تقييم مسار المرحلة الإنتقالية على ضؤ المبادرة الخليجية
م/ فهد العبسي
م/ فهد العبسي

التقييم عبارة عن قياس لمدى تحقيق الأهداف المخطط لها وقد يكون عبارة عن تقدير مرحلي أو بعد الإنتهاء من المشروع أو البرنامج، ويعتمد التقييم بشكل أساسي على قياس المؤشرات الدالة على تحقيق الهدف، وكما قال الرئيس هادي بأن لديه هدف عام وهو إخراج اليمن من عنق الزجاجة التي عَلِقنا فيها. وقد كان للمرحلة الإنتقالية أهداف فرعية تحققت وتمثلت في أسقاط رأس النظام الأسبق وتجنيب اليمن حرب أهلية، إلى جانب ظهور بعض المؤشرات الدالة على تحقيق تلك الأهداف والمتمثلة في إنتصار الجيش اليمني على القاعدة في محافظة أبين، والتحسن الملحوظ في توفير الخدمات الأساسية وخصوصاً الكهرباء والديزل والبترول والغاز، وتقليص حجم المظاهر المسلحة في صنعاء وتعز. وبالرغم من تحقيق تلك الأهداف والمؤشرات فيبدو أن الرئيس التوافقي قد علق معنا في الزجاجة، وبما أن للمرحلة الإنتقالية نجاحات فإن لها إخفاقات عديدة.

فمنذ إندلاع الثورة اليمنية في 11 فبراير 2011م، والتي تمخض عنها توقيع المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011م، بين الأطراف الحزبية اليمنية (شركاء الأمس خصوم اليوم)، حيث نصت على تنفيذ المبادرة عبر مرحلتين:

المرحلة الأولى

بدأت بتفويض علي صالح لنائبه ، ومن ثم تشكيل حكومة توافقية، تلاه تشكيل اللجنة العسكرية لتخفيف حدة التوتر والإنقسامات داخل المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية، وقد أنتهت المرحلة الأولى بإنتخاب الرئيس التوافقي والمرشح الوحيد للرئاسة عبدربه منصور هادي بتاريخ 21 فبراير 2012م.

المرحلة الثانية

والتي من المفترض أن تبدأ بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وإصدار قانون العدالة الإنتقالية، والحوار الوطني، وإعادة صياغة الدستور، وتنتهي في فبراير 2014م، وقد أصطدمت هذه المرحلة بالعديد من الحواجز والمتمثلة بالعصيان والتمرد على قرارات الرئيس هادي من قبل بعض أقطاب النظام الأسبق، فالجيش لا يزال منقسما على نفسه والأمن يخترق بين الحين والآخر. أضف إلى ذلك أن ما يمارسة الرئيس هادي في عملية الهيكلة عبارة عن تدوير للمناصب العسكرية وحركة تنقلات من لواء إلى آخر وليست هيكلة حقيقية للجيش.

وقد كشفت المرحلة الثانية عن وجود قصور في المبادرة الخليجية والمتمثلة في غياب أي إجراء رادع داخل بنود المبادرة أو آليتها المزمنة على من يرفض تنفيذ قرارات الرئيس أو الحكومة وينتهك المبادرة، هذا بالإضافة إلى غياب الشفافية في تنفيذ المبادرة، إلى جانب إهمالها للقضية الجنوبية ومطالبها العادلة.

وفي ظل الاخفاقات المتكررة للأجهزة الأمنية، والمتملثة بإختراق القاعدة للمؤسسات العسكرية اليمنية عن طريق تنفيذ عمليتين إنتحاريتين أدت إلى إستشهاد العديد من أفراد الأمن المركزي والشرطة العسكرية، نلاحظ أن الرئيس هادي لايزال مترددا بشأن إعادة هيكلة تلك الأجهزة أو إقالة قياداتها بل على العكس من ذلك لايزال متمسكاً بتلك القيادات والتي يقارب عمرها من عمر النظام الأسبق.

الأداء الحكومي للفترة المنصرمة كان مشلولاً وجوبه بالعديد من الإنتقادات والسخرية من قبل الأطراف السياسية المختلفة سواءً المعارضة أو المؤيدة، ويلاحظ أن الحكومة مقيدة في أداء واجباتها وتنفيذ قراراتها وتطبيقها على أرض الواقع وتتجسد مهام الحكومة في اللقاءات والمقابلات والزيارات والسفريات، ولنا في القرار التالي عبرة فقد صدر القرار الوزاري والذي يقضي بعدم أو منع توظيف أقارب المسئولين حتى الدرجة الثالثة، ونلاحظ أنه في اليوم التالي يتم إصدار قرارات جمهورية ووزارية بالجملة بتعين أبناء وأخوة مسئولين في مناصب حكومية رفيعة بدرجة وكيل وزارة وغيرها من الوظائف في كل من وزارة التخطيط ووزارة الشئوة الإجتماعية والعمل، والمؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي والهيئة العامة لمشاريع مياه الريف، إلى جانب ذلك فإن الحكومة قد فشلت في إصدار قانون العدالة الإنتقالية والذي يصعب الموافقة عليه من قبل البرلمان اليمني الحالي والذي يشترط التوافق بين جميع الأطراف من أجل المصادقة عليه.

إلى الآن لم نرى أو حتى نسمع أن الحكومية قامت بتطبيق حقيقي لقانون الخدمة المدنية حول التعيينات والتوظيف والتقاعد وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا الشأن.

الفساد لا يزال مستشري والفاسدين لا يزالون يمارسون مهامهم ويتمترسون خلف مناصبهم كما كانوا، ولم نسمع أن النائب العام أو غيره ألقى القبض على فاسد أو أنه تم التحقيق في قضية فساد.

جدير بالذكر أن العملية السياسية التي تمخضت عنها المبادرة الخليجية كانت عبارة عن حل توافقي أرتضت به الأحزاب والنخب السياسية اليمنية، بعيدا عن الشباب والنشطاء السياسين الذين تم تهميشهم من خلال التوقيع على المبادرة وإنتهاءً بالحوار الوطني المزمع إنطلاقه بالرغم من المعارضة الشديدة لهذا الحوار من قبل الشباب ورفضهم المشاركة فيه قبل أن تتحقق مطالبهم والمتمثلة في إقالة بقية أفراد العائلة من الجيش والمؤسسات الأمنية، وعلى الرغم من أن هذا المطلب يعتبر أساس الإنطلاق للمرحلة الثانية من المبادرة الخليجية إلا أن الرئيس هادي يجد صعوبه في تحقيقة وقد يكون السبب الرئيس في فشل المرحلة الإنتقالية كما قد يؤدي إلى نشوب موجة من الإحتجاجات يقودها شباب الثورة ضد هادي.

أن فشل هادي في إدارة المرحلة الإنتقالية يعني تشرذم اليمن أو العودة إلى المربع الأول أو التمديد للمرحلة الإنتقالية وإبقاء اليمن تحت الوصاية لعامين آخرين مع الإبقاء على كل المؤسسات المنتهية الصلاحية مثل مجلس النواب ولجنة مكافحة الفساد وغيرها، وإستمرار التوتر وعدم الإستقرار، وإنعدام الأمن وتفشي الفساد والجريمة، وإرتفاع معدل البطالة والفقر، وستبقى اليمن تنشد ثورة بعد ثورة.

ولإنجاح المرحلة الإنتقالية يجب على الرئيس والحكومة والأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية ذات العلاقة القيام بالتالي لأجل تصحيح مسار الفترة الإنتقالية:

التوصيات

• تضمين بنود رادعة داخل المبادرة الخليجية لكل من يحاول إعاقة العملية الإنتقالية، وخصوصاً تلك المتعلقة بإعادة هيكلة الجيش

• إقالة القيادات العسكرية والأمنية التي أراقت دماء الشهداء واساءت لمؤسساتها العسكرية والأمنية بدلاً من تدوير المناصب فيما بينها

• إعطاء حيز للقضية الجنوبية داخل المبادرة الخليجية

• تطبيق القوانين الصادرة والمتعلقة بالخدمة المدنية والعسكرية وإقالة الفاسدين

• فتح قنوات تواصل بين الرئيس ورئيس الوزراء والشباب وبقية أفراد المجتمع

• إطلاق سراح السجناء والمخفين قسراً من شباب الثورة

• إصدار قانون العدالة الإنتقالية

• تمكين الشباب من المشاركة في صنع القرار والعمل على إشراكهم في الحوار الوطني عن طريق تنفيذ مطالبهم المشروعة

• تحجيم دور الشخصيات النافذة والتي تعمل على إثارة التوترات

• التعجيل بإنشاء لجنة تفسير المبادرة الخليجية

• منع حمل السلاح في المدن الرئيسية ومصادرة سلاح كل من يخالف القانون

alabssi_fahd@hotmail.com


في الأحد 29 يوليو-تموز 2012 12:38:58 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=16690