يوم الأرض في جامعة صنعاء...معركة بلا سلاح!!!
د. عبد الملك الضرعي
د. عبد الملك الضرعي

يوم16/9/2012م عقد بجامعة صنعاء لقاء موسع لأعضاء هيئة التدريس كرس لموضوع واحد هو موضوع أرض هيئة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم ، وأود التأكيد قبل الخوض في هذا الموضوع أنني أحد أعضاء هيئة التدريس بالجامعة ولا أختلف مع زملائي في الجامعة من حيث المطالب العديدة التي تحقق الإستقرار المعيشي لعضو هيئة التدريس بما يمكنه من أداء رسالته العلمية بصورة مثلى ، ولكني ومعي بعض الزملاء نأسف لغياب أولويات قصوى تمثل مصلحة عامة يجب البدء بها وهي المتصلة بإصلاح التعليم الجامعي ،فبينما تتصارع أجنحة مختلفة على الأرض السكنية ،نجد التعليم ينهار بشكل يومي ولا بواكي له ، وتجاهل مثل تلك القضية سيؤدي لنتائج كارثية على مستقبل الوطن والتنمية ، وبالتالي حسب وجهة نظري كان من الواجب أن توضع عدة قضايا للنقاش قضايا عامة مثل إنتهاكات قانون الجامعات اليمنية وغياب التجهيزات العلمية الضرورية للعملية التعليمية مثل تجهيزات المعامل والقاعات ..إلخ ،بجانب القضايا الخاصة مثل الأرض السكنية وحتى نضع القارئ الكريم على تجاذبات ما عرف بيوم الأرض ، وجاءت التسمية على سبيل المقارنة بيوم الأرض الفلسطينية حتى لقب أحد الأساتذة المهندسين المتابعين للموضوع منذ(20)سنة بصائب عريقات، على كل حال شمل هذا اليوم مشاهد متعددة يمكن إيجازه فيما يلي:

1- منذ الصباح الباكر بدأ موظفو الجامعة الإحتشاد أمام بوابة الجامعة ورفعوا اللوحات التي تنتقد أعضاء هيئة التدريس ونقابتهم، وهذا الموقف هو موقف تضامني مع موقف رئاسة الجامعة ونقابة الإداريين في الجامعة.

2- شوهد عدد من الطلاب يجوبون ممرات الجامعة مطالبين بخروج الفرقة الأولى مدرع من الجامعة وهؤلاء يمثلون(الكتلة الطلابية للحزب الإشتراكي اليمني)، ولاندري هل كان موعد المسيرات عفوي أم جزء من فعاليات يوم الأرض.

3- بعض من طلاب إتحاد طلاب الجامعة يتجمعون حول قاعة ياسر عرفات التي سيعقد فيها أعضاء هيئة التدريس إجتماعهم ، ولديهم لوحات وشعارات تطالب بترك أرض مذبح للتوسعة المستقبلية للجامعة، مؤكدين على حق ابائهم أعضاء هيئة التدريس في أرض سكنية ، ولكن حسب وجهة نظرهم أرض مذبح الأحق بها المرافق التعليمية لكونها إمتداد للحرم الجامعي.

 4- أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم يتوافدون على قاعة ياسر عرفات ولكن على غير العادة لم يسمح لهم بالدخول مباشرة-أثناء الإنتظار تحدث أحد الزملاء منزعجاً عن إتصال ليلة البارحة من زميل يدعوه لعدم حضور إجتماع اليوم وسوف يضمن له قطعة أرض – واستمر الإنتظار لفترة خارج القاعة ثم سمح بالدخول مع بعض الإحتياطات الأمنية مثل إبراز البطاقة.

5- مع بداية اللقاء بدأ أعضاء الهيئة المساعدة في التجمع في جانب من المنصة رافعين لوحات تعبر عن تعرضهم للظلم والتهميش، وكان الجو متوتر خلال سماعهم لإجراءات تسليم كروت الأرض ، ولكن تم إحتواء ذلك التوتر من خلال تحاورهم الشخصي مع بعضهم.

6- بدأ المسئول المالي بالهيئة الإدارية بالحديث ثم رئيس النقابة ثم عرض مهندس المشروع ملخصاً للمراحل التي مرت بها المتابعة حتى الآن، بعد ذلك تحدث وزير التعليم العالي وكان كلامه واضحاً بالنص(أن قضية الأرض مهمة ولكنها جزئية وأنه سوف يستمع للكل وأننا في حالة وفاق...إلخ) وكلامه يؤكد مرجعية الوفاق الوطني ورئيس الجمهورية عند اتخاذ أي قرار، طبعاً كل ذلك والمتظاهرين يرددون الهتافات خارج القاعة.

7- بدأ تدشين توزيع كروت الأرض على أسر المتوفين والمتقاعدين ، وحدد موعد للبقية في مقر النقابة من الساعة الرابعة إلى الثامنة وبسبب كثافة الأعداد وضع جدول يحدد أيام معينة لكل كلية لتسلم تلك الكروت ، المهم أن الأمور تسير في مقر النقابة بصورة طبيعية، والكل يحدوه الأمل في الحصول على قطعة الأرض الموضحة في الكرت.

8- في نفس اليوم وبعد الظهر أيضاً التقى وزير التعليم العالي برئيس الجامعة ورئيس الجمعية السكنية لأعضاء هيئة التدريس ورئيس نقابة الموظفين ومدير عام الأراضي وممثل عن اتحاد الطلاب ، وخرج الاجتماع كما نشر في موقع صحيفة26سبتمبر، بأن الجميع يرون أن تصرف النقابة أحادي وأن رئاسة الجامعة لاتتحمل المسئولية الجنائية الناتجة عن تصرفات ملاك أرض مذبح تجاه أعضاء هيئة التدريس ، وطرحوا أن الملاك يطالبون تعويض ب(26)مليار ريال في حال أستخدمت الأرض إستخداماً سكنياً، ودخل ممثل الطلاب في الخط ليطالب بسرعة بناء كليات الجامعة الضرورية في مذبح وترك باقي المساحة للتوسعة المستقبلية، والملفت أن رئيس الجمعية السكنية ضمن المصطفين مع موقف رئيس الجامعة يؤكد ذلك ما نسب إليه في هذا الإجتماع أو عندما حضر الاجتماع الموسع صباحاً ووزع منشور يؤكد عدم علم الجمعية بمستجدات أرض مذبح وأنها قطعت شوطاً كبيراً في أرضية ضبوة وبني الحارث، بل وجه إنتقاداً لاذعاً للنقابة.

ما سبق يمثل خلاصة مبسطة لمشهد يوم الأرض في جامعة صنعاء ، ومع ذلك سنضع مجموعة من الملاحظات العامة منها:

أولاً- أن بعض التوجهات الحزبية حشدت وسائلها الإعلامية منذ اليوم السابق متناولة عيوب ومخاطر توزيع أرض مذبح على أعضاء هيئة التدريس ومعززة من أهمية البديل المطروح في ضبوة وبني الحارث ، وقامت بعض القنوات ووسائل الإعلام الأخرى باستضافة بعض أعضاء هيئة التدريس الذين أبدوا حساً وطنياً عالياً في الدفاع عن المصلحة العامة ، بل أن بعضهم في كلياتهم دعوا زملاء لهم في15/9لمقاطعة الاجتماع الموسع ، ولكن المؤسف أن هؤلاء تناسوا الوطنية عندما تأكد لهم توزيع كروت الأرض واصبحوا في مقدمة الباحثين عن تلك الكروت مساء يوم16/9 عجباً من حواراتهم الحامية الحنانة الطنانة وكأن لسان حالهم يقول (أنا ومن بعدي الطوفان وياروح مابعدك روح) عجيب لم يصمدوا حتى(24)ساعة، ومن هؤلاء من كان في مقدمة الحاضرين يوم16/9!!!على الرغم من تحريضه حتى للهيئة المساعدة ولكنه عندما أحس بجدية الموضوع تنكر حتى للهيئة المساعدة وفضل مصالحه الشخصية عن المبادئ التي كان يرددها!!!

ثانياً- أعضاء الهيئة المساعدة يقولون ماذا ستخسروا لو أخذتم من خمس لبن والبقية للجميع فخمس لبن يمكن أن تشيد فله سكنية محترمة ، بل كيف يمنح بعض أعضاء هيئة التدريس وزوجاتهم أكثر من قطعة مع أن السكن عائلي وليس فردي ، ويقول أحدهم ماذا سيحدث إذا كان لدى بعض الدكاترة أكثر من زوجه من عضوات هيئة التدريس سيكون نصيبه أكيد عشرات اللبن ، بينما نحرم نحن ثلاث أو أربع لبن ، ويقولون نحن ندفع مثلكم تماماً في الجمعية السكنية فلماذا نستبعد، ومن خلال متابعة صفحات التواصل الاجتماعي تبين أن الزملاء المبتعثين خارج الوطن أيضاً عبروا عن إنزعاجهم من الإستبعاد الذي طالهم من أرض مذبح.

ثالثاً- بعض أعضاء هيئة التدريس يعترضون على إحتجاجات الهيئة المساعدة ، قائلين لايعقل أن يتساوى من قضى عشرات السنين من عمره بمن عين منذ عام أو أشهر، ويضيف بعضهم كيف يعترض أعضاء الهيئة المساعدة وغالبيتهم عين بالمخالفة لقانون الجامعات اليمنية.

رابعاً- يؤكد رئيس الجامعة المكلف ومجموعته أن أرض مذبح ملكية عامة ولا يجوز تحويلها إلى ملكية خاصة حسب قانون أراضي وعقارات الدولة ، وهم في نفس الوقت يقولون خصصنا(60) ألف لبنة من أراضي الدولة في بني الحارث، فهل قانون أراضي وعقارات الدولة يسمح في بني الحارث ولايسمح في مذبح!!!

أخيراً ماسبق كان مشاهد من الخلاف الناشب حول الأرض السكنية لأعضاء هيئة التدريس وبعض الأطراف المؤثرة في هذا الملف ، تلك المشاهد كتبت بشكل حيادي قدر الإمكان وبوجهات نظر متعددة ، نأمل أن لاتكون هذه القضية سبباً لزيادة حدة الصراعات والمخالفات داخل الجامعة ، لأن الخلافات والصراعات التي تتمحور حول القضايا الشخصية ستؤثر بصورة مباشرة على القضايا العامة ، ونعتقد أن قضية إصلاح التعليم الجامعي وتنفيذ قانون الجامعات اليمنية تعد من القضايا المحورية العامة ذات الأولوية في الجامعات اليمنية.


في الإثنين 17 سبتمبر-أيلول 2012 05:35:50 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=17338