صُراخُ المقابِر
يحي الصباحي
يحي الصباحي

خلوتُ بنفسي بليلٍ بهيمٍ؛ وزُرتُ المقابر

وكان بصدري أزيزٌ مقيم يُزلزلُ بأسي

ويسقي بيأسي أنين المحابِر

صرختُ بصوتٍ يشُق الحجر

لماذا...حاصرتنا الكروب وصرنا رحىً في بنيـها تدور؟!

لماذا...غدونا مثل طيرغُــراب؛تغذت بِهِ ضارياتُ النُسور؟!

لماذا...أتتنا المصائب مثل المطر؟!

لماذا...سكنَّا في عميق الخرائِب؟!

وكُنَّا نعيش بأعلى القصور وكُنّا نبوء بأعلى المراتِب...

لماذا...أتتنا نكبات القدر؛ ولم تستثني منّا مُنيباً وتائِب؟!

لماذا...غدونا ثامِناتِ العجائب؟!

لماذا...ترعرع فينا وشب صُراخُ الضجر؛وصِرنا كعينٍ جفنها لايقـر؟!

وكُنَّا ...قلوباً بدون بصائِر...

وكُنَّا ...عيوناً ليس فيها بصر...

لماذا...أكلنا من لحوم الحيارى؛ ودينُ السماحةِ ما استباح البشر؟!

لماذا...أتانا الصمم؛وصار صُراخُ اليتامى يشُقُّ الحناجر؟!

ولكننَّا لم نزل في سُباتٍ مقيم وما زلزلتنا نائِحاتُ القدر؟!

لماذا...نحارب أنفسنا مُنذُ جِئنا هنا؟

لماذا...كفرنا بشرع السلام و حلَّ الخراب؟!

لماذا...جفونا الرسول الأغـر؟!

لماذا...اقتدينا بشرع اللئِام وقد كان فينا جمـيل الأثر؟!

لماذا...نُبدِلُ شرعَ الإِلهِ العظيم؛بشِرعَةِ شيطان أهل الغجر؟!

لماذا...نُبددُ ماضي الحضارة وقمنا نقايضُ عرشَ الفخار بنعش البهائِم؟!

لماذا...نعيش بنار الجحيم وكُنَّا هنا في نعيمٍ مقيمٍ؟!

وصار الغرورُ لنا مَعْلَـماً وأثر؟!

لماذا...نُباهي بنـذلٍ فَجَـر؟!

على ما التعالي ونحن صـغارٌ في عيون الصغار ؟!

لماذا...سقينا الغيور كؤوس الضرر؟!

لماذا...لبسنا ثياب الخـور؟!

لماذا...نسينا زئـير الأسود؛ وأصبح فينا خُوارُ البقر؟!

***

أفاقت رُفات المقابر

أفاقت برغم السُبات

أجاب الرماد

أجاب الدُخان

أجاب التراب

أجاب الحجر

أجابت جميعاً وقالت كفى

دعونا ننام ورفِقاً بـنا

لقد أفزعتنا رعود الحناجر

وهل يطلب الميتون عوناً بموتى؟!

إليكم جواباً صوتهُ كالزلازل

لعلَّ الجواب يكونُ شِفاكم

كفاكم نواحاً

أفيقوا كفاكم

لبستم عراكم

وزاد شقاكم

ومات عُلاكم

بِـــذَنْـبِ النعالِ التي تعتليكم

بِـــذَنْـبِ المطايا التي تمتطيكم

بِـــذَنْـبِ الرزايا التي تزدريكم

بِـــذَنْـبِ الشقي الذي عاث فيكم

بِـــذَنْـبِ الـوُلاةِ التي تبتـليكم

بِـــذَنْـبِ الذي من أجلهم قد حفيتم

بِـــذَنْـبِ الذي بعراهُم عريـتم

بِـــذَنْـبِ الوباءِ الذي زاد فيـكم

بِـــذَنْـبِ النِفاقِ الذي شاع فيكم

بِـــذَنْـبِ السُكوتِ الذي يعتريكم

بِـــذَنْـبِ الضميرِ الذي مات فيكم

بِـــذَنْـبِ التعري الذي يكتسيكم

بِـــذَنْـبِ الخطايا التي ترتديكم

بِـــذَنْـبِ الشهيدِ الذي مات فيكم

بِـــذَنْـبِ دمٍ طاهرٍ ساح فـيكم

بِـــذَنْـبِ الفقيدِ الذي ضاعَ فيكم

بِـــذَنْـبِ الغباء الذي بات فيكم

بِـــذَنْـبِ كؤوسِ سموم بها قد سُقيتم

ومِنها سَقَيتُم من سعى لعُـلاكم

بِـــذَنْـبِ الحميم الذي صار فيكم

سُقيتُمُ بِهِ مِن أيادي اللـئِام

ولكنكم رغم كُلِّ العناء رضيتم

بِـــذَنْـبِ التمادي ومد الأيادي

لنَغلٍ شقي يُريدُ شقـاكم

بِـــذَنْـــبِ ضُمورِ المـــكارم فيكم

بِـــذَنْـبِ المُجون الذي قد غزاكم

أحاط سماكم واعتلى كُـلَّ دار

ليُصبحَ فيكم حرامٌ حـلال

وما كان فيكم حلالاً حـرام

أبحتم لأنفسكم كُلَّ عـار

وأضحت مجامعكم ساحةً للقِمار

بِـــذَنْـبِ المذلةِ والإنكـسار

بِـــذَنْـبِ دموعِ الثـواكل

بِـــذَنْـبِ أنين اليتامى

بِـــذَنْـبِ جراح الأيامى

بِـــذَنْـبِ العذاب الذي قد سُقِيهِ المُهاجر

بِـــذَنْـبِ إقتناصِ الحرائِر

بِـــذَنْـبِ الخفايا التي في السرائِر

بِـــذَنْـبِ المكوثِ وسط الحظائِر

معَ كُلِّ بـغلٍ ونـغلٍ وسافِر

بِـــذَنْـبِ النكوثِ بعهدٍ لِثائِر

بِـــذَنْـبِ تلاعُبِكم بالمشاعِر

بِـــذَنْـبِ تهاونِكم بالشعائِر

بِـــذَنْـبِ إختلافِ العشائِر

بِـــذَنْـبِ الشتات بكل المحاور

بِـــذَنْـبِ إفتقاركم للضمائِر

بِـــذَنْـبِ إنتحار الـــبشائِر

بِـــذَنْـبِ إقترافِكم للكبائِر

بِـــذَنْـبِ التمادي باحترامِ اللئِام

وتقبيلكم نعلَ كُلِّ سفيهٍ وغادر

بِـــذَنْـبِ احتِقارِ الكِـريم المُثابِر

بِـــذَنْـبِ التجافي والتصدي لعاثِر

بِـــذَنْـبِ التآمر

بِـــذَنْـبِ التناحر

بِـــذَنْـبِ نداكم لنزع الحجاب

وتعذيب أهل الهُدى والصواب

بِـــذَنْـبِ إنقِلابٍ حقيرٍ وصاغِر

على كُلِّ شهمٍ أبيِّ هُـمام

يُدبرهُ ويُديرُ رحـاه؛

عميلٌ خسيسٌ لئيمٌ وعاهِر

فيا من سألتم لماذا...

كفاكم لماذا

أثرتم قلوباً تحتويها المقابَر

ولكنكم عن قريبٍ هـنا

فنحن هنا في نعيم مُقيم

وأنتم هناك بعُمقِ المقابر


في الإثنين 02 سبتمبر-أيلول 2013 04:34:55 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=21906