عوامل القوة والنهضة في اليمن-الجزء الأول
د. أحمد الدبعي
د. أحمد الدبعي

في عام ٢٠٠٠ جمعتني الأقدار في صنعاء بمسؤليين في وزارة التخطيط ومنهم وكيلين للوزارة..كان هناك نقاش حول قضايا تنموية. أصابني وجوم ويأس شديد. فقد بدا لي أن حكومتنا ووزارة التخطيط لا عمل لها إلا التسول ولا تملك أي خطة تنموية طموحة ولا يتعدى دورها دائرة الإستسلام للعوز والفاقة والتسول..فكل ما تسمعه من المسؤولين هى كلمة "الممولين, وشح الإمكانيات" . حكومات صالح لا تؤمن بقدرات الشعب وعلاقتها بالتنمية كعلاقة جدتي بعلم الفلك والإحتباس الحراري !!!!!

إننا أمام قضية في غاية الخطورة فالبلد الذي لا يعرف مكامن قوته وعوامل انطلاقه هو مقبرة لشعبه وفي طريقه للإندثار, مسلوب الإرادة ومسكون بالتبعية الدونية للخارج..!!

إلى من سيقود اليمن..

صناعة الدولة في العصر الحديث تتم عن طريق الاستثمار في مهارات وإنتاجية الانسان وقد ظهرت دول بلا موارد طبيعية مثل اليابان وفلندا وكوريا الجنوبية في طليعة الدول المزدهرة .

المسؤول اليمني الذي يدعي ان اليمن فقير، هذا المسؤول فقير عقل وإمكانية وابداع ولا يصح ان نتركه يقود البلد لانه بلا طموح ولا مشروع تنموي ولا يعتبر الا متسول قليل الحيلة .

يجب ان نراهن على الانسان اليمني وندعمه للوصول الى الوضع الذي يؤهله للإبداع . صدقوني لا توجد دولة فقيرة بل عقليات فقيرة.

 

اليمن بلد متجانس عاش فيه الناس آلاف السنين ومنذ أكثر من ألف سنة والشعب يتبع مذهبين ..المذهب السني الشافعي والمذهب الزيدي ويصلي أتباع المذهبين في نفس المساجد ويعيشون بحب وسلام واحترام متبادل قل نظيره في بلدان أخرى..هذه نعمة كبرى ..لكن هناك من يريد أن يحولها إلى نقمة...معاً للتصدي لدعاة التمزق والفتنة..اليمن في أعناقنا جميعاً..

اليمن بحاجة لوكالات لشركات صناعية كبرى تشغل ايادي الشباب العاطلة عن العمل..لسنا بحاجة لوكالات لمذاهب جديدة تدخل اليمن في دوامة من صراعات القرون الوسطى. نحن اليمنيون أول من استوعب الإسلام ومن مصدره النقي..نحن أحفاد الأنصار علمنا البشرية الإسلام ..

أنا مؤمن يقيناً أن ازدهار اليمن يكمن في الاستثمار في الانسان والتوجه نحو ثورة علمية صناعية شاملة..هذه الثورة الحالية يجب أن تكون بوابة لنهضة علمية صناعية زراعية شاملة.. لدينا طاقة بشرية هائلة..

تابعت بقلق وحزن شديد التوتر في ساحة التغيير بصنعاء ..أصبحت الساحة حلبة صراع بين تيارات مختلفة وكأن منصة الساحة مركز إدارة الكون من تحكم به فقد سيطر على العالم..من هنا أرسل هذه الرسالة إلى هذه الأطراف..

١-إلى شعبنا اليمني العظيم

رائع أن نرى الثورة تنطلق من الساحات إلى المؤسسات مدفوعة فقط بحب الوطن والتغيير للأفضل وبعيدة عن الحقد الشخصي والتشفي الضيق..واصلوا عملكم بهدوء..

٢- الى ثوار الساحات: لماذا لا تقيموا عدة ساحات بدلاً من ساحة واحدة ..تم في تعز بناء عدة ساحات والأمور لم تصل هناك لخلافات على منصات..!!

 

٣- إلى الإصلاح والمشترك: الإصلاح حزب مؤسسى ومنظم وكذلك بقية أحزاب المشترك عليهم أن يعطوا الشباب فرص أوسع للمشاركة وأن يكونوا أكثر صبراَ على الشباب وأكثر تقبلاً لأرائهم فاليمن أكبر من الجميع.. الحقيقة والحكمة لا يحتكرهما إلا كل الشعب..فاليكن حزبكم هو اليمن في هذه اللحظة الفاصلة وترفعوا عن الحزبية الضيقة وتواضعوا في تعاملكم مع بقية المكونات..

 

٤- إلى الحوثيين

الحوثيون جزء أصيل من مجتمعنا وتعاطفت جداً معهم أثناء الحروب الظالمة التي تعرضوا لها..لكن الآن المطلوب من الحوثيين الخروج من شرنقة المذهبية الضيقة وهاجس التجاذبات والتمدد المذهبي إلى التمدد المدني والوطني الأوسع..لماذا لا يقيم الحوثيون حزباً لهم وفق قانون الأحزاب ويتبنوا برنامجاً سياسياً وأهدافاً شفافة واضحة وفقاً لدستور الوطن. نريد أن نرى تنافساً برامجياً تنموياَ بين القوى المختلفة وتختفي مسببات الصراعات التي طحنت الوطن. اليمن بحاجة ماسة للإستقرار والتنمية..

نريد من الحوثيين ألا يقتلوا أمريكا أو أسرائيل ويساهموا فقط في قتل الفقروالجهل في البلد !!! نريدهم أن يرفعوا شعار الموت للتخلف والبطالة , الموت للعنصرية والفقر..أما أمريكا وإسرائيل فهي ليست قضيتنا الآن.. عدونا الحقيقي هو الفقر والجهل والفشل الإقتصادي. دعونا نوجه شعبنا للقضاء عليه..

وهنا أوجه رسالة أخوية لأنصار الإصلاح والحوثيين معاً أتمنى عليكم أن تغلبوا حب الوطن ومصلحته العليا على كل القضايا الأخرى فالوطن بحاجة طاقات شبابكم الخلاقة ولن ينمو الا في ظل استقرار وسكينة..

٥- إلى كل المستقلين يجب عليكم دوماَ الإنحياز للوطن وعدم التخندق مع هذا الطرف أو ذاك ..الوطن بحاجتكم جميعاً..

 يجب أن نناضل من أجل دولة مدنية فيها مساواة بين الجميع ..ولا نوجه الثورة الى مسارات تغذي صراعات قادمة..وكل عام والوطن والشعب بخير...


في السبت 31 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:23:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=13114