حميد الأحمر ..والآخر.. ..قراءة في القادم
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 18 سنة و شهر و 7 أيام
الإثنين 16 أكتوبر-تشرين الأول 2006 11:21 ص

" مأرب برس - خاص "

ما زال خطاب الشعبي العامفي حملته أثناء الدعاية الانتخابية عندنا اخضرا ،حيث كان مركزا وموجها تماما لأمور يعنيها و بعينها . .

حسب الكثيرون منا بعض مفردات الخطاب أنها لا تزيد عن كونها دعاية انتخابية ليس إلا وأنها استهداف نفسي للطرف الأخر ،غير أنها كانت تسقط وتسحب نفسها تمثيلا على الواقع أو بمعنى أدق تأتي ببيئة المشهد إليها تعسفا ،فحينما كان يقال بالشكر لبعض كوادر الإصلاح والاشتراكي الذين يقفون معه وسيصوتون له لم يأبه لذلك احد حتى تحقق ما هو ابعد ،وحينما اتهم المشترك بالإرهاب في أكثر من خطاب وفي الجزيرة منصور تحديدا لم ننتبه إلا بدوي تفجيرات الضبة ومأرب في اليوم التالي ثم بتلك المد بلجة مع مرافق بن شملان ،كنا البسطاء والكثير من المراقبين نعتقد بان المشترك سيحصد في أسوء الاحتمالات ما نسبته أل 40% في حين كان الشعبي يقول موعدنا يوم عشرين حينها الجواب ما ترون لا ما تتوقعون ،وجاء يوم العشرين بإعداد وبصورة لا يمكن إلا أن تتفق بدقة مع مفردات الخطاب السابق ،الجواب ما ترون لا ما تسمعون ..

لم تنته رسائل الشعبي عند هذا الحد فلنتذكر انه وفي نفس خطابه ذكر بتقليص أو ضرب المفسدين وهم عنده أولئك المتنفذين الذين اثروا بطريقة غير شرعية فأسسوا بوجاهاتهم إمبراطوريات مالية ،وقد تكرر ت نفس مفردات الخطاب عقب النتيجة وإعلان الفوز وفي مأدبات الإفطار الرمضاني ،والمعني بالأمر هنا واضح تماما حميد الأحمر لا احد غيره ..

لان حميد الأحمر كان أعلاهم صوتا وأقواهم شوكة ورصيدا اجتماعيا ،وهو مشروع المستقبل على حد تعبير الدكتور نعمان فان الجولة القادمة من الفصل الثاني ستكون معه ..

معركة الحاكم مع خصومه لم تنته بعد ولم يسدل عليها الستار بإعلان الفوز ،بل كان المشهد السابق رغم سخونته وحيويته بمثابة جرس تنبيه له إلى خطورة ما يحدث فيما يتعلق بالتهديد الفعلي في انتزاع السلطة عبر الصندوق والأشد في تجلياته القادمة التي قد تنسف المشروع المستقبلي للجيل الثاني.

الفصل الثاني هنا يتجه نحو تصفية الحسابات ولكن بأدوات باردة ومتدرجة ولا تثير الصخب والانفعال العام بطابع غير تقليدي ،المشهد الأول من هذا الفصل مع حميد الأحمر الذي يبدو أنه تعامل بقوة ودون الإبقاء على شعرة معاوية كما يحرص دوما والده في تعامله مع مركز السلطة

 السيناريو المتوقع

-لان حميد ا لاحمر رقما اجتماعيا وله شوكة ومنعة فان آلية التحجيم والمواجهة معه ليست بتلك التي تطال الخصوم التقليدين .

وقد بدأت بمحاولة فض مشايخ القبيلة عنه وعن أسرته في العملية الانتخابية لصالح المرشح الرئاسي للشعبي العام ،الأمر هنا لن يقف عند الانتخابي وكفى بل سيسعى النظام إلى استغلال الفجوة النفسية التي أحدثتها الانتخابات بين حميد وبعض رموز قبائله للدفع بها إلى مزيد من التوسع بتحريك تراكمات سابقة واستدعاء انفعالاتها لتزيد شحنا مع سخونة اللحظة ثم وفي ظل هذا الأتون ليعاد البناء والتشكيل الاجتماعي بما يسمح على الأقل في التوازن،القضية باختصار هنا كشف الغطاء القبلي والاجتماعي أو على الأقل كسر حدته بما يمهد للخطوة الأخرى .والتي بدأت بالفعل.

-استدراج حميد الأحمر إلى موقف يستفزه برد فعل تغلب عليه الحدة والأنفة ،ليدفع به إلى مواجهة مع الرأي العام الداخلي والخارجي بصورة تظهره قبيلي به بداوة ويحمل نفوذ يهدد السلام الاجتماعي والمجتمع المدني بمؤسساته ،وكان أن اختلقت له تلك القصيدة التي أججت موقف مع الشاطر ورد فعل غاضب من حميد كان أو زعموا ،ثم لتعلن نقابة الصحفيين اكبر مؤسسة ذات ثقل وطابع مدني موقفها السريع و الرافض لهذا الانتهاك الخطير والمخيف بتداعي ينقل المواجهة بين حميد مع المجتمع الصحفي كتلك التي افتعلت مع الشيخ الزنداني ،ولن يقف الأمر عند الصوت المحلي للصحفي ،بل سيمتد إلى الصحفي الإقليمي والدولي فالقضية في إطار العولمة ذات بعد واحد وامتداد يتعلق بدواعي الاستقرار..

-بآليتها السلطة وبعلاقاتها الأمنية والاستخباراتية ستطبخ هناك قضايا تتعلق بالإرهاب ليلقى بها إلى المجموعة التجارية لحميد الأحمر ،وقد تثار الإشاعات بشان بنك سبا وغيره من فروع المجموعة ،وهذه اخطر الأوراق وهي التي طبختها السلطة وقدمتها للشيخ الزنداني فاسكتت بها صوته وجعلتها ورقة ابتزاز في وقت تشاء ،

من المؤكد أن القضية الأمنية ستحرك في مواجهة حميد الأحمر بما يبطل مفعول الدور القبلي والغطاء السياسي للمشترك..

-السعي إلى جر حميد بعيدا عن المشترك أو شل دور هذا الأخير للاستفراد بالمذكور..

-السعي بصورة أو أخرى في التزامن مع ما سبق إلى إحداث خسارات مالية تضرب في العمق مجموعة الأحمر ..

القصة ببساطة استهداف حميد الأحمر بأي وسيلة متاحة وفاعلة ،لأنه الرقم المخيف إزاء المتغير المستقبلي ،ولأنه من صفقت له جماهير المشترك أكثر من غيره أكان تقديرا منها لموقفه القوي إزاء التغيير ،أو لما ترى فيه من آمال للمستقبل ..

إن تحقق سيناريو هذا المشهد حسبما هو مرسوم في دهاليز الجهات المعنية ،فإننا إلى المشهد الثاني من هذا الفصل اقرب ،والذي سيتجه إلى الإصلاح مباشرة على غرار ما يحصل الآن في الأردن ومصر من تحجيم وتجفيف منابع .

لان الحاكم كما يبدو قد انتهى من اللعب بالكروت إلى لعبة الصيد بالرماح .

غير أن الأمور ستأخذ منحى اخطر ربما لا يكون في حسابات معدي هذا السيناريو،هذا التداعي الغير محسوب يمكن تمليه بوضوح من خبرات وتراكمات سابقة ومن بيئة معقدة في معطياتها ومفاجأتها ومن واقع هش لا يتحمل أي رعونة ونزق من طرف ما ومن ثم فالأمور بحاجة إلى مزيد من الرشد والنظر في العواقب .

إلا أن هناك من يقرؤها بصورة أخرى حيث الاعتقاد ومن خلال خبرات سابقة أن الأمور لن تتجه إلى التصعيد بسبب الكلفة الباهظة والمحتملة والتي لا يمكن أن يتحملها الوطن ،فضلا عن أن الشعبي العام وهو المنهك مثقل بالتزاماته وتعهداته وهي لا يمكن أن تتشكل إلا في ظل بيئة هادئة ومستقرة وذات تكامل حتى مع تلك في المعارضة ،وان ما يجري الآن ليس سوى بقية من تنفيس لما بقي من الشحن الانتخابي وانه مع مجيء الشيخ عبدا لله الذي أبقى ويبقي على بقية من ود حتى في الظرف الحرج يمكن أن تستقر الأمور على الأقل إلى التهدئة والاحتواء إن لم تطبع الأحوال.

والواجب هنا إعادة القراءة من طرفي العملية السياسية ،فعلى الشعبي إعادة الرؤية والرسم للتعامل مع الآخر ومع الشعب ومع قضاياه هو بما يستقيم مع المعطيات الجديدة التي افرزها المشهد الانتخابي لا مع ما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات من نسب وأرقام يعلم الصغير قبل الكبير حقيتها ،وفي المقابل على المشترك أن لا يتجمد عند الانتخابات وما أنتجته فهي لم تكن سوى وسيلة وليست غاية ،يتعين عليه الانتقال إلى غيرها من وسائله في إطار ما أعلن عنه من نضال سلمي ،ورسم معالم جديدة كتدعيم لذات الخطة والبرنامج تعين على التحرك وعلى استيعاب الواقع الجديد بروح النضال السلمي دون تهور أو انفعال أو استفزاز لردود أفعال يجن إليها الآخر ليلقي بها كطعم نحو التحريك والتسخين والتسويق الداخلي والخارجي ..

على المشترك من اليوم –وهذا اضعف الإيمان – أن يسير بالعقلية المؤسسية للدراسات الإستراتيجية الجماعية ،التي تساعد في تشكيل الحاضر وصناعة المستقبل برؤية علمية ،وخبرات متكاملة ،بدونها سيظل نهبا للاستفزازات وردود الأفعال .

وعلى الشعبي العام أن يستفيد من الفرصة الأخيرة التي منحت له سواء بالسطو أو بالهبة ،ليتجه إلى ما يجب أن يكون وليتدارك ما فات وما عير عليه طيلة عقود حيث أن الوضع اليوم لا يتحمل الإدارة بالأزمات وإعادة إنتاجها حتى لو البسها الموضة .

.أهم ما أفرزته الانتخابات أنها أعادة تشكيل الوعي الشعبي تماما بأجندة مختلفة ذات أولويات وأهداف ووسائل ورؤى جديدة ،وهذا يعد عند الاستراتيجي البعيد أهم بكثير من تلك النسب والقوائم المعلنة بالنسبة للجميع ..

التاريخ شاهد ولن يرحم احد ولن يستطيع أي احد مهما عظم قدره وحوله أن يأتي به إليه ليستر عنه عوره أو يبني له مجسما من وهم ما لم تكن له فيه معالم من صدق وقبسات من نور.

مشاهدة المزيد