أين نحن ذاهبون
رجاء يحي الحوثي
رجاء يحي الحوثي

إلي أين نحن ذاهبون. ويحدث هذا في اللقاءات وفي المهاتفات عبر غرف الاجتماعات وعلي الشبكة العنكبوتية ، وفي كل صورة من صور التواصل بين الناس. ولا أعني  في مطلع هذا الكلام العاصمة صنعاء، وإنما أعني بها الوطن كله الذي تعبر عنه وترمز إليه. ولا أعني باليوم الزمن المعروف وإنما أعني المرحلة الحالية من حياتنا السياسية والثقافية والاجتماعية، في أوقات الشدة الوطنية يري كل ذي رأي أن من واجبه تقديم ما يستطيع تقديمه إلي وطنه. ويري الذين يمارسون العمل السياسي اليومي، أو يتمنون ممارسته، أن الرأي وحده لا يكفي، وبعضهم يري أنه لا يجدي، ولذلك يتجمع المتقاربون من هؤلاء ليكونوا أشكالاً جديدة من القوي السياسية: فهذه حركة، وتلك جماعة، وهذا تجمع، أن حياة اليمنيين علي أرض اليمن قدر لا مهرب منه لأحد والعمل من أجل تأكيد معاني العيش الواحد الذي يجمع بينهم في وطنهم الواحد، والتوعية بها، هو المخرج الوحيد من الفتن المتتالية التي نعاني منها .

إن معني العيش الواحد في الوطن الواحد أن يكون بين المختلفين، دينا أو ملة أو أو أصلا عرقيًا أو هوية ثقافية، نوع احتمال لما لابد منه من الاختلاف بين الناس، ومعيار هذا الاحتمال الواجب أن ينزل كل طرف عن بعض حقه، الواجب له، رعاية لمرضاة أخيه في الوطن وفرق ما بين ذلك وما بين العيش المشترك الذي يضم المختلفين دينًا أو ملة أو أصلا عرقيًا أو هوية ثقافية ويعيشون في مناطق مختلفة من العالم، أن معيار التعامل في العيش المشترك هو الحقوق وحدها، تُطلب وتُؤدي علي ما توجبه العقود أو الاتفاقات أو القوانين ولا تفرق بين هذا وذاك . ففي العيش الواحد ليس بين الناس كرامات، وإنما بينهم أخوة وتعاون، ينزل هذا عن بعض ما يريد ويترك ذاك بعض ما يستحق، لأن الناس في العيش الواحد عائلة واحدة يحمل بعضها بعضًا، ويعين بعضها بعضًا، وينصر بعضها بعضًا. لكن في العيش المشترك يتقاسم الناس خيرات الأرض، وما خلق الله لهم فيها مما يسعهم جميعًا، فإذا زاحم أحدهم الآخر في حقه أو ملكه أو سيادته لم يقبل ذلك منه. في العيش الواحد علاقات مودة وأخوة وفي العيش المشترك واجبات تؤدي وحقوق تؤدى معيارها قول الله تبارك وتعالي: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا) «البقرة:29» والذي ندعو إليه جميعًا هو إدراك هذه الحقيقة الأزلية: أننا للعيش علي أرض هذا الوطن الواحد خلقنا . وأن أحدًا منا لن يستطيع أن ينفي الآخر مهما كان له من القوة، أو ظن بنفسه من البأس، أو استشعر من مناصريه التصميم علي ما يحرضونه عليه، أو يدفعونه إليه، أو يستحسنونه من قوله وفعله والدين الحق حائل بين صاحبه وبين العدوان علي غيره . ويجب أن يكون ما يمليه الضمير ويُلِزمُ به العقل وتدعو إليه المصلحة الوطنية العامة للجميع .

*محامية ومستشارة قانونية


في الثلاثاء 03 يوليو-تموز 2012 05:46:23 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=16323