وخذلنا اللقاء المشترك من جديد
بقلم/ عبد الملك المثيل
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و يوم واحد
الإثنين 14 فبراير-شباط 2011 04:15 م

شكل الموقف الأخير لأحزاب المعارضة اليمنية يوم الأحد الماضي 13/2/2011م ، والتي قررت من خلاله العودة إلى طاولة الحوار المكسورة مع الحزب الحاكم ، بناء على خطاب علي عبدالله صالح ، صدمة كبيرة لليمنيين في الداخل والخارج ، وأثبت بما لا يدع مجالا للشك عجز قادة المشترك عن قراءة الواقع السياسي ومسايرة الأحداث في اليمن والعالمين العربي والدولي ، فالجماهير اليمنية المتطلعة لتحقيق حلم التغيير المنشود في البلاد ، رفعت سقف مطالبها إلى أقصى حد متجاوزة ولها الحق في ذلك ، الأخلاق السياسية المتبعة للمشترك مع علي صالح والتي لا تسمن أو تغني من جوع ، مستمدة ذلك التجاوز من واقع الوضع الكارثي المسيطر على اليمن ، ثم من أثر رياح الثورتين الشعبيتين الخالدتين في تونس ومصر ، والواضح أن الجماهير اليمنية تعلمت من تلك الثورتين وأدركت ، أن الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في تونس ومصر لم تكن أبدا صاحبة الفضل والمبادرة في إسقاط نظامي الرئيسين المخلوعين بن علي ومبارك ، بك كان لشباب تونس ومصر الفضل الأول والأخير بعد الله في اشتعال ونجاح الثورتين ، وعليه فإن الجماهير اليمنية خاصة تلك التي خرجت طوعا إلى شوارع صنعاء وتعز وعدن وأبين والحديدة ، أثبتت أن أحزاب المعارضة اليمنية لم تختلف عن ما كان في تونس ومصر ، ولعل مظاهرات الخميس الأخيرة قبل أسابيع للمشترك تؤكد ذلك ، فبينما كانت الجماهير المليونية في كل المحافظات تهتف بسقوط النظام ، كانت كلمات وخطب قادة المشترك تركز على الحوار والإصلاحات وما إلى ذلك من المصطلحات البالية التي لم يعد لها مكان أو قبول في الشارع اليمني والعربي هذه الأيام.

كان حال قادة المشترك في موقفهم الأخير مخيبا للآمال ، لدرجة أن الغضب الشديد حل بكآبته على المهاجرين هنا ، حتى أن السخرية اللاذعة سجلت حضورها في أوساطهم بصورة دفعت أحدهم للقول بأن المشترك يتفنن كعادته في ضرب إبر التخدير للشارع اليمني خدمة لعلي صالح ، لكنه لم يدرك بعد أن مفعول الإبر لم يعد يعمل ، فيما قال آخر أن قادة المشترك " بنشروا " قطار الثورة اليمنية بدلا من صعوده والسير به نحو دار الرئاسة ، وتسائل شخص ثالث بتعجب شديد ، هل يعتقد قادة المشترك أن علي عبدالله وحكمه العائلي من سيسقط أم هم ؟ ، حتى يخرجوا بذلك الموقف المنتمي لعالم قديم يختلف تماما عن عالم اليوم ، أما أجمل ما يمكن إضافته من آراء فهو قول شاب ينتمي لأحد احزاب المشترك الكبيرة ، أن قادته ربما " فجعوا " من سماخة سلطان البركاني وبلطجية " سوق النشمة " المرابطين في ميدان التحرير مقابل مبلغ مالي يصرف لكل بلطجي في اليوم.

شعرنا بالمرارة والخذلان ونحن نتابع موقف قادة المشترك ، وانتابنا الخجل ومذيع قناة الجزيرة يضع سلطان البركاني في زاوية الإحراج ، نتيجة إجاباته التي صدمت حتى قناة الجزيرة وموظفيها ، ويبدوا أننا سنتطلع خلال الأيام القادمة لتحقيق نقطتين في غاية الأهمية ، ستشكلان حسبما نعتقد فارقا هائلا في مسيرة الأحداث اليمنية ، أولهما استمرار خروج الجماهير اليمنية من ذات نفسها دون العودة لقوى المعارضة ، وتلك مهمة الشباب اليمني الواعي والقادر على التضحية والتنظيم ، كطلاب الجامعات والأطباء والمحامين وعلى رأسهم الإعلاميين ، وثانيهما أن تستلم قيادات الصف الثاني وشباب الأحزاب الراية ، وتتجاوز قادة المشترك وتقود الجماهير اليمنية التي كانت وظلت طوال السنوات الماضية ، تتعاطى بوفاء وإخلاص مع أنشطة ودعوات المشترك رغم أنه لم ينجح حتى الان في تقريبها ولا نقل إيصالها إلى خط النهاية المنشود.

قادة المشترك حتى اللحظة يراهنون على " حكمة علي " التي فاضت معالمها طوال ثلاث وثلاثين سنة ، ويحرصون بمثالية منتهية الصلاحية على استخدام الأخلاق السياسية التي لا يعيها او يفهمها علي عبدالله صالح أو احدا من أركان حكمه الأسري المتهاوي ، لذلك لا غرابة أن يعلنوا عودتهم إلى الحوار الذي يسعى صالح من خلاله لامتصاص رحيق المد الثوري المنتشر في اليمن بعد أن حملته الرياح من تونس ومصر ، وأيضا العزف على وتر الوقت وهو البارع في استخدام نظرية " ما بدى بدينا عليه " ، فقد رأينا كيف سارع بعد رؤيته لما جرى ، إلى الإعلان في خطاب تلفزيوني عن عدم ترشحه من جديد أو توريثه الحكم لولده أحمد ، ليعيد إلى الأذهان سيناريو 2005 /2006 م ،وعجبي كيف فقدت ذاكرة المشترك قدرتها على استحضار الماضي القريب لعل قادتها يصدقون ولو لمرة واحدة ، كيف ان علي صالح متخصص في النكث بالوعود ، ومجرب في عدم الوفاء بالوعود ، ولذلك اقسم أنه لن يلتزم بما ورد في خطابه ، وإن كتب الله علينا العذاب ببقائه حتى 2013 م ، فلا عجب أن نرى سيناريو انتخابات 2006 م يتكرر ، على مرأى ومسمع قادة المشترك الذين يحسنون الظن به ، لدرجة اننا لم نعد قادرين على فهم أو هضم نظرية المشترك الشهيرة " كيف تحسن الظن في علي صالح خلال خمسة أيام حتى تموت " .

ما يجب على قادة المشترك علمه وإدراكه ، أن موقفهم الأخير وضعهم في صف المؤمنين بالنظام ، والكافرين بطموح وآمال الجماهير التي سترى فيهم خط الدفاع الأول ضدها ورغبتها في التغيير الجذري ، ولذلك وجب علينا هنا أن نذكر قادة المشترك أن الثورتين الشعبيتين في تونس ومصر حدثتا ولم يكن هنالك حراك وحروب وتجارة بسيادة الوطن وكرامة الشعب ، كما هو حال الوطن اليمني المنتعم بفعل " حكمة علي " بأحد منجزات القمع والإعتقال والضرب والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي في جنوب البلاد ، والمتلقي للحروب التجارية التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى في شمال البلاد ، والواقع بمساحته الجغرافية تحت خط الفقر وانتشار الجوع والمرض والفوضى في ارضه وترابه ، كما وجب تذكيرهم بتغير الظروف وتحولها بصورة قياسية من حال إلى حال ، مما دفع القوى الدولية لتبني مواقف جديدة ومختلفة حيال تعاطيها مع ما تبقى من الحكام العرب ، وما موقف الإدارة الأمريكية الأخير بإلغاء زيارة علي عبدالله صالح إلى واشنطن سوى أحد الأدلة الشاهدة على ذلك التحول.

ندرك ونحن نراقب المشترك ومواقفه ، أن لدى أحزابه القوة الكافية لقلب المعادلة ، فقط يحتاج قادة تلك الأحزاب إلى الإرادة والتنسيق الجيد مع الشارع والقوى الأقليمية والدولية ، أما إذا واصل المشترك مسلسل خذلانه لشعبه فعار عليه ان يكون شريكا أساسيا في تدمير الوطن وضرب واعتقال المتظاهرين والإعتداء على نساء اليمن بكل وقاحة وإفلاس ، وعلى المشترك إن استمر بتلك الصورة السلبية أن يتنحى قبل النظام ، لكننا وبرغم ذلك لا زلنا نامل والامل من صفات المؤمنين ، أن المشترك سينحاز إلى الشعب وينزل إلى الشارع ، وحتما سيلقي عود ثقابه الحارق في اوساط الجماهير الملتهبة والقادرة على اسقاط الحكم الأسري لعلي عبدالله صالح ، وإرساله على وجه السرعة لتعظيم الأجر وتقديم العزاء لبن علي وحسني مبارك.

aalmatheel@yahoo.com