتهم بما يريدون، بل لدينا إثباتات بمشاركة مجاميع محسوبة على السلطة في هذا العمل، وأكبر ما يدل على ذلك غياب الأمن".... هذا ماقاله الأخ محمد عبد الكريم –أمين عام الإصلاح بالضالع .

وما أكدته المصادر الصحفية بشأن عملية إفشال مهرجان المشترك بالضالع (6/3) أن عشرات الضباط والجنود بلباسهم المدني انتشروا في أوساط المشاركين في المهرجان بانتظار الأوامر لأداء المهمة الموكلة إليهم، وكانت المهمة هي: ترديد هتافات لا مشترك بعد اليوم، لا احتلال بعد اليوم، برع برع يا دحابشة، إضافة إلى تمزيق أعلام أحزاب المشترك، بل وتمزيق وإحراق علم الجمهورية (زيادة في التضليل)، وتسهيل مهمة مرور سيارات أجهزة الأمن بمن فيها من عناصر أمينة إلى ساحة المهرجان، لتبدأ بعد ذلك عملية قذف المشاركين بالحجارة والاعتداء على المنصة وتمزيق الأعلام واللافتات وإحداث الفوضى بقصد جر أنصار المشترك إلى العنف.

وانتهت المهمة على أحسن وجه، وغادر المشاركون دون أن تتم فعاليات المهرجان، حيث وجه المشترك أنصاره للانصراف بسلام بكل هدوء وانضباط، ساعتها أبلغ أحد ضباط الأمن قيادته بالهاتف النقال على مرأى ومسمع من الناس: خلاص يا فندم طيرناهم.

*تحالفات ضد الوطن

كانت بعض التحليلات بشأن الحراك الجنوبي وما رافق بعضه من شعارات ونزعات انفصالية تقول بضلوع نافذين في السلطة في تغذية ذلك الحراك (الانفصالي) وتحريضه ضد السلطة بهدف تحقيق مكاسب خاصة من خلال ابتزاز النظام وترهيبه ومن ثم استغلال موارده في خدمة أهداف ضيقة، غير أن تلك التحليلات ظلت –إلى وقت قريب- مجرد وجهة نظر ورأي ينقصه الإثبات والدليل، لكن لا أعتقد أن أحداً سيجهد نفسه بعد اليوم في البحث عن ذلك الدليل، فقد تكرمت السلطة مشكورة بتقديمه في أنصع صوره في مهرجان المشترك بالضالع، السلطة لم تُجرم أو تُدين –كما تفعل دائماً- مهرجان الضالع وما جرى فيه من مظاهر انفصالية فاضحة, ولم تستخدم تلك الأوصاف التي درجت على استخدامها ضد المهرجانات التي تمت خلال العام الماضي وهي بالعشرات، بل لقد احتفت وهللت لما جرى في مهرجان الضالع بالرغم من إحراق علم الجمهورية اليمنية وبروز النفَس الانفصالي بقوة حيث تُرك له هذه المرة حرية التنفس دون تدخل رسمي كما يحدث عادة ، والخلاصة: لقد سُمح بحدوث كل ذلك بل وتم الترتيب له مسبقاً، وهذا ليس بغريب على نظام غارق في الفساد.

ليست المرة الأولى –ولن تكون الأخيرة- التي يتحالف فيها النظام مع التيارات المعادية لمصالح الوطن، فهو متحالف ابتداءً مع منظومة واسعة ومتشعبة من لوبي الفساد, ويرفض التخلي عن هذه المنظومة التي ارتبطت مصالحها بمصالحه، كما تحالف النظام في فترة من الفترات مع جماعة الشباب المؤمن "الحوثيين" ومدهم بكل أسباب القوة والتمكين حتى أغراهم ذلك بالانقلاب عليه، وهاهم اليوم يفرضون شروطهم على هذا النظام الذي يضطر مكرهاً لقبول تلك الشروط من تحت الطاولة، ويهرب من كشف الحقائق كاملة أمام الشعب لأنه يعرف حجم تفريطه وتورطه.

وفي ذات السياق يتحالف النظام مع تنظيم القاعدة ويعقد معهم الصفقات ويأخذ منهم العهود والمواثيق، ويُسوى أوضاعهم، وُيشكل لجان وساطة معهم، ويسهل هروب قادتهم من السجون، ثم يفاجأ العالم بظهورهم في حضره الرئيس أو أمام هيئة المحكمة التي تنظر في جرائمهم في أغرب علاقة "تحالف" جمعت بين الإرهاب ونظام يزعم شراكته مع العالم في مكافحة الإرهاب! حتى لقد وصف بعضهم تلك العلاقة الغريبة بالإرهاب المدلل في اليمن.

واليوم يفاجئنا هذا النظام بتحالف أشد غرابة! ومع من؟! مع دعاة الانفصال الذين يطالبون بما أسموه الاستقلال وحرية تقرير المصير!! هل لكم أن تتخيلوا ذلك؟!

بالتأكيد فإن البعض – وربما الأغلب- لن يستطيع أن يهضم هذا الأمر، إذ كيف يتآمر نظام حاكم على بلده؟! لكن ما رأيكم وماذا ستقولون لو إطلعتم على شهادة أحد ضباط مخابرات الحكومة الجزائرية في كتاب له بعنوان: الحرب القذرة، والذي ذكر فيه أنه شخصياً كان يشارك في حملات قتل واسعة كانت تنظمها أجهزة الأمن الجزائرية ضد بعض القرى فتقتل الناس بلا هوادة، الرجال والنساء والأطفال بأبشع الوسائل والأدوات الإجرامية ليقال للناس بعد ذلك انظروا ماذا تفعل الجماعات الإسلامية الإرهابية في الجزائر؟!

*العدو كما يراه المؤتمر

قال المشترك بأنه ملَّ من حواراته الفارغة مع المؤتمر، فتلك الحوارات لم تحل قضية، ولم تحقق مصلحة للناس، ولم تقرب وجهات النظر بين شركاء الحياة السياسية بل زادت الفرقة بينهم.

ولهذا قال الناطق الرسمي للمشترك بأن عودة تلك الحوارات بنفس آلياتها ونتائجها مع المؤتمر جريمة كبرى بحق الشعب، وسارع المؤتمر إلى الرد على لسان مصدر مسؤول في الأمانة العامة فقال: إذا كان ثمة جريمة يتحدث عنها الناطق الرسمي للمشترك فإنها الجريمة المتمثلة في الحوار مع أعداء الاستثمار والتنمية، وداعمي الإرهاب والفوضى، ومُخربي السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية.

وهكذا فإن المؤتمر كان يتحاور مع المشترك وهم من يعتبرون أنفسهم شركاء الحياة السياسية والتجربة الديمقراطية، في حين ينظر إليهم هو على أنهم أعداء للوطن!! فهل يستقيم الحوار في ظل هكذا عقلية متربصة تتحين الفرصة للانقضاض على شركائها في الحوار والوطن الواحد؟!

العدو الحقيقي من وجهة نظر الحزب الحاكم ليس الفساد الذي أكل الأخضر واليابس حتى جفت آبار النفط ونضبت حقول الغاز والتهم عشرة مليارات دولار في خلال ست سنوات فقط على شكل اعتماد إضافي، العدو ليس الإرهاب الذي تحول إلى ورقة للابتزاز والشحاذة والتسول لدى دول الغرب، وليس هو ذلك التيار الانفصالي المتطرف الذي سُمح له بإحراق علم الوحدة نكاية بالمشترك وإفساداً لفعاليته السلمية التي رفعت حماية الوحدة شعاراً لها ، العدو بالنسبة لهذا النظام ليس هو الفقر والبطالة أو القوى المتنفذة التي تعمل تحت مرأى ومسمع من هذا النظام على تطفيش المستثمرين وابتزازهم، العدو الأوحد الأشد خطورة الذي يستوجب مواجهته بالليل والنهار, في الساحات والميادين، في وسائل إعلام الدولة والحزب الحاكم، في المؤسسات الرسمية وداخل المنظمات والنقابات الأهلية، في أوساط العامة، وبين أبناء القوات المسلحة والأمن، وفي كل مكان، هو اللقاء المشترك!!

ولسنا بحاجة هنا لأن نُعيد فقرات من خطاب الرئيس في مدينة الحديدة لندلل على ما نقول.

*ماذا يريد النظام؟

استطاع النظام وعن جدارة إفشال مهرجان المشترك في الضالع، وربما يتمكن أيضاً من إفشال مهرجانات أخرى قادمة، لكن ماذا يريد نظامنا من مشتركنا؟

• يريد ضرب النضال السلمي في العمق وتهيئة الظروف لجر المشترك إلى محرقة الانفصال؟ ربما..

• يريد خلق أجواء متأزمة ومشحونة بالعنف تمهيداً لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، ومن ثم إيجاد المسوغ لاتهام المشترك بإحداث الفوضى وتهديد أمن واستقرار البلاد حتى يسهل بعد ذلك إدانته ومحاكمته ووضعه في قفص الاتهام؟ ربما..

• يريد إحداث حالة من الافتراق والتصادم بين تيار المشترك وتيار المتقاعدين السلمي من خلال تقويه التيار المتطرف في قيادة المتقاعدين، لتتحول ساحة النضال السلمي إلى ساحة صراع بين الطرفين بحيث تضيع في الوسط الأهداف المشروعة لكليهما ويصبح من السهولة حينئذ التخلص منهما معاً ووضعهما في خانة واحدة هي خانة الانفصال ومُعاداة الوحدة ليقتنع الناس بعدها أن هؤلاء هم أعداء الوطن ومن الأهمية بمكان التخلص منهم لضمان استمرار الوحدة ؟ ربما..

• يريد تشويه صورة المشترك ضمن مشروع حملة انتخابية مبكرة تلعب بورقة الوحدة كآخر ورقة بيد النظام بعدما فقد كل أوراقه وأعلن إفلاسه وفشله في الإيفاء بوعوده الانتخابية التي تحولت وبالاً وغُرماً ونكالاً بالشعب ؟ ربما..

• كل ما ذكرناه جائز دخوله ضمن أهداف النظام في إطار سياسته الجديدة تجاه المشترك، بيد أن ما يُخيف هذا النظام اليوم هو تلك القناعات التي أخذت بالتشكل لدى الرأي العام في الداخل والخارج بأن المشترك صار يمثل بالفعل البديل الأنسب الجاهز لوراثة النظام القائم، المشترك بات اليوم هو العائق الوحيد أمام فكرة توريث الحكم، لذا يتعين إزاحته، أو على الأقل تحجيمه وتفريق الجماهير من حوله، وإحدى الطرق الموصلة لذلك وضعه في سلة واحدة مع دعاة الانفصال، وتصويره أمام الرأي العام المحلي بأنه يمثل خطر حقيقي على مستقبل البلاد وأمنها واستقرارها بل ووحدتها، إنها محاولة يائسة لخلط الأوراق قد تنجح في إقناع البعض بتلك النظرية لكنها بالتأكيد ستفشل أمام الجماهير التي بدأت تتسلح بالوعي, بيد أن ذلك لا يعفي المشترك من العمل بجد على كسر تلك الصورة التي يُراد نسجها حوله، وكشف الصورة الحقيقية المعادية للوحدة ومن يقف ورائها ويمارس عملية تضليل ممنهجة لخداع الجماهير ليظل طوال الوقت ينهب ثرواتها ويسرق كدها وعرقها ثم لا ينالها منه إلا الجوع والجرعات القاتلة.

* مدير تحرير صحيفة العاصمة






في الثلاثاء 18 مارس - آذار 2008 04:31:19 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=3488