اليمن تتحضر أم تحتضر؟
مجلي احمد الجرباني
مجلي احمد الجرباني

بالـقرب من منزل الرئيس عبوة ناسفة وضعـتها الـقاعـدة.. أب رمى بأطفاله من الدور الخامس ثم قـتـل نـفسه بحـجة الـفـقـر وضيق الحال.. طيارة بدون طيار تـبحـث عـن كـبش فـداء.. الهياكـل الإسمنـتية للمجـمع الحكومي وكأنها بقايا دولة تحـتـضر.. رصاصة طائـشة تبحـث عن إنسان تـغـتـاله.. اعـتـذار رسمي لـكـل المواطنين بسبب الانـتهاكات التي ارتكبها الغـير مع التعهد بعدم تـكرار ذلك.. لافـتـات مطالبة بالحـقـوق ورد المـظالم التي حـصلت قـبل عهـد الرئيس.. أقـوام طامحـون لـلـكـرسي يـبحـثون عـن مارد الـفانـوس أو مبادرة أخـرى.. وجـوه تـمر بسرعة خاطفة يحجـبها عـنا زجاج عاكس لكـنـنا ندرك لمن سيكون ولائها.. روائـح الخـوف والـفـقـر والجـوع والمرض والجهل والـثـأر في كـل مكـان.. واقـــع رفعـنا شعار محاربته قـبل خـمسين عامــًا ولازال الـشر يعـبث بنا.. هـذه الأحـداث وغـيرها الـكـثير تـشكـل تضاريسنا اليمنية التي يمكن لـلعـين المجـردة أن تـلمح تـفاصيلها بسهولة.. ولـقـد أعجـبني الرئيس هادي عندما قال بأنه يسعى بكـل جهـد لمعالجة مشاكـل اليمن لكنه بالمقابل لا يملك عـصــًا سحـرية لحـل كل هذا الـتـشعب والـتـشاعـيب بعـيدًا عـن الشطحات النووية السابقـة, وهـذا الاعـتراف منه يعـد جـزء من الحـل الذي يجـب عـلينا قبوله ورحم الله شعـبـــًا عرف قـدر نفسه ومع هـذا لن تـتوقـف عـقـارب الساعة عـند هـذا التاريخ لأن سنة الحـياة أن يدفع الله الناس بعضهم ببعـض. 

يعاتـب البعـض الرئيس هادي ويحـرضون الشارع ضده لأنه يسمح للأمريكيـين بانـتهاك السيادة الوطنية من خـلال الضربات الجـوية وهي كـلمة حـق يراد بها باطل لأنهم لا يتـكـلمون عـن الـقرصنة الصومالية أو خـروقات أرتيريا في مياهـنا الإقـليمية, ولا عـن الـتـدخـل الإيراني السافـر, ولا عـن تدخـل دول الخـليج التي تـتعامل مع اليمن عـلى أنه مجـرد ملف من ملـفات وزارات خارجـيتهم, ولا عن هجـرات آلاف الأفريقـيـيـن المرددين \\\" إذا هاجـت الـفـتن فعـليكم باليمن \\\" فأين سيادتـنا يا سادة من كـل هؤلاء الذين يحـشرون أنوفهم في ملـفات الـيمن؟ لكنه حال من يرى الـقـذى في عـين غيره ولا يرى العـود المغـروس وسط عينه. وأنا إذ لا أبرر الـتـدخـل من أي جهة كانت لكن هـذا هـو ما يحـصل عـلى أراضينا وبتوقيع جـميع الأطراف السياسية يتـقـدمهم كـبـيرهم الذي عـلمهم السحـر فلا داعي لرفع قميص عـثمان والمزايـدة بحـب الوطن, ثم من متى ونحـن نملك سيادتـنا الوطنية؟ فـقـد خسرناها يا قـوم منذ عام الـفيل فهل نـتـباكى اليوم وقـد أجـتمع عـلينا الحـمار والـفـيل – شعارا حزبي أمريكا الشهيرين..!!

الرئيس هادي قـبل توليه الحـكم كان وزير دفاع صالح في حرب 94م ونائبه بعـد ذلـك لـكـن عـمله كـنائب لرئيس الجـمهورية لم يكـن إلا بمثابة إقـامة جـبرية في منصب منـتهي الصلاحية إلا من وضع حجر الأساس لمشاريع صالح..!! وكان اخـتيار هادي كـنائب جاء بعـد حـسابات دقـيقـة أثـبـتـت الأيام خـطأ تـقـديرات صالح وهـو الذي يؤمن بأن مصائب الرئيس العربي دومـــًا تـأتي من نائـبه. يجـب أن ندرك بأن هـذه هي أصعـب مرحـلة في تاريخ اليمن المعاصر والرئيس هادي ليس فـقط رئيســـًا توافـقيـــًا لجـميع الـقوى السياسية بل أظـنه وبعـض الظـن إثـم امتـدادًا لـثورة الـتغـيـير وتطـلعات شبابها كون الرجـل غادر منطـقـة الظـل الـتي رسمها له صالح, كما أن تصرف هادي ليس انـتـقـامــًا شخـصيــًا رغم أنه كان أكـثر شخـص دبلوماسي تضرر من نـظام صالح للأسباب التي يعرفها الجـميع, وهذا الـتحـول في سلوك الرئيس هادي لأنه لا يريد أن يكرر أخـطاء السلف الصالح رغم محـدودية الـفـترة, وكـثرة التحـديات, وتعـقيدات المشهد السياسي ومع هـذا فـقـد أجـرى تغـيـيرات حـيوية في قيادة الجـيش ورعى الحوار الوطني لـكن الهيكـلة لم تـكـتمل أضلاعها إلى الآن, ومخـرجات الحـوار لم ترى الـنور بعـد, ولا يوجـد دستور ما بعـد الـثورة, ولم يتم الاتـفاق عـلى شكـل الدولة الـقـادمة وهذا لا يجعل من اليمن دولة متحـضرة بقـدر ما هي دولة محـتـضرة. فإذا خـضنا الانـتخابات فسوف تـتوقـف هذه الإنجازات أو يتم الانـقـلاب عليها كما حصل في مصر, وستـدخـل الـتـنمية \\\" الفريزر \\\" نظرًا للـتعـبئة والاستـنـفار والفرز, وستسفر الـنـتائج عن حـسابات وسياسات مخـتـلـفة تمامــًا لأنـنا في بلـد لا يأتي الآخـر من حـيث أنـتهى الأول بل ندفـن السابق كـله ونبدأ من جـديد وهـذا له تـكـلـفة ندفعها من خـلال الـتيه داخـل المنطقـة الرمادية التي لا يتضح معها سوادنا من بـياضنا, ثم نخـشى أن يكون الانـتخاب مجـرد انـقلاب باسم الديمقراطية!!

خـزينة الدولة لا تسمح بخـوض معـترك سياسي جـديد والشارع لا يتحـمل المزيد من الاحـتـقـان, ومن ثم سيتطـلب فوز المرشح القادم الدخـول في بناء تحالـفات جـديدة وتدوير وظـيفي جـديد مما يعني تصفيات حزبـية عـقيمة لا تـفيد الـتـنمية بل تـشل الوضع العام لسنوات. لذا من أجـل الاستـقـرار أرى ضرورة منح الرئيس هادي فـترة انـتـقـالية ثـانية تـتـكون من أربع سنوات مع ضرورة تعيـيـن نائبـــًا له ويستحـسن إجراء انـتخابات برلمانية ليس فـقـط لأن البرلمان الحالي قـد بلغ الـنصاب وتجاوز الـفـترة الـقـانونية بل من أجل الـتهيئة لأجراء انـتـخابات رئاسية مع نهاية الفترة الانـتـقـالية الـثـانية .


في الثلاثاء 10 سبتمبر-أيلول 2013 06:34:51 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=22011