غزة فضحتهم والطوفان كشف عورتهم
بقلم/ د أمين المخلافي
نشر منذ: سنة و 5 أيام
الأحد 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 06:53 م
 

 سورة التوبة هي السورة التاسعة في ترتيب القرآن الكريم، وهذه السورة تسمى بالفاضحة، لآنها فضحت المنافقين واحداً، واحداً، حتى وإن لم يعرفهم عامة الصحابة رضوان الله عليهم بأسمائهم، باتوا يعرفونهم بصفاتهم، وأفعالهم، فهم أوكاراً للتخذيل، وعمالاً للتثبيط، وجنوداً لجر الهمم إلى الأسفل تحت غلاف ابداء الرأي، وتقديم النصح "لا تنفروا في الحر"، وهم مصادر للتندر، وعناوين للشماتة عند وقوع الألم، "لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْ"، وهم من

يصنعون الهزائم، ويبثون الرعب والتهويل عند خروجهم مع المجاهدين، "لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ"، مهمتهم الكبرى هي تفكيك وحدة الصف، ونشر الخوف واشعال الاضطراب، وزرع الفتنة بين صفوف المجاهدين، هم جبناء خوارون، خوفهم من الوغي ومن صليل السيوف يدفعهم إلى الدخول في أي وكر يحسبونه أمنا، حتى لوكان ذاك حضن العدو، "لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ"، كسالى في أداء الصلوات، "وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى"، يكثرون الحلف بالله كي يصدقهم الناس، وهم كاذبون، "وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ"، هكذا وأكثر فضحتهم سورة براءة، وغيرها مما ورد في القرآن الكريم، وفي السنة المطهرة، على صاحبها أفصل الصلاة وأتم التسليم.

واليوم فضحت أحفادهم غزة، غزة بمن فيها وما عليها والذي يدور فيها والمواقف تجاهها صارت هي الفاضحة، فضحتهم بطوفانها العاتي، غزة معركة لا غبار عليها، معركة بين أهل الأرض، وأصحاب الحق وبين الغزاة المحتلين، بين الحق من جهة بشكله الناصع الوحيد، وبين الباطل بأشكاله وألوانه المتعددة، بين من وقفوا نصرة للمظلومين، ودفاعاً عن مسرى الرسول الكريم، وبين من قدموا من أصقاع متفرقة يغتصبون الأراضي والبيوت ويخرجون أهلها منها ويحتلونها، 75 سنه واليهود يفعلون الأفاعيل في أرض فلسطين وأهلها، من مذابح، وتشريد، وتهجير، واستيطان، ومضايقات، وتدنيس للمقدسات، واستفزاز، واذلال، وانتهاك للحرمات، ومنع للحقوق، ومضايقات، كل صنوف القهر والاذلال الممنهج، والصلف والتعنت المدعوم من دول الغرب

والممول في كثير من الأوقات عربيا، 75 سنه والعالم لم يسمع ولا يريد أن يستمع لأصوات الفلسطينيين، ومطالبهم بالعيش بأرضهم، وحقهم في تقرير مصيرهم، ولا يريد الغرب الذي يدعي الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، أن يرى صور الامتهان، والذل، والتشريد الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، مدت قيادة الشعب الفلسطيني يدها للسلام، وقدمت كل أنواع التنازلات، من الاعتراف بالكيان المغتصب، والإقرار بحقه بما قد اغتصبه، وقلبت بكيان "وطن" ممزق بين القطاع والضفة، ووطن منقوص الحقوق والسيادة، ومع كل تلك التنازلات، أرض قطعت ولا راحلة أبقت، فلم يعطى لهذه القيادة ولشعبها إلا الفتات، فهي سلطة بلا سلطة إلا ما كان من قمع للداخل الفلسطيني، فلا استيطان توقف، ولا انتهاك للحرمات انقطعت، بل زاد الزحف على الأرض

وعلى المقدس، حتى بتنا نسمع مؤخراً عن التقسيم الزمان للمسجد الأقصى، الذي سيلحقه بدون أدنى شك التقسيم المكاني، ثم بعد ذلك بسط اليد على الكل، عن طريق الاستراتيجية القديمة الجديدة.  لذا كان لا بد للطوفان أن يحرك المياه الراكدة، واليوم نحن مع المعركة الفاضحة معارك الأمس كشفت شيء من المستور، أما معركة اليوم فقد كشفت الكثير والكثير من المستور، ولم يبقى الا بعضه، فضحتهم على مستوى القادة السياسيين، فقد رأيناهم وهم يديرون أظهرهم لغزة وأهلها، ورأيناهم وهم يتسابقون على مطارات العدو يمدونهم بالدعم النفسي، والعسكري، والمالي، رأيناهم وهم يتبركون بحاخاماتهم، ويقبلون رؤوسهم، رأيناهم وهم يرقصون معهم، ويزوجونهم من بناتهم، رأيناهم وهم ينفخون ببوقهم في أرضنا، نعم رأينا الكثير، والكثير، رأيناهم في شوارع الأرض المحتلة وبين أكناف بيت المقدس بلباسهم العربي يتجولون تحت حراسة العدو خوفا عليهم من ردود الفعل الغاضبة لفعلهم الشنيع، سمعناهم وسمعنا عن أمنياتهم التي اباحوا بها سرا لمن ظنوا أنهم سوف يسترونهم، لكنهم لم يستروهم، فأعلنوها على الملاء عبر القنوات، والصحف، ووسائل التواصل الجديدة، فلم يبقوا لهم سترا ولا غطاء، ومع ذلك تبلدت احاسيسهم، فلم تجد لهم ردت فعل، ولا وجل، ولا غيرة تحركهم، وهم يرون استارهم تكشف، وغسيلهم ينشر أمام مرأى ومسمع العالم كله، ربما لآنهم ركنوا أن شعوبهم باتت مخدرة أو مقهورة، أو مغيبة، ولن تحرك ساكنا، المهم اننا بتنا نعرفهم ولا نخطئهم، سمعنا قاده الفكر والرأي من على القنوات العربية المسماة زورا وبهتانا عربية، سمعناهم وهم ينفثون السم الزعاف من أفواههم، وما تخفي صدورهم أكبر، قرأنا لهم في صفحات الجرائد، وعبر وسائل التواصل، قرأنا مقالاتهم، شاهدنا حواراتهم عبر المساحات، والقنوات، ولم نعد نخطئهم، غزة حقا فضحتهم، ولم يعد بمقدور أحدهم أن يختبئ خلف شجر الغرقد، صاروا هم يعلون عن أنفسهم قائلين تعالوا وارموني بحجر.