يمنيون في زمن الحرب والتشرد..
بقلم/ عبدالكريم الخياطي
نشر منذ: 6 سنوات و شهر و 18 يوماً
الأربعاء 07 فبراير-شباط 2018 12:17 م

الحرب ..ذلك الشر القادم من السماء والبر والبحر، حتى وصلت كل قرية يمنية، سواء ..بآثارها العسكرية او الاقتصادية او الامنية..
لايمر يوم دون ان تنزح مجموعات من الاسر اليمنية من مناطق القتال بحثا عن الامن وهربا من المواجهات .
لنضرب مثلا بالقرى الواقعة على خط تعز- اب، فقد اصبح سكان تلك القرى والمدن الصغيرة يعيشون حالة من التشرد والرعب، بسبب مايواجهونه يوميا من ظلم و قهر تسببت فيه الحرب بين قوات الجيس الوطني و ميليشيا الحوثي، فلا يوجد قرية لم يتم ملاحقة شبابها من قبل الميليشيا الحوثية ، الاعتقالات و التجنيد الاجباري، و فرض الاتاوات و الاغتيالات امور حتمت على الكثير من شباب تلك القرى اما للهجرة خارج اليمن او التزوح الى مناطق امنة في مارب، بينما لايتم السماح لكثير من سكان تعز واب بالنزوح للمحافظات الجنوبية المجاورة بسبب سيطرة ميليشيا انفصالية على نقاط تفتيش في تلك المحافظات.
اما في الخارج فقد اصبح اليمني الكريم والمشهود له بالامانة و الاخلاص، غير مرغوب في مطارات العالم..
بحكم عملي كصحفي تصلني يوميا قصص محزنة عن تشرد الاسر و اهروب شبابها، او عدم تمكنهم من العودة للوطن خشية الاعتقال او الانتقام.. اما لدورهم في الثورة التي قام بها شباب اليمن ضد النظام السابق لعلي عبدالله.. او لان اسرهم او هم شاركوا في مواجهة الانقلابيين الحوثيين.
صديقي جميل جمال اليوسفي احد طلاب اليمن المبدعين في دراسته والذي كان قد حصل على منحة دراسية في بلجيكا..
كان من شباب التغيير الذين حلموا ان يروا بلدهم ديمقراطيا، منذ مشاركته في ثورة فبراير كأحد الشباب اليمنيين الطامح للتغير و التحول بالبلد الى الديمقراطية..
كان جميل قد ساهم في مقاومة النظام السابق نظام صالح، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والاعتصامات الطلابية خارج اليمن.. وواصل معارضته للانقلاب الذي نفذته ميليشيا الحوثي و الرئيس المخلوع من خارج البلد ..كما كانت قريته سيان و افراد اسرته قد واجهوا تلك الميليشيا..
تقريبا لم يتوقف صديقي جميل عن التواصل معي ليسألني عن اخبار الحرب، و انا في جبهات القتال لتغطيتها.. لاتتوقف اسئلته الكثيرة عن امكانية انتهاء الانقلاب و نهاية الحرب.. اعتقادا منه انني امتلك الاجابات، ففي نظره انا صحفي يعمل في قناة مشهورة وبالتأكيد لديي مصادر كثيرة لمعرفة خبايا الحرب والسياسة، كما يتصور جميل..
يسألني يوميا هل في امكانه العودة لقريته، و لخدمة بلده، هل هناك امل في انتهاء تلك الحرب ؟
في الغالب لا امتلك الاجابات المقنعة لصديقي الحالم بالعودة لبلده، لكنه يحكي لي بألم انه فقد اكثر من خمسة من شباب قريته، قتلوا في الحرب الدائرة ، و تعرض عشرات من شباب قريته واسرته للاختطاف ، و تطالبهم الميليشيا بالمشاركة في القتال والتوجه الى حدود السعودية او قتال المقاومة المنتمية لمحافظتهم تعز.. صارت قرية جميل في مديرية السياني والتي تعتبر منطقة حدودية بين اب و تعز مكانا يسكنه العجائز والشيوخ، و قلة من الشباب و الاطفال الصغار بعد ان انضم معظم الشباب للمقاومة، او لميليشيا الحوثي، الثارات انتشرت، ولايمر يوم دون ان تجد صديق لك من تلك القرية قتل على يد قوات الشرعية و هو مع الميليشيا او العكس، تسممت الحياة و علاقات الناس بالثارات و السياسة.. يتم تهديد الناس بتفجير بيوتهم ان لم يعيدوا ابناءهم من الجبهات او يشاركوا في القتال مع الميليشيا.. كل مرة يقتل، فيها شاب او يعتقل من تلك القرى يتصل لي جميل سأئلا عن امكانية انهاء الحرب التي انهكت الوطن وشردت ابناءه، وأغلب الشباب المعتقلين والمشردين من تلك القرى كما هو في عموم بقية المناطق بسبب آرأئهم المناهضة للحوثيين سواءاً كانت على مواقع التواصل الاجتماعي او في اماكن سلطة الحوثيين ..
في الغالب لا اجد الاجابات المقنعة لصديقي، لكنني في كل مرة اقول له، واصل تعليمك ياصديقي حيث انت ولاتعد، فشغبنا معتقل، وشبابنا اما مقاتل او مقتول او مسجون، او متشرد..
اشعر بالرعب كلما فكرت في المستقبل ، مالذي ينتظر شباب اليمن في ظل تلك الاوضاع المأسواية والمليئة بالاحقاد السياسية التي اورثتها تلك الحرب في كل ارجاء الوطن..