قطاع الإرشاد يدشن برنامج دبلوم البناء الفكري للخطباء والدعاة في حضرموت مكتب المبعوث الأممي يلتقي بمؤتمر مأرب الجامع ويؤكد حرص الأمم المتحدة الاستماع إلى الأطراف الفاعلة مجلس القيادة يجتمع ويناقش عدة ملفات في مقدمتها سعر العملة والتصعيد الحوثي بالجبهات بترومسيلة بحضرموت تعلن نجاح تشغيل وحدة تكرير المازوت بمناسبة اليوم العالمي للجودة...جامعة إقليم سبأ تدشن فعاليات أسبوع الجودة اعتذار رسمي في ايطاليا بسبب القدس من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟ رصد طائرات مسيرة ''مجهولة'' تحلق فوق 3 قواعد تستخدمها أميركا في بريطانيا صحيفة أميركية تتوقع أن يوجه ترمب ضربات تستهدف قادة الحوثيين وتُعيد الجماعة إلى قائمة الإرهاب مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات
أثبتت التجربة والمعايشة لظاهرة الأمطار الغزيرة في اليمن أن التنمية والعمران والبنى التحتية في المدن : من شوارع ، وعبارات ، وجسور ، وقنوات تصريف للمياه - إن وجدت - لا تصمد أمام الظواهر الطبيعية المعتادة كالمطر الغزير وليس الكوارث الخطيرة : كالأعاصير والفيضانات والزلازل والبراكين لا سمح الله، نسأله بقدرته ورحمته أن يلطف بنا.
إن ما حصل في شرق البلاد ( المهرة وحضرموت ) ليست سوى أمطار غزيرة ، وقد أدت إلى حدوث كوارث مؤلمة لسكان هذه المناطق، ليس لأنها جاءت خارقة للمعتاد ، ولكن لأن متطلبات البنى التحتية إما هشة أو شبه مفقودة، ولو توفرت القنوات الأرضية لتصريف المياه المتدفقة في شوارع المدن، والجسور الجوية في الطرق السالكة عبر الأودية ومجرى السيول ما كانت تحولت هذه النعمة - وهي الغيث المنزل من السماء رحمة بالعباد - إلى نقمة لا نرجوها. إننا نحن من يصنع من النعم نِقمًا لسوء ما نصنع وما نفكر وما نخطط وما نبني .
إن أمطارا أخرى أقل غزارة واستمرار من حيث وقت الهطول شهدتها مدينة الحـُدَيدة الساحلية( غرب البلاد) يوم الخميس 30 أكتوبر 2008، ليوم واحد ممطر فقط : عطل كل شيء ، توقفت عجلة الحياة ، توقف التعليم ، توقف العمل ،صعب على الأفراد تلبية احتياجات أسرهم، وذلك لصعوبة الانتقال والسير في الشوارع المحـتـقـنة والمخـتـنـقـة في المياه المتدفقة من جهة وانفجار أنابيب المجاري شديدة الصغر والمتعفنة من جهة أخرى، حتى الانتقال بالسيارات لم يكن متيسرا في جميع الشوارع التي أصبحت بحيرات طينية ، ناهيك عن أن يخرج الإنسان من مسكنه بقدميه إلى الشارع العام ليبحث له عن وسيلة مواصلات فلا يقدر على الخروج أصلا.
في مدينة الحُدَيدة التي لا تعرف المطر إلا نادرا تضررت مساكن المواطنين ومبان حكومية إدارية لا تزال حديثة عهد في الافتتاح وتعرض الإنسان للخطر : خطر الموت حيث ذكرت الإحصائيات وفاة طفلين وامرأة، وخطر الأمراض وقد انتشرت موجة من الإسهال والتقيؤ بين الأطفال على وجه الخصوص.
والسؤال الهام بعد أن شهدت اليمن تحولا مناخيا استوائيا ممطرا سيمتد عشرين سنة قادمة حسب الدراسات الغربية المتخصصة : كيف سنواجه الأمطار كل عام ؟.
السؤال بطريقة أوضح : ماذا لو استمر نزول الأمطار في مدننا أياما متتالية ؟ هل بمقدورنا تحمل الانعكاسات الخطيرة جراء ذلك بدءا من تعطل الحياة وتهدم المنازل والتشرد والموت وانتشار الأمراض ؟.
إن المدينة في اليمن تؤسس نفسها بساكنيها تلقائيا، وما تفعله الحكومة لا حقا يتمثل فقط في مد خدمات الكهرباء والماء - بعد إلحاح ومشقة على نفقة المواطنين- وسفلتة الشوارع، إن هذه الخدمات ليست هي متطلبات المدينة الحديثة، فالمدن الحديثة يسبق نشأتها تخطيط المساحات إلى حدائق ومدارس ومساجد ومستشفيات ومدن رياضية ونوادي ومساكن وشوارع وأنفاق وجسور محتملة وقنوات أرضية كبيرة في جميع الشوارع لتصريف المياه أو تمرير الخدمات المستقبلية دون تعريض الشوارع إلى الحفر والنقض ، ولو توفرت مثل هذه القنوات الأرضية فقط لما وجدنا أثرا للسيول في شوارع المدن ، ولما أصبحت الأمطار الغزيرة كارثة على المجتمع.
للتذكير فقط فإن الثورة اليمنية بلغت من العمر 46 عاما وأبسط الأمور لم تتم في معظم مدن اليمن ؟؟؟ من هو المسؤول عن ذلك؟
إن القائمين على شؤون البلاد والعباد لا يتورعون من تكرار الخطأ عشرين مرة وإرهاق ميزانية الدولة بتكاليف خرافية لمشاريع صغيرة لا تستحق رصد مثل هذه المبالغ ، من هذه الأخطاء سفلتة الشارع وإعادة نقضه مرات عديدة وإعادة ترقيعه، فلا هم أحسنوا السفلتة في البدء ولا أحسنوا الترقيع في المنتهى.
لا توجد في جميع مدن العالم ذات الحكومات المسؤولة والمحترمة شوارع إسفلتية محفرة ومليئة بالمطبات والمنحنيات والتعرجات والأورام الخبيثة سوى في بلدان العالم المتخلف ونحن النموذج الأسوأ بامتياز لهذا التخلف الإداري المقيت.
إن مشاريع الحكومة المبجلة دوما تتسم بالمواصفات التالية:
1- البطء في التنفيذ إلى درجة أن يمتد المشروع إلى سنوات تتجاوز الفترة الحقيقية لانجازه. السؤال من بيده حل هذه المشكلات؟
2- التعثر : فدائما ما يتم الإعلان عن مشاريع عديدة وتبدأ مظاهر المشروع تتجلى للعيان ثم يموت ويختفي وتلغى المناقصة ويتم إعلان مناقصات أخرى متلاحقة لذات المشروع وبتكاليف جديدة وإضافية. هناك نماذج لا تحصى لمشاريع متعثرة.
3- تجزئة المشروع : عدم تنفيذ المشروع بكل احتياجاته، فإذا كان المشروع مدرسة فإن المبنى يبقى بدون سور أو بوابة أو كهرباء أو ماء أو مجاري وبدون شوارع موصلة إليه، وإذا كان المشروع طريق إسفلتي فإنها تتم بدون العبارات أو القنوات الأرضية أو الجانبية لتصريف المياه أو جدران جانبية للحماية أو بدون جسور إذا كان المشروع يتطلب ذلك، ومشروع سفلتة شرعب - سوق الحرية تم دون بناء جسر نخلة مثلا ولم يكتمل بعد منذ سنوات، علما بأن بداية الطريق بجاجة على صيانة وسفلتة جديدة. والشوارع عادة ما تبدأ صغيرة ثم نتذكر أننا بحاجة إلى توسيعها بعد أن حاصرتها المباني إلى أضيق حد.
4- الغش بالمواصفات : أي أن المشروع لا يخضع لمعايير الجودة ولا ينفذ حسب ما هو مخطط،، وبالتالي يفتتح المشروع إيذانا بالانتهاء وقد أصبح بحاجة ماسة إلى صيانة فقد بدأ الخراب يتهدده من جوانب عدة سواء كان المشروع مبنى أو طرقات.
5- الكلفة الخيالية : لا يوجد مشروع حكومي بميزانية فعلية بل بميزانية خرافية، وهنا نجد الفرق بين ما ينجز بواسطة الصندوق الاجتماعي وما تنجزه الحكومة. (بوابات وأسوار المباني الحكومية نموذجا).
6- مشاريع غير متجانسة مع الاحتياجات، فمثلا نبني مدارس في مناطق قليلة السكان ولا طلاب فيها، ونهمل مناطق كثيفة السكان وهي بحاجة إلى مباني مدرسية ملحة وهلم جر...).
إن وراء هذا الخلل في تنفيذ المشاريع سياسة علنية مكشوفة مسكوت عنهاتمارس التدمير والنهب ، ولم تعد سرقات المال العام سرا يمكن إخفاءه ،فالجميع بالجلسات الخاصة يتداولون الأسماء والأرقام سواء كان ما يتداولونه صدقا أو كذبا فقديما قيل لا دخان بلا نار ولا ريح بلا غبار.
وبالعود إلى كارثة أهلنا في حضرموت فإن تدخل الجانب الحكومي في تنفيذ مشاريع الإيواء وإعادة الإعمار سيكون كارثة إضافية لأنه لن يحقق للمتضررين ما يساعدهم على العودة إلى ممارسة حياتهم الطبيعية وهم لاجئون في المدارس والخيام وينتظرون المساعدات الغذائية بالقطارة من جهات لها رؤيتها الخاصة في استثمار الكارثة للصالح الخاص ولذلك نقترح مايلي:
أن يتم مقدما دفع إيجار سنتين لكل أسرة متضررة في السكن بواقع ستة ألف دولار ومبلغ آخر لإعالة الأسرة بواقع ستة ألف دولار للسنة الواحدة ، ومنح كل أسرة ثمن تكاليف المنزل المهدم بواقع خمسين ألف دولار ، ويكون إجمالي المبلغ المدفوع نقدا للأسرة الواحدة ما يساوي خمسة وسبعون ألف دولار، وكل أسرة تتصرف بالمبلغ كما تشاء وتتكفل بنفسها وتعيد بناء مساكنها دون الحاجة للغير أو ارتباطها المتصل بأي جهة (حكومية أو خيرية أو قطاع خاص) وبالنسبة للضر في الممتلكات يتم حصرها وتعويض الناس نقدا.
وإذا لم نفعل ذلك ستمتد أزمة أهلنا في حضرموت سنينا ولن يكونوا إلا في وضع استغلالي للمتاجرة بوضعهم للاستمرار في شحت المعونات المحلية والعربية والدولية الرسمية والخيرية، ولنا في عبرة زلزال ذمار في مطلع الثمانينيات من القرن المنصرم خير عبرة.