لعنة الصحة في تعز بمستشفياتها
هشام الجرادي
هشام الجرادي

في مدينة تعز عاصمة الثقافة أكبر مدن الجمهورية اليمنية, قلب الثورة وروحها المتجدد أبناؤها منتشرون في كل بقاع اليمن, حالة الشقاء والبؤس تلاحقهم دائما إذا تحركت إلى أي محافظة يمنية سواء في زيارة أو في مؤتمر أو مهمة ستجد أن معظم من ستلتقيهم لتلبية احتياجاتك, البقال والحداد والبنشر والمكنيك وتاجر الملابس وبائع الذهب وبائع الماء من تعز, ناهيك عن عمال اليومية والموظفين وغيرهم, هؤلاء لديهم عائلات في تعز سواء في القرى أو المدن بالإضافة إلى ساكني هذه المدينة.

أي بمعنى قد يصل تعداد السكان في هذه المدينة إلى خمسة ملايين نسمة.

لم ابدأ بهذا الكلام إلا لتحديد الأولوية وكي لا يقول قائل ان بعض مما كتبت يتواجد في كل محافظات اليمن.

ففي تعز يموت الإنسان الفقير ويصاب بالفقر الميسور إذا أصيب بالمرض, وأصبحت صيدليات ومستشفيات تعز مكتظة بالرهونات الذهبية هذا خاتم ذهب وهذه حلقة ذهبية وهذا شولي وغيره, وطبعا الجميع يعرف ان لا احد يقوم بإجراء فحوصات عادية أو يذهب للعلاج من الأمراض العادية لأن العلاج دائما حبة فوار او قرص ثومة وانتهينا يومين وتقوم مثل الحصان حتى لو تأخرت قليلا نظرا لهول ما ستصرفه إذا فكرت في الذهاب لمشفى خاص في تعز, وطبعا نظرا لانعدام الرعاية في مستشفيات المحافظة الحكومية أصبح الاستثمار في مجال الطب من أفضل البدائل المربحة في مجال التجارة والاقتصاد نظرا للدخل المهول والأرباح الطائلة التي تأتي من كد وتعب ابن تعز, حتى أصبح إنشاء مستشفى خاص أفضل من إنشاء مصنع متكامل بمعداته وإنتاجاته وطبعا حدث ولا حرج كم يعاني أبناء تعز من هذه المستشفيات ويلعنونها بمجرد ان تطأ أرجلهم كل مستشفى نظرا لأسعارها التي تتزايد يوما بعد يوم وأجهزتهم التي تتراوح أسعار استخدامها حسب قول احد الممرضين عند سؤالي عن ( لماذا الجهاز في هذا المستشفى مرتفع قليلا عن المستشفى الآخر وكلا المستشفيين استثماري؟) قال: حقهم الجهاز صيني أما جهازنا الأصلي, طبعا شيء إيجابي ان يكلمك احدهم او يرد عليك حول هذه الأشياء لأنك في المستشفى الخاص لا تستطيع حتى السؤال لأن الإجابة دائما وأبدا أنا موظف وهذا عملي, وهناك مقوله لأبناء تعز ان أسعار المستشفى الخاص تزداد مع زيادة ارتفاع أدوار بنائه أو ارتفاعه عن سطح الأرض ولم تعد المهنية الطبية ذات أهمية لدى المستثمرين في هذه المستشفيات.

الوضع مزرٍ في تعز, إذا نظرت إلى كل مستشفيات المدينة ستجد بناياتها الخارجية لا بأس بها نظرا لأن البناء تم على أيدي المتبرعين من دول أخرى لم تلطخه أيدي الفساد, لكن إذا دخلت داخل أي مستشفى سترى الإجرام بعينه في تدمير هذه المستشفيات, مطابخها, حماماتها, غرفها, مكاتبها, وكأنك في مسلخ الضباب المخصص للأبقار والأغنام ناهيك ان في المسلخ لا ينقطع الماء, أما في مستشفياتنا ينعدم الماء نهائيا مما يؤدي الى تعفن كل شيء, وتتوقف الكهرباء أيضا مما يؤدي الى توقف كل شيء.

ما هزني ذات يوم وأنا على الهواء أثناء عمل لقاءات مع بعض مرضى الفشل الكلوي في مشفى الثورة كانت أمنيتهم (الموت الفوري الآن) بكيت من هول الموقف تتمنى الموت لماذا يا أخي؟, أجاب: يا أخي أنا فقير وابتلاني الله بالمرض أتمنى أن يأخذ أمانته, وأجابت إحدى الأمهات بقولها يا ولدي كي أصل إلى هذا الجهاز أموت عدة مرات من الألم والآهات نظرا للازدحام وأنا اتي من قرية في شرعب تبعد ساعات.

أصيبت إحدى الأمهات بأزمة قلبية تم نقلها إلى المستشفى الجمهوري وبمجرد وصولها طلب من ابنتها شراء لصقة للكنيوله لأنها لا تتواجد في المستشفى ولا تتواجد الإبرة المهدئة ولا حتى أبسط الخدمات المهمة والتي لا يتجاوز سعرها الخمسين ريالا, سألت مدير المستشفى عن وضع المستشفى أجاب ان ميزانية المستشفى المعتمدة لاتتجاوز10% من المطلوب الضروري.

مدراء ومسؤولو كل المستشفيات في محافظة تعز عند لقائي بهم يشكون من قلة الاعتمادات للمستشفيات من قبل الحكومة, وتجاهل طلباتهم الضرورية لإنقاذ المستشفيات وانهم قد قدموا أكثر من مرة للعديد من الأجهزة ولم يصلهم أي رد وهم على استعداد للتصريح بهذا أمام الجميع,......... إن كان الحال كذلك ما الحل؟.

دعوني هنا أيضا أسرد لكم بعض النقاط الهامة جدا والتي يجب تداركها بأسرع وقت:

· أولها وأهمها هو أن المريض في مشافي تعز لا يلقى الاهتمام (الرحمة) من قبل الكادر الطبي ابتداء بالطبيب وانتهاء بحارس البوابة, فالمريض يتم التعامل معه كغريم لأنه حضر إلى مستشفى حكومي, بالرغم من أن نفس هذه الشخصيات في المستشفيات الاستثمارية تستخدم أسلوبا آخر وقت الدوام الآخر.

· لا تتواجد في مستشفيات تعز أدنى وأبسط الخدمات على سبيل المثال اللصقة المستخدمة في تثبيت كنيولة وهذه سعرها خمسون ريالاً ناهيك عن الشاش والإبر المهدئة والتي يفترض ان تتواجد مجانا.

·حسب آخر زيارة كل الثلاجات في مشافي تعز لا تقبل الموتى, نظرا لامتلائها.

·مرضى الفشل الكلوي يموتون نظرًا للازدحام الشديد على مركز الكلى الصناعية الذي أجهزته لا تتجاوز اثني عشر جهازًا.

·في مدينة يعيش فيها أكثر من أربعة ملايين نسمة لا يتواجد فيها جهاز محوري, إلا واحد ( خربان منذ زمن).

·إذا احتجت لجهاز الأشعة الحمراء في أي مستشفى في تعز تحتاج أن تنتظر دورك وقد يأتي دورك ثاني يوم.

·لا توجد غرفة عناية مركزة في كل مستشفيات المدينة والغرف الموجودة ممتلئة على الدوام وإذا لديك مريض قلب مهدد بالموت يجب عليك الذهاب لمستشفى خاص وهذه المتشفيات تشترط دفع مبلغ مائة ألف ريال يمني كعهدة قبل الدخول ومن ثم تَدفع في اليوم خمسة وعشرين ألف ريال, هذا في المستشفيات الخاصة التي على ناصية الشارع ناهيك عن أسعار التي تبعد عن الناصية, أو يموت مريضك.

· لا يوجد في تعز التي يعج ماؤها بالملوحة والتلوث جهاز تفتيت حصوات بالليزر أو جهاز منظار نهائياً, وعدد سكان المدينة كما ذكرنا سابقا قد يصل إلى خمسة ملايين نسمة بينما يتواجد الجهاز في مديرية معبر بمحافظة ذمار.

· لا يتوفر في مستشفيات تعز أبسط الأجهزة الضرورية والخدمات المطلوبة حسب ما يطلبها مسئولو هذه المستشفيات من السلطة المحلية.

· الأسرة الموجودة في كل مشافي تعز لا تلبي 5% من احتياج المحافظة.


في الأربعاء 19 يونيو-حزيران 2013 05:26:01 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=20967