أغاني الحصاد
ياسين عبد العزيز
ياسين عبد العزيز

بعدَ ليلٍ ألقى العصا في رمادي

رتَّلَ الفجرُ أغنياتِ الحصادِ

مَرَّ دهرٌ كأنَّني كنتُ فيهِ

أُمَّةً عشتُ همَّها في فؤادي

مثخنٌ بالجراحِ في كلِّ شبرٍ

طعنةٌ من أخٍ طغى في بلادي

أمضغُ القهرَ أرتجي منهُ رُشداً

شاخَ بالطيشِ طامعاً في ازدرادي

كنتُ أخشى على البلادِ التشظي

وهو للأرضِ عارضٌ بالمزادِ

عشتُ بالوهمِ خائفاً من عدوٍّ

ليسَ إلاَّهُ كانَ شرَّ الأعادي

إنْ تأوَّهتُ ناقداً فيهِ عيباً

ضاقَ ذرعاً بآهتي وانتقادي

أو توجَّعتُ راعفاً من جراحٍ

ضاعفَ الجرحَ بطشُهُ واتقادي

أحتسي الدمعَ صابراً خوفَ غازٍ

أحصدُ القهرَ من جيوشِ الفسادِ

إنَّ أقسى العناءِ بالحُرِّ فتكاً

أنْ يرى الشعبَ هامداً كالجمادِ

***

مَرَّ دهرٌ وكلُّ حُرٍّ يعاني

وطأةَ الظلمِ والأسى والسهادِ

جاوزَ الظلمُ حدَّهُ فاستفاقتْ

أمَّةُ الضادِ بعدَ طولِ الرقادِ

ثارَ فيها الشبابُ سلماً فأضحى

كلُّ حُرٍّ بأمَّةٍ في الجهادِ

يتحدونَ كلَّ طاغٍ تمادى

ويدكُّونَ حِصنَهُ بالمدادِ

صرخةُ الثائرينَ أقوى وأعتى

من صواريخِ ظالمٍ أو عتادِ

أيُنجِّي الطغاةَ جيشٌ إذا ما

أمَّةٌ آلَ صبرُها للنفادِ ؟!

إنها صيحةُ الشعوبِ أتتهمْ

مثلُ ريحٍ أتتْ على قومِ عادِ

تتهاوى العروشُ منها تباعاً

فتُغنِّي الحمامُ في كلِّ وادي

:أيها الظالمونَ كفُّوا أذاكم

وارحلوا .. آلَ سعيُكم للكسادِ

ما زرعتم لنا سوى كلِّ شرٍّ

فاحصدوا اليومَ زرعَكمْ كالقتادِ

***

أيها الظالمُ الذي عاشَ يشدو

بالمآسي .. ولم يثُبْ للرشادِ

ثلثَ قرنٍ للخلفِ تمضي بشعبي

دونَ وعيٍ .. وأنتَ بالزيفِ حادي

تتغنَّى بمنجزاتٍ كطيفٍ

تتلاشى كفرحتي واقتصادي

كيفَ يقتاتُ الجوعُ شعباً غنياً

كلَّ يومٍ شقاؤهُ في ازديادِ ؟!

يمنُ الجنتينِ صارتْ رمالاً

إذْ شربتَ (الحقولَ) والشعبُ صادي

أيها (الحوتُ) أينَ ما في بحاري

من مراسٍ وثروةٍ واصطيادِ ؟!

أيها (الغولُ) أينَ قوتي وأمني

أيها (الذيلُ) أينَ حقِّي السيادي ؟!

أينَ تاريخُ (حميرٍ) أو (معينٍ)

.. (حضرموتٍ) ، وأينَ دورُ القيادي ؟!

ثلثَ قرنٍ أضعتَ إرثي ومجدي

ثم عرقلتَ نهضتي واجتهادي

عجباً أيَّ منجزاتٍ تراها

باسمكَ اليومَ يا زعيماً تنادي ؟!

***

أيها المستبدُّ يكفي خِداعاً

كلُّ زيفٍ نراهُ كالشمسِ بادي

تتغنَّى ببرلمانٍ - لحزبٍ -

يخدمُ القصرَ طيِّعُ الانقيادِ

قلتَ شرعيَّتي أتتْ بانتخابٍ

وبها شرعنَ (الحصانُ) انفرادي

أيَّ (دِيمُقْـ ..) أرسَيتَها في نظامٍ

كانَ (جمهو ..) فعادَ التاجِ غادي ؟!

تتغنَّى بوحدةٍ سطَّرتها

بالتآخي والحُبِّ بيضُ الأيادي

خنتَها بالحروبِ والظلمِ حتى

كِدتَ تُنهي أخوَّتي واتحادي

ظالماً عشتَ، عنصريَّاً، مقيتاً

تزرعُ الحقدَ، ناسفاً للودادِ

(شوروياً) زعمتَ .. خيَّرتَ شعبي

أنْ يموتوا بالحربِ أو دونَ زادِ

وترى نفسَكَ (الزعيمَ المفدى)

ك(عميدِ الظغاةِ) بالشعبِ فادي

قد عزلناكَ .. فارحلنْ دونَ شرطٍ

لم تكنْ (صالحاً) ولا (الـ عبدُ .. هادي)

***

أيها المستبدُّ يكفي جنوناً

لستَ أهلاً لحكمِنا أو (حُمادي)

غرَّكَ السِّلمُ من شبابٍ تسامى

فتماديتَ ناسياً مَنْ تُعادي

تغرقُ الشعبَ بالمآسي لتنجو

من رحيلٍ .. بقتلِ خيرِ العبادِ ؟!

تحقُ الثائرينَ في أرضِ عِزٍّ

تتحدى إرادتي؟ أمْ عنادي ؟!

كيفَ تشكو حصادَ شوكٍ أليمٍ

ناسياً ما زرعتَهُ في (جُمادي) ؟!

***

أيها الظالمُ الذي عادَ أشقى

من بنيهِ وحزبهِ في التمادي

حاملاً لـ(الحمامِ والوردِ) زيفاً

داعياً للسلامِ .. بالحربِ شادي

أسلامٌ هذا الذي انصبَّ مزناً

من رصاصٍ على شبابِ البلادِ ؟!

قد وجدنا (حمائمَ السِّلمِ) ناراً

أطلقتْها معسكراتُ (السوادِ)

وكذا (الميْجَ) قاذفاتٍ بـ(وردٍ

من جحيمٍ) بها نسفتَ البوادي

لم تدعْ حرمةً لشيخٍ وطفلٍ

أو لأمٍّ .. أضعتَ كلَّ المبادي

لم تدعْ حرمةً لبيتٍ وسوقٍ

أو لصرحٍ ومسجدٍ أو لنادي

لم تدعْ حرمةً لرأيٍ سديدٍ

أو لحزبٍ وفكرةٍ واعتقادِ

طِلتَ حتى الزهورَ بالحربِ ظلماً

والعصافيرَ والحمامَ الشوادي

قبَّحَ الله فيكَ شخصاً مسيخاً

عُدتَ تخفيهِ تحتَ جلدٍ رمادي

***

يا عدوَّ السلامِ والحُبِّ مهلاً

سوفَ تلقى بالحربِ شرَّ العوادي

أترى الشعبَ كالقطيعِ انقياداً

سوفَ ينقادُ بـ(السلامِ الإبادي) ؟!

غادرِ القصرَ سالماً دونَ حربٍ

واتعظْ بـ(العقيدِ) قبلَ التنادي

سوفَ تجني عواقبَ الظلمِ خِزياً

أبديَّاً وحسرةً في المعادِ

وسأجني نصراً وعِزَّاً ومجداً

وعلى اللهِ يا(غُرابُ) اعتمادي

***


في الجمعة 28 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:32:05 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=12102