|
لقد عَرف أتباع التيار السلفي في مصر خطورة الوضع والبقاء خارج الخارطة السياسية وما يسببه هذا من تهديد للبقاء, وبالتالي بقاء ما يحملونه من مشاعل هداية وأساليب توعوية أمام عجز شبه تام أمام رد أي قرار سياسي بالإقصاء أو بالإلغاء أو بالمنع لأي منبر توعية أو دعوة مهما كان بدائياً وبعيدا عن عالم السياسة, فالهجمة اليوم تعدت أن تكون محصورة على الجوانب السياسية وأصبحت شاملة لكل نواحي الحياة الأخلاقية والاجتماعية والسعي لهدم هذا الكيان الإسلامي المترابط وكل من يقوم على تقويته بأي وسيلة وبأي طريقة وبأي مسمى, فبعد أن تم منع القنوات الفضائية ذات طابع الفكر السلفي وبعد تحقيق نسبة عالية جدا للمشاهدة بعد ظهور تقارير تحذر من تنامي (التدين) في المجتمع المصري, صدر القرار بإيقاف هذه المنابر الدعوي "بجرة قلم", وأمام العجز عن أي مقاومة استسلم القائمون أمام هذا الحضر.
نقول هذا مع علمنا أن منابر الدعوة كثيرة ووسائل إيصال الخير للناس متعددة إلا أننا نريد أن نضرب مثالا واحد من الواقع القريب ليتبين لك أثر القوة السياسية في قوة الدعوة وبقاء الخير بين الناس.
مما سبق وغيره جعل التيار السلفي في مصر يدرك الواقع ويدرس الوضع ليخرج بقرار شجاع في تشكيل تكتل حزبي له خصوصيته وأيدلوجيته وفكره المعروف والذي (بإذن الله سيكتب الله له النجاح لما يحمل من مقومات البقاء والقوة) خصوصا انه ابتدأ بتكتلات لها نفس الهدف فتجمعت تحت تكتل واحد وحزب واحد له قوة اجتماعية ضارب.
وأمام مُحرمات الماضي أصبح "الحزب" اليوم من مقومات البقاء للدعوة ولمقوماتها في زمان لا يرحم من يعيشون خارج الواقع بملابساته, فبعد نظرة ثاقبة فقهية مقاصدية واعية بحقيقة التغيرات ومدى تحقيق المصلحة للدعوة والعمل الدعوي خرجت هذه القناعات الموفقة والمدركة لحقيقة التغيرات وأصدرت هذا القرار الشجاع.
ما سبق من تجربة مصرية للتيار السلفي تشترك مع التيار السلفي في اليمن؛ لأن الفكر السلفي منبعه واحد ومقصده واحد وأيدلوجياته لا تختلف عن بعضها البعض, تحتم على التيار السلفي في اليمن أن يعي خطورة الواقع الذي يعيشه اليمن, وأن يساهم في إصلاح اليمن فكريًا ودينيًا واجتماعيًا وسياسيًا ولن يكتب له البقاء والقوة إلا إذا شكَّل لنفسه تكتلا أو حزبا يخوض غمار السياسة ويحفظ للتيار السلفي موقعه في المعترك الثوري اليوم, على الأقل الحفاظ على المكتسبات الدعوية من الانهيار أو الضعف عن طريق حفظ التوازن بين كفتي المعادلة السياسية بين اليسار المتطرف واليمين الواعي والمعتدل.
وقد أدرك الكثير من علماء التيار السلفي أهمية هذا الأمر فبادروا إلى عقد تجمع وتشكيل تكتلات, وبدأت إرهاصات وجود حزب سياسي سلفي تظهر في تصريحات قياديين سلفيين لكنها لم ترتقي إلى العمل الكبير والمنظم والذي يظم أشتات أتباع التيار السلفي ذوا الفكر الوسطي في كل اليمن تحت مظلة واحد قدر الإمكان؛ ليكون على عاتقه إزالة اللَّبس وسوء الفهم للتيار السلفي الوسطي المستنير البعيد عن التيارات الدينية المختلفة والتي لها ما لها وعليها ما عليها.
وأخيرًا أقول: ألم يحن الوقت بعد أن نسمع بتكتل سياسي للشباب السلفي الوسطي المستنير كما نسمع كل وقت بتكتلات سياسية لأفكار أخرى يسارية وعلمانية, أم هل سنبقى طويلًا نصارع أنفسنا بين "دائرة الحفاظ على القديم, وعُقدة الخوف من الجديد".
في الأربعاء 06 يوليو-تموز 2011 05:34:10 م