|
لا حديث هذه الأيام إلا عن التسريبات التي تتناقلها مختلف وسائل الإعلام والمتعلقة بالتعديل الوزاري المنتظر لبعض وزراء حكومة الوفاق الوطني، وما يهمنا كرياضيين الحقيبة المتعلقة بوزارة الشباب والرياضة، والتي وبحسب ما تم تسريبه سيتم تغيير الأخ معمر الإرياني واستبداله بوزير آخر، وإذا ما صدقت تلك التسريبات -التي قيل أنها في حكم الحقيقة وأنها سترى النور خلال الأيام القادمة- فإن وزارة الشباب والرياضية معنية أكثر من الوزارات الأخرى بالتغيير المرتقب، كونها تهم شريحة واسعة من المجتمع والمتمثلة بالشباب والرياضيين، كما أنها تعوم على صندوق النشئ.
لست معنياً ببقاء الوزير أو تغييره –سواءً في وزارة الشباب أو غيرها- مع احترامي الشخصي له كشخص فهو مجرد موظف وإن جعله الهيكل الإداري على رأس موظفي القطاع، ولكن ما يهمني هو على أي أُسس إرتكز التغيير-إن تم فعلاً كما سُرب- خاصة أن الوزير لم يمضي على تعيينه أكثر من نصف العام، ومن وجهة نظري هذه الفترة غير كافية للحكم على أداء أي وزير ما لم يكن قد اقترف أمراً ليس بالهين يستدعي تغييره بهذه السرعة.
من حق الرأي العام الاطلاع على حيثيات وجوانب القصور التي يتم بموجبها تغيير الوزير حتى يمكن للجميع الحكم على صوابية الاستبدال، ولكي يقارنوا كذلك بين الوزير القادم إذا لم يُجري التغيير المطلوب ولم يتم استبداله بعدها.. بمعنى أدق ينبغي أن يكون التغيير وفق تقييم الأداء المنجز لا وفق الشخصنة والأسماء، وإلا لن يعمر وزير في وزارته.
ليس بخاف على أحد أن الخلاف بين مجموعة من الموظفين في وزارة الشباب ووزيرهم بسبب بعض المطالب التي قال القائمون على الوزارة أنه تم تلبيتها، فيما ينفي الموظفون أن تكون وزارتهم قد لبت مطالبهم، وبين النفي والإثبات حرنا في من نصدق!!، مع أن المنطق يقول أنه لو تم تسوية أوضاع الموظفين لما استطاعوا إنكار ذلك فالشمس لا يمكن حجبها بغربال.
اعتقد أن كمية الوعود -الكثيرة- التي كان يتمنى الوزير تحقيقها -والتي أشدت بها في أكثر من مقال-ضاعت بين استحقاقات المهم والأهم، فالرجل أراد تحقيق كل شيئ في أقصر فترة ممكنة، ولأن العجلة من الشيطان، فقد أفلح في أشياء وأخطأ في أخرى، ولأن الخطأ هو العنوان البارز خاصة إذا مسّ أهم ما ينبغي على القطاع المختص القيام به، فإنها كغلطة الشاطر التي لا تغتفر.
اجتهادات كثيرة ذهب إليها الوزير، ولعل أبرزها على الإطلاق الانتخابات الرياضية التي أراد من خلالها أن تكون بوابة التغيير الذي يُدخله الى قطاع الشباب والرياضة، ولكن ما أفرزته نتائجها سواءً على صعيد الأندية ثم الاتحادات الفرعية فالعامة، أوضحا أنه لا يوجد تغيير جذري بالمعني الذي كان ينتظره الجميع قياساً على الأجواء التغييرية التي تعيشها بلادنا والتي أتت بحكومة الوفاق الوطني، بحيث أن الأموال التي صرفت على الانتخابات لم تأتي بجديد على المستوى الإجمالي وليس الفردي لبعض الأندية والاتحادات، والاستثناء يذكر ولا يقاس عليه.
كما أن إقامة المراكز الصيفية في شهر رمضان أوضحت بجلاء أن التغيير في عقلية إدارة الوزارة لم يتغير، فالمردود لم يكن طيباً وكان على القائمين إدراك ذلك من نظرة سريعة للشهر العربي الذي سيصادف الشهر الميلادي الذي تقام فيه المراكز الصيفية.. والنتيجة ميزانية كبيرة صرفت على مراكز شبه خاوية، وعادة ما تكون كذلك في شهر غير رمضان فما بالنا بشهر الصوم، ولعل هذه كانت من الأمور التي تم تقييم عمل الوزارة وفق نتائجها.
ما حصل في بطولة العرب بجدة من مهزلة النشيد الوطني، وعدم تصرف الوزارة بمسؤولية تجاهها، وما لحقه في أولمبياد لندن من مشاركة لاعب بلا مدرب ولاعبة تشتكي الأنيميا ومدرب مستعار، ووفد يفوق الرياضيين، أشياء لم تحرك الوزارة لها ساكناً، وإن كانت الإدارة المباشرة لغيرها لكن ذلك لا يعفيها من أن تقوم بدورها الرقابي وإلاشرافي كونها الجهة الممولة.
وأنا اكتب المقال وصلني على حائطي في الفيسبوك -من شخص يسمي نفسه إعلامي رياضي- رسالة تضم أسماء ثلاثة زملاء صحفيين قيل بحسب المنشور أنهم استلموا من وزير الشباب والرياضة ما يبلغ أكثر من 2 مليون ريال -بعضها بالدولار- وتذاكر سفر في فترة لا تتجاوز 4 أشهر، ويقول المنشور –الذي لم نتأكد من صدق محتواه- أنه سعرض كل يوم 3 أسماء جُدد، وما جعلني أربط بين المنشور وبين تسريبات تغيير الوزير أمور كثيرة، أولها أنه عمل استباقي للتشهير بأناس يكونون قد استلموا تلك المبالغ، ولكن السؤال المهم لماذا صُرفت لهم في حينه، ولم يُشر إليها إلا الآن فقط؟.
المبالغ –التي قيل أنها صرفت- ليست بالقليلة، ولكن لماذا في الأساس صرفها الوزير لهم؟ هل ليتقي بها شرهم؟ وهل يوجد ما يخاف منه ليتقيهم به؟ ولماذا الآن بالذات يحاول البعض التشهير بهم؟... أتأسف لأمرين أولهما عندما تصرف مبالغ كبيرة من دون وجه حق، مع أن هناك من الأبطال من لا يجدون من يكرّمهم من صندوق النشئ، وثانيهما أن يتم تسليم المبالغ الخاصة بالرياضيين لغيرهم مقابل أمور لا نعرفها، ولكن يُفضَح شأنها عندما يختلف الشركاء... وسواءً كانت التسريبات صادقة أو مغرضة إلا أن سؤالاً يتبادر إلى ذهن كل واحد منا: متى يكون التغيير من أجل التغيير لا من أجل الاستبدال؟؟.
في الإثنين 27 أغسطس-آب 2012 05:39:28 م