التهويل الصحفي وقلب الحقائق ... من يخدم ؟
عبدالباسط السعيدي

مأرب برس – السويد – خاص

توطئة:

المعلوم بديهياً أن الصحافة التي يُطلِق عليها البعض مُسمى السلطة الرابعة لدورها الهام في خدمة المجتمع وسلطاتها المعنوية في توجيهه وإسماع صوته؛ لا بد أن تتسم بالشفافية والموضوعية في الطرح وتحري الحقائق مع الابتعاد عن التهويل والإثارة السينمائية التي تفقدها المصداقية أمام القراء.. لكن في بلدنا – بلد الأعاجيب- نرى الجانب الأكبر من المحسوبين على الصحافةِ يغردون ليس خارج السرب فحسب بل وخارج الزمان والمكان وكأنهم في بعدٍ آخر يعيشون في الجانبِ الآخر من الثقوب السوداء ، فالكثير منهم لم يحترم أخلاقيات المهنة ففقدوا المصداقية وضيعوا أمانة الكلمة مبتعدين عن النزاهة الصحفية القائمة على التدقيق والتحري عند نقل الخبر والاستناد للثوابت الشرعية والأخلاقية حال النقد، بل بلغ الحد ببعضهم إلى التلبيس على الناس فتطاولوا وجعلوا الحق باطلاً والباطل حقاً !.

إن تغييب مبدأ العدل الذي تنتهجه فئة من الصحافة اليمنية - من خلال انتهاجها لأسلوب اقتناص الفرص غير الشريفة وسياسة "خذوهم بالصوت لا يغلبوكم "- يدلل على نازية من يقف خلفها ممن يتبعون نصيحة وزير الإعلام النازي جوزيف غوبلز القائل " اكذب..اكذب..حتى يصدقك الناس "!! وغالباً ما يكون استخدام هذه المقولة لتضليل الرأي العام وكسبه وتوجيهه إضافةً لتحريف الحقائق وتشويها أمام الرأي العام، حيث أن أول ضحايا هذا الانحراف في المنهج الصحفي هي الحقيقة، وما نراه مؤخراً من تعاطي تلك الصحافة للكثير من القضايا الشعبية والسياسية كقضية المتعاقدين وحادثة الثأر التي حصلت في محافظة إب يؤكد على سقوط جانب كبير من الصحافة اليمنية في وحل التهويل والتدليس!

ربِّ يسر وأعن :

أتابع منذ قرابة الثلاثة أسابيع جُل ما يُنشر في الصُحف الإلكترونية – بشتى توجهاتها – بخصوص حادثة الثأر التي وقعت في محافظة إب ... أقرأ أخبار المراسلين ومقالات الكتبة وحتى تعليقات القراء محاولاً قدر الإمكان الوصول إلى الحقيقة والتي عادةً ما تُشوه وتُطوع لصالح الناشرين.

الكُتاب والصحفيين الذين تناولوا القضية منهم من ناح في مكتوبه ومنهم من خنقته العبرة وهو يسطر ما يكتب وما وجدوا إلى الحق سبيلا، وما وجدته أثناء متابعتي لمسطورِ هؤلاء كان شبه اتفاقهم على شيئين :

الأول: التأكيد على أن المواطن صلاح الرعوي مجنياً عليه من قبل القبليين المتوحشين ( أبناء قبيلة الحداء ) الذين اغتصبوا أرضه وهدموا بيته وقتلوه ظلماً وعدواناً، وزيادةً عن هذا ما يزالون يسعون لخطف أولاده، بل بالغ البعض وقال بأنهم قد احتلوا مدينة إب !!

الثاني: تأجيج العنصرية المناطقية والدعوة المُبَطّنة والصريحة للانفصال من أجل التخلص من القبلية التي تحكم اليمن !!

هذه القضية التي تم تضخيمها بدأً من الصحافة المحسوبة على اللقاء المشترك وليس انتهاءً بالتحركات الفعلية للعديد من قياداته تم حجب الكثير من الحقيقة عند طرحها للرأي العام، وكأن الهدف لم يكن الدعوة لنصرة المظلوم وإظهار الحق بقدر ما كان النيل من السُلطة والتشفي فيها!.

صحف المعارضة ومواقعها الإلكترونية لم تألو جهداً للخروج من وحل الأكاذيب الذي رسبت فيه منذ تغطيتها لأخبار حرب صعدة ، بل ترسّبت فيه أكثر حيث لجأت إلى تسييس القضية وتهويلها وقلب بعض الحقائق وإغفال جانب كبير منها، ووصل الحال ببعض تلك المواقع إلى السعي لإشعال الفتنة المناطقية بشكل صريح ولا أدل من ذلك على قيام الإشتراكي نت بنشر عبارة " الحداء تحتل مدينة إب " على شريطه الإخباري وهي عبارة تدعو للفتنة وتبعد عن الحقيقة ملايين السنين الضوئية، وليس عنا ببعيد ما قامت به بعض تلك الصحف والمواقع من نقلٍ زائفٍ لبعضِ أحداث حرب صعدة و نشر صور لقتلى في العراق على أنهم في صعدة والتحدث بألسنة مسئولين أنكروا ما نقل عنهم وقاموا بتكذيب ما نُشر عنهم !!

نحن هنا نقول لا تثريب على تلك الصحف والمواقع فلها مع قلب الحقائق وتحويرها سابق عهد، وما دامت المصلحة في التهويل والتلبيس فلـتذهب الحقيقة إلى الجحيم " والمصلحة فوق كل شيء " !

العتب هنا نلقيه على الصحفيين الشباب ( الأمل القادم لنهضة الصحافة اليمنية ) والذين انجر البعض منهم إلى التعاطي مع ما تم نشره في صحيفة " اكذب ..اكذب حتى يصدقك الناس " وأخواتها من أسرة ( ما أريكم إلى ما أرى ) كأنها حقيقة ناصعة لا يأتيها الباطل من فوقها ولا من تحتها وإن كان قد استقر بين أيديها!!.

غلبة السلوك البرجماتي على أولئك الصحفيين الذين ركبوا الموجة بغرض الشهرة جعلتهم يكتبون المقالات التي تشد انتباه القراء وتثير عواطفهم بغض النظر عن مصداقيتها ومدى ما يملكون من معلوماتٍ عنها، بعض هؤلاء الكتبة بداء في تصدير سلسلة مقالات بكائية ربما تكون مكسيكية الطول لتناول القضية وتأثيراتها والبعض الآخر استنسخ روح الكاتب الفرنسي فيكتور هوجو صاحب رواية البؤساء كي ينقل لنا وجهة نظره – العمياء - حول القضية !

أخي القارئ الكريم قيل قديماً :" إذا جاءك أحد الخصمين وقد فُقأت عينه فلا تقضِ له حتى ترى خصمه فلربما فُقأت كلتا عينيه "، وعليه أرجو أن لا تحكم إلاّ بعد أن تقرأ ما أورده الطرف الآخر من القضية والذي تم إغفاله وحصره في زاوية المغضوب عليهم بالرغم من أن لهم أيضاً قتيل سفحت دماءه ورمّلت زوجته ويُتّم أولاده في ليالي العيد وهو أعزل على أرضه !!

وهنا سأضع مُختصِراً البعض من ردود الطرف الآخر المغضوب عليه من صحافة التهويل – وسأوردها خالية من البهارات التي عادةً ما يرشها الصحفيين - معتمداً على وثائق وصلتني من أهالي القتيل العقيد/ محمد ناصر البداي، وشهادات لشهود عيان عاشوا الأحداث منذ بدايتها، وكما قال المتنبي :

  خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به *** في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل

يقول الأستاذ عبدالحميد أحمد السعيدي ( زوج أخت القتيل العقيد / محمد ناصر البداي ):

 " تفاجأنا كثيراً بالتهويل الصحفي الذي صاحب القضية وتشويه الحقيقة على عكس ما حصل للمزايدة على وحدة الوطن وسيادته وسلامة نسيجه الاجتماعي في هذه القضية ، وقيام العديد من الصحفيين بنشر الأخبار والمقالات دون محاولة الإطلاع على الحقيقة كاملة أو حتى التواصل بنا لمعرفة موقفنا وكأننا من بلدٍ آخر أو من الفئات المغضوب عليها من الصحافة والتي من المفترض أن تكون لسان حال الجميع من أبناء اليمن !. فقد انبرى الكثير من الصحفيين للتأكيد على أن الأرض - التي كانت سبب في مقتل صاحبها العقيد / محمد البداي- هي أرض تابعة لصلاح الرعوي، وهو ما عجز صلاح الرعوي عن إثباته أمام محكمة جبلة الابتدائية حيث كان يدعي بأن الأرض لأخيه وليست له ، وهنالك حكم من المحكمة يفيد بتابعية الأرض للعقيد البداي ويقضي بتغريم الرعوي مبلغ خمسين ألف ريال وسجنه ستة أشهر بتهمة الاعتداء على أرض الغير ومحاولة أخذها بالقوة ( صورة الحكم في المرفقات )..

كذلك استغربنا من قلة الأمانة في العرض الصحفي لمن تناول القضية، والذين تجاهلوا حادثة مقتل العقيد البداي في أرضه وهو أعزل بدون سلاح من قبل غريمة صلاح الرعوي مع سابق الإصرار والترصد، وللعلم فالسلاح الذي استخدمه القاتل صلاح الرعوي لقتل العقيد البداي هو نوع ( آلي كلاشنكوف ) تعود ملكيته لعضو مجلس النواب خالد العنسي، وهنالك شهود يفيدون بأن الجاني الرعوي قد هدد بقتل العقيد البداي وأعد العدة لذلك وبتواطؤ من البرلمانيين عبدالعزيز الحبيشي ونبيل علي الباشا مع القاتل صلاح الرعوي لتنفيذ جريمته واغتصاب أرض القتيل العقيد محمد ناصر البداي، والشهود الذي أفادوا بذلك مسجونين الآن بإدارة البحث الجنائي في محافظة إب من أجل الضغط عليهم وترهيبهم لطمس الحقيقة..وقلة الأمانة الصحفية فيمن تناول القضية تنوعت بين الكذب والتجاهل والتهويل ولعل ما أوردته الصُحف بخصوص هدم بيت الرعوي والذي لا أساس له من الصحة لدليل على صحة ما نقول فما تم هدمه كانت غرفة لم تكتمل بعد حاول الرعوي استحداثها في الأرض كما سبق وكان يحاول وبيت الرعوي موجود بجانب الأرض وليس بداخلها وهو لم يمس بتاتاً ، أيضاً الاتهامات بمحاولة الخطف كانت كيدية من قبل زوجة الجاني الرعوي نتحدى أي مدعي أن يثبت ذلك ..

لقد تعرضنا للظلم والتشهير من قبل الصحافة التي كنا نعتبرها نافذة للشعب يتطلع من خلالها للحقيقة وكأننا وباء لا بد من القضاء عليه، وقد وصل الحال بإحدى صحف اللقاء المشترك إلى نشر خبر عن قيام المئات من أهالي الحداء المسلحين باحتلال مدينة إب وأنا هنا أتحدى أي صحفي أو كائناً من كان أن يثبت بأنه كان هنالك تواجد مسلح لأبناء الحداء في إب بعد الحادثة وما حصل هو أننا نزلنا في مسيرة سلمية للإفراج عن المختطفين من أبناءنا في سجون الأجهزة الأمنية بذمار والمطالبة بنقل من ثبتت عليهم تهمة الثأر إلى العاصمة صنعاء لضمان الحيادية والنزاهة في سير القضية ، وللعلم فهنالك الآن في سجون الأجهزة الأمنية بمحافظة إب أطفال من قبيلة الحداء تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشر والخامسة عشر !

هذا وقد رفعنا رسالة لرئيس الجمهورية اليمنية أوضحنا فيها بمطالبنا نحن أبناء ومشائخ وعقال وأعيان الحداء في هذه القضية ( صورة من الرسالة في المرفقات ) .. كما أصدرنا بياناً استنكرنا فيه مقتل العقيد البداي ومحاولة اغتصاب أرضه والدناءة التي أوصلت موظفي البحث الجنائي في محافظة إب إلى إخراج جثة العقيد البداي من الثلاجة ورميها بالخارج حتى تعفنت وتغيرت ملامحها، بالإضافة إلى انحياز الأجهزة الأمنية بمحافظة إب إلى صف الرعوي وتنصيب أنفسهم كغريم واحتجازهم للشهود ورفع تقارير مغلوطة عما حصل سعياً منهم لقلب الحقائق وتزويرها لصالحهم بتاريخ 20 / 10 / 2007م ( صورة من البيان في المرفقات ).."

وفيما يلي مقتطفات من رسالة الاستغاثة التي بعث بها أبناء ومشائخ وعقال الحداء لرئيس الجمهورية اليمنية :

"نحن أبناء مديرية الحداء أبناء الثورة " ثورة السادس والعشرين من سبتمبر" أبناء شهداء الوحدة، أبناء الجمهورية اليمنية.. نتوجه بهذه الاستغاثة والنداء إليكم لإنقاذنا من ما يشن علينا من هجوم ظالم يستهدف إخوتنا من أبناء مديرية الحداء ويتمثل في في خطف واعتقال وسجن كل من يطالب بضبط الجناة في حادثة مقتل العقيد محمد ناصر البداي والتي وقعت في مدينة إب بإعداد وتآمر شخصيات اجتماعية رفيعة المستوى وتحت مظلة قيادات عليا في الدولة من أبناء محافظة إب حيث تم اختطاف عدد من أبناء مديرية الحداء من شوارع مدينة إب بدون وجه حق وبشكل مخالف للنظام والقانون وبتوجيهات مسئولين قياديين في الدولة يتظاهرون ويتهددون ويتوعدون الجهات المختصة في محافظة إب بعد إطلاق من تم خطفهم من قبل مشائخ إب ومسئوليها في قيادة الحكومة والهدف من ذلك أنه من لم يتنازل عن أرضه يتم التآمر عليه وقتله كما حصل في قضية مقتل العقيد محمد ناصر البداي والذي شارك فيها عدد من مشائخ ومسئولين إب داعمين بالسلاح والمال والنفوذ قبل وأثناء وبعد ارتكاب الجريمة لمحاولة طمس الحقيقة وتغيير صورتها ومعالمها وجعل الجاني المجرم والقاتل المعتدي هو المجني عليه وهو البرئ الذي لا حول ولا قوة له ، وقد قام أولئك المشائخ وأعضاء البرلمان بإعطاء القاتل الرئيسي في القضية صلاح الرعوي سلاح نوع آلي " كلاشنكوف " لتنفيذ جريمته وقتل العقيد محمد ناصر البداي من قبل النائب خالد العنسي وبتواطؤ كل من البرلمانيين عبدالعزيز الحبيشي ونبيل علي الباشا مع القاتل صلاح الرعوي لتنفيذ جريمته واغتصاب أرض القتيل العقيد محمد ناصر البداي، والعمل على تشويه الحقيقة في القضية وتأجيجها على عكس ما حصل من قبلهم إلى صحف المعارضة وإعطاء الضوء الأخضر لأحزاب اللقاء المشترك للمزايدة على وحدة الوطن وسيادته وسلامة نسيجه الاجتماعي في هذه القضية بتعاون واضح ومبطن من قبل كتلة إب البرلمانية ووزراء المؤتمر من محافظة إب في الحكومة والذي من المفترض أنهم يمثلون أبناء الوطن جميعاً وليس محافظة إب فقط مؤصلين بذلك للمناطقية والعنصرية ، وقد مارسوا كل أنواع التعسف والاعتقالات والحبس لكل من يتابع القضية أو يطلب المتهمين المذكورين للمثول أمام القضاء حيث حولوا مدينة إب إلى معتقل لكل من يأتي من أبناء مديرية الحداء للمطالبة بحقه أمام القضاء والقانون معتمدين على نفوذهم الكبير وسلطتهم في قيادة الدولة والبرلمان.

وعليه نطالب بتشكيل لجنة أمنية حيادية للتحقيق في القضية وما يحاك فيها من تآمر يجر أبناء الحداء في مواجهة مع المتآمرين في القضية، والإفراج عن من تم اعتقالهم أثناء متابعة القضية وعددهم اثني عشر فرد من أبناء الحداء معظمهم من الأطفال كما نطالب بنقل القضية إلى أمانة العاصمة لضمان استقلالية القضاء وعدم الضغط عليه من قبل المتنفذين والقتلة في محافظة إب."

" قبائل الحداء تطالب من الرئيس التدخل والإطلاع على حقيقة القضية والوقوف على ما حصل فيهم عن كثب لمنع أي تداعيات خطيرة تضر بوحدة البلاد وأمنها واستقرارها ومع ذلك فهم لن يرضون بما يمارس ضدهم من تعسف واستبداد واعتقالات وتعصب قبلي لا يخدم الوحدة الوطنية من قبل مشائخ إب وبرلمانيها ووزراءها في الدولة وسيردون بالمثل وسيكون ردهم قاسيا ومدويا على هذه التصرفات العنصرية والمناطقية المقيتة التي تصيح في أبواق المتآمرين على الوحدة ودعاة الانفصال، وكما فجروا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ودافعوا عن الوحدة اليمنية المباركة فهم مستعدين للدفاع عن كرامتهم والذود عنها حتى آخر قطرة من دمائهم أمام من يقومون بسفك دماء الآخرين ونهب أموالهم. "

وأخيراً نعود لوضع السؤال الهام: التهويل الصحفي وقلب الحقائق... يخدم من ؟!!

6/11/2007م

* روابط الوثائق المرفقة

 1. صورة من حكم المحكمة بملكية الأرض 1

http://www.0sss0.com/up/uploader_files211/06Z14186.jpg

 2. صورة من حكم المحكمة بملكية الأرض 2

http://www.0sss0.com/up/uploader_files211/lB114333.jpg

3. صور البيان ورسالة الاستغاثة لرئيس الجمهورية

http://www.0sss0.com/up/uploader_files211/ODL14478.jpg

http://www.0sss0.com/up/uploader_files211/2tQ14515.jpg


في الثلاثاء 06 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 07:12:02 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=2780