آخر الاخبار

النجم ميسي يحقق 3 أرقام قياسية ويقود إنتر ميامي لاكتساح نيويورك ريد بولز بسداسية بحضور قيادات بارزة … مكتب الاوقاف بمأرب يكرم الدفعة الاولى من الحافظات والحافظين المجازين بالسند المتصل للنبي فوز تاريخي وغير مسبوق .. أول عمدة مسلم في لندن يفوز بولاية ثالثة وانتكاسة كبيرة للمحافظين بالانتخابات حرب المظاهرات الجامعية يشتعل وبقوة وجامعات جديدة حول العالم تنضم إلى الحراك الطلابي المناصر لغزة روسيا تقلب موازين المعارك وتعلن التقدم والسيطرة وقرية أوكرانية تتحول لأنقاض مع فرار سكانها من التقدم الروسي تفاصيل فضيحة ثانية تهز ألمانيا في اختراق 6 آلاف اجتماع أمني للجيش حرب ومعارك طاحنة في السودان والجيش يشعل مواجهات غير مسبوقة شمال الخرطوم لقطع إمدادات الدعم الصحة السعودية تكشف عن آخر مستجدات واقعة التسمم في الرياض رسميًا.. ريال مدريد يحصد لقب الدوري الإسباني لهذا الموسم السنوار يتحدث للمرة الأولى عن صفقة الهدنة المقترحة في غزة

اللحية والجلباب
بقلم/ الحبيب علي زين العابدين الجفري
نشر منذ: 11 سنة و يومين
الخميس 02 مايو 2013 04:10 م

الحمد لله..

إنّ صدور الإساءات المتكررة ممن يطلقون اللحى ويرتدون الثياب (الجلابيب) جعل النظرة إلى هذه الهيئة الكريمة محل جدل شديد واضطراب مستمر لدى مختلف الشرائح.

فأصحاب العاطفة «الإسلامية» يتفاوتون بين اعتبارها اختيارات شخصية تتغير بتغير العصور والأعراف، واعتبارها معياراً أساسياً في الحكم على الشيخ الذي يؤتمَن على الفهم الصحيح للدين والأخذ بزمام تطبيقه في الحياة.. وبين هذين الطرفين تدرجات في الاعتبار؛ فهناك من يعتبرها مظهراً مستحباً فى الشريعة الإسلامية لا يكفى لتقييم الإنسان، وهناك من يميز بين اللحية والثوب فيعتبر الأولى فريضة والثاني هيئة مستحبة.. وهكذا.

ويتفاوت خصوم «الإسلاميين» أيضاً بين النفور من هذه الهيئة على اعتبار أنها من رموز العصور الظلامية التي ينبغي أن تختفي من الحياة العامة حتى نتجاوز مرحلة التخلف إلى اللحوق بركب التقدم والحداثة واعتبارها من الهيئات الشخصية التي تدخل فى الحرية الفردية للإنسان المعاصر.. وبين هذين الطرفين أيضاً تدرجات في الاعتبار؛ فهناك من يعتبرها مظهراً يقتضى من صاحبه التزاماً سلوكياً تجاه دلالته الدينية.. ومنهم من يعتبر الحديث عنهما مضيعة للوقت.

وليس المقصود هنا رفض انتقاد الخطأ في سياق تقويمه أو التحذير منه؛ فليس فينا معصوم ليكون فوق النقد، لكن اللافت للنظر هو التركيز المتزايد على هذه الهيئة في إطار إلقاء الضوء على أخطاء «الإسلاميين» فتسمع

 من يعلق على تلفظ البعض بألفاظ غير مهذبة بالاستنكار على هيئته وتقرأ من يضع تعليقاً على صورة تنقل سلوكاً خاطئاً يشير فيه إلى كون المتجاوز ملتحياً يلبس جلباباً.

بل لقد سمعت من يُعلق فى إحدى الفضائيات مستنكراً على صورة لملتحٍ يلبس جلباباً أبيض وهو يقذف بحجر تجاه متظاهرين مخالفين لتوجهه فيقول: «شيخ» يلقى حجراً!

والسياق المفهوم من التعليق أنه شيخ دين وليس شيخاً مُسنّاً أو شيخ قبيلة، وهنا يأتي السؤال الأساسي: متى كان مظهر اللحية والثوب وسيلة لاعتماد المشيخة؟ وإذا كان ذلك واقع عموم الناس في بعض المجتمعات فالمتوقَّع من الإعلام العمل على تغييره وليس مجاراته.

وعلى الرغم من تكرر الإساءة البذيئة من متصدرين يُقدَّمون للناس بصفتهم علماء وشيوخاً في بعض القنوات التي تحمل لقب «إسلامية» فإن اختطاف لقب «الشيخ» من قِبل مَن ليسوا أهلاً له يقتضى التعاون في العمل على استرداده من مختطفيه وليس العمل على اغتيال هذا اللقب، وإلا تحول الأمر إلى محاربة للدين وإن لم يُقصد ذلك.

فإنّ رفض تصرفات العابثين باحترام الناس لهيئة كانت للنبي، صلى الله عليه وآله وسلم، من الذين يستغلون محبة الناس للشريعة السمحة وولاءهم لها لا يبرر بحال من الأحوال محاربة هذه الهيئة ولا الافتئات على الشريعة.

وهذا يجعلنا نستدعى طرحاً يتجاوز اللحية والثوب إلى فحوى تنافس سياسي يحتوى على أبعاد ومنطلقات ثقافية بين فريق رفع عقيرة «المشروع الإسلامي» وضم إليه أطيافاً متفاوتة المفاهيم بين التطرف والاعتدال، واستطاع أن يصنع من الصراع بين الإسلامية والعلمانية «قميص عثمان» لتحريض الناس ضد خصومه السياسيين، فجنّد بذلك البسطاء وأنصاف المثقفين ممن لا ينتمون إلى توجهه السياسي في معسكر واحد رفع فيه لافتة «نصرة الشريعة».

وفريق آخر رفع عقيرة «الدولة المدنية» وضم أطيافاً متفاوتة المفاهيم بين التطرف والاعتدال أيضاً، واستطاع أن يصنع من إخفاقات الفريق المنافس، وهى كثيرة ومتنوعة، خطاباً للدعوة إلى التقدم والتطور الحضاريين لا نعلم إلى أي مدى سوف ينجح في تأطيره سياسياً على نحو يتجاوز مرحلة التخلص مِن ورطة حكم «الإسلاميين» إلى بلورة رؤية ثقافية تنطلق من هويتنا وتستوعب عصرنا كى نتأهل لمستوى الشراكة الإنسانية مع العالم.

واليوم نجد صوت التطرف مرتفعاً في الفريق «الإسلامي»، وهناك من يُذكى ناره ويشعل أُواره من داخل هذا الفريق، على أمل أن يظهر أمام العالم بمظهر الطيف الوسطى المعتدل، مقارنة بالمتطرفين، من باب «وبضدها تتميز الأشياء»، وهو غير منتبه إلى أن إقحام الدين في لعبة التوازنات السياسية قد أحرق أصابع من سبقوه في هذه اللعبة.

ويقابله صوت آخر للتطرف العلماني في الفريق «المدني» لا يزال، حتى الآن، منخفضاً بالرغم من ظهور بعض «زعقاته» بين الفينة والأخرى، غير أن إغفال التركيز على أهمية التمييز بين الإسلام وانحراف سلوكيات بعض «الإسلاميين» يجعل إخفاقات «الإسلاميين» تصب الزيت على نار التطرف العلماني في الفريق «المدني»، ما يؤدى إلى تضخمه، وهذا سيكون السم البطيء أو السرطان الخطير الذي يستشرى فى جسد هذا الفريق كما حصل في فريق «المشروع الإسلامي».

إخوتي الباحثين عن المصلحة العامة من كلا الفريقين وممن ينظر إليهما محتاراً أو مستاءً..

إن علّة التطرف في السلوك أو في معارضته ما أصابت جانباً إلا وأنهكته مهما كانت نتائجه فعّالة وسريعة في كسب المعارك على المدى القصير لكنها قاتلة ماحقة فاحذروها.

«وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ * لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ».