من اليمن شكرا مايكل مور .. شكرا أيها العالم
سارة عبدالله حسن
سارة عبدالله حسن

الاحتجاجات المتصاعدة التي تشهدها شقيقتنا الغالية سوريا وجدت اهتماما واسعا على الصعيد العالمي، و لم تمر المجازر التي يرتكبها نظام بشار الأسد مرور الكرام لدى الأمريكيين و الأوربيين، وستلقى ما ستلقى من عقوبات أهونها تجميد أرصدة الأسد في البنوك السويسرية، وكل ذلك ليس الا إشارة إلى أن غضب العالم لن يقف عند هذا الحد طالما و آلة القمع الوحشية لبشار لم تقف بعد عند أي حد .

أهل الفن والثقافة أيضا لم يصمتوا إزاء ما يحدث في سوريا، ومثلما تفاعلوا من قبل مع الثورة المصرية بشكل كبير والتونسية بشكل ابسط يتفاعلون اليوم مع الثورة السورية بنفس القدر، ومن هؤلاء نجوم عالميين و مخرجين مثل مايكل مور صاحب( فيلم 11فهرنهايت) والذي عرف بمعارضته للسياسة الأمريكية وتحديدا سياسة جورج بوش في الشرق الأوسط ، هذا المخرج تفاعل بشدة مع الوضع في سوريا ووجه حديثا مؤثرا لإخوتنا في سوريا انتقد فيه نظام الأسد وقال : أن الحرية لا تحصل عليها الشعوب في طبق من فضة.

و أنا هنا أشكر مايكل مور على مشاعره النبيلة ، فإخوتنا في سوريا يستحقون تعاطف العالم معهم كما يستحق الطاغية بشار محاربة العالم له على كافة الأصعدة ،ولكن السيد مايكل وكل هؤلاء المثقفين والفنانين الذين يتحدثون عن العدالة والحرية التي تستحقها الشعوب بدوا كأنهم لم يسمعوا أبدا ببلد اسمه اليمن ..ونحن لم نكن نستغرب ذلك في الماضي ، خاصة عندما كنا نسافر إلى الخارج ونتعرف بأناس لا يعرفون اليمن ، ولتعريفهم بها كنا نضطر للأسف أن نشرح لهم أن اليمن بلد قريب من مصر أو دبي أو أي بلد يعرفونه ليتعرفوا عليه، لكن اليوم بعد الذي فعله اللا صالح بنا ..نستغرب أنكم أيها المثقفون لا تعرفون اليمن بعد ..اليمن- كما صوره علي اللا صالح للعالم - حاضن تنظيم القاعدة الأول وداعم الإرهاب و أكثر دول العالم شهرة في خطف السياح – و إكرامهم ! – فضلا عن كونه أحد الأسباب القوية في بروز ظاهرة القرصنة لعدم قدرته على حماية مياهه الإقليمية ناهيك عن عجزه عن المشاركة في حماية منطقة باب المندب والمناطق المعرضة للقرصنة بشكل مستمر .

هل من المعقول انك لم تسمع بعد سيد مايكل أنت وغيرك من المثقفين بهذا البلد الطيب الذي جعله حاكمه – دون غيره – يسبب كل هذا الضجيج للعالم ، وهو ضجيج بالمناسبة لسيمفونية قبيحة ، لم يعزفها قط أبناء اليمن الطيبين الذين لا تعرفونهم ، بل تم تأليف نوتتها وعزفها في القصر الرئاسي لذلك الجاهل الذي لا يفقه القراءة والكتابة جيدا ناهيك عن عدم امتلاكه أي موهبة أو ثقافة أو حتى معرفة أو ذوق بأي فن ..ذلك الجاهل الذي استبد ببلد عظيم كان مهدا للحضارة منذ ألاف السنين، و أبحثوا في كتب التاريخ لتعرفوا كيف كانت حضارة اليمن ..لكن الحظ ابتلاه بحكام جعلوا منه أكثر دول العالم تخلفا وفقرا وكان علي اللا صالح هو أسوا هؤلاء الحكام على مر التاريخ ..واليوم وفي عهد الانفتاح الإعلامي الذي جعل من أبناء اليمن يعتمدون على أنفسهم لتطوير معارفهم وثقافتهم أصبح من الصعب عليهم أن يقبلوا بحاكم جاهل مثله عاما في البلاد فسادا لمدة 33عاما ، بل ويريد أيضا أن يورث الحكم من بعده لابنه الذي ولاه مع أبناء أخيه مقاليد القوى العسكرية والأمنية الهامة في البلاد ليقمع بها الشعب الذي صوره للعالم كمرتع للإرهاب ليبتز دعم أمريكا فتحمي بقاءه على الكرسي وتموله بوسائل لم يستخدمها فعليا في محاربة العصابات التي شكلها بزعامة خالد عبد النبي و أدعى أنها عناصر للقاعدة بقدر ما أستخدمها لقمع شعبه ومصادرة حريته التي نعلم سيد مايكل إننا لن نحصل عليها فعلا في طبق من فضة، و لكننا حتما سنحصل عليها عبر برك من الدم ..أنها دماءنا التي يسفكها الحاكم كل يوم دون أن يرف للرأي العام العالمي أي جفن أو تلقى منك أو من غيرك من مثقفي العرب والعالم أي التفاتة.

قبل أيام قليلة فقط اقتحمت قوات امن النظام ساحة الاعتصام في مدينة تعز و أحرقت خيام المعتصمين سلميا وقتلت أكثر من 150 منهم ..ألا يهز هذا الخبر مسامعكم ..وفي تفاصيل الخبر كانت هناك خيمة بها اثنا عشر معاقا كانوا ضمن المعتصمين وهم بالطبع لم يتمكنوا من الهرب أثناء هجوم قوات اللاصالح عليهم فكان مصيرهم الموت حرقا ..

ربما هذا الخبر أيضا لا يعني الضمير الإنساني والعدالة والحرية التي تتشدقون في الدفاع عنها في شيء صالح يخبئ في جعبته الكثير من الوحشية والبطش لشعبه الذي خرج مطالبا بحريته بطريقة سلمية رغم انه من أكثر الشعوب امتلاكا للأسلحة الشخصية ..في حين أن اللا صالح مستعد لاستخدام كل الوسائل القذرة لإبادة شعب في مقابل البقاء على كرسي ولو خلت البلاد من أناس يحكمهم .

فما الذي ينتظره العالم أكثر من ذلك ليلتفت إلى هذا الشعب البسيط الذي لا يختلف الطاغية الذي يحاول قهره عن قرينه الليبي أو السوري إلا في كونه أكثرهم جهلا و مكرا ، و دليل مكره انه استطاع خداع أكبر دولة في العالم لتقف إلى جانبه – ولو بالوقوف صامتة إزاء جرائمه – بدعوى انه حليفها ضد الإرهاب بل و أوحى لها أن من سيستلم السلطة من بعده سيكونون على شاكلة الطالبانيين ، اختزل الملايين الذين خرجوا بمختلف انتماءاتهم السياسية ومنهم من لم يكن له إي انتماء سياسي غير حبه للوطن ، اختزلهم جميعا في صورة واحدة هي صورة إسلاميين متشددين إرهابيين..و يبدو أن العالم أراد أن يصدق هذا الجاهل الذي يتلاعب به فهانت عليه كل هذه الأرواح التي يقتلها ، مع أن هذه ليست ذريعة لتجعلهم يصمتون أمام مجازره البشعة .

في الأخير نكرر شكرنا لهذا العالم الذي ينام مرتاح الضمير أمام مجازر اللا صالح في حق شعب اليمن ، ونؤكد له أننا لن نستجدي وقوفه بجانبنا ، فنحن

ما حدث في تعز ليس إلا واحدة من مجازر النظام الكثيرة والتي بدأها منذ توليه الحكم في البلاد وقد شاركته قواتكم العظيمة في بعض منها ، كما حدث في مجزرة المعجلة ، حيث قصفت طائرة أمريكية بدون طيار أناسا أبرياء بينهم أطفال ونساء ، بناء على معلومات مضللة من علي اللا صالح على اعتبار إنهم من القاعدة في حين إنهم لم يكونوا على علاقة بها إطلاقا وبإمكانكم التأكد من حديثي هذا عبر الرجوع إلى صحفكم الشهيرة ومنها نيويورك تايمز حيث اخبرني أحد الصحفيين فيها عندما قابلته في ساحة التغيير في صنعاء انه قد زار جنوب اليمن وتحدث عما حدث في المعجلة.

خلال ثورتنا السلمية اليوم ..يقتل صالح الكثيرين ولكن الإحصائيات عادة لا تكون دقيقة خاصة فيما يتعلق بقتلى المسيرات التي يقوم بها المحتجون في اليمن والتي يحملون خلالها الورود واللافتات التي تؤكد سلمية مسيرتهم و ثورتهم ، و لا يمكن تحديد عدد قتلى المسيرات لأن قوات الأمن تقوم بمصادرة الجثامين بسرعة أثناء هجومها على المشاركين في المسيرة أو المعتصمين في الساحات ثم تقوم بإخفائهم وعدم الاعتراف بفعلتها هذه و هو الأمر نفسه الذي تفعله مع عدد كبير من الذين اعتقلتهم واختطفتهم من المعتصمين والمشاركين في هذه الثورة ولان كثيرا من المحتجين يعتصمون في ساحات مدن بعيدة عن مناطق سكنهم فان إدراك اختفائهم وربما استشهادهم قد يستغرق وقتا طويلا ربما حتى رحيل النظام فالبعض منهم لا يتواصلون باستمرار مع أهاليهم مما يؤخر اكتشاف اختفائهم ، وقد تحدثت إحدى المنظمات الحقوقية في اليمن عن العثور على مقبرة جماعية حديثة يعتقد أنها لهؤلاء المختطفين كما عثر على ثلاث جثث مقطعة و مرمية في مقلب قمامة قريب من منزل أحد أفراد الأسرة الحاكمة.

قرى ومدن في اليمن يقوم النظام بقصفها بالطائرات دون ذنب يذكر ..لقد أختلق حجة وجود عناصر القاعدة لضرب مدينة زنجبار في الجنوب عندما ه أحس بضعفه وأراد دعما لوجوده، مدينة زنجبار هي ذاتها التي شهدت بطولة دول الخليج لكرة القدم قبل بضعة أشهر دون أن تنطلق

 فيها رصاصة واحدة فأين كانت القاعدة من ذلك، كما أن القاعدة هذه المنظمة الإرهابية ليس من إستراتيجيتها احتلال المدن مثلما حدث في زنجبار .. إضافة إلى ذلك هناك قرى في مديرية يافع الواقعة في الجنوب أيضا قصفت هي الأخرى بالطائرات لا لشئ إلا لاستفزاز سكان الجنوب – الذين تعامل معهم النظام بمنتهى العنصرية منذ قيام الوحدة بين شطري اليمن عام1990- و محاولة جرهم إلى دائرة الحرب الأهلية التي حاول أن

يشعلها مرارا لتشويه سلمية الثورة و بعدما فشل هناك التفت إلى شيخ أكبر قبيلة في الشمال و اختلق الحجج الواهية ليشن الحرب عليه ويقصف منزله في شمالي العاصمة غير أبه بالأحياء السكنية المجاورة له والسكان المدنيين الذين سقطوا ضحايا هذا القصف ، ولا يزال علي اللا نملك مقومات الصمود والنصر، ونعتز بأنفسنا وثورتنا التي اعتمدنا فيها على أنفسنا منذ أن انطلقت ، و سنواصل نضالنا حتى تحقيق جميع أهداف الثورة بمباركة من الله عز وجل و بالاعتماد على أنفسنا أيضا .


في الجمعة 03 يونيو-حزيران 2011 06:51:17 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=10492