شكر الله سعيكم
د. علي العسلي
د. علي العسلي

إن الذي يتابع الأحداث السياسية في الساحة اليمنية يلحظ أن المشترك والمؤتمر الشعبي العام الحاكم قد مرا بحوارات لا حصر لها، ولم يتمكنا من أي اتفاق.

وكان الاتفاق الوحيد لتمديد الفترة النيابية لمدة سنتين حتى 27 ابريل عام 2011م، ليتم فيها تصحيح جداول الناخبين وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات, والنقطة الوحيدة التي قد تمت بالفعل من ذاك الاتفاق هي التمديد والسبب هو لهفة الطرفين على السلطة، وعند اقتراب موعد الانتخابات شهدنا تحرك المشترك بالمسيرات والمهرجانات في المديريات و صولا للمحافظات كان أخرها يوم الخميس الموافق 3 فبراير 2011م.

خرج الشباب مع المشترك في ذلك اليوم لكنه لم يستجب للمغادرة من ساحة الجامعة وظل يتصارع مع رجال الأمن والبلاطجة إلى أن تمكنوا من فرض سيطرتهم على الساحة واعتصموا فيها بعد أن استلهم الشباب ثورتهم من ثورتين عظيمتين سبقهم بها شباب تونس الأحرار وشباب مصر العروبة والثورة.. وفي ذلك الخميس كان انبثاق فجر جديد لثورة طمح بها الشباب كانت النهاية لمرحلة الاستعراض لقوة المشترك, وحقيقة الأمر أن المشترك والمؤتمر الشعبي العام تفاجأ بقوة الشباب وعزيمتهم لانجاز هذا الحلم وحاولوا بعد صدمتهم التقليل منها, فالتحق المشترك بهم؛ لاحتوائهم، بينما اعتبرها المؤتمر ونظامه تقليداً ومحاكاة لما جرى في تونس ومصر.. وبالفعل تصاعد المد الثوري إلى أن شمل سبعة عشر محافظة يمنية، وتعامل المشترك مع هذه الثورة بانتهازية قل نظيرها، وذلك عندما استخدم هذه الثورة ليقوي تفاوضه مع النظام عبر الاتحاد الأوروبي وأمريكا الذين بلورا مبادرة سميت فيما بعد بالمبادرة الخليجية.. ولقد أدركت قطر حجم المؤامرة منذ اللحظة الأولى وأعلنت أن المبادرة هدفها الأساس هو تخلي الرئيس عن السلطة إلا أن المشترك لم يلتقط تلك الإشارة ولم يبنِ عليها لكنه ظل بتكتيكاته ومناوراته ليكسب ود الخليج وود أمريكا ليظهر وكأنه البديل الموضوعي لنظام صالح، دون أن يقدم رؤية يقتنع بها الشعب اليمني قبل غيره.

لقد سمعنا تصريحات كثيرة من أقطاب المشترك بين الفينة والأخرى من أنهم أحزاب تتعامل بالسياسة وتأكيدا منهم على التحاقهم بالشباب وإنهم لا يوجهونهم...الخ. لكنهم حينما كانوا يوافقون على المبادرة, المرفوضة أصلاً, من الآخر سرعان ما نشهد تلويحهم بعصا الشباب بالزحف تارة وبالتصعيد تارة أخرى إلى ما هنالك من تصريحات، جلها أضرت بالفعل الثوري كثيــرا، أهمها ما أظهرته للعالم من أن هنا كأزمة بين المعارضة والسلطة تستدعي التدخل من قبل دول الإقليم والعالم بحجة الحفاظ على الاستقرار في هذا الجزء من العالم.

بعد هذا السرد الموجز للأحداث يستلزم علينا أن نقول لقادة المعارضة: شكر الله سعيكم، وآن الأوان أن تختفوا من المشهد السياسي. عليكم أن تعترفوا بأنكم فشلتم في تحقيق أي شيء مهم للشعب اليمني، وأنكم أنتم من أخرتم ثورة الشباب. عليكم حقاً أن تلتحقوا بالنظام؛ لأنكم من جنسه فلا مكان لكم بين الأحرار, ودعوا أحزابكم وشأنها تقرر مستقبل البلاد مع بقية المكونات اليمنية.

آن الأوان لتعتذروا لشعبكم عما لحق به من أضرار نتيجة لحواراتكم العقيمة. عليكم بالفعل أن تتركوا اللقاءات العبثية مع المؤتمر وتعلنوا للشعب اليمني أنكم فشلتم, وللعالم أنكم لا تمثلون الشعب اليمني حتى يتمكن الثوار من تحقيق ثورتهم السلمية بدلا من علاج أزمتكم السياسية.

أما قادة الخليج والعالم نقول لهم أيضا: شكر الله سعيكم؛ لما حاولتم به من إجهاض الثورة، ولما بذلتم من جهود تشكرون عليها في تقريب وجهات نظر المأزومين ويا حبذا لو أكملتم المشوار بترحيل بقية منظومة النظام إليكم فستقدمون خدمة لهذا الشعب الذي ظلمتموه كثيرا بتخليكم السافر عن أبسط تفاصيله الصغيرة.

إلى هنا يكفي يا قادة الخليج "باستثناء البعض". دعوا الشعب اليمني يقرر مصيره بنفسه, فهو ليس بقاصر وهو الأقدر والأنضج في اختيار من يحكمه، فحافظوا على حسن الجوار؛ لأنه الأنفع لكم ولنا.. ولن ننسى الإشادة بمثقفي دول الخليج الذي نكن لهم كل الاحترام؛ لأنهم أدركوا حقيقة الثورة اليمنية فشكرا لهم على تشجيعهم وعلى إعجابهم بحقيقة الشعب اليمني وبثورته, والشكر موصول لأمير قطر المنحاز دوما للمظلومين والمؤيد لثورة شبابنا اليمني.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فنقول لها: احذري أن تجعلي الصورة التي أحب النظام ومعارضته تسويقها لكم؛ بجعلها الصورة الرسمية لواقع اليمن في نظرتكم؛ لأن كليهما أخافكم بفزاعة الإرهاب والقاعدة, فسلحتم النظام، وها هو يوجهها ضد الشعب السلمي, فمتى ستوقفون المهزلة ومتى ستفوقون وتحترمون الشعوب؟ الحذر الحذر من دور بريمر جديد في اليمن.. أيها الأمريكان عليكم أن تفهموا أنما يحدث في اليمن ثورة وليست أزمة، فلا تتفرجوا على قمع الشعب اليمني لأن مصالحكم ستتضرر حتما, وعندها لا ينفع الندم.


في الأحد 26 يونيو-حزيران 2011 10:14:26 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=10818