مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض الضالع.. القوات المشتركة تدمر مرابض قناصه المليشيا وتحرز تقدما ميدانيا تفاصيل لقاء وزير الدفاع ومحافظ حضرموت باللجنة الأمنية بالمحافظة محكمة الجنائية الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت وتكشف عن أسبابها المنطقية عاجل: وزير الدفاع الأمريكي: سنعمل على انتزاع قدرات الحوثيين في اليمن مليشيا الحوثي تحول محافظة إب لقادتها ومشرفيها القادمين من صعدة وعمران عاجل:حريق هائل يلتهم هايبر شملان العاصمة صنعاء نقابة المعلمين اليمنيين تدين الاعتداء السافر على المعلمين في شبوة وتطالب بتحقيق عاجل
تطفو في المشهد السياسي اليمني تسريبات تسويةٍ سياسيةٍ من المجتمع الدولي، وتقتضي هذه التسوية طي صفحة الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، بترتيب خروج آمن له من اليمن، مقابل التهيئة لتسوية شاملة بين الفرقاء اليمنيين، والﻼفت أنه منذ بدء الحرب لم تطرح قضية بقاء صالح أو خروجه من المشهد السياسي .
تشي هذه التسريبات بعجز أطراف الصراع اليمنية وحلفائها بحسم الحرب، لكنها تؤكد أن التطورات السياسية في اليمن، وتحديداً في الساحة الجنوبية، أنتجت سياقاتٍ سياسيةً جديدة على المستوى الوطني، لم تكن مطروحة، ومنها خيار طي صفحة صالح، كما تكشف عن إدراك صالح أدوات خصومه وحلفائه وأجنداتهم واستغﻼله كل الظروف لصالحه .
ويبدو أن صالح يجني اليوم ثمار سياسة النفس الطويل التي اتبعها مع خصومه وحلفائه طوال الحرب، والتي أوجدت له فرصاً سياسية لم تكن متوفرة من قبل، فخﻼفاً لما بدا أنه منزوع اﻷنياب أمام حليفه الحوثي، فقد تعمّد، منذ تحالفه مع الحوثيين، وتشكيلهما مؤسسات سلطة اﻻنقﻼب، العزوف عن تصدّر القرار العسكري والسياسي في التحالف، في مقابل وصف موقعه في الساحة اليمنية رئيس حزب سياسي، ﻻ يأتمر الجيش التابع له بأوامره، وإنما بأمر سلطة جماعة الحوثي، ونجح بذلك في تحميل جماعة الحوثي تبعات قتل المدنيين في مدن المواجهات، فعلى الرغم من مشاركة جيش صالح بهذه الجرائم، إﻻ أنه استطاع تكريس هذا الوعي في الشارعين، المحلي واﻹقليمي، وهو ما تجلى في التغطية اﻹعﻼمية والتقارير الحقوقية التابعة للشرعية .
لم تقتصر سياسة صالح تجاه حليفه الحوثي على تغاضيه عن تغولهم في مفاصل الدولة اليمنية ومؤسساتها، وإنما تعمّد توريط حليفه سياسياً وإغراقه في ملفات الفساد، في مقابل تحميله مسؤولية تدهور اﻷوضاع اﻷمنية والمعيشية للمواطنين في صنعاء والمناطق الخاضعة لسلطتهما .
ونجح صالح في إظهار نفسه معارضاً سياسياً ﻷداء جماعة الحوثي، مجبراً قواعد حزبه على تبني آليات المعارضة، وكشف اختﻼﻻت حكم الحوثيين .
وتعكس حدة غليان الشارع في مدينة صنعاء هذا النهج، فﻸول مرة، منذ تحالف الحوثيين وصالح، يفصل المواطنون في المسؤولية السياسية والعسكرية بين حزب صالح والحوثيين، فضﻼً عن التعاطي مع حزب صالح ضحية في مقابل تحميل جماعة الحوثي تبعات اﻻنهيار اﻻقتصادي، بما في ذلك استمرار الحرب على اليمنيين، وهو ما بدا نتيجة طبيعية ﻷداء المنظومة اﻹعﻼمية لحزب صالح، إضافة إلى حماقة جماعة الحوثي وسلوكها الصدامي ضد معارضيها .
أدار علي عبدالله صالح عﻼقته بخصومه اﻹقليميين الداعمين للشرعية اليمنية بطريقة ملتوية، حيث أظهر امتعاضه منها لدعمها شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، وليس لتدخلها العسكري في اليمن .
ومن جهةٍ، حرص على اعتباره خﻼفاً سياسياً يمكن تجاوزه، وليس خﻼفاً أيديولوجياً طائفياً، كالحال مع جماعة الحوثي .
ومن جهة أخرى، اتسمت خطاباته السياسية بالتفاوت بين مهاجمة اﻷطماع اﻹيرانية في اليمن أو التقليل من الدور اﻹيراني في الحرب، فضﻼ عن استمالته السعودية واﻹمارات، وهو ما يعني ترك الباب موارباً معهما للمستقبل .
في المقابل، أدّى تراكم اﻷخطاء السياسية والعسكرية لقيادة التحالف في إدارة الملف اليمني إلى ارتفاع أسهم صالح مرة أخرى، حيث استغل اﻷخير تناقضات أجندات دول التحالف العربي، وتحديداً السعودية واﻹمارات، في تعاطيها مع حلفائها المحليين ورؤيتها لمستقبل اليمن .
ومن باب العداء اﻹماراتي لﻺخوان المسلمين في اليمن، وعدم وضوح الموقف السعودي من هذا الملف، قدّم صالح نفسه ذراعاً في الحرب ضد " اﻹخوان " في اليمن، كما ساعدت تطورات اﻷوضاع السياسية في الجنوب، بما فيها تشكيل مجلس انتقالي جنوبي ومنازعته سلطة الشرعية، في ترتيب صالح أوراقه السياسية في هذه المرحلة، فبقدر ما أضعفت هذه التطورات من السلطة الشرعية، فقد عزّزت قوة صالح باعتباره الرقم السياسي الذي ﻻ يمكن تجاوزه، أو القوة التي يمكن استقطابها بمنحها طوق النجاة .
خلط تعقيد المشهد السياسي الحالي في اليمن اﻷوراق، وجمع المصالح المتناقضة للخصوم، فما بات صراعاً بين سلطة شرعية وسلطة انقﻼبٍ منذ بدء الحرب أصبح صراعاً ثﻼثياً، وما فرضه ذلك من تعطيل أجندة التحالف العربي في تحرير المناطق اليمنية من قبضة مليشيات الحوثي وقوات صالح، فضﻼً عن طرح مسألة بقاء اليمن الواحد أو تقسيمه، كما أكدت هذه التطورات فشل شرعية الرئيس هادي، وعدم قدرته على ضبط القوى المحلية المتحالفة معه، وصوﻻً إلى تحول تناقضات أجندات التحالف إلى صراعاتٍ بينيةٍ خارجة عن السيطرة .
يبدو أن هذا الوضع أعاد صالح إلى واجهة التداول السياسي لدى خصومه، وهو ما تؤكده تسريبات عن ضغوط دولية على قيادة التحالف في التعجيل بتسويةٍ سياسية، تطرح إخراج صالح أرضية لتسوية شاملة للحرب في اليمن . وأكدت هذه المصادر موافقته على اﻹقامة في السعودية أو سلطنة عمان .
وتشي مضامين هذه التسريبات بأن المجتمع الدولي يعتقد أنه ﻻ حل سياسياً أو عسكرياً في اليمن من دون طي صفحة صالح، كما أنه بات يدرك أن اﻷخير ربما انتهى من تحالفه مع الحوثيين، بعد أن أحرقهم سياسياً، وأنه سينتهز الفرصة السانحة والتوقيت ﻹطاحتهم أو اﻻنقﻼب عليهم .
تمكننا قراءة عموم المشهد السياسي والعسكري في الوقت الحالي من استيعاب دﻻﻻت طرح مستقبل صالح، وتحليلها على خلفية المأزق الذي وصل إليه جميع أطراف الحرب اليمنية وحلفائهم اﻹقليميين .
أما عن خروج صالح، في ضوء تسوية سياسية، فالمستقبل كفيل بتوضيح ذلك .
لكن بالنسبة لعموم اليمنيين الذين شاركوا بثورة ضد صالح، ويدركون مسؤوليته عن إسقاط صنعاء ومؤسسات الدولة بمعية الحوثيين، وخوضه الحرب ضدهم، فضﻼً عن إجرام أكثر من ثﻼثة عقود ومصادرة خياراتهم في الحياة، فإن طرح صفقة خروجٍ آمن لصالح، بعد كل هذه الدماء مقابل فضه تحالفه مع الحوثيين، يبدو مخيباً ﻵمالهم، وأن المجتمع الدولي يكرّر خطأ تعاطيه مع جذر اﻷزمة اليمنية، وتمكينه مجرماً يستطيع دائماً استغﻼل وجهة الريح للهرب من جرائمه .
* العربي الجديد