العودة المشؤومة
علي عويضة
علي عويضة

لم يكن السابع عشر من يوليو من العام 1978م فأل خير على الشعب اليمني, وبالتالي فلن يكون التاريخ نفسه من العام الحالي 2011م سوى مزيد من الفأل السيئ لهذا الوطن, خصوصا اذا صدقت الانباء التي اوردتها جريدة الاخبار اللبنانية بأن هناك ترتيبا لإعادة صالح الى اليمن في الذكرى القادمة لأفظع الكوابيس وأطولها في تاريخ اليمن, ذكرى الجلوس الجملكي.

أستحضر هنا حكاية الزير سالم وحرب داحس والغبراء التي استمرت 40 عاما, والتي كانت تخبو نارها قليلا عندما يغيب فارس تغلب عن ساحة الحرب, يشعر البكريون والتغلبيون بقليل من الامن وينسون او يتناسون ثأر كليب الذي كان الحل الوحيد له في نظر الزير سالم واليمامة بنت كليب ان يعود فقيدهم حيا, لكن سرعان ما تقرع الحرب طبولها من جديد بعودة رجل الحرب الاول وفارس زمانه, يعود الزير سالم من غربته حاملا مشعل الحرب من جديد صائحا بأعلى صوته ( يا لثأرات كليب ), وهذه الكلمة توحي بالنية للهجوم, بينما صاحبنا الذي يريد ان يعود يحمل شعارا آخر وهو ( سنواجه التحدي بالتحدي ) مما يعني بأنه سيمترس من جديد في موقع الدفاع عن كرسيه, وسيقف مرة أخرى ضد الثورة الشعبية في الفصل الثاني من ( مواجهة التحدي بالتحدي ).

عودة صالح لن تكون سوى اعلان حرب اهلية, وستضع اليمن في مأزق خطير في ظل غياب الرؤية المستقبلية لدى جميع الاطراف السياسية والشعبية, حيث ان كل الرؤى الموجودة تتصادم تصادما كليا مع وجود صالح او احد اقاربه في الحكم.

الوطن اليوم منقسم الى فئتين, فئة ترى ان عليها اسقاط بقايا النظام على اعتبار ان رأس النظام سقط, مع عدم تبنيها لعميلة الاسقاط تلك بالطريقة التي حدثت بها, وفئة أخرى ترى في الطائفة الاخرى عدوا لها اغتال زعيمها ورمزها ورفاقه, هذا الاتهام جاء من تعبئة خاطئة اتبعها الاعلام الرسمي على مدى اكثر من شهر, صور فيها للرأي العام المحلي بأن شباب الثورة واحزاب اللقاء المشترك وأبناء الاحمر هم من يقفون وراء تلك العملية, ولعب الاعلام ايضا على الوتر الديني الحساس لدى الشعب اليمني المحافظ, مركزا على ان العملية حدثت في المسجد اثناء تأدية القوم لصلاة الجمعة, هكذا حدث أو هكذا يراد لنا ان نفهم من قبل عتاولة الاعلام الحكومي.

وما بين هذه الفئتين, وطن يترنح, واقتصاد ينهار, ومواطن يئن, وبنية تحتية تدمرها قوات الحرس العائلي في تعز وأرحب, وفي أبين ايضا, التي يقف النظام على رأس قائمة المتهمين بدعم المسلحين فيها.

غاب صالح فقلت التوابيت, حسب توصيف العزيز مروان الغفوري, وان عاد عادت طوابير التوابيت للساحات, وازدهرت سوق حفاري القبور, وزاد عدد النائحات, وامتلأت كشوفات جمعيات رعاية الأيتام.

عودته لن تكون سوى موسم جديد من القتل, وفصل آخر من جمعة الكرامة, ونسخة أخرى من محرقة تعز, لم يكن الرجل يوما فأل خير على هذا الوطن, فكيف سيحمل اليوم خيرا لليمن وهو عائد ليواجه التحدي بالتحدي؟!

لماذا لا يترك اليمن يواجه التحدي الأكبر؟ لماذا يريد ان يكون هو التحدي الأكبر في وجه اليمنيين؟ أمامنا اليوم تحدي من اكبر التحديات, تحدي بناء اليمن الجديد, اليمن الذي ينشده الجميع في السلطة والمعارضة, لماذا لا يكف هذا المقامر عن هوايته ويترك اليمنيين يرسمون مستقبلهم بأيديهم؟!

أمامه فرصة واحدة, يترك جميع التحديات ويدع اليمنيون يواجهون التحديات بأنفسهم, كتب الله له أن يخرج من اليمن بأي طريقة كانت, فإن عاد عدنا, وربما بعدها لا يستطيع ان يخرج من اليمن مرة أخرى لينجو بنفسه, وان اجتمعت كل مبادرات العالم كلها لانقاذه, وان هبطت بساحته كل طائرات الاخلاء الطبية الشقيقة والصديقة.

نريد له ان يستريح وسنواجه كل التحديات, واذا اضطررنا لمواجهته فسنواجهه حتما, وكما يردد هو فسنواجه التحدي بتحدي, باعتباره التحدي الاكبر الذي يقف اليوم امام بناء يمن جديد.

Ali_mareb@hotmail.com


في الجمعة 15 يوليو-تموز 2011 03:56:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=11019