|
مع الحديث هذه الأيام عن تقرير اليمن حول مدينتي صنعاء وزبيد المدرجتين ضمن قائمة التراث العالمي، ووجود زبيد ضمن النطاق الأحمر وصنعاء ضمن النطاق الأصفر، ومع تعرض جبل العصيبات وظفار للتخريب المتكرر والمستمر منذ تقريري الأول لمجلس الوزراء في 23 يناير 2008م، وتقريري الملحق عن آثار العود، وتدمير متحف جبل العود وسرقة آثاره، هذا الى جانب ما تنشره الصحافة عن آثار مأرب والجوف وشبوة القديمة وحضرموت، وتعرض كل تلك المواقع للاعتداءات الممنهجة، أجد أنه من المناسب التذكير بالآثار وعظمة تاريخ اليمن ومخزونها من تراث مادي وغير مادي.....
فالإنسان اليمني قد ترك آثارًا مادية وغير ماديه تبين... وتظهر بجلاء قدرة الإنسان اليمني، وما وصلت إليه حضارات اليمن العظيمة من مجد ورفعة، فالآثار تأخذنا برحلة في الحضارات التي قامت، والتي يمكن من خلالها معرفة أزلية التاريخ وعصور الحياة القديمة فالمتوسطة حتى العصور الحديثة. وتشكل الآثار الشاهد الرئيس والحي على التاريخ والحضارات التي تعاقبت على أرض اليمن، الأمر الذي يستدعي منحها الاهتمام فيما يتعلق بالحفاظ والصيانة والتوثيق.
كما تعتبر الآثار العنصر الأساسي في ترتيب المقومات السياحية لأية دولة لأنها تعدُّ عنصر جذب أساسي في مقومات السياحة، بل إن الآثار تمثل موردًا أساسيـًّا لبعض الدول ومكونـًا رئيسـًا لميزانيتها مثل جمهورية مصر العربية، وإسبانيا، وتونس، والأردن، وسوريا. إن كل ما هو موجود من آثار على الأرض يعدُّ جزءًا مهمـًا من التراث الإنساني فهي حضارة إنسانية بذاتها، وهذا سبب اهتمام اليونسكو بالحفاظ على هذه الممتلكات الثقافية، والتي من أجلها سنّت القوانين الدولية، كما أن هناك معاهدات للمحافظة على المواقع والمواد الأثرية مثل اتفاقية (لاهاي) بخصوص الحفاظ على المواد والمناطق الأثرية أثناء النزاع المسلح، إلى جانب الاتفاقيات الجديدة المتعلقة بالآثار المغمورة بالمياه. وتعدُّ اليمن طرفـًا فاعلاً في كل هذه الاتفاقيات. لقد حددت لجنة التراث العالمي اليوم العالمي للآثار الذي يحتفل به بتاريخ 18 أبريل/ نيسان من كل عام، وحدد 18 مايو ليكون يوم المتاحف. إن كل ما هو موجود من آثار على أرض الجمهورية اليمنية يعدُّ جزءًا مهمـًا من التراث الإنساني بل يمثل حضارة إنسانية قائمة بحدِّ ذاتها, كما أن المخطوطات بمختلف أنواعها تعتبر جزءًا من الآثار اليمنية القديمة, واليمن غنية جدًّا بالمخطوطات المختلفة التي تمَّ تجميع بعضها والاحتفاظ بها في دار الكتب أو مكتبة الجامع الكبير, ومكتبة دار الأحقاف في حضرموت, والمركز الوطني للوثائق.
كما أن اليمن تتميز بثرائها بالنقوش والزخارف بمختلف أشكالها والتي تعدُّ جزءًا مهمـًا من الآثار اليمنية (نقش العمارة أنموذجـًا). وتمثل العمارة اليمنية الطراز الأكثر غنى بتنوعه والمواد المستخدمة، وذلك تبعـًا للفترة الزمنية أو الحضارة التي أنتجته. إن التراث الثقافي المادي يشمل الآثار، وأن التشغيل الحقيقي للسياحة في الدولة وترويجها لابد من أن يعتمد على التراث الثقافي المادي وغير المادي وليس على الآثار أو المواقع الأثرية فقط. إن إيجاد هذا الوعي ونشر ه في المجتمع ليس مقصورًا فقط على إحدى مؤسسات التنشئة فقط، وإنما يمكن تحقيقه أيضـًا من خلال إشراك وإعمال وتفعيل دور الإعلام التلفزيوني والإذاعي ودور المسرح إلى جانب التوعية من خلال المطبوعات والكتيبات وحلقات الدراسة والندوات والمؤتمرات والإنترنت.
أقول هذا وآثارنا في ظفار والعود ومأرب وشبوه والجوف وحضرموت وفي أماكن عديدة تتعرض للنهب المنظم وغير المنظم، فإذا كان آباؤنا قد شيدوا حضارات عظيمة وتركوا آثارًا مادية وغير مادية لتلك الحضارات فإن واجبنا أن نحافظ عليها حتى تكون شاهدًا على عظمة الإنسان اليمني ومؤشرًا على إسهاماته في الحضارة الإنسانية، وأيضًا مصدرًا للدخل للأفراد والمجتمع والدولة.
والله من وراء القصد،،،،
في الإثنين 20 مايو 2013 03:50:36 م