رياح التغيير ومبادرات الرئيس
بقلم/ عبد الرحمن مطهر
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 12 يوماً
السبت 12 مارس - آذار 2011 06:54 م

كما ذكرت سابقا بأن ما تمر به اليمن اليوم من حالة غضب شعبية وشبابية وتظاهرات معارضة ومؤيدة للنظام واحتقان متصاعد في الشارع اليمني وتوجس وخوف لدى الغالبية العظمى من مختلف شرائح المجتمع من تدهور الوضع إلى ما هو أسوء ،وهو مرحلة الفراغ مرحلة الا دولة لا سمح الله كان بفعل غياب دولة المؤسسات والذي بدوره أوجد الفساد الموجود في مختلف قطاعات ومؤسسات الدولة ،والذي جعل الدولة مجرد اقطاعيات لمجموعة من الأشخاص من أعضاء الحزب الحاكم ومن بعض رموز المعارضة والذين يتحدثون اليوم عن الفساد ويقدمون أنفسهم بأنهم من دعاة التغيير والمدنية والحداثة وهم ملوثين بالفساد،أيضا المعارضة كما نعلم جميعا بأنها لم تخرج يوما إلى الشارع للتنديد بالفساد أو تدهور التعليم أو لتدعوا لتحسين معيشة المواطن أو غيرها ، لهذا لا شك أنها مشاركة بدرجة أساسية في الوضع الذي وصلت إليه اليمن اليوم ، أيضا لا نستثني المواطن من كل ما يجري وذلك لسلبيته في تغيير الأوضاع وارتضائه لنفسه بأن يكون تابعا للشيخ مسلوب الأرادة و الرأي والقرار.

كما أن الأزمة وهذا الأحتقان كان أيضا بفعل التراكمات من المماحكات السياسية التي بدأت قبل التحضير للأنتخابات الرئاسية في العام 2006م وتصاعدت وتيرتها بعد أن أثير أشاعة التوريث خاصة مع ما يشهده المواطن من توريث للمناصب أبن الفراش فراش وأبن الشيخ شيخ وأبن الوزيز وزير وأبن عضو البرلمان عضو في البرلمان و، أيضا نتيجة للتأخر في معالجة المشاكل التي ظهرت نتيجة لحرب صيف 94م والمتمثلة في مشكلة المتقاعدين ومشكلة نهب الأراضي أوما عرف في تلك الفترة ( بالفيد) وتوزيع أراضي الدولة لمجموعات معينة من الأشخاص المقربين والمتنفذين والمشايخ ، وأيضا نتيجة لصراع الدولة مع الحوثيين في شمال الشمال وخوضها لستة حروب معهم مازالت أسبابها الحقيقية غامضة ،ذهب ضحيتها العديد من المواطنين ،من الجنود ومن الحوثيين ومن القبائل التي دخلت دائرة الصراع مع الدولة ضد الحوثيين الأمر الذي أضعف هيبة الدولة وولد الأحقاد والثأرات.

أيضا كانت هذه الأزمة نتيجة للتردد في معالجة العديد من القضايا وتنفيذ برنامج الإصلاح المالي والأداري بأنتقائية وليس وفقا لأسس علمية وبشفافية كاملة وتجاهل رأى السياسيين والأقتصاديين في معالجة هذه الأشكاليات ،بالأضافة إلى ظهور فكرة ( العداد) وخلعة أو تصفيره كما تم تداوله من بعض المخلصين الذين للأسف لم يكونوا مخلصين لفخامة الأخ الرئيس ، إلى جانب ضعف الاقتصاد الوطني وتوسع دائرة الفقر والبطالة وعدم السيطرة على نسبة النمو السكاني في بلادنا والذي يعتبر من أعلى النسب على مستوى العالم وغيرها من الأشكاليات المتعلقة بعدم أحترام الدستور وتعديلة وتفصيله كلما أقتضت الحاجة.

وبسبب كل ذلك وغيره وصل اليمن الى هذه الدرجة من الأحتقان الشعبي والذي مثل أزمة حقيقية تهدد وحدة اليمن أرضا وأنسانا .

ولان كل هذه الأمراض موجودة في جسم الدولة اليمنية كانت أستجابة الشارع اليمني سريعا لشرارة رياح التغيير التي هبت من تونس الخضراء على مختلف دول عالمنا العربي ، لهذا خرج العديد من الشباب في بعض المحافظات اليمنية بعد سقوط الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك منددين بالأوضاع الموجودة ورافعين قائمة من المطالب الإصلاحية لمعالجة مختلف المشاكل والأمراض العالقة في الجسم اليمني وعلى رأسها تغيير بعض المدراء التنفيذيين الذين أثبتوا فشلهم في أدارة مناصبهم وأيضا احالة ملفات الفساد إلى النيابة العامة وأصلاح العملية التعليمة ومعالجة مشاكل البطالة التي يعاني منها العديد من الشباب الخربجين وغيرها من المطالب التي لو تم التجاوب معها في وقتها لما وصلنا إلى هذه الحالة لكنهم (المخلصون) مرة أخرى الذين قللوا من هذا الغليان وأستمروا في ترديد معزوفة الوطن بخير وأنه لا يمكن أن يحدث في اليمن ما حدث في تونس ومن بعدها مصر ووو الخ من مبررات وترك الشباب يعتصمون في الميادين دون تلبية مطالبهم أو حتى التحاور معهم، الامر الذي أستغلته أحزاب اللقاء المشترك لترفع من سقف مطالبها أمام المؤتمر الشعبي العام الحاكم ورفضها لعرض رئيس الجمهورية بسحب قانون الأنتخابات وتجميد التعديلات الدستورية التي كان مجلس النوب بدأ في مناقشتها لأقرارها وأعلانه عدم التمديد لنفسه أوالتوريث لنجله وموافقته للعودة إلى طاولة الحوار من خلال اللجنة الرباعية ، وكل هذا كما نعلم هي مجمل المطالب التي كان ينادي بها اللقاء المشترك قبل عاصفة رياح التغيير العاتية التي هبت كما ذكرنا من تونس، لهذا كانت الاستجابة لمطالب المشترك وليس لمطالب الشباب المحتجين والمعتصمين والذين زاد حنقهم على السلطة من تجاهل مطالبهم فأستمروا في المظاهرات والأعتصامات وزادت أعدادهم ، الأمر الذي أستغلته أيضا أحزاب اللقاء المشترك أبشع أستغلال لترفع من سقف مطالبها التي ما كان يحلم بها المشترك لولا موجة الأحتجاجات الموجودة والتي كان اخرها المبادرة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية الخميس الماضي في المؤتمر الوطني الذي دعا اليه حشد كبير من مختلف المحافظات والمدن اليمنية والمتمثلة في :

- تشكيل لجنة من مجلسي النواب والشورى والفعاليات الوطنية لإعداد دستور جديد يرتكز على الفصل بين السلطات ويستفتى عليه في نهاية هذا العام 2011م.

- الانتقال إلى النظام البرلماني وبحيث تنتقل كافة الصلاحيات التنفيذية إلى الحكومة البرلمانية في نهاية العام 2011م وبداية 2012م .

- تطوير نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات على أساس اللامركزية المالية والإدارية وإنشاء الأقاليم اليمنية على ضوء المعايير الجغرافية والاقتصادية .

- تشكيل حكومة وفاق وطني تقوم بإعداد قانون جديد للانتخابات بما في ذلك القائمة النسبية, وعلى أن يلتئم مجلس النواب بمختلف كتله من السلطة والمعارضة لإقرار قانون الانتخابات والاستفتاء وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.

لتضاف هذه المبادرة إلى المبادرااات السابقة والتي قدمها وأعلن عنها سابقا رئيس الجمهورية.

كنت أتمنى شخصيا كمواطن يمني يحلم بالعيش بحرية وبأمن وآمان على نفسي واولادي وبيتي وعلى عرضي وأرضي ومالي أن يتجاوز الأخ الرئيس أحزاب اللقاء المشترك والشارع المعارض والمؤيد وذلك بإعلانه إجراء أنتخابات برلمانية ورئاسية نهاية العام الجاري وذلك بعد الأنتهاء من صياغة دستور جديد يتلائم مع التغيرات التي تشهدها الساحة المحلية والدولية اليوم،

إلى جانب البدأ الفوري في تنفيذ الوعود الأصلاحية التي كان قد أعلنها الرئيس والمتمثلة في محاسبة الفاسدين وأطلاق أي سجين لم تثبت ادانته وايقاف المهاترات حتى ولو من جانب واحد واطلاق العلاوات السنوية سريعا وتوظيف الشباب المعتصمين فورا بدلا من تأخيرها الى شهر يوليو ، والأعلان عن حكومة وحدة وطنية إذا وافق المشترك أو حكومة إنقاذ وطني ممن يشهد لهم بالنزاهة والكفاءة، واقالة المحافظين الذين حول أدائهم علامة أستفهام وتحرير الأعلام الرسمي من تبعيته الحزبية ،وأصلاح القضاء وتنفيذ الأحكام القضائية ، وتثبيت أسعار المواد الغذائية والأساسية وغيرها من الأجراءات الإصلاحية التي ما كان لها أن تتأخر كل هذه السنوات .

لهذا نأمل من فخامة الأخ الرئيس الإعلان عن ذلك والبدأ في تنفيذه سريعا ،ليؤكد ان الحكمة اليمانية ما زالت موجودة ويضيف أنجازا جديد الى رصيده التاريخي ، وكل هذا ليس من أجل المشترك وإنما من أجل اليمن كل اليمن ومن أجل الشباب والأطفال، من أجل كل من ينتمي الى هذا الوطن الغالي.. علينا جميعا خاصة أن فخامته أكد في الثاني من فبراير الماضي بأن التنازل من أجل الوطن ليس عيبا،وكما نعلم أن التغيير هو سنة الله في هذا الكون ، وأنه لن تستطيع أي قوة أن تصد رياح التغيير التي هبت من تونس الخضراء الى مختلف دول العالم العربي دون استثناء ولنا ما يجري في البحرين والسعودية وعمان والكويت من احتجاجات لعبرة ، رغم رخاء هذه الدول المادي والأقتصادي وارتفاع مستوى معيشة المواطن في هذه الدول ، لهذ يجب علينا أن نواكب هذه المتغيرات بعيدا عن سفك دماء الأبرياء كما لاحظنا خلال الأيام والأسابيع الماضية ، وبعيدا عن لغة التحدي والمكابرة والأعتصمات وتعطيل مصالح الأمة.

من اجل ذلك نأمل أن يقود الرئيس بنفسه هذا التغيير المحتوم بحيث يكون تغييرا يضمن انتقال سلس وسلمي للسلطة يتواكب ويتلائم مع ظروف اليمن ومع خصوصية الشعب اليمني الأجتماعية والثقافية والتعليمية والأقتصادية والقبلية وغيرها .

كما نأمل من الأخوة الذي تربطهم صلة قرابة بالأخ الرئيس أن يخففوا الضغط عليه من مواجهته لرياح التغيير منفردا كما يلاحظ مختلف أفراد المجتمع وكأنه المسؤول الوحيد عن كل الأشكالات الموجودة ،وأن يعينوه على التغيير وتسليم السلطة بشكل لائق به كرئيس لليمن ، لهذا نأمل منهم وأظن أني معي الكثير من أفراد المجتمع أن يبادروا إلى تقديم استقالاتهم من مناصبهم سواء كانت مدنية او عسكرية ، بالرغم أن من بينهم من يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة والجدية في العمل كالأستاذ أحمد الكحلاني الذي غير وجه العاصمة صنعاء في فترة وجيزة ،وأستطاع أيضا تحقيق وأنجاز العديد من المشاريع الحيوية والتنموية في محافظة عدن وساهم بشكل كبير في معالجة مشاكل الأراضي في مدينة عدن الرائعة والجميلة والتي لا تستحق أن ندمرها بأيدينا .

كذلك نستغرب مواقف العديد من أعضاء مجلس الشورى حكماء اليمن والوزراء والمسؤولين السابقين والحاليين والمشائخ والوجاهات الأجتماعية من وقوفهم موقف المتفرج مما يجري في الوطن وما يحاك ضده من مؤامرات تهدف ألى تمزيقة ، نستغرب من أستمرارهم في أبراجهم العاجية وكأن الوطن ليس وطنهم بالرغم أنهم أبرز فئة أستفادت من الوطن ومن النظام الموجود ومن الرئيس علي عبدالله صالح تحديدا ، حيث كنا نأمل منهم أن يخرجوا إلى الشباب المعتصمين في الميادين والساحات والشوارع لمحاورتهم والعمل على أيصال اصواتهم الى القيادة السياسية بدلا من أستغلالهم من القوى السياسية الطامحة للسلطة على أكتاف هؤلاء الشباب الذين يحلمون بوطن يكون للجميع وليس لزمرة .

أما نحن الشباب فيجب أن نعترف بأن كلمة إرحل فورا مرفوضة جملة وتفصيلا وأن نعلم بان الخروج للشارع كان بهدف أصلاح النظام وليس أسقاط البلاد في مستنقع لا يعلم مداه سوى الله سبحانه وتعالى كما لم تكن هذه الكلمة موجودة في قاموس الشباب ، وكما نعلم ان الثورات تستلهم ولا تستنسخ ، لهذا يجب علينا نحن معشر الشباب أن نستمر في ثورتنا ضد الفساد حتى تتحقق مطالبنا في ايجاد دولة المؤسسات دولة المواطنة المتساوية.

وأن نعي جيدا بأن هناك من يحاول سرقة ثورتنا التصحيحية لمصالح شخصية ضيقة ، كما أن لليمن ظروفها الخاصة التي تختلف عن تونس التي لا توجد لديها أمية أو أو مصر التي حركها الشباب المتعلم ولم تحركها الأحزاب المعتقة والمصندقة والخشبية ، حيث حركها شباب الأنترنت والفيس بوك، وأيضا ليست ليبيا التي ثارت بسبب عدم حصولها على حقوقها من ثرواتها بالرغم أنها من أبرز البلدان المصدرة للنفط ، لهذا اليمن ليست كهذه البلدان بالرغم من وجود قواسم مشتركة ، لهذا لا يمكن أن يحدث التغيير في اليمن كما حدث في هذه البلدان بصورة مستنسخة ، كون اليمن كما نعلم جيدا ليست دولة مؤسسات مدنية حديثة ، بدليل أن الشيخ هو من يحكم ويسجن وله سجون خاصة في منزلة وووووو الخ ،آضافة الى وجود السلاح في المجتمع وبدرجة أساسية لدى المشايخ الذين لديهم السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل كما شاهدنا في حروب الدولة مع الحوثيين ، ما ينقصهم إلا الطائرات الحربية ، أيضا المواطن مازال مستمعا جيدا لكل اوامر الشيخ ، إلى جانب مشاكل شمال الشمال وجنوب الجنوب والقاعدة ، وأيضا إلى جانب مشاكل الفقر والبطالة وأيضا وجود شخصيات هدفها الأساسي الوصول للحكم والمزايدة بدماء الشباب ، وكذلك شخصيات تتحين الفرصة لتجزئة البلد كما سمعنا من الحوار الذي اجرته الـ بي بي سي مع مهندس الأنفصال حيدر العطاس ،والذي أكد أن الهدف الأساسي بعد أسقاط النظام هو أقامة دولتين مستقلتين.

لهذ يجب أن نسعى جميعا في أن يكون الرحيل مشرفا لرئيس حقق على الأقل الوحدة اليمنية الخالدة والتي تعتبر الشمعة المضيئة في التاريخ العربي المعاصر بشكل عام ، بغض النظر عن الأخطاء الموجودة فهو في الأول والأخير بشر وليس ملاك منزل من السماء ، كما أن الرحيل من خلال الأنتخابات هو من سيضمن عدم تجزئة البلد وسيحفظها من تداعيات ما قبل وما بعد الرحيل.

وأخيرا يجب أن نتقي الله جميعا في كل ما نتحدث به، نتقي الله في بلادنا وفي أولادنا، نتقي الله في هذا الوطن الذي لا نمتلك غيره...

والله من وراء القصد