مستجدات حادثة العثور على حاخام يهودي ''مقتولاً'' في الإمارات اليمن تسجل أول حالة إصابة بـ ''جدري الماء''.. ماذا نعرف عن هذا المرض؟ نبات يعمل على إزالة السموم من الكبد وتعالجك من السعال والزكام في دقائق وتعتبر الحل الأمثل للروماتيزم! السعودية تفتح أبوابها لأبناء 60 دولة وتمنحهم تأشيرة دخول مجانية في المطار غوغل تطلق خدمة جديدة وطال انتظارها وتعلن تسهيل عملية نقل البيانات بين الهواتف الذكية مسيرات مجهولة تشعل الرعب في القوات الأمريكية داخل بريطانيا وتهاجم 3 قواعد جوية في بريطانيا بينها اللغة العربية.. واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية
قالوا في المثل: "الضربة التي لا تقصم ظهرك تُقويه"، وهكذا فعلت ضربة الانقلاب الفاشل في الدولة التركية العام قبل الماضي، لم تنجح عصاها في إيقاف عجلة التغيير، فكانت منحة في قالبِ محنة.
لعل أبرز جوانب هذه المنحة، أنها قطعت الطريق على المتآمرين في الخارج والداخل لإعادة تلك التجربة الفاشلة، وذلك لأسباب منطقية لا علاقة لها بالآمال وروح التفاؤل.
السبب الأول والرئيس، هو أن الشعب التركي خاض تجربة عملية في إحباط الانقلاب بنفسه، وواجه أبناؤه الرصاص بصدور عارية، وذلك بعد أشْهَر مكالمة سكايب في العالم، التي خاطب خلالها الرئيس أردوغان شعبه للنزول للدفاع عن وطنه وإرادته، واستمر الشعب التركي في إبراز نضجه ووعيه بعد إحباط الانقلاب، عندما ظل في الشوارع والميادين للحفاظ على مكتسبات التجربة.
الأتراك قبل الانقلاب قد عانوا على مدى عقود من الانقلابات العسكرية التي جثمت على صدر الحكومات التركية المتعاقبة، ومنعتها من مواصلة عملها وبرامجها، وهو ما انعكس على الشعب التركي بشكل سلبي اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، إلا أن هذا الاستياء العام لم يكن كفيلا في ضمان تصدي الشعب لأي محاولة انقلابية، فجاء الانقلاب الفاشل ليكون أول تجربة للشعب التركي يتصدى فيها للانقلاب ويقوم بإحباطه، ومِن ثَمّ فإن الشعب قد تشبّع بالفخر والاعتزاز بنفسه، وأصبح أكثر وعيًا بما يُحاك ضده في الداخل والخارج، واكتسب خبرة كبيرة في التعامل مع أشباه تلك الأزمة، وهو الأمر الذي لن يفارق مُخيِّلة كل من تسول نفسه إعادة المحاولة الانقلابية مرة أخرى.
السبب الثاني أن الانقلاب قد أثبت أن قطاعات عسكرية وحزبية وبرلمانية كبيرة ترفض فكرة الانقضاض على الديموقراطية، وربما كانت الفرصة سانحة في ذلك الوقت لدعم الانقلابيين لإظهار قوة الشريحة الراغبة في الإطاحة بأردوغان وحكومته، كان أبرز أصحاب المواقع الحيوية في رفض الانقلاب، قائد القوات البحرية التركية الأميرال بوسطان أوغلو، والفريق أول أوميت دوندار قائد الجيش التركي الأول، والذي كان له دور محوري في إفشال الانقلاب حيث اتصل بالرئيس أردوغان يخبره ببدء تحرك الانقلابيين وضرورة تغيير مكان وجوده.
كما ظهر نضج المعارضة التركية وقت الانقلاب، حيث عارض كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، ذلك الانقلاب، وقال: "تركيا عانت من الانقلابات، وأننا سندافع عن الديموقراطية".
ولم يكن أهل الفن مع قوة تأثيرهم في المجتمع التركي بمعزل عن الاصطفاف خلف القيادة ورفض الانقلاب تغليبا للمصالح العليا للوطن رغم أن عدد غير قليل منهم غير مؤيد لأردوغان.
وكان أبرز الفنانين الذين عارضوا الانقلاب الممثل التركي "محمد نجاتي شاشماز"، الذي ظهر في السلسلة الشهيرة "وادي الذئاب" باسم "مراد علمدار"، وهو الاسم الذي اشتهر به لدى المتابعين العرب، وقد رافق شاشماز الرئيس أردوغان أعقاب فشل الانقلاب، وهو يؤدي صلاة الجنازة على أرواح ضحايا الانقلاب الدموي، كما واصل الفنان الشهير انتصاره لإرادة الشعب بعد إصداره مؤخرا العمل الفني الضخم "وادي الذئاب وطن"، والذي يتناول المحاولة الانقلابية الفاشلة وانتصار الشعب التركي.
السبب الثالث، أن الانقلاب الفاشل منح الحكومة التركية فرصة هائلة لتطهير البلاد من الفساد والدولة العميقة، بل وملاحقة مؤسساتها خارج الحدود، وهو مع ما فيه من إظهار العين الحمراء لكل من تسول له نفسه القفز على الديموقراطية والإرادة الشعبية، فإنه من جهة أخرى قد أضعف كتلة الانقلابيين بشكل كبير، بما يجعل الإعداد لانقلاب آخر شبه مستحيل.
السبب الرابع هو تلك النقلة البعيدة التي أحدثتها القيادة التركية عبر ستة عشر عاما، وخاصة على الصعيد الاقتصادي حيث احتل الاقتصاد التركي المرتبة الثالثة عشرة عالميا والخامسة أوروبيا بحسب تقرير صندوق النقد الدولي العام الماضي، وهو الأمر الذي يضمن استقرار أحوال المواطن التركي، ومن ثم فهو لا يقبل تغيير هذه الأوضاع الإيجابية بالانقلابات العسكرية التي جاءت عبر التاريخ التركي المعاصر بالفقر والكساد.
كما أن الدور المحوري الواضح الذي صارت الدولة تلعبه إقليميا وعالميا، وضع الشعب التركي في حالة تعبئة وتجييش على اختلاف توجهاته، فعلى سبيل المثال عملية غصن الزيتون، هناك شبه إجماع تركي على دعمها وإن تعددت الدوافع واختلفت المشارب، سواء كانت قومية أو إسلامية، وهذا من شأنه نبذ الشعب بأطيافه وأحزابه ومؤسساته فكرة الانقلابات العسكرية.
حفظ الله تركيا شعبًا وقيادةً من كيد المتآمرين وعبث المخربين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.