اختفاء الزياني ومبادرته في صنعاء.. التوقيع لن ينقذها من الموت السريري
أحمد الزرقة
أحمد الزرقة

مضى مايقارب الأسبوع على وجود الزياني في صنعاء وهو يبجث عن مخارج من اعلان فشله في أول مهمة رسمية له منذ توليه منصبه كأمين عام لمجلس التعاون، واحيطت لقاءاته مع قيادات الحزب الحاكم واحزاب المعارضة بتكتم كبير لايتناسب وطبيعة المهمة التي يقوم بها.

الزياني يبدي صبرا وإصرارا كبيرين غير معهودين من مفاوض مكلف بتحقيق نتائج ايجابية في بيئة غير مشجعة، واشتراطات غير قابلة للتحقق بصورة مثالية تفضي في نهايتها لحلول واقعية ومرضية لكافة الاطراف اليمنية.

خارطة الطريق التي وضعها الرئيس صالح وحزبه لتنفيذ المبادرة الخليجية، هي محاولة واضحة واكيدة للتهرب من التوقيع على الميادرة، التي أدت موافقة أحزاب المشترك عليها في نسختها الثالثة،فاجأت صالح وجعلته يتلكأ في موافقته المسبقة عليها وهي النسخة التي قال الزياني عنها أنه يجب على الرئيس والمشترك قبولها كاملة أو رفضها كاملة،بالرغم من ذلك ظهرت النسخة الرابعة للمبادرة في سلوك غير مفهوم إلا كونها توفر مخرج لصالح من التوقيع على المبادرة، التي انسحبت منها دولة قطر ادراكا منها بعدم جدية صالح في التوقيع على أي مبادرة تتضمن رحيله عن السلطة عبر اتفاق سياسي، كونه يعتقد أنه مازال يمتلك العديد من الاوراق الداخلية لم يستخدمها ابرزها الخيار العسكري وانتظار ان يصاب الشباب في ساحات الاحتجاجات بحالة من الملل والارهاق النفسي والمعنوي، وبالتالي قد يقوموا بتصرف سياسي او ميداني متهور يمنحه مخرجا عبر البوابة الامنية أو العسكرية.

قد تعود المعارضة والرئيس صالح للمبادرة لكنها لن تكون هي المخرج المناسب والامثل لنهاية مفرحة للثورة اليمنية، ولا أدل على ذلك من قيام صالح بمحاولة حشد تأييد دولي عبر سلسلة من اللقاءات مع السفراء الاجانب في صنعاء التي يقودها رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني، ووزارة الخارجية، بالاضافة للرهان على الموقفين الروسي والصيني في افشال أي قرار ضد صالح قد تحاول امريكا والاتحاد الاوربي اتخاذه عبر مجلس الامن.

لكن الاستقواء الواضح الذي يستند عليه صالح هو الجدار السعودي الذي لم يقرر حسم خياره بعد بخصوص صالح ونظامه،وهو ما ظهر جليا في المواقف السعودية الداعمة لصالح سياسيا واقتصاديا،وعدم اعتراف المبادرة الخليجية أو تطرقها نهائيا بالثورة الشعبية ومطالبات شباب الثورة، والاستمرار في الترويج لكون ما يحدث في اليمن بأنه أزمة سياسية بين طرفين سياسيين وليس بين النظام وغالبية الشعب اليمني.

بات في حكم المؤكد ان المبادرة الخليجية دخلت مرحلة الموت السريري،واصبح من المتوجب على دول مجلس التعاون الخليجي سحبها واعلان وفاتها، حفاظا على بقية ماء وجهها الذي اريق على مدى شهر ونصف،قام خلالها امين عام المجلس الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني بجولات مكوكية عبثية بين صنعاء وعواصم الخليج، وفي كل مرة كان الزياني يعود الى صنعاء كانت مبادرته تشهد مزيد من الحذف والتعديل في بنودها، التي كان من الواضح انها تنحاز أكثر لجهة الرئيس صالح واشتراطاته العجيبة، التي جعلت العديد من المراقبين الخليجيين يتندروا حولها، وزادت من تصلب صالح ومراوغاته السياسية الباحثة عن المزيد من الوقت للنفاذ من الثغرات السياسية والفنية التي احتوت عليها المبادرة.

هناك أشياء على الزياني ودول الخليج إدراكها جيدا فعندما يشتد الاضطراب السياسي والاقتصادي، وتتجمع أسباب السخط، فإن شرارة بسيطة يكون بإمكانها أن تشعل حريقًا ثوريًا دائمًا ما يفاجئ المراقبين و”الخبراء”، وتجاهل الثورة لايعني عدم وجودها، قد يتأخر الحسم بسبب المناورات السياسية والمخاوف الاقليمية والدولية من صعود قوى شابة جديدة للحكم في اليمن،لكن الشعوب دوما ما تنتصر.

الثورات الشعبية لا تملك ترف الوقوف محلك سر: إنها إما تسير للأمام أو تتراجع للوراء، وسيرها للأمام هو المرجح ويجب ان يكون خيار جميع الاطراف المحلية والاقليمية والدولية،لانها تكشف رغبة حقيقية في دخول نادي الفاعلين ومن شأنها إحداث تحول في أنساق السلوك السياسي والانساني يخدم عملية التنمية والاستقرار في اليمن والمنطقة.


في الأربعاء 18 مايو 2011 11:23:12 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://mail.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://mail.marebpress.net/articles.php?id=10287