آخر الاخبار

الرئيس العليمي يبشّر بمعركة حاسمة ضد المليشيات ستنطلق من مأرب وبقية المحافظات ويؤكد :مأرب هي رمزا للجمهورية ووحدتها وبوابة النصر لاستعادة مؤسسات الدولة العليمي : مخاطبا طلاب كلية الطيران والدفاع الجوي بمارب : من خلالكم سوف تحقق اليمن المعجزات من أجل بناء القوات المسلحة واستعادة مؤسسات الدولة كانت في طريقها إلى جدة ..شركة«أمبري» البريطانية تعلن استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول هجمات الحوثيين ومصير الأزمة اليمنية خلال الاجتماع مع نظرائه الخليجيين بالرياض حصري - شحنة المبيدات الاسرائيلية المسرطنة..دغسان يتوسل قيادات حويثة لطمس الفضيحة ويهدد قيادات أخرى تربطه معها شراكة سرية بهذا الأمر ثورة الجامعات الأمريكية تتسع .. خروج محاظن الصهيونية عن السيطره الإدارة الأمريكية تناشد جميع الدول وقف دعم طرفي الحرب في السودان ... وزارة الأوقاف توجه تحذيرا شديد اللهجة لوكالات الحج وتتوعد باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة الأقمار الصناعية.. تكشف المواقع والأنفاق السرية تحت الأرض للحوثيين... صور تحدد التحركات السرية للمليشيا في دار الرئاسة ومحافظة صعدة ومنشئات التخزين تقرير أممي مخيف يكشف: ''وفاة طفل كل 13 دقيقة في اليمن بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات''

الإرهاب الفكري
بقلم/ د.عائض القرني
نشر منذ: 16 سنة و 4 أشهر و 21 يوماً
الجمعة 07 ديسمبر-كانون الأول 2007 06:44 ص

منذ فجر التاريخ والعالِم والمفكر بين فكّي السلطة أو الجمهور، فإن وافق السلطة وسايرها في كل أمر ظهر له من العامة من يدينه وينشر معائبه ويحذِّر منه ويقمصِّه ألقاب التبعية والإمَّعة، وعالم السّلطة والمداهن والمشتري بآيات الله ثمناً قليلاً، وإن خالف السلطة ووافق الجمهور حذّر منه السلطان على مذهب فرعون، حيث قال للرأي العام عن موسى: «إني أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد»، فإن لم يردعه هذا أُدِّب بالحبس وبالجلد تأديباً له وردعاً لأمثاله، فإن استمر في عتوّه وصعّد من معارضته قُطِع رأسه؛ ليرتاح منه العباد والبلاد، وقد حوكِمَ سقراط وحضر محاكمته في أثينا خمسمائة قاض ومحقق وشاهد، ثم شُنِق، وسلَّط الحجاج على سعيد بن جبير فأعدمه صيانة للأمة من علمه الغزير وفهمه الثاقب، واجتهد الإمام مالك في مسألة فجلده أبو جعفر حتى خلع يده، ووُشي بالشافعي عند هارون الرشيد فأُحضر مقيداً بالحديد من اليمن إلى بغداد، ووقف الإمام أحمد في فتنة القول بخلق القرآن فمزَّق المعتصم ظهره بالسياط، وأجلب العامة على ابن جرير الطبري فكبسوا بيته ورموه بالحجارة، ووُشي بابن رشد فحُكِم عليه بالإقامة الجبرية في بيته، واضطهد ابن خلدون بأفكاره حتى ترك القضاء وهُدِّد حتى هرب إلى قلعة بشمال أفريقيا كتب فيها مقدمته ثم مات، ووُشي بالمتنبئ عند سيف الدولة ففرَّ إلى كافور بمصر فحوصِرَ ففرَّ إلى عضد الدولة بشيراز فضُيّق عليه فهرب إلى صحراء بني أسد فذُبِحَ كما تُذبح الشاة، وذهب حسّاد ابن حزم الظاهري إلى السلطان فشهدوا عليه بأنه ضال مبتدع متمرّد فنفاه إلى البادية وأحرق كتبه وحذَّر الناس من شرّه، وقام أعداء شيخ الإسلام ابن تيمية بحملة شعواء ضده وطالبوا بقتله صيانةً للدين بزعمهم فخُفِّف الحكم عليه بسجنه حتى مات، فإذا أراد أعداء النجاح وخصوم الحقيقة بأحد النابهين واللامعين شرّاً أوغروا صدر الحاكم عليه بحجة الحفاظ على الأمة والملّة والمكتسبات حتى يبطش به، فإن نجا من هذه العصابة قام الجمهور عليه وانتقدوا آراءه وسعوا في القضاء على تراثه، والغالب أن العالِم والمفكّر والشاعر يقع تحت سلطة الحاكم أو الجمهور، فإن أرضى الحاكم ورفق به ولم يخالفه في أي مسألة صار من ندمائه وأصفيائه، حينها ينقضّ عليه الجمهور محذِّرين ومنذرين ومتربّصين، فيفقد حضوره وجمهوره، وإن خالف الحاكم وأبدى رأيه وصدع بمخالفته تعلَّق به الناس في الغالب وجعلوه رمزاً للتضحية والشجاعة والتَّجرد، وحينها يعد له الحاكم العدّة ويجهّز له مراتب التأديب من منع وحظر، أو جلد وحبس، أو تصفية جسدية في الثلث الأخير من الليل على يد مجهول، كما تفعل الحكومات الثوريّة الفاقدة للشرعيّة، التي دخلت الأوطان على دبّابة مستعمر، فعلى طالب الحق والمنصف أن لا يحاكم صاحب العلم والفكر من خلال رأي الحاكم أو الجمهور، لكن بالبحث والاستقراء في علمه وفكره كما قال علي رضي الله عنه: «اعرف الحق تعرف أهله، ولا تعرف الحق بالرّجال»، وعلى العالِم والمفكر والشاعر أن يتقي الله في قوله وعمله، ويقصد الحق ويتحرّى الصواب، سواءً وافق الحاكم والجمهور أو خالفهما، وليتجنّب أهل العلم والرأي والفكر طريقين: طريق التطبيل والتضليل للحاكم، ولكن الاعتراف بالصحيح والتنبيه على الخطأ، وأيضاً عليهم مع الجمهور أن يجتنبوا منهج «ما يطلبه المستمعون» وهم الذين يبحثون عن كل ما يرضي الجمهور ويثير الرأي العام فيفعلونه طلباً للشهرة والمنـزلة عند الرّعاع. «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»

* الشرق الأوسط